|
أن نحترق خير من أن نتعفن
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4358 - 2014 / 2 / 7 - 17:45
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
أن نحترق خير من أن نتعفن ******************* أن نحترف الاحتراق حد أن نصير رمادا ، خير من أن نصمت ونصير جمادا . واقعنا ينزف ، يتحلل ، وينزلق نحو التبخر . مهما كان ادعاؤنا بوجودنا ، فهو محض كذب مرجئ لموت كائن . لايمكن في وضع كوضعنا أن نرتهن للصمت ، للانتظار ، لرمي كرة الجمر الحارقة على غيرنا ، ما لم نقم بواجبنا تجاه محيطنا ،مجتمعنا ، وقبل هذا وذاك تجاه أنفسنا . هل هناك من ضمن طريق الخلاص وآوى الى جبل يعصمه من طوفان التردي الأخلاقي والسياسي والاجتماعي ؟ . ماذا لو كشف كل منا عن رؤيته لمجتمعه وقال بصدق صدوق رأيه في حكامه ومسؤوليه وجيرانه وأصحابه ؟ ، لكن قبل هذا وذاك في شخصه . لكي نخطو خطوة صغيرة في أرض مليئة ألغاما وفخاخا وحفرا ، علينا أن ندقق جيدا في الحيز المكاني الذي نضع فيه أقدامنا ،فوضع القدم وحده ، هذا العضو الصغير فقط في مكان ملغوم قد يجعل كل الجسد يتشتت ويتفتت مزقا وأجزاء . كل شيئ حولنا خاطئ ، وأي فرد لا يعلن عن نوع الخطأ وطبيعته لن يكون الا رتلا من الأخطاء ، لايمكن أن ننتظر منه شيئا . كل اطمئنان فعل قاتل . منظوماتنا التعليمية في العالم العربي نتائجها واضحة ، تفجير وتجهيل وتكفير وبؤس وفقر وفساد شامل . لا يحتاج الواحد منا اسطرلابا أو ميكروسكوبا ليعاين أجرام وجراثيم الفساد المستشري في جسد المجتمع كالسرطان القاتل . الدولة فاسدة ، هذه حقيقة لاينكرها حتى المسؤولون والحكام . لكن علينا أن نعترف أن المجتمع أيضا فاسد . لا يمكن لدولة أن تسمتمر يوما في فسادها اذا كان المجتمع صالحا وقويا . من منا يستطيع أن ينكر كم الفساد والأمراض الاجتماعية والانسانية التي نعيشها في كل لحظات يومنا ؟ . لاشيئ يبعث على الاطمئنان . قد يَحكمون ، لكن خارج سياق العصر وروحه ، وقد يُحكمون ، لكن بطريقة القرون الوسطى ، أسياد وعبيد ، لامواطنين يجمع بينهم تعاقد اجتماعي يوفر لكل واحد منا كرامته وانسانيته . التعليم آخر ظواهر الانفجار في المغرب ،مثلا ، وبعد أشهر قليلة من خطاب ملكي ينعى مستواه ويلقي بلائمة يتحمل هو مسؤوليتها كاملة ، على حكومة لا تملك من أمرها شيئا ، يستورد خطة ومنهاجا من بلد خارجي ؛ وهي تحديدا فرنسا ؛ تشهد نخبته أن نموذج التعليم فيها في تراجع مخيف . بل الأدهى من ذلك أنه خلال عقد واحد جرب المغرب ثلاثة نماذج على حد علمي ، كلها آلت الى الفشل ، فكيف نطبق نموذجا فشل في البلد الأم ؟ . والأنكى من ذلك أن هناك من دافع عن برنامج "مسار " عن كونه كان مبرمجا منذ 2008 ، أي سنتان قبل اعمال البرنامج الاستعجالي سنة 2010 الذي فشل . ان الآلة التعليمية والمنظومة التربوية هي مشتل كل حقول المعرفة المستقبلية ، وهذا تحصيل حاصل ، فكيف تم نخر هذا الجهاز الحساس ؟ وكيف تم السكوت عنه ؟ . ان خطاب الملك ، وكل كتابات النخبة في هذا المجال هي مجرد غربال لتغطية حقيقة الشمس ، ورمي كرة المسؤولية الكبيرة على الطرف الأضعف . فالتعليم الذي لا ينتج الا الفاسدين ،هو دلالة قوية على نوعيته . ولم نسأل بجرأة الى يومنا هذا ؛ لماذا انحدر المجتمع المغربي الى هذا المستوى ؟ ومن هو الفاعل الحقيقي ؟ ، وهذا مؤشر واضح على طبيعة الشخصية المغربية ، فأن يتحدث شخص أو خمسة أشخاص عن حقيقة الفساد في المغرب ، في مجتمع يفوق عدده الأربعين مليونا ، تلك هي الطامة والمصيبة العظمى التي تنبي بانهيار فظيع للمنظومة الاجتماعية . ان النظام نفسه يصبح معرضا للانهيار ، فمجتمع معظم أفراده تتشكل ذهنيتهم من فراغ مظلم ، معرض في أي لحظة لصدام لا يذر ولا يبقي . الاشكال هو في الأساس ذاتي ، والخلل اذا لم يتمكن من كل الذوات فانه لن يتعمم ولن يشمل الجميع . وفي عصرنا هذا الذي ينطبع اساسا بميسم العولمة ،ليس في شقها الاقتصادي او العسكري ، وانما في شقها الانساني ، وهذا ما لا يرغب الكثير من المفكرين الانتباه والاشارة اليه . فلنعلنها نحن من هنا من بلدان العالم الخارج عن التصنيف والمتراجع خطوات الى الوراء ، والعائد الى ماضي الانسانية في شكلها الحيواني الغريزي الذي يهمش العقل والبصيرة والحكمة ، أننا لم ننخدع . بل استطعنا أن نبرهن على قدرتنا على اختيار الجانب المشرق من هذه العولمة ، وهو جانبها الانساني المتمثل في تقاسم الخبرات وافشاء القيم الانسانية النبيلة . من هنا وجب قطع أي علاقة مع رعاة الجمود داخليا ، ففي مجتمعاتنا لم يعد لنا وقت لاعادة نفس الأخطاء ، وتكرارها بنفس الأسلوب . نعم واقعنا صعب وعويص ويراد تسويقه غامضا ، لكنه في الحقيقة بسيط وقريب وواضح . ان الأنظمة العربية أنظمة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك في تورطها المفضوح في اعاقة مجتمعاتنا عن التحرر والوثوب والتقدم . فحين نقرأ لفلاسفة الأنوار ، وحين نقرأ مقالة كانط عن التنوير ؛ قبل قرنين ونصف ، وحين نقرأ للكواكبي عن وظيفة الاستبداد وطبيعة الشعوب المستبد بها ، وحين نطلع على مسار اليابان التي بعثت طليعة طلبتها موازاة مع نفس بعثة الحسن الأول ، ندرك حجم الوقت الذي هدرته أنظمتنا من اجل كرسي من خشب أو من ذهب . وحجم الأخطاء التي ارتكبناها نحن بالاكتفاء بالقاء اللوم على الفاعل الحقيقي . آن الأوان لنمزق حجب الخوف المسؤول عن حالتنا الفظيعة ، ونقول لجميع المتنطعين والمتخاذلين : لستم منا . سنحترق لنضيئ ظلمة ابنائنا .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يشتري حلمي غيري
-
تناقضات الدستور المغربي بخصوص الجهوية
-
نحو جنيف 3
-
كل السراب مملكتي
-
أوزيريس بصيغة مغربية
-
كل عام وأنتم......كما تشاؤون
-
لابد من اسم مستعار .......
-
شد الحبل بصيغة أخرى
-
لنتذكر ثوراتنا وانتفاضاتنا
-
القصيدة .....هي القصيدة
-
بين ارادة الاصلاح واصلاح الارادة ، أو فضيحة العدالة والتنمية
...
-
مساومة
-
حوار مطول مع المفكر العالمي نعوم تشومسكي -مترجم-
-
دمي هو المعنى
-
سأبدأ ما لم ينته
-
مرثية للنسيان
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-26-
-
الثورة والعدالة مطلب لايموت
-
هل اتضحت الصورة ؟
-
لم أرفع الراية البيضاء
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|