|
المسألة الجنسانية (2)
عبد الصمد فكري
الحوار المتمدن-العدد: 4416 - 2014 / 4 / 6 - 16:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
العلاقات الجنسية وثقافة المجتمع (1/3) إن العلاقات الجنسية غير الزواجية بين الشبان والشابات هي علاقات ظاهرة وموجودة لا يمكن نكرانها ، فحجمها في تكاثر مستمر إثر عوامل عديدة ومتداخلة ، والأهم أن نسبة لا يستهان بها من الأسر المغربية ـ محافظة ومعاصرة ـ أصبحت تقبل بمثل هذه العلاقات كوسيلة سريعة للتعارف من أجل الزواج الذي لم يعد من السهل إتمامه إثر الضغوط الاجتماعية الضاغطة على الشباب. فلم تعد الأخلاق الجنسية هي المرجع الوحيد لتقييم هذه العلاقات بين الشباب ، بحيث أن التأكيد على الجنس قبل الزواج ، أصبح يفرض نفسه على الأولياء وعلى المؤسسات الحكومية كنشاط لا يمكن نكرانه أو الهروب منه ، خصوصا وأن مطلب الانتظار والتعفف عن الجنس إلى حدود الزواج مطلب غير واقعي رغم النص القرآني " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله ذلك أزكى لهم وأظل سبيلا " ، نظرا لارتفاع معدل السن عن الزواج ، ونظرا لمجموعة من التحولات داخل بنية المجتمع بفعل ثقافة العري التي أصبحت تجتاح النساء من مختلف الأعمار في المدارس والجامعات والإدارات والشوارع ، وبفعل تأثير وسائل الإعلام التي تصور المرأة شبه عارية وبلباس قصير وضيق وكاشف لبعض المناطق المثيرة بالجسد (...) ووضع للماكياج والمساحيق التجميلية بطريقة مثيرة ، إضافة إلى تسريحات الشعر والملونات الجاذبة لإرادة الرجل ، كما تذكر ذلك الدكتورة خلود السباعي في مؤلفها " الجسد الأنثوي وهوية الجندر " من خلال إحدى المقابلات التي أجرتها بمنطقة "واد لاو" شمال المغرب على لسان احدى نساء القرية : "... فإذا ما أبدت الفتاة العازبة اهتماما بالغا بتزيين جسدها ، فذلك نتيجة جهلها لدلالات التجميل ودرجة تأثيره على الرجل ، وذلك خلافا للمتزوجة التي أصبحت... مدركة لما يمكن أن تثيره تعرية بعض الأعضاء أو تجميلها من إثارة وإغراء" . هذا وأن الواقع الاجتماعي الراهن يفرض نفسه ولا يمكن الحكم عليه بمنطلقات أخلاقية وقيمية لم تعد واقعية ضمن مستجدات ومتطلبات شباب اليوم الطامح في تحسين وضعه المادي بالأساس لتحقيق مطلبه الجنسي. فتحرير العلاقات الجنسية بين الشباب ينطوي بالأساس على إلمامهم وإدراكهم ومعرفتهم الدقيقة للفيروسات المنقولة جنسيا ، فهي بذلك عبارة عن علاقة لا دخل للمال " تجارة جنسية " أو السلطة " التحريم القانوني والفقهي في إتمامها لأنها تقوم على مبدأ المساواة بين كل الفاعلين الجنسين على اختلاف توهجاتهم الجنسية (طبيعية أو مثلية) ، باعتبار أحقية كل فرد في المتعة الجنسية شريطة أن يكون راشدا وراضيا وعارفا بالجنس ومدركا لمعانيه. من هنا ينبغي الملائمة بين الواقع المعاش وبين القوانين المتتبعة داخل المجتمع. فعلى القانون المغربي أن يحمي هذه العلاقات من التطبيقات التي يمكن أن تعترض الشباب من جهة ، ومن جهة ثانية ، على المجتمع بجميع مكوناته الأخلاقية /والقانونية عدم تفعيل الفصل 490 نظرا لما يسميه ذلك الفصل (فسادا) ، ذلك أن حضوره يصبح شكليا للتظاهر باحترام التحريم الفقهي للعلاقات الجنسية. إن تحريم الفقه للعلاقات الجنسية قبل الزواج تحريم قاطع لا رجعة فيه ، وبالتالي ففرصة الخوض فيه بالنسبة للإسلاميين في السياسة العمومية للمجتمع أمر محسوم ، فإذا كانت العلاقات الجنسية قبل الزواجية بالماضي تؤدي إلى الحمل الغير الشرعي وإلى أطفال غير شرعيين ، وهو ما يؤدي إلى خلط في الأموال والأنساب ، فالواضح من خلال هذا التوضيح أن تحريم العلاقات الجنسية قبل الزواج كان منصبا على الأنثى لأنها هي التي تلد ، ولأن الرجل له الحق الشرعي في مضاجعة جواريه قبل أن يتزوج (وأثناء الزواج) ، هذا المنع بمثابة آلية من آليات التحكم في جسد المرأة وفي قمع وعدم الاعتراف بجنسانيتها. أما اليوم ، فيمكننا تحرير الجنس من الحمل غير المرغوب فيه بفضل اكتشاف وسائل منع الحمل ، وبالتالي بإمكان غير المتزوجين ممارسة الجنس دون المس بالنسب وبالإرث ، أما ما يطلق عليه بالعرض والشرف ، فهي قيم أخلاقية إيديولوجية باطريكية تطمس الدافع الحقيقي لمنع العلاقات الجنسية بين الشباب قبل الزواج.
هذا وإن كان البعض يرى أن دفاعنا عن العلاقات الجنسية بين الشباب الغير المتزوجين سيسبب اضطرابا وزعزعة وتشويها بأنها خروج عن الطبيعي والمألوف (أي ضربًا بمؤسسة الزواج) ، ووصفها بالرذيلة كونها تعتبر عهرا ودعارة وبغاء وتهديدا للأمن الاجتماعي والأسري وتحطيما للقيم والأخلاق والتماسك الاجتماعي ، فإن هذه الحرية هي من صميم الحرية الشخصية التي لا يحق لأحد التدخل فيها ومن أهم الحريات المشروطة ، و ذلك بعدم الإيذاء بالأفراد أو المجتمع ، إنها حرية لا تمس بإخلال الحياء العام كممارسة الجنس بالشارع العام مثلا إنها علاقة حب واحترام وتقدير متبادل. يتبع
#عبد_الصمد_فكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية الجنسانية
-
صور من حارتنا (3)
-
- أأنا عاهرة ؟؟؟ -
-
-صور من حارتنا- الجزء الأول : أبناء الحي
-
- ليس مجرد جسد -
-
المعاشي
-
مريم
-
عثرت محارب
-
حرر عقلك وفكر من جديد
-
التِلمِيذ المَغرِبي المُهمَش فِي بَحثٍ عَن مَخرَج
-
- إليك... يا جوهرتي -
-
نسيم عطش حواء
-
الجنس كموضوع في السوسيولوجيا (الجزء الثاني)
-
حروب الأنا
-
الجنس كموضوع في السوسيولوجيا (الجزء الأول)
المزيد.....
-
صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
-
-حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن
...
-
الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي
...
-
كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح
...
-
جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ
...
-
-تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1
...
-
مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ
...
-
مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
-
أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|