هنية ناجيم
الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 02:47
المحور:
الادب والفن
رحيل الانسان جسدا عن وجود الآخر قد يعني أنه أخذ معه كل شيء، وقد لا يعني أن رحيله نهاية العالم بالنسبة للمهجور. وأجزم أن للرحيل أثران:
1. بحيث برحيل الشخص، قد تظل ذكرياته تشرق، من حين لآخر، في سماء المهجور، وقد لا تغرب أبدا.. وقد، لصفاءها وجمالها، تنعم بجو جميل على المهجور، تنسحب، أمام شمسه المتوهجة، كل ما قد يعكر صفو الحياة.. فتصير الذكرى عبارة عن فصل العشق اللامنتهي، كصباحات القطب الشمالي، يمتد نورها شهور وشهور دون أي غروب.. وتصير الذكرى، كأس العشق الأبدي السكر؛
2. قد تعصف تلك الذكريات، وأعني الأليم منها، وتحجب، بالغم كالغيم، كل جميل عن فكر المهجور.. فتصير الحياة فترة من الزمن، شتاء عاصف من أليم الدموع، وقلب يئن من حرِّ الحنين.. وتصير عتمة الليالي اللامنتهية تحجب كل جميل عن المهجور، ويصير إقصاء الروعة عنها مصير ونهاية كل شيء. بحيث يكون إلزاما عليها أن تلبس كلها ثوب الحداد إذا أرادت التسلل إلى خلجات المهجور. وتصير لغته يلازمها التنهد، كحارس زنزانة، يطبق حكم الحبس على كل زائر يحمل أي بشرى للمهجور.. بل وتمسي العين كسراب لكل لامعقول، تلبسها، كعفريت مارد، صورة الهاجر، وتترك كل ذكرى صرعى تتخبط في وهم: "ماذا لو لم يهجر..؟؟". وتبقى أسئلة المهجور، دون جدوى، عقيمة الإجابة. لأن ما كان قد كان.
#هنية_ناجيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