أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فريدة النقاش - الثورة.. إبداع متواصل














المزيد.....

الثورة.. إبداع متواصل


فريدة النقاش

الحوار المتمدن-العدد: 4350 - 2014 / 1 / 30 - 07:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الثورة إبداع متواصل، هذا هو التعبير الذى قفز إلى ذهنى وأنا أتجول فى ميدان التحرير بين آلاف البشر السعداء من النساء والرجال والأطفال الذين توافدوا منذ صباح السبت الماضى الخامس والعشرين من يناير ليحتفلوا بعيد ثورتهم، وتفننوا فى ابتكار السعادة بالتعبير عن الفرح فى تحد صريح لقوى الظلام والإرهاب.

ومرة أخرى يفاجئ الشعب المصرى العالم ويحتشد بالملايين ليرسل رسالة فحواها أنه لن يسمح للإرهاب بأن يهزم ثورته أو يدفع بها حتى إلى التراجع بسبب الخوف من الإرهاب، أو حتى بسبب عجز الحكم القائم عن تحقيق أهداف الثورة أو وضع شعاراتها موضع التطبيق.

وحين يواصل الشعب صناعة الثورة فإنه فى الوقت ذاته ينتج ثقافة إذ يَكُفُ عن أن يكون متلقيا، ويتحول إلى مبدع ومرسل، وقد عرفت المكتبة العربية حتى الآن عشرات الكتب التى تابعت ظاهرة الإبداع الثقافى الشعبى التلقائى من أناشيد ورسوم جرافيتى وأغنيات بعضها معروف المؤلف وأغلبها مجهول المؤلف، وهو ما عرفته كل ثورات الشعب المصرى وانتفاضاته عبر العصور، وأصبح هذا التراكم الإبداعى نبعا لا ينضب للفنانين وعلماء الأنثروبولوجى والنفسى ونقاد الأدب والمؤرخين.

وأسهمت الثورات كافة – وهى تشكل قفزات نوعية فى المجتمع وفى ثقافته من مرحلة فى تطوره لأخرى أكثر تقدما – فى إنتاج قيم للمجتمع الجديدة وأخذت هذه القيم تسرى فى وجدان الشعب وتحفر لنفسها مجرى عميقا فى تطوير الشخصية الوطنية وهى تتخلص فى ظل الثورة من العناصر السلبية فى تكوينها.

وعلى سبيل المثال فإن المجتمع الطبقى وإن لم يسقط أو يجرى إلغاء الطبقات فإن روح المساواة التى تنتجها الثورة تفعل فعلها فى نفوس الكادحين الذين يرفضونه معنويا فى سلوكهم وفى الواقع العملى وهم يقاومون أى نوع من الاستعلاء الاجتماعى أو تداعيات مثل هذا الاستعلاء الذى يمارسه عليهم رجال ونساء الطبقة المهيمنة والمالكة لوسائل الإنتاج ويصبح معنى المساواة قيمة عليا فى حياتهم حتى بالرغم من الفروق الاجتماعية الهائلة.

وينتج الاحتشاد من أجل هدف بدوره قيما جديدة حين يولد التآخى والتضامن والمحبة بين بشر لم يعرفوا بعضهم بعضا من قبل، وتصبح هذه القيم التى لا تدرك الجماهير أنها قد أنتجتها فعلا جزءاً أصيلا من عتاد المستقبل وعدته لاستمرار الثورة ومواجهة أعدئها، وبناء المجتمع الجديد الذى تنشده، وتلهم هذه القيم جماهير غفيرة فى حركتها باتجاه المستقبل، وتفتح أمامها آفاقا جديدة حين يقودها الوعى الثورى إلى التعرف على التجارب الثورية للشعوب والتى قادت هذه الشعوب إلى الإطاحة بالظلم والظالمين وتغيير حياتها إلى الأفضل.

وقد أسهمت هذه الشعوب فى خلق منظومة القيم العالمية والمثل العليا التى حاصرت دوائر الاستغلال والفساد والاحتكارات الكبرى وإن كانت الأخيرة لاتزال قائمة وتمارس كل أشكال العنف المادى والمعنوى ضد الكادحين فى بلدانها وعلى مستوى العالم.

ويحرك الوعى الثورى الطاقات الكامنة فى الجماهير التى غالبا ما تكون هذه الطاقات قد غابت عنها فى السياق العادى للحياة اليومية إذ يستهلكها البحث المضنى عن الرزق وهو شحيح، وما يثيره هذا البحث عن الرزق من ألم فى المجتمع المنقسم بين أغلبية فقيرة وأقلية تحتكر السلطة والثروة، قالت عنها إحدى عالمات الاجتماع أى عن هذه الأقلية إنها بالكاد تملأ حافلتين بالركاب.

تجلى وعى الجماهير الثورى فى كل ميادين مصر وشوارعها فى احتفالها بعيد الثورة حين ارتفعت الأعلام وعلت الزغاريد والأناشيد والهتافات والمطالبات بمحاسبة الإرهابيين وعقابهم بما يستحقون، وهو الوعى الذى يلمسه بوضوح كل من تبادل الحوار مع نماذج من هذه الجماهير التى مثلت كل فئات المجتمع المصرى وطبقاته وغالبيتهم من الكادحين والبسطاء.

قلت لنفسى بعد أن خرجت من الميدان مشحونة بالفرح والأمل إن الشعار الرابع من شعارات ثورة 25 يناير.. أى الكرامة الإنسانية لم يكن مصادفة بل هو أساس جوهرى من أسس الثورة وبعض حصادها العظيم، ولن يفرط المصريون فى هذا الحصاد أبدا وهم يراكمون خبراتهم الثورية منذ القدم ويبنون عليها، فلا غرابة أن تبقى شكاوى الفلاح الفصيح حاضرة من العصور القديمة، ولا أن تظل شعارات ثورتى القاهرة الأولى والثانية ضد الحملة الفرنسية راهنة، أو تعيش فى وجداننا أغنيات ثورة 1919 وننسج حتى الآن على منوالها.

فمن ذا الذى لا ينحنى لإبداع هذا الشعب وعبقريته وإصراره على السير قدما نحو استكمال ثورته لآخر مدي.. من؟



#فريدة_النقاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل دولة يهودية!
- المواطن الإيجابي
- إجرام فى حق التنوير
- دعم لإنقاذ السينما
- إسقاط الفوضي
- قيم إنسانية عليا
- الثقافة في الثورة
- ولا أحزاب علي أساس ديني أو مرجعية دينية
- لا مصالحة مع الإرهاب
- يا بركان الغضب
- لو خرج الفلاحون
- هشاشة المعرفة
- علمانية تركيا المتجذرة
- خوف الفاشية من الثقافة
- حتي ولو مسيحيا واحدا
- خريطة للأمل
- حرية عرفية.. ولكن
- المحروسة.. عنوان الحقيقة
- نهضة الجنوب.. دون مصر
- هوية جامعة.. متعددة


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فريدة النقاش - الثورة.. إبداع متواصل