أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - أمين الزقرني - الطب مهنة نبيلة..وكفى















المزيد.....

الطب مهنة نبيلة..وكفى


أمين الزقرني

الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 08:24
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


جميل أن يتم طرح مسألة القطاع الصحي في تونس بعد كل هذا الغياب. لقد عوّدنا التونسي على الإفتاء في كرة القدم في السابق، ثم بعد ظهور "الثورة" أصبح الجميع مختصا في الشأن السياسي. واليوم مع ظهور قانون إجبار الأطباء الشبان، أصبح الكل يدلي بدلوه في موضوع لا يمتلك تقريبا أي معرفة عنه على الإطلاق، وهو يكرّر فقط مجرد "قطع من المعلومات" صادرة عن وسائل الإعلام. وعلاوة على ذلك فإن اعتقاداته هي مختلطة ومتناقضة مع بعضها.
ولإنارة الرأي العام، باعتبار حيوية المسألة، فإنه من المهم نشر المعلومات والوقائع تفنيدا للمغالطات و كشفا للحقيقة.

بادئا ذي بدء، لابد من الإشارة أن مشروع القانون 38/2013 المطروح على المجلس التأسيسي لا يشير في أي نقطة من نقاطه إلى المناطق المهمّشة أو المناطق الداخلية أو أي شيء من شأنه تطوير قطاع الصحة للمواطن الذي يفتقر إلى خدمات صحية ذات جودة. مشروع القانون يتحدّث على مصادرة شهادة الاختصاص من طرف وزارة الصحة و إجبار الأطباء المتخرّجين على العمل 3 سنوات إضافية في الوظيفة العمومية. و من هنا كان رفض الأطباء الشبان لهذا القانون المخالف تماما لكل المعاهدات الدولية في مجال الشغل المانعة للإجبار في العمل. و على خلاف ما يعتقده البعض، فإن الأستاذ و المعلّم لا تتم مصادرة شهادته إلى أن يعمل 3 سنوات في المناطق الداخلية، بل يتم منحه شهادته ثم انتدابه في الوظيفة العمومية، ويبقى له حق الرفض و الاستقالة و العمل في القطاع الخاص، أي دون إجبار، على عكس قانون الأطباء. أما قطاع الشرطة والجيش، فهي مهنة يعلم المنتدب فيها مسبقا ما هو مقدم عليه، حيث أن أساسها هو الواجب الوطني، وليست إجبارا قبل تسليم الشهادة والانتصاب في القطاع الخاص.
لقد سعى الأطباء الشبان منذ ما يقارب السنة من خلال نقابتهم و بالتعاون مع عمادة الأطباء وعمداء كليات الطب إلى حوار وطني للإصلاح الجدي لقطاع الصحة في تونس، غير أن وزارة الصحة كانت تتجاهل الدعوات للحوار. ثم طفا هذا القانون على السطح في الآونة الأخيرة وأُعلن بشكل أحادي، بعد سنتين من الغياب، للمزايدة به بشكل مغلوط على أنه "لصالح المناطق الداخلية". و الحال أنه إجبار دون إصلاح. ولذلك كان الرفض من الأطباء.
ثم دعنا نطرح مغالطة أخرى يتم الترويج لها، القائلة بأن المستشفيات الجهوية تحتوي على ما يكفي من التجهيزات غير أن الأطباء يتكبّرون، و سيتكبّرون حتى لو توفّرت التجهيزات. طبعا فإنه من غير المعقول ولا الممكن الحكم على النوايا، لكن هل أن الطبيب الذي عالج الإنسان مهما كان انتماؤه، و فحصه فلامس دمه و برازه و بوله وكل مناطق جسده، سيستنكف عن الذهاب لفحصه وعلاجه لمجرّد تغيير الإطار المكاني؟ و بما أننا نتحدّث عن "الإطار" المكاني، فإن كل مواطن بسيط قد مر بمستشفياتنا يعلم أن التجهيزات والإطار الطبي وشبه الطبي واللوجيستي يشتكي من نقص حاد. يقول أحمد التركي وهو جراح مختص في جراحة الوجه و الفكين أنه، "يعمل في مستشفى جندوبة منذ 2011، و إلى اليوم لم يتحصّل على أي من المعدات الجراحية اللازمة من المستشفى، و قيمتها 15 ألف دينار، حتى مجرّد مقص!" كما تقول خولة يوسف، وهي طبيبة صحة عمومية في مستشفى القصرين، بأن "هناك 3 أطباء مختصين في الأشعة بدون سكانار، و طبيبة رئويات بدون منظار للقصبات الهوائية، و 3 أطباء قلب بدون قاعة قسطرة و لا آلة كشف بالصدى للقلب". أما في مستشفى سيدي بوزيد، فيقول طبيب داخلي متربص قد عمل هناك، "ماتت المريضة بين أيدينا في قسم النساء والتوليد لأنها كانت تنزف و لم يكن هناك مركز دم قريب يوفّر الصفائح و الدم في الإبان، و لا الدواء الذي يوقف النزيف." ويواصل، "يوجد 6 جراحين للعظام في مستشفى سيدي بوزيد، ومع ذلك فإن غرفة العمليات مغلقة منذ ما يقارب 6 أشهر لغياب المنضدة الخاصة بالعمليات، و هو نفس الشأن بالنسبة لأطباء المجاري البولية الثلاثة، جميعهم في حالة تجميد، مكتفون على مضض بالعيادة الخارجية وإرسال المرضى إلى المستشفيات الجامعية، دون أن يكون بإمكانهم تقديم خدمات صحية حقيقية في مقابل الرواتب التي يتسلّمونها."
