واثق الجلبي
الحوار المتمدن-العدد: 4375 - 2014 / 2 / 24 - 18:04
المحور:
الادب والفن
حصار الضوء
لكل شيء مسافة دامغة تستحيل حدودها لمواطن تعيش فيها كائنات اغلبها غير مدركة بما يحيطيها من اسرار وخفايا وامور يكتنفها الغموض حيث يشرع العقل بتفسيرات حتى وان كانت غير من مفسرة على تحديدات المنطق الحقيقي بل على اشتهاء المنطق المتوارث والمفكك اصلا من تجليات الوعي .. ولكن كيف يكون الضوء كي يتم حصاره بطريقة تبعث على الموت؟ اسئلة العقل اكبر من مجردات كونية ثابتة وفق معايير خاصة وآلية اشبه بالأسطرة فالضوء الذي يندرج تحت عنوانه الخير والاخلاق والمنطق السليم وعناوين الخير الأخرى لم يكن قويا كفاية ليتسع بل كان عليه أن يلاحظ ان عملية إحاطته بالظلام أخذت تكبر شيئا فشيئا حتى بات الضوء هلى شفير الانقراض.. الهزيمة كانت عنصرا مهما في عملية تقليص مساحة الضوء وكانت على نطاقين هزيمة داخلية مقرونة بقتل الذات وتلاشيها وفق قواعد الهزيمة واخرى هي هزيمة خارجية كانت تبعيتها اندحار الضوء وقهقره الى الوراء بشدة وبعنف مما أدى الى انتشاء الظلام بسرعة الضوء نفسه .. لو اخذنا العراق مثالا على الضوء والقوى الظلامية الداخلية والخارجية مثالا على نوعية الحصار لكان واضحا شعورنا المكبوت والخوف الذي بدأ يعمل وفق منظومة كونية وحسابات مهولة لتحطيم العراق وتقليم اظافره الألفية .. الانكفاء على الذات والخوف من الظلام جعل الامر يكون عاديا لدى مجمل الذين لم تمارس عيونهم مهنة النظر الجيد وجعلوا من الظلام قائدا لهم وسلموه زمام المبادرة بالانتشار المكثف .. ماذا يفعل الضوء عندما ينتشر الظلام ؟ وماذا سيفعل الظلام عندما ينتصر؟ هنا في قمة حوار الهزيمة والانتصار تتحدد مفاهيم جديدة ربما تكون مختلفة عن سابقاتها من الاحكام ولكنها تبقى احكاما بالرغم من ظروفها الطارئة وغير المنطقية .. يتجدد الصراع غير المتكافيء على الرغم من سرديات الحكمة ورواياتها بانتصار الضوء وهو شيء اشبه بالامل المقنن باتجاه الاستكانة واعطاء فرصة واضحة لانتصار الظلام عبر بوابات العالم المغلوقة بكل انواع الاحتكار العقلي وزيف الاحكام المرتبطة بسلطة الظلام الزاحف نحو ما تبقى من عرش النور من كل جهاته المعلنة والمخفية .. فهل يبقى الضوء حبيس فتيل الشمعة والمصباح ؟ أم سنشهد له بانتفاضة ولو سريعة لتقليص المساحة وإلا سيكون الضوء في جولته الاخيرة في هذه القرن المعتم.
#واثق_الجلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