علي عبد الكريم حسون
الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 18:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إضراب عمال شركة الزيوت النباتية في بغداد 1968 .... فعالية نقابية سياسية , دشنّ بها حزب البعث عودته الثانية للحكم فصلا داميا ضد الطبقة العاملة العراقية
=============
علي عبد الكريم حسون
بمناسبة الذكرى 80 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي
يشير د . كمال مظهر أحمد إلى منتصف القرن التاسع عشر كبداية لتكوين الطبقة العاملة العراقية .... وما أن حلّ القرن 20 بأحداثه الكبيرة وخاصة بنتائج الحرب العالمية الأولى , ووقوع العراق تحت حصة وإشراف وأنتداب بريطانيا العظمى , وتقدم الجيوش الأنكليزية عبر البصرة بإتجاه بغداد وصولا للموصل . حتى إزداد وزن الطبقة العاملة , عددا ونوعا في منشآت ميناء البصرة والمعقل , والسكك الحديدية والسدود , ومن ثم نشوء وميلاد حزبها الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 , والذي مهدّت الحلقات الماركسية الأولى في بغداد والبصرة والناصرية , منذ 1928 لبنائه .
منذ بداية الثلاثينات من القرن الماضي , وبالتحديد في 1931 , كان لعمال الكهرباء تمرينا نضاليا ’ في تبني مقاطعة الكهرباء إحتجاجا على أسعارها العالية , متبنين تخفيض أجورها . وما إضراب كاورباغي في كركوك عام 1946 , وأضرابات الموانيء في البصرة في الخمسينات , وبأشراف الشهيد سلام عادل , ألا شواهد على قدرة الشيوعيين بالتعبئة والتحشيد النقابي السياسي .
تشير موسوعة التشريعات العمالية في القطر العراقي / المجلد الأول , إلى أن شهر حزيران والنصف الأول من شهر تموز سنة 1968 , قد شهد أحد عشر إضرابا في شركات ومشاريع القطاع العام , وأهمها : شركة الصناعات العقارية ومصلحة الخياطة العامة والقطن الطبي وشركات فتاح باشا والسجاد والجوت والغزل والنسيج والأجهزة والمعدات الكهربائية والسيارات , ومعمل صنع علب السيكاير ومصلحة الغزل والنسيج الحكومية بالموصل . كذلك شهدت فترة عقد الستينات لوحدها 45 إضرابا في الموانيء والسكك والنفط والزيوت والكهرباء والمطابع والبناء والسكائر .
العودة الثانية للبعث في 17 – 30 تموز 1968
-------------------------------------------
عاد البعث بالقطار الأمريكي البريطاني , ومعه عادت الأساليب الفاشية , في التعامل مع الجماهير , وخاصة الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي . وكانت النقابات العمالية , التي حاولوا الأستيلاء على قياداتها وتغيير وتزوير نتائج الأنتخابات هدفا لهم . ولم يكن العمال بغافلين عن ذلك , فلم يكونوا على يقين بوعود البعث حول تحسين أوضاعهم , فتجربة التسعة أشهر من حكم البعث في 1963 , كانت كافية لترسيخ الوعي الثوري لديهم .
كان من نتائج الأنتخابات العمالية التي جرت في عهد عارف الثاني ( عبد الرحمن ) , أن فاز ممثل العمال فاضل جبار , وأصبح العامل الشيوعي عبد جاسم مسؤولا عن اللجنة الثقافية , وكذلك فاز حمودي عبد الجبوري .
شيء من التأريخ عن الشركة ... وأهمية الأضراب
------------------------------------------------
هي شركة متخصصة في صناعة الزيوت السائلة والدهون الصلبة والصوابين ومستحضرات التجميل ومساحيق التنظيف . ويعود تأريخ تأسيسها إلى العام 1940 , وكان إسمها ( شركة إستخراج الزيوت النباتية ) , وخلال أعوام 68 و1970 تمّ دمج 4 شركات معها , بحيث أصبح عدد عمالها ( 1200 ) . وكانت الشركة تضم قسمين إنتاجيين هما : مصنع الرافدين لصناعة المنظفات ومصنع الزيوت .
وعن أهمية الأضراب يمكن أن نشير لما يلي :
# أنه حدث في واحدة من أكبر المؤسسات الصناعية الأنتاجية المملوكة للقطاع العام , والتي تضم جمهرة كبيرة من العمال .
# أنه وقع بعد أقل من 3 أشهر من إنقلاب 17 – 30 تموز 1968 مما يمثّل تحديا لسلطة عودة البعث الفاشي الثانية .
# رعب الدولة التي حشدت فلولها من شرطة ومخابرات وأستخبارات وجيش , وأوكلت مهمة التصدي للأضراب إلى عضو قيادتهم القطرية ( صلاح عمر العلي ) , وأشرف من مكان قريب عليه المجرم ( صدام حسين ) , كما وأشرف على تنفيذ الهجوم ( فهد جواد الميرة ) آمر معسكر الرشيد .