إن الطبيب يتحمّل مسؤولية جزائية و مهنية و معنوية، وهو لا يستطيع أن يعرّض صحة وحياة المريض للخطر بالعمل بدون وسائل من تجهيزات وممرضين وعملة.
المغالطة الأخرى التي روّج لها البعض أن الأطباء هم غير وطنيين ويُضربون بشكل أناني حبا في المال و بحثا عن الراحة. و الحال أن هؤلاء الأطباء هم في الواقع متربّصون بصدد التعلّم و لا يتحمّلون مسؤولية تسيير المستشفيات التونسية، ومع ذلك فهم يؤمّنون العلاج والفحص والعمليات العاجلة بصفة مستمرّة، يصلون النهار بالليل، و يعملون لمدة تتجاوز 90 ساعة أسبوعيا، مقابل أجر لا يعادل حتى أجر عامل الحضيرة. ومن يتحمّل المسؤولية في هذا هي وزارة الصحة التي تتكل على المتربّصين لملئ الفراغات و لا تنتدب ما يكفي من الأطباء المتخرّجين لتأمين العلاج، و هي بذلك تضع صحة المريض في خطر. وقد ظهر هذا الخلل الفادح أثناء إضراب المتربصين.
ومن ناحية أخرى، فقد رفض المضربون اقتراح وزير الصحة المستقيل بإجبارهم على العمل لسنة واحدة بدل الثلاثة مع عرض مغريات مالية بمضاعفة الأجر ومنح النقل والسكن. و هذا الرفض يكشف أن المطالب ليست زيادات في الأجور أو مصالح شخصية ضيقة كما يسوّق البعض، بل العكس، تواصل الإضراب بهدف التعليق النهائي لقانون الإجبار و البحث بشكل جدي وناجع على حلول عادلة ولائقة للمريض التونسي أينما كان.
إن عمادة الأطباء بالإضافة إلى عمداء كليات الطب و نقابة الأطباء الداخليين والمقيمين تدعو إلى تكوين لجنة مشتركة مع الوزارة لبحث الحلول العاجلة وإحداث أقطاب جامعية جهوية بعد تكوينها ورسكلتها من طرف الأقسام الجامعية الحالية. وهذا يتطلّب جهدا مشتركا من الجميع، بالتمويل والانتداب وإعادة النظر في الكثير من القوانين المعطّلة.
ليس من الغريب أن يركب السياسيون على المشاكل لكسب التعاطف بالوعود المتبخرة، و من المؤكّد أن مشاكل قطاع الصحة كانت مركبا مناسبا للعديد من السياسيين الطامحين إلى التشبّث بمقاعدهم بالترويج لمغالطات مقصودة رغم كونهم على أبواب الخروج من مهامهم، ورغم أن مهامهم مؤقتة، ورغم تهرّبهم من الحوار طوال مهامهم المؤقتة.
والغريب في كل هذا أن يصف البعض الأطباء بأبشع النعوت رغم أنهم يعلمون حاجتهم الحياتية لخدمات الأطباء، ورغم أنهم في قرارة أنفسهم يتمنون لأبنائهم أن يصبحوا يوما ما أطباء.

الطب مهنة نبيلة.. و كفى.



#أمين_الزقرني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسلحة الدين (3)
- أسلحة الدين (2)
- أسلحة الدين (1)
- ما هو الدين؟
- أشكال الذنب السبعة


المزيد.....




- صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
- -حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن ...
- الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي ...
- كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح ...
- جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ ...
- -تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1 ...
- مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ ...
- مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
- أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - أمين الزقرني - الطب مهنة نبيلة..وكفى