|
فى المعنى والغاية والقيمة-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.
سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 4326 - 2014 / 1 / 5 - 17:58
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فى المعنى والغاية والقيمة –جزء ثان. نحو فهم للوجود والحياة والإنسان (6).
نحو فهم الوجود والحياة والإنسان يأتى الجزء الثانى من المعنى والقيمة والغاية لسبر أغوار تلك المفاهيم التى خرجت من مُنتجها البشرى لتستقل وتنفصل لتخلق تابوهات تُُسرب كل أوهامنا وتتشرنق فى داخلها كل خرافاتنا خالقة أصنام نشأت من رؤيتنا المغلوطة للوجود بالرغم أننا المنتجون الوحيدون حصراً للمعنى والقيمة والغاية . هى تأملات وخواطر قد تكون مبعثرة ولكنها لن تضل طريقها فى تأكيد مفهوم المعنى والقيمة والغاية كفعل إنسانى .
- ليس للقيمة والمعنى أى حقيقة موضوعية فهى تقييمنا وذوقنا وتعبير عن إسقاط لإنطباعاتنا وتصوراتنا للأشياء ليكون إختيار الإنسان لمعنى وقيمة ليس قرار ناتج من معرفة صارمة تفرض نفسها ,فالعلم لا يقدم قيّم أو إنطباع بل يقدم عالم مادى مجرد ,لذا فالقيمة والمعنى قرار كيفى إنطباعى مرتبط برؤية شخصية. الذهب مثلاً ليس له أى معنى أو قيمة إلا من خلال الإنسان الذى منحه قيمة تعتنى بخلق حالة من الفوقية والتمايز الطبقى وهكذا لن تجد فى الوجود أى مشهد وجودى يحتوى على معنى وقيمة فى ذاته وكينونته. فكرة الإله هى فكرة وضع فيها الإنسان معانى وغايات كثيرة لتصير فكرة بائسة عندما تفقد المعانى المصاحبة لها .
- لو تخيلت أن فيروس أطاح بالبشرية فقضى عليها تماما لتنجو أنت وتجد ذاتك وحيداً متفرداً فى الأرض ليصبح أمامك قناطير من الذهب ومليارات الدولارت ومئات القصور وكل ما على وجه الأرض أصبح فى حوزتك , فهل ستعنى هذه الأشياء أى معنى .. تأمل قليلا وتخيل هذا المشهد لتدرك أن القيمة والمعنى والغاية والملكية ليس لها أى معنى فهى وليدة رؤية إنسانية ذاتية يسقطها على الأشياء وتكتسب أهميتها من وجود الآخر .
- الإنسان بإعتباره كائن إجتماعى لا يتواجد إلا من خلال علاقات مع الطبيعة وبني جنسه لنجده يشارك في صناعة المعنى والقيمة والغاية إذ لا يمكنه الإنفصال عن محيط العلاقات الإجتماعية ,فالأنا ليست ذات مستقلة بل تتحقق من خلال علاقات مع أنا الغير سواء سلباً أو إيجاباً.
- نعطى للحياة قيمة من وجود الضد المتمثل فى الموت ولأن الحياة قصيرة فالندرة تخلق القيمة, فنحن لا نشعر بقيمة الهواء ولكن فى وقت ما كحالات الإختناق يكون للهواء قيمة عظيمة لا تضاهيها قيمة , نفس الفكرة بالنسبة للحياة فنحن نشعر بأهمية الحياة كلما شعرنا بالموت فمن الضد ندرك أهمية الضد الآخر , لذا لو لم يكن الموت لما كانت للحياة أي قيمة ولو لم تكن الحياة قصيرة لما أدركنا لها قيمة.
- لو تأملنا أى مشهد وجودى بدون ان نُسارع بخلق غاية سنجده مشهد يقدم صوره ديناميكية للحياة لا يعتنى بوجود الإنسان أى أن الموجودات لا تستهلك وجودها من أجل الانسان فلن يوجد مشهد وجودى واحد يُنتج وجوده من أجل أن يحظى عليه الإنسان بل نحن من نقف أمامه لنفترسه أو نتطفل عليه لنجعل منه غاية ومعنى .
