ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 15:38
المحور:
الادب والفن
الفراشات تغفو أحياناً ..
" إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب "
هم قالوا لك هذا , وأنتَ صدقتهم !
أنتَ لم تصدقهم فحسب , بل تماديت في تصديقهم , فأصبح السكوت هو أبجديتك للمرحلة القادمة .
جميل هو الصمت , لكن الثرثرة أجمل .
هذا اعتراف منك , لست أدينك به , ولكني فقط أذكرك .
كنتَ ترفض أن أكفَّ عن ثرثرتي , وحين كان يطويني الملل , وينال مني الضجر , كنتَ ترجوني ألا أقتلك بصمتي !
في كل مرة كنتُ أخرج فيها من محراب صمتي كان صوتك هو من يحثني , ويدفعني , بل ويتوسلني ,
أن أعود إلى الثرثرة , وألا أبالي مهما كبر حجم صمتك .
صمتك اليوم أصبح كمحيط بارد أعوم فيه وحدي , تجمدت أوصالي , وتجمدت الحروف على شفتيِّ , صوتي لم يعد يقوى على همسات البوح , فكيف يدق طبول الثرثرة ؟
وأنتَ كما أنتَ , ما تزال ترفع يدك ملوحاً , أرجوكِ : لا تتوقفي عن ثرثرتك !
أنا الآن أرجوكَ , أنا تعبتُ من صمتك , تعبتُ من العوم في بحارك الباردة , تعبتُ من انتظار صدى صوتي كي يؤنسني في وحدتي , تعبتُ من استسلامك , تعبت من انحناءك أمام كل زوبعة , وتبعثرك جراء كل عاصفة !
الفراشات تتعب يا رفيق , الفراشات تحتاج أن تصمت أحياناً , تحتاج أن تصمت طويلاً .
الغناء لم يعد يناسبني , والثرثرة تزعجني , وأحاديث الصباح والمساء أصبحت تخنقني , وأعذارك التي لا تنتهي , تقتلني بدم بارد , فلا تأتِ بعد اليوم وتقول لي : يا فراشة عمري , أرجوك , لا تتوقفي عن الثرثرة !
فالفراشات يا عمري تغفو أحياناً , تغفو طويلاً , طويلاً .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