أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده الغالبي - الاباء...!؟














المزيد.....

الاباء...!؟


عبد الرزاق عوده الغالبي

الحوار المتمدن-العدد: 4381 - 2014 / 3 / 2 - 22:10
المحور: الادب والفن
    


الابـــاء....!
عبد الرزاق عوده الغالبي

تكاد السنين تختنق وتهم بالفرار من فرط الازدحام المتهالك فوق هامته النزرة الا ما بقي من شعيرات بيضاء تقف شامخة لفقدانها ما تستند اليه ، اتعبتها النكبات المتعاقبة و عاث عليها الزمن وتكالبت فوقها الظروف وما بقي منها يعد باصابع اليد........! يضرب الارض بمعول متكاسل كقطرات ماء من انبوب معيوب ،ويتحامل على نفسه ويجاهد كثيرا لينتصب ، الام الظهر والمفاصل والسكر و الضغط وتصلب الشرايين وامراض القلب تجتمع لتحتفل فوق هذا الجسد المعتق بمرارة الزمن وغدر الايام ،تغرز اضفارها في تلك البنية العتيقة، تغزو الخشونة اطرافه وضعف البصر يملأ بالظلام ما تبقى من شعاع يطل من ربع نافذة بقيت لديه بالكاد تحتفظ بخارطة اتجاه بيته.....! بادرته التحية:
--"اعانك الله على ما انت فيه.....!"
ردها بصوت متعب وهو لا يزال منكبا على ما هو فيه كانه لا يستطيع رفع جسده منها الا بمساعدة نفرين او اكثر ، يحفر اساس لبيت في قطعة الارض الملاصقة لداري ....! جلست فوق دكة في عتبة الباب اراقب هذا الشيخ المتعب وهو يحفر وكأنه يحفر قبرا لنفسه من شدة ما الم به من التعب وهو في عمر لا يؤهله للقيام بعمل مضني ومنهك كهذا........سالته:
-- "يا عم ، هل لديك اولاد...!؟"
-- "نعم اربعة اولاد وبنت...!"
-- "الم يساعدك احد منهم...!؟"
-- "لقد اخذهم الله الا من بنت واحدة معوقة وامها العاجزة..!"
--"كيف..!؟
--"الاول عريف في الجيش واستشهد في حرب الشمال مع الاكراد والثاني جندي احتياط استشهد ايضا في الحرب الايرانية والثالث فقد في احتلال الكويت والرابع كان ضحية لانفجار ارهابي...!!" وتوقف عن الحفر وبدأ كلامه يتغير من حشرجة تكسرت في حنجرته لتكتم عبرة كادت تخرج عنوة واغرورقت عيناه بالدموع وسال نزر منها حتى بلل لحيته البيضاء ، مسحه بيده المرتعشة وقال:
--" يبدو انك فاض و لا شغل لك وتحب التسلية وقضاء الوقت في مشاكلي...!" قلت :
--"لا والله ، احببت فقط التعرف عليك وعلى وضعك الغريب عندي....!" اجاب:
--" وما الغرابة في وضعي ، انا رجل فقير ولدي مسؤولية عائلة اسعى للحفاظ عليها من الجوع والعوز....!؟"
هنا ساد الصمت بيننا وشعرت ان الدم قد تجمد في عروقي ، ناضلت كثيرا من اجل اخفاء مشاعري الهائجة والتي تكاد تفرض نفسها بالخروج عنوة رغم الضغط الثقيل الذي يولده تحفظي على منعها من ذلك ، على الاقل امام قمة الآباء تلك و التي ترفض الذل وتأبى التذلل وتضحي بما تبقى من رمق حي من اجل الدفاع المستميت وبكبرياء وتحفظ عن تطلعات عائلته التي لا تملك من اسباب الحياة سواه.......!؟ اخذني هذا المعنى الكبير بعيدا وتساءلت ، ماذا لو كان هذا الانسان ابي....نعم فهو ابي او يشبهه بكل شيء، شجاع ،عنيد ،حريص ومخلص لدمه وجلدته....تذكرت كل شيء فيه كان رحمه الله يحملنا فوق كتفه صغارا وكبارا، يخفي المه امامنا وحين ينفرد بنفسه يهاجمه الالم من كل جانب لا يفضي ذلك لاحد حتى امي، سألتها مرة عن امتناع ابي عن الاكل معنا ونحن ابناءه الخمسة اجابت انه يخشى ان تسبق يده يد احدكم وقد تاق للقمة ، لذلك فضل تناول الطعام بعدنا...!؟ يجوع هو حتى نشبع نحن...! ايقظني الرجل من غفلتي تلك حين سألني عن الوقت فأجبته:
--" الساعة تشير الى الثانية ظهرا"
لملم حاجياته بصمت ووضع المعول عل كتفه ورحل بعد ان تركني في صراع لا نهاية له....!؟



#عبد_الرزاق_عوده_الغالبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزيف السخرية.....!؟
- مشهد من صفحات منسية......!؟
- حينما يكون الضعف قوة...!؟
- الهروب نحو الندم....!؟
- لا والف لا......!؟
- انتحار قلب.....!؟
- اللوحة...!؟
- اللوحة....!؟
- حبيبتي...!
- القسمة...!؟
- قتل البراءة بقرار رسمي....!؟
- قناعة....!؟
- السفر نحو المجهول......!؟
- ونبقى رغم انف الظلام...!؟
- الجهل السياسي والواجب الوطني......!؟
- فراق....!؟
- المتاهة....!
- وعاد الجيش العراقي من جديد عظيما.....!؟
- شهرزاد وليوث النهرين ووادي حوران....!؟
- الوباء....!؟


المزيد.....




- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرزاق عوده الغالبي - الاباء...!؟