- الإنسان كائن نفعى برجماتى يلهث وراء إشباع حاجاته وإيفاء رغباته ويمتلك فى الوقت نفسه رؤية نرجسية وغرور متعال متوهماً أن النباتات والحيوانات التى يستفيد منها ويتطفل عليها تواجدت خصيصاً من أجل وجوده فهى مُسخرة لخدمة وإشباع حاجياته الذاتية بينما الأشياء تتواجد بذاتها غير مُعتنية أن يكون مصيرها فم الإنسان , فما نراه مناسبا للتعاطى من خلال التجربة سنتعاطى معه ,ومن نجده ضار غير مفيد سننصرف عنه فالعلاقات تواجدت هكذا .
- لقد وُجدنا فى الوجود رغماً عن أنوفنا فأردنا هذا الوجود لننفق وجودنا فى البحث له عن معنى ولنتماهى فى المعنى والغاية التى أنتجناها لنبدد حياتنا فى غايات مُختلقة مُتعسفة وأصنام معانى متوهمة .
- وأنا احتسى قهوتى سقطت قطرة من القهوة على أرضية البلاط السيراميك لأدوس عليها بدون أن أفطن ثم ألحظها فى اليوم التالى فأجد قطرة القهوة الجافة ترتسم على شكل وجه فتاة يابانية ذات ملامح أسيوية بزى الشادو.. شئ غريب وطريف ولكنه يعطى إطلالة رائعة لفهم الحياة والوجود . الصور بالحياة بلا معنى فنحن من نعطيها المعنى من إنطباعاتنا ثم نخزن كل صورة بإنطباع كى يمكن أن نأرشفها فى الدماغ فنحن لسنا آلة تصوير تلتقط الصور وتكتفى بل ترفق مع كل صورة إنطباع حتى ولو كان بسيطاً أو غير مدرك بشكل واع . منظر الفتاة اليابانية على أرضية البلاط السيراميك كان يمكن ألا يكون بلا أى معنى لو أننى لا أحمل فى ذهنى صور سابقة لملامح الفتيات اليابانيات وقد لا يرى البعض نفس إنطباعى الذى فكرت فيه إما لعدم التدقيق أو إختلاف زاوية رؤيته عن رؤيتى او لا يوجد فى ذهنه صور سابقة لملامح فتاة يابانية . اشير لزوجتى إلى ملامح الفتاة اليابانية المتشكلة من قطرة القهوة الجافة واشير لها بخطوطها فهكذا تنتقل الأفكار بتصورات وانطباعات وإحساس نحاول أن نرسله للآخرين بالتعاطى مع خطوطه . قطرة القهوة التى تشكلت فى عشوائيتها لتعطينى ملامح فتاة يابانية تعطى فهم أن الصور فى الحياة غير متعمدة وعشوائية بل نحن من نشفر الصور ونسقط عليها إنطباعاتنا .
- أمتلك قدرات جيدة فى فن الرسم أتاحت لى ممارسة شئ طريف وهى القدرة على رسم لوحة منشأها شخبطة ليس لها معنى فقد كنت أسمح لأحد من رفاقى أن يخربش على صفحة بيضاء أى شخبطة إرتجالية ثم أقوم بتكوين رسم على هذه الشخبطة بأن اضيف إليها من خيالى غير لاغى لأى خط من شخبطة زميلى لأعطى فى النهاية رسم له معنى لا تظهر فيه الشخبطة فقد ذابت فى العمل الفنى وأصبحت جزء منه . هذا المثال له معنى كبير فى فهم الوجود فالوجود شخبطة بلا معنى تكون وظيفة عقولنا هى إدماج شخبطات لإيجاد معنى لها , فالشخبطة الأولى حاضرة مثل رسم زميلى ليست بذات معنى لندمج شخابيط أخرى لتكون مشهد نعطى له معنى . فلتنظر لأى مشهد وجودى فى مفردته الصغيرة فلن تجد له معنى لتكون علاقتنا بالوجود هو محاولة إيجاد معانى لشخابيط وجودية مركبة يتهور البعض فيجعل لشخبطته غاية .
