|
جماعة الاخوان ... فكرة تجاوزها التنظيم
فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي
(Fuad Alsalahi)
الحوار المتمدن-العدد: 4413 - 2014 / 4 / 3 - 23:42
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
وفق قرأة تحليلية معمقة وموجزة لهذا الموضوع نقول انه لايمكن اختزال تاريج الحماعة في توصيف محدد يكون منحازا معها او ضدها فعمر الجماعة يتجاوز الثمانين عاما ومرت بتجارب متنوعة ودخلت صراعات متعددة حيث عرفت بصراعاتها مع كل الانظمة الملكية والجمهورية و تقاربت معها احيانا تكتيكيا ..وللعلم الجماعة نشأت فكرة لدى مؤسسها الاول الامام حسن البناء سنة 28 واستمرت تعمل وفقا لفكرتها الدعوية خلال العشرية الاولى من تاسيسها مع بعض المغالاة في اسلوب الدعوة لكنه كان مقبولا من بعض مؤيديها وانصارها حينذاك فمصر كانت تحت الاستعمار البريطاني .. وعند دخولها العشرية الثانية كان التنظيم للجماعة قد تبلور بشكل فاعل واصبح للمؤسس والمرشد السلطة الكبيرة وهنا تم ادخال اجهزة تنظيمية اخرى تخدم الجماعة لكنها تعمل بشكل سري ولايعرف عنها سوى المرشد ونفر قليل من المقربين منه وخلال هذه العشرية كان الصدام مع الحكومة ثم تطور الصدام الى مواجهة تخللها عنف متبادل اتجهت الحكومة الى حل الجماعة وكان اغتيال المؤسس ثم دخلت الجماعة مرحلة من اعادة البناء التنظيمي وتعددت اجهزتها المصاحبة للتنظيم الام في هذه الاثناء كان التنظيم قد اصبح اقوى من الفكرة المؤسسة وتضخم دور التنظيم وتضاءل دور الفكرة ودخلت ادوار من الصدام مع نظام عبد الناصر وتقاربت مع السادات ثم في هذه الاثناء خرج من عبائتها مجموعات متعددة تعلن استقلالييتها وتتسم باعمال عنف وتكفير مما ميز الجماعة الام بالاعتدال عن تلك الجماعات وتعرض مرشديها جميعا للاعتقال مع اعداد كثيرة من قيادات الصف الاول والثاني ناهيك عن الاف من القواعد والكوادر ثم دخلت في صفقات مع نظام مبارك خاصة من زوايا العمل السياسي والامني والبيزنس ولم تكن الثورة ضمن ادبياتها ولامفردات خطابها .. وهنا اصبح للجماعة تنظيما قويا وحديديا وتزايد تضخم التنظيم مع وجود التنظيم الدولي وتنظيمات قطرية في عدد من دول العالم ..هنا اختفت الفكرة المؤسسة واصبحت مجرد واجهة باهتة توجه نحو المجتمع ولايؤمن بها قادة التنظيم .. والجماعة شأنها شان الكثير من الاحزاب التي تحولت بفعل المسار التطور الى تضخم في التنظيم وانفصال القيادة عن القواعد واعتماد فلسفة براجماتية في عقد الصفقات والمساومات مع مختلف الاطراف التي لاترغب في الصدام معها او ترى ان صدامها سيؤثر سلبا في التنظيم ووجوده السياسي. في هذا السياق لايمكن المرور دون الاشارة الى ان تضخم تنظيم الجماعة لم يتحقق الا من خلال علاقات طردية وعكسية مع النظم السياسية خاصة منذ منتصف السبعينات وتغير المعادلة السياسية في عموم المنطقة العربية وفق تحولات ايدولوجية وقتصادية تم رعايتها من الامريكان ..ففي هذه الحقبة كان للجماة وتنظيمها دعما ماليا ورمزيا وتفاهمات متعددة ومتنوعة مع مختلف الجماعات الحاكمة في مصر ودول الخليج واليمن والاردن وحتى بلاد المغرب العربي وهنا ايضا كانت الجماعة تلعب ادوارا هامة من خلال تنظيمها في اطار حرب الامريكان ضد السوفييت حيث صنفهذا الاخير كعدو للاسلاميين لانه قام بغزو دولة مسلمة (افغانستان) .