|
يوغا
حازم شحادة
كاتب سوري
الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 14:17
المحور:
الادب والفن
وضعت في حقيبتي الصغيره منشفة و زجاجة ماء باردة، زجاجة عصير ثم اتجهت إلى الكورنيش البحري القريب من مكان إقامتي. قرأت مذ مدة عن اليوغا وفوائدها، سأمارس اليوغا - هكذا قررت- وأي مكان أفضل من البحر.. سأتخذ وضعية ( زهرة اللوتس) وأتأمل في الطبيعة دون أن أنشغل بشيء... الصفاء الذهني ضروري هذه الأيام. رأيت مكاناً مناسباً غير مزدحم بالناس.. فرشت منشفتي أرضاً.. خلعت حذائي.. تربعت، وضعت قدمي اليمنى فوق ساقي اليسرى.. حافظت على ظهري مستقيماً.. تنفست بعمق.. وانعزلت عن الواقع. الموقر ( بوذا) له فضل كبير في تعليم الناس هذه الوضعيه.. تحياتي أيها الموقر بوذا.. لا شك أنك كنت تعيش في سلام داخلي عكسي أنا.. الحكمة لا يمتلكها إلا قلة من الناس.. ولا شك أنني لست بحكيم.. سأحاول.. صبرك علي. الجميل في الناس بهذا البلد أنهم منصرفون لأعمالهم.. لا أحد يعير بالاً للآخر.. تخيلت أنني جالس هكذا على شاطئ الخضر أو الأبحاث في اللاذقية.. قسماً لأصيرن قصة السهرات ولينسين الناس الحرب والأزمة ويبدأوا سهراتهم بذلك الشاب الذي يمارس ( اليوغا)، ولأرسل بعضهم أولادهم ليلاحقوني في الحارات مرددين.. أبو يوغا.. أبو يوغا.. أبو يوغا.. العصر وقت مناسب للجلوس على الشاطئ.. لا تشغل بالك بشيء.. هكذا رحت أقول لنفسي.. توحد مع الطبيعة.. ركّز.. - ( إكسكيوزمي).. هذا ليس صوتي.. كما أن صوتي الروحاني على الرغم من رقته إلا أنه لا يصل مرحلة العذوبة هذه؟ أي عذوبة؟ إنها الأنوثة. نظرت ورائي فإذا بامرأة شقراء تخاطبني بلغة إنكليزية ذات لكنة روسية محببة.. كانت ترتدي ( فيزوناً) أزرقاً وقميصاً رياضياً أشبه بالقميص الداخلي يسمح لقسم لا بأس من نهديها التمتع ببعض النسيمات العليلات.. إنها تخاطبني أنا... بركاتك يا عم بوذا.. لم يمض على ممارستي لليوغا عشر دقائق حتى هلت البشائر.. إنها بشائر النصر.. بشائر ( الفتح).. بشائر النسوان.. كما هو واضح فإن الموقر بوذا فهم علي منذ اللحظة الأولى.. وليس كحال صاحبنا هززت رأسي مستفهماً منها ما الذي تريده محافظاً على ذات الوضعيه دون أي انفعال.. فطلبت أن أسمح لها بمشاركتي ( اليوغا).. إن كان ليس في الأمر ما يزعجني على حد تعبيرها... نعم. تخيلوا فتاة بنهدين أبيضين خرافيين وجسد رياضي ممشوق ووجه روسي ذي عينين زرقاوين تطلب أن أسمح لها بالجلوس قربي.. ماذا؟.. فقط.. إن كان الأمر لا يزعجني.. يا سلام. حافظت على رصانتي.. ودون أن أنبث ببنت شفة.. أشرت لها أن تجلس.. متماسكاً.. غير واهن العزم.. استمريت في جلستي.. مدّعياً أنني قد وصلت حالة من التركيز.. يا لطيف يعني. خلعت حذاءها الرياضي وجلست مقابلي وعندما نظرت إلى أصابع قدميها صرخت.. فسألتني ما بي.. قلت ولا أي شيء مهم.. أرجوك لا تهتمي كعب قدمها زهري.. وردي.. ( فوشيا).. والقدم الصغيرة المزينة الأظافر بالمانيكور الأحمر تسبب الجلطة أولاً بأول.. شعرت بشيء يبلل ذقني.. انتبهت إلى أن ريالتي شاطه ( أي أن لعابي يسيل).. كم من الجميل لو أنني أتناول هذه الأصابع قبل الفطور.. قبل الغداء.. بعد العشاء.. استفق. نبهت نفسي إلى أن الانشغال بهذا التفكير ليس من أصول اليوغا في شيء.. أغمضت عيني كي لا أبقى مبحلقاً بنهدها العظيم.. ورحت أقنع نفسي أن الإنسان يجب أن يكون متحضراً في حضرة هذا الجمال.. كما أنني في بلاد الغربه أقدم صورة عن بلدي.. ما الذي ستظنه هذه الروسية إن رأتني مستمراً بالبحلقة في نهديها.. بالتأكيد ستأخذ فكرة خاطئة عني وستظن أنني ( فجعان) نسوان.. لم أستطع المقاومة.. طظ فيها وفي نظرتها.. بحلقت يا إله العرش.. أي جمال هذا.. ما الذي كنت تفكر به عندما أبدعت هذه التحفة يا لورد.. بحركة مفاجئة أسندت يديها على الأرض.. أرخت رأسها ورفعت ظهرها وقدمها للوراء مما جعل مؤخرتها في الواجهة.. ونظراً لضيق ( الفيزون).. استطعت أن أرى بوضوح كيف دخل جزء منه بين فردتي المؤخرة.. لعمري أنها يوغا رائعه.. إنها المرة الأولى لي.. كيف ستكون الثانيه يا ترى.. أحببت اليوغا.. عشقتها.. سأجعلها سلوك حياة يومي.. أيهاالموقر بوذا.. كم أنت عظيم.
- هاي بيبي هذه المرة لم يكن الصوت نسائياً.. - هاي بيبي.. أجابت المرأة الروسيه.. اقترب منها الرجل وقبلها قبلة سريعه.. نظر إلي وقال: كيف حالك صديقي قلت له: قاتلك الله إيها المجرم. لم أجبه طبعاً وادعيت انشغالي بالتأمل.. من أين ظهر هذا الإمعة.. إنه ولا شك زوجها أو حبيبها.. يا للخيبه.. يا للخيبه.. هكذا إذاً يابوذا.. لم تكمل معروفك.. بسيطه...
تحدثا بلغتهما الأم قليلاً.. ثم قالت لي سررت بمشاركتك اليوغا.. وذهبا.. رحت أراقب فيزونها وهي تبتعد.. مواسياً نفسي.. بغض النظر عن الخاتمة الحزينه... كانت تجربة مميزة في التركيز و(اليوغا).
#حازم_شحادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأول على مستوى الجمهورية
-
مين سمير؟
-
ما تبقّى في قعر الزجاجة
-
أوراقٌ.. نساء
-
نافذة باردة
-
رسالة إلى امرأة تشبه الشتاء
-
بائع الدخان
-
مع باولو كويللو في الصحراء
-
مصطفى الأعور
-
لا أشرب المتة مع الرئيس
-
هذه ليلتي
-
إغواء
-
عطر امرأة
-
معاون شوفير
-
أثر الفراشة
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|