- الحياة كالألوان نمارس إسقاط مجموعة مختلفة من الألوان على ورقة بيضاء ولكن هل هناك معنى لأى لون .. لا يوجد أى معنى لأى لون إلا ما نسقطه عليه نحن بإحساسنا ولا يوجد معنى للون بدون وجود ألوان أخرى فنحن لن ندرك اللون إلا بوجود ألوان أخرى ليتكون الإحساس والإنطباع . أن تلون لأنك تسعد بمداعبة احاسيسك وكفى ,فهذه هى الحياة ان تمارس مزج ألوان مع بعضها فتسعد بهذا المزج دون أن يكون لأى لون فيها معنى .. نحن من نمارس خلق معنى من مجموعة الألوان حتى يمكن قبول الحياة والعيش فيها ولكن تذكر انك من وضعت المعنى على الألوان.
- الفنان لا يرى الأشياء كما هى بل يضع إحساسه وإنطباعه على كل خط ولون ..لذا نستطيع أن نفهم الحياة من خلال الفنان , ففى داخل كل منا رؤية فنان بلا إستثناء ولكن المهارات نسبية بالطبع .. فنحن نسقط إنطباعاتنا وأحاسيسنا على الأشياء لتعطى معنى ورؤية فلا نعرف العيش فى الحياة كعدسة كاميرا . ولكن مهلاً فالإنطباع والإحساس لا يعطى للأشياء كينونة مستقلة فى ذاتها .. قد يقول قائل أننا نتفق كثيراً على تقييم الأشياء وهذا صحيح لأننا بشر متشابهون فى تجاربنا وتكويننا البيولوجى وجيناتنا وقدرتنا على تصدير مدراكنا وإستقبالها .
- لا تتطابق رؤية الأشياء فى داخلنا فلا يوجد إنسان يرى المشهد كما يراه غيره فالرؤية هنا تمتزج بإنطباع وإحساس وموقف وظرف زمكانى لتتباين بالضرورة من إنسان لآخر لذا يستحيل أن تتطابق رؤيتان ومن هنا نقول أن لنا رؤية ووجهة نظر ويمكن تلمس هذا فى الرسام الذى يرسم موديل لتجد رسمه يختلف عن زملاءه بالرغم أن الموديل واحدة بل لو رسم هو هذا الموديل عدة مرات فستتابين فى كل مرة .!
- سر تواجد الخرافة أن الإنسان لا يرى الأشياء كما هى بل كما يريدها .. قد يكون من جماليات العقل البشرى أنه ليس صارماً فهو يشكل الصور كما يريد ان يشاهدها خالقاً معانى وإنطباعات من ذاته ولعل هذا شئ جميل ولكن الإشكالية تأتى عندما يتصور أن عمليات ترتيب الصور ولصقها هى حقيقة متغافلاً أنه المنتج الوحيد لتلك الفكرة والتصور.
- الطبيعة ليس لها معنى ولا غاية فهى غير واعية ولا مُدركة ولا مُرتبة ولا مُنظمة بل تلقى بصورها بعشوائية .. المعنى مفهوم وعي إنسان جاء فى خضم منظومة ثقافية وبالتالي هي معنى ذاتها. المعنى الذي يبحث عنه الإنسان هو المعنى الذي يتوافق وينسجم مع متطلبات حدوده المعرفية وإحتياجاته وتساؤلاته الإنسانية. فالطبيعة ليست لديها تساؤلات وبالتالي هى لا تفرز معاني .
- المعنى هو ما يسقطه الإنسان على الأشياء ليخفى كل معنى وراءه غاية لذا تصبح خطورة الثقافة المتمثلة فى الأساطير والخرافات أنها تعبر عن مجموعة معانى وإنطباعات وغايات إنسان قديم لتسقطها على واقع مغاير له معانيه وغاياته الخاصة لتفرض المعانى والغايات القديمة نفسها على الواقع لتشله وتجمده وتصيبه بالإرتباك .
-الخير والشر حزمة من المعانى والتقييمات أبدعها الإنسان وأعطى لها معنى فلا يوجد شئ اسمه خير أو شر فى ذاته بل تقييمات بشرية لمجموعة من السلوكيات وفق ما تجلبه من منافع و مضار متلحفة بمصالح ورؤى النخب ليتصور البلهاء أن الخير والشر أشياء خارجة عن إبداع الإنسان ولتزداد بلاهتهم عندما يتصورون أن لها وجود حاضر مستقل .