# إستمرار الساحة العمالية بإنجاب القادة العماليين والنقابيين الميدانيين النشطين والفاعلين المتمرسين على قيادة النضالات العمالية , والمتخرجين من مدرسة الكادحين , مدرسة الحزب الشيوعي العراقي ... وكان للشخصيات العمالية المؤثرة في الشركة دورا كبيرا من أمثال : العامل الشيوعي ( عبد جاسم الساعدي ) والشهيد (جبار لفتة ) و( رحيم الشيخ علي ) عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الكردستاني حاليا .
شرارة الأضراب ومطالب العمال
--------------------------------
أندلعت الشرارة أثر رفض إدارة الشركة الأستمرار بتوزيع نسبة 5% من أرباح الشركة على العمال , وقد كانت توزع أما بشكل نقدي أو عيني . وكانت حجة البعثيين الذين عادوا للسلطة قبل شهرين فقط هي : أنهم سيقومون ببناء مساكن للعمال . وأمهل قادة العمال الحكومة عشرة أيام لتنفيذ مطالبهم التي قدموها لوزير العمل وبعكسه سيقومون بالأضراب . وأستمرت المفاوضات لغاية الثالث من تشرين الثاني 1968 , وفي اليوم الرابع من الشهرنفسه تمّ إعلان الأضراب ورفع شعار ( عمالنا بهذا البلد قوة حديدية ) و ( عمالنا متحدين موتوا يارجعية ) .
في الخامس من الشهر , إقتحمت قوات الجيش والشرطة الشركة وسط إطلاق للنار بشكل كثيف , مما أدى إلى إستشهاد القائد العمالي البارز ( جبار لفتة ) وجرح ثلاثة عمال . وكانت ( أسلحة ) المقاومين هي الألواح الخشبية والعصي والقناني الزجاجية وأسلاك الحديد , لتعطيل تقدم القوة المهاجمة عند الباب الرئيسي للشركة . وقد جرى أعتقال عدد كبير من العمال وتوقيفهم في مركز شرطة المسبح القريب من موقع الشركة , وكذلك في دائرة أمن بغداد . وكان منهم : ( غضبان أحمد / شاكر حليوت / هاشم حسن / حسين كاطع / كرم مشجل / علي عبود / محمد عبد / خاف محمد ) وغيرهم .
كما تمت مداهمة بيوت العمال وأعتقال الكثير منهم , وإتهام العامل عبد جاسم بقتل رفيقه العامل الشهيد جبار لفته , حيث واجهه فهد الميرة بقوله : (أنهم كانوا مصممين على أن يكون بأيديهم لابيد الشرطة ). ورغم الأعتقالات وقتل الشهيد جبار لفته , فقد أستمرت حركة العمال النضالية الذكية وبالتعاون مع عمال الشركات الأخرى , بأيصال الطعام وزيارة العمال في مراكز التوقيف والمعتقلات , وتنظيم المذكرات بأطلاق سراح المعتقلين .
نتائج الأضراب
---------------------
1 – إلغاء حكومة البعث الأنقلابية لقانون العمل .
2 – إلغاء حكومة البعث الأنقلابية لمادة حق العمال بالأضراب والتجمع والتظاهر .
3 – إستمرت سلطة البعث الفاشية بأساليبها , ففي العام 1987 , أصدرت قانون تحويل العمال لموظفين .
4 – محاربة السلطة لصحيفة التآخي الكردية التي نشرت حوادث الأضراب , فعطلتها وزارة الأعلام لمدو 15 يوما .
5 – رغم عدم تنفيذ مكالب العمال , ولكن إصرارهم وتحديهم أضاف صفحة مشرقة لنضالهم .
6 – وجود قائمتين يساريتين , أثرّ في تشتت الأصوات الأنتخابية للنقابة , وهما : قائمة نضال العمال للحزب الشيوعي العراقي , وقائمة كفاح العمال للجناح المنشق عن الحزب الشيوعي ( القيادة المركزية ) , مقابل قائمة البعثيين التي تحمل أسم ( القائمة العمالية الأشتراكية ) .
مصادر المقالة
-------------
1 – إضراب عمال شركة الزيوت في بغداد 1968 / أ . م . د . أميرة حسين محمود الكريمي
منشورة في العدد 99 من مجلة كلية الآداب .
2 – إضراب عمال شركة الزيوت النباتية / فهد ناصر / منشورة في موقع الحوار المتمدن في5 – 11 – 2003 .
3 – التنظيم النقابي والضغوط السياسية ... كيف وألى أين / فارس الشمري .
#علي_عبد_الكريم_حسون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