|
قصة قصيرة - وراء الستار
فكرى عمر
الحوار المتمدن-العدد: 4358 - 2014 / 2 / 7 - 21:00
المحور:
الادب والفن
اختلطت الآهات بالنحيب عندما اُسدل الستار على البطلة الهامدة بين يدي البطل. فُتح بعد دقيقة على نفس المشهد. رددت جدران المسرح الداخلية ذلك التصفيق المتواصل. بعد قليل أتاهم صوت يعلن انتهاء آخر عرض للمسرحية فى تلك السنة؛ متمنيًا للمشاهدين حياة سعيدة.. بفستان كحلى مطرز، وشعر ذهبى مصبوغ مسدل على الخصر، وعينين ناعستين تلفتت يمينًا ويسارًا. ذهب الجميع ولم يبق سواها. الظلام كبيس والصمت يلف قبضته الباردة حول رأسها دقيق الملامح. تقدمت بأرجل يكسوها ارتعاد نحو الستار. سكنت مكانها من جديد حينما سمعت صوت البطل وهو يهنئ العمال، وكمن يجيب على استفسار يَرُدْ: - لا، سأجلس قليلًا، أحب أن أودع المسرح بطريقتى. انتهزت الفرصة، تقدمت قليلًا وفرقت الستار بيديها. رنا إليها مبهوتًا. قاطعت نظرته المتفحصة بها: - ستمضى بعد قليل كأن شيئًا لم يحدث؟ - من أنت؟ كيف دخلت هنا؟ حدجته بنظرة اتهام. ارتفع صوتها بالنحيب فجأة. اقترب منها فابتعدت. طمأنها باستعداده الكامل لمساعدتها. ردت بصوت متقطع: - شاهدت المسرحية مرات كثيرة.. حفظتها.. لكن نهايتها... استراح لها أول الأمر متيقنًا بفراسة، قد تصيب وقد تخطئ، عبورها الخط الفاصل بين الدهشة والبله. انقطع بكاؤها وقالت تعيد المشهد الأخير عن لسان البطلة: - ماذا نفعل بعد أن طارت أخبارنا؟ عائلتى ستجيء حتمًا (تضطرب نظراتها) وسيكون ما لا بد منه. - سنتدبر الأمر.. سأجد مخرجًا ينفذنا إلى العالم الواسع الطلق ( يستدير رافعًا يده اليمنى لأعلى ) النور بدلا من الظلام والخوف. لا يعرف كيف استجاب معها فى التمثيل لكنه سعيد وفمه ينفرج بابتسامة. - لا تحملق فىَّ هكذا؟ افعل شيئًا؟ ( تحدق فى الأرض وترفع رأسها فجأة ) أقول لك دعنا نهرب إلى مكان لا يعرفون لنا فيه طريق، نكمل حياتنا كما اتفقنا. - سيعثرون علينا، أعرف هذه الأمور جيدًا ( يرتمى على كرسى الخيزران فى حجرته الحالكة بالمسرح ). تباغته وهى تتقدم نحوه: - أنت جبان منذ أن وطئت حياتك بوثيقة شرف أن نتزوج، لكنى أحبك ( ترتمى متأثرة بنشيجها المسرحى ). - ( يقترب فى تؤدة ويمسح على كتفيها، ثم يبلل المنديل الوردى فى يده بدموعها التى تنحدر سريعًا ). لنكن هادئين. - كيف؟ - لنهرب إلى السماء حيث تزفنا الملائكة بأكاليل النرجس.. خذى ( تمتد يده إلى زجاجة فارغة على المنضدة ) اشربى.. بعدها سأشرب لنعلن زواجنا فى السماء بعد أن ضاقت الأرض بحبنا. تقف ثابتة كوتد، تغير نبرة صوتها: - أتريد أن تخدعنى مثلما خدعتها؟! - هذا هو النَصَّ، إنك لم تجيديها كما ادعيت! - أجَدتُها بطريقتى، فقط لن أُخدع مرة ثانية لأذهب مشيعة بسخريتكم أنتم الرجال، النهاية وضعتها، وسأنفذها معك قَبْلَه. - الأمر لا يبدو طبيعيًا من البداية. ألا تعرفين من تخاطبين؟! طأطأت رأسها والتفتت حوله، خلعت إيشاربًا ملونًا ملفوفًا حول عنقها، لَّفته بيديها حول رقبته، قهقه منتشيًا باللعبة الجديدة: - أنت مراهقة مجنونة! لَّفت الإيشارب أكثر، توارت ابتسامته خلف جلد أحمر قان وعينين جحظتا. تلوى كثعبان. الظلام يضرب سياجًا من فولاذ حول عينيه وروحه تئن، لكزها بيده اليسرى فى بطنها كمحاولة أخيرة لاسترداد روحه الهاربة، وبشراسة الأنثى ومكرها كزت ضاغطة بكل قوتها فى يديها، تلوى متخبطًا، ثم هوى. سحبته إلى الكنبة التى هوت عليها البطلة من قبل فى ديكور المشهد، ألقت الإيشارب حول رأسها وتسللت هاربة..
استدعى المحققون كل عمال المسرح والممثلين فى الصباح، وتمطت الجريمة فوق صفحات الفن والحوادث، وارتفعت المكافآت يومًا بعد آخر لمن يعثر على قاتل النجم المشهور، وفشى الهمس.. قال صديق، للممثل، لأصدقائه ليلًا حول مائدة القمار: - صاحبنا أصله صعيدى وهذا ثأر كان قد حدثنى به مرارً. وقالت مهندسة الديكور لصديقتها فى التليفون: - امرأته اكتشفت خيانته فدبرتها له، أنا لم أقل شيئًا. مفهوم؟ وقال مدير المسرح وقت التحقيق وبعده: - كارثة، لم يحدث هذا من قبل، الأمن هنا مُشدد. ( مال على أذن المحقق غامزًا بعينه ) أنا أشك فى العمال الأقذار. ونشر الساعى بين أصحابه: - الجريمة واضحة، من تدبير المدير، لا شك، لخلافات حول العقد. أنا سمعت يومًا شجارً بالكلمات بينهم كاد ينقلب لطمًا بالأيدى لولا تدخلى فى الوقت المناسب. .. بعد عام من التحقيق لم يجد المحققون بدًا من حفظ التحقيق، وتسجيل الجريمة ضد مجهول.
#فكرى_عمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة - الثقب والكرة
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|