- أخلاق الإنسان وسلوكه ونظرته للوجود تكمن فى انحيازه لتناقض على حساب تناقض ,فالحياة والوجود لا يتواجدا إلا بوجود الضدين لنجد أنفسنا قد إخترنا الإنحياز لضد وإعتبرناه مثاليا ليكون الضد الآخر قبيحا – أى هو تقييمنا واختيارنا نحن لأحد الضدين كالجمال والقبح , الخير والشر ,فهى ليست بناموس ساقط من السماء أو خارج من جوف الارض بل تقييمنا الذى غفونا عن كونه إنتاجنا لنمنحه لكيانات وهمية .
- لا يوجد شئ اسمه مقدس بل نحن من نمنح الأشياء درجة من الإحترام والتوقير نطلق عليه مقدس فلا يوجد شئ اسمه مكان وكتاب مقدس وأرض مقدسة كطبيعة خاصة متميزة , فالقداسة معنى وليس وجود ليسقطه الإنسان على الأشياء والدليل ان ما أراه مقدساً لا يراه غيرى كذلك بل قد يعتبره قميئاً.
- الحياة مثل السيجارة عندما تشتعل تنتج دخان ما يلبث ان يتبدد فى الهواء فلا يبقى له وجود . نختلف عن بعض فى شكل الدخان فهناك من يُشكل دوائر انسيابية نراها رائعة ولكن فى النهاية الكل دخان يتبدد. كل قضيتنا فى الحياة أن نجعل لدخان السيجارة معنى قبل أن يتبدد لنمجد من يصنعون دوائر جميلة من الدخان وليتمايز البعض بأنهم يتفنون فى حرق الدخان ولكن كل الدخان سيتبدد فى الهواء لنجد مدخنين يتوهمون أن بالإمكان أن يشعلون سجائرهم مرة ثانية بعد ان تحولت لرماد .
- نجد متعتنا أن نشاكس الحياة لنطير طائرات ورقية فى السماء , والسماء لا تحتفى بطائراتنا الورقية فتتمزق ,فأين يقع الخلل هل فى السماء أم فى طائرتنا الورقية أم فى الوهم بأن طائرتنا الورقية ذات معنى وغاية .
- هناك مقولة شعبية عبقرية تتردد على ألسنة المصريين تقول " إنت بتشتغل نفسك" أى تشاكس نفسك أى تخلق قضية من لا قضية لتعتنى بها وتثيرها .. هذا بالفعل حال الإنسان مع الحياة والوجود فهو يشتغل نفسه ليخلق من قضايا ليست ذات معنى ليجعل منها معنى وغاية ليحس بوجوده وبمعنى الحياة من خلالها .
- مشكلتنا مع الوجود هو وعينا المفارق للطبيعة لننتج مفاهيم مغلوطة بإسقاط الأنا بتصور أن المسرح جاء من أجلنا ,فالشمس يؤذن لها من أجلنا وهناك من يسمح بصنابير الأمطار وهناك من ينبت الزرع ويخلق الحيوان من اجل مائدة طعامنا .. هناك من يقسم الرزق ويعتنى بحجز مكان لنا فى منتجع سياحى خمسة نجوم أملاً فى الخلود والمتعة .. بل هناك من يوفقنا فى ركل الكرة .!!
- فهمنا المغلوط للوجود أننا نعتقد أن الأشياء ذات معنى وغاية سواء فى داخلها أو هناك من يبث فيها المعنى والغاية .. نضع علامة إستفهام "لماذا" على الأشياء ونطلب غايتها بينما الأشياء وجودها فى ذاتها بلا غاية ولا هدف - نحن من نسقط الغاية والمبرر والهدف على الأشياء . الإنسان عبر تاريخه إمتن لآلهته التي تجعل النهر يفيض والشمس تشرق، فهو أسقط حضوره الواعى المشخصن على الكون ليعتقد أن هناك من يشغل ماكينة الكون لصالحه . - الغاية من المفاهيم الخطيرة التى اختلقها الإنسان ثم نسى أنه من خلقها فلا وجود يحتوى على غاية فى ذاته بل نحن من نمنح الغاية لنتوهم أن الاشياء ذات غاية , فالشجرة تقدم لنا الغذاء فتصبح ذات معنى وقيمة ثم نتوهم وجود كيان ذو غاية أوجدها لهذه الجدوى .. الشجرة متواجدة قبل حضور الإنسان بملايين السنين تطرح ثمارها ولا تنتظر الإنسان ان يأكل منها بل هو عندما تواجد تطفل عليها تحت حاجتة ليستحسن طعامها فتوهم أنها تواجدت خصيصاً من أجله ولم يلحظ ان هناك أشجار لا يستطعمها ولا يتحمل إنتاجها .