وخلال الثمانينات وماتلاها تضخم التنظيم واظهر اذرعا قوية له منها مؤسسات مالية (مصارف اسلامية)ومؤسسات تجارية (مصانع وتوكيلات ومنافذ بيع) ومؤسسات ثقافية وتعليمية (مدارس اساسية وثانوية وجامعات ومراكز) وقنوات اعلامية ومواقع الكترونية معددة ومتنوعة ناهيك عن حضور رموز الاسلامين (اخوان/سلفيين) في وسائل الاعلام الحكومية وفق تنسيق وصفقات بينهما . ولما كان هدف المؤسس الاول الانتشار في عموم المجتمع بالفكرة والدعوة ثم الوصول الى مشاركة في الحكم وكانت الكوادر متواضعة في مستواها التعليمي والمهاراتي فان الكوادار للتنظيم والجماعة منذ منتصف الثمانينات اصبحت من خريجي الجامعات وحملة الدكتوراه ومستويات مهاراتية مهمة وهنا كان طموح الجماعة/التنظيم ليس المشاركة في الحكم بل الوصول اليه والانفراد به وتطبيق منظوراتهم السياسية تحت واجهة دينية وعليه فان علاقاتهم وانفتاحهم مع القوى المدنية المتعددة ليس الا تكتيك سياسي كانو بارعين فيه وهو الامر الذي عبر عنه الكثير ممن ناصرهم في المعركة الانتخابية لرئاسة مصر خاصة الجولة الثانية ثم سرعان ما نكثوا بوعودهم واظهروا اصرارا بالتفرد بكل دوائر صنع القرار التي سيطروا عليها. بشكل عام يمكن القول ان تضخم تنظيم الاخوان واعتماد اجراءات وسياسات خادمة للتنظيم وليس للفكرة هو من ادخلها في دورات صدام مع المجتمع ومع العسكر سيؤثر سابا في بنية الجماعة وتنظيمها لسنوات طويلة بل ويجعل وجودها السياسي محل شك وعدم ثقة من عامة المجتمع ونخبه في آن واحد .. ومن هنا فان شباب الاخوان وكوادرها الوسطى مدعوين لاعادة الاعتبار للفكرة الدعوية فقط دون التنظيم والفكرة بمحدداتها الثقافية التوعوية دون السياسية ومن اراد السياسة فليكن من خلال احزاب مدنية مفتوحة للجميع وبشروط السياسة ومنطقها .. وللعلم فان الجماعة اليوم تتبلور في فكرة جديدة تبتعد عن فكرة المؤسس الاول وهي كتنظيم قابلة للعمل السري فخبراتهم في هذا الامر جد كبيرة حتى لو تم حلها رسميا فاجهزة التنظيم في الاصل كانت ولاتزال تعمل سرا ولديهم نمط من التواصل والترابط والهيراركية يعرفونه جيدا في اطار من السرية الكاملة .. صفوة القول ..ندعوا كوادر الاخوان الوسطية بوجوب ان يراجعوا سبب اخفاقهم السياسي وسبب تضاءل الدعم المجتمعي بل وكراهية قطاع كبير من المجتمع لهم ناهيك عن انقلاب الداعمين اقليميا بعيدا عن منطق المؤامرات والتهم الجاهزة وهنا يكون لزوم التجديد الفكري للجماعة في سياق الدعوة ودلالاتها اخلاقيا واجتماعيا واعادة البناء وفق شروط الحياة السياسية الرسمية والانفتاح على مفاهيم الديمقراطية والمجتمع المدني والفصل بين العمل الدعوى والسياسبي ونبذ العنف عل هذا الامر يخلق استقرار عام في المجتمع المصري وفي عموم المجتمع العربي وهنا يتأصل وجود الاخوان من خلال اطر حزبية وفق المشروعية السياسية والقانونية واحداث قطيعة مع الجماعة وتنظيمها المغلق ولابأس من العمل الدعوي من خلال منظمات ومؤسسات تتأسس لهذا العمل وفق قوانين ناظمة للعمل الاهلي وتحت اشرافها بعيدا عن النشاط السياسي الذي تتم ممارسته من خلال الاحزاب العلنية..؟
#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)
Fuad__Alsalahi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمهوريات العربية تبحث عن هوياتها
-
نحو رؤية جديدة في السياسات الاقتصادية لدول الربيع العربي
-
في اليمن ... بؤس الاحزاب والنخبة
-
الربيع العربي يحدث أهتزازات في النظام السياسي الخليجي
-
السعودية تجدد مملكتها
-
مملكة السيد وجمهورية الشيخ ..صراع الزعامات داخل القبيلة الزي
...
-
قطر في عين العاصفة السعودية
-
الربيع العربي يبيع النظام الجمهوري ..
-
المشهد السياسي اليمني ..تقدير موقف
-
المخلص ... رمز الميثولوجيا السياسية في الفكر العربي
-
في اليمن..الغباء السياسي والصدفة التاريخية
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
-
برجوازية طفيلية وحكومات فاسدة ..؟
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
-
اليسار الجديد.. رؤية نقدية
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|