- الإنسان بوعيه فارق الطبيعة ليتصادم مع وجود مادى ليصبح راصداً لهذا الوجود مدركاً فى أعماقه أن الوجود بلا معنى ولا غاية لذا خلق بشكل عفوى غايات ومعانى لتجعل للوجود معنى وهذا شئ جيد يهدف إلى خلق حالة توازن نفسى مع وجود غير معتنى , فالقلق والتوتر والعبثية والعدمية مصير من لم يطفى غاية ومعنى للوجود المادى ,ولكن الإشكالية تكمن فى التعاطى مع المعنى و الغاية بشكل صنمى وتصورها بحالة منفصلة عن الذات مما يضع الغاية والمعنى فى حالة إستاتيكية إستقلالية لينبطح الفكر البشرى أمام صنم معنى وغاية إبتدعها وليتوقف عن إبداع غايات ومعانى جديدة ويرسى قواعد التزمت .
- نمتلك غرور غريب عندما نتوهم أن الوجود جاء من أجلنا .. بينما تأمل بسيط للحياة المتدفقة لعالم ما تحت البحار التى تواجدت من مئات الملايين من السنين بدون إنسان كعالم مستقل بذاته ينتج الحياة لذاته فيكون حضورنا هو تطفل على وجودها لنمتلك بجوار هذا التطفل غرور غبى يتوهم أن عالم البحار تواجد خصيصا لتطفلنا ونجد للأسف من يتصورون أن سمكة التونة التى تعيش فى بحر الصين تواجدت ليكون نهاية مشوارها على مائدة طعامنا.!! الوجود لا يعتنى ولا يحتفى ولا يحتفل بوجودنا والطبيعة لن تحاسبنا ولن تلعنا على هذا الغرور ولكن الفكرة المغرورة ستصيب صاحبها وتخدعه ليعيش وفق أوهامه .
- طفولية الإنسان جعلته يخلق عالم أخر ليس حباً فى البقاء فحسب ولكن ليجعل لحياته مغزى وهدف ..صعب أن تدرك أنك ريشة فى الهواء مالم تكن قادر على إستيعاب ذلك وتحمله .
- إفترض الإنسان لذاته قيمة خيالية وهمية وصدق هذا الإفتراض فأخذ يسعى لتحقيق ما افترض وجوده بينما قيمته الحقيقية لا تزيد عن قيمة أى كيان بيولوجى ينمو ويموت ولكن امتلاكه للوعى جعله يرصد نموه وحركته وتلك ميزته الرائعة أو معضلته.
- إحساس الإنسان بمحوريته نتاج شعور نرجسى يغذي إحساسه بالتمايز والتفرد كسبيل لكسر الإحساس بالعدمية والتهمييش الوجودى فما معنى دوائر الألم والراحة إذا كانت ستتبدد فى النهاية على صخرة الموت , ما قيمة حياته اللاهثة وراء الإشباع إذا كانت ستهرم وتنتهى بالموت , فالموت هو الصدمة الوجودية الكبرى التى لم يعرف كيف يتجاوزها إلا بخلق فكرة إله يعبر بها حاجز الموت لتتبلور فى الداخل الإنسانى فكرة محورية الوجود من خلال تلك الفكرة التى إبتدعها ليتحدى به الطبيعة والإنتهاء .. يمكن إعتبار فكرة الإله هى العمق الإنسانى المتوارى أى الإنسان الإله الذى أراد إعلان سيادته على الوجود ولكن يقف ضعفه كحائل دون الإعلان عن ذلك , فتستر وراء صورة الإله كمحقق لرغباته الدفينة فى حلم السيادة والهيمنة على طبيعة قاسية غير مكترثة .
- كل الصراع الحياتى من أجل إشباع حاجات الجسد ولكن الإنسان ليس حيوان للإشباع فقط وإن بدا هذا من سلوك البشر على مر الزمان ليبقى عقل يندفع يراقب يحس يسأل عن معنى الوجود وعن تلك الصور التى تمر أمامه ليخلق وجود خالق للجدوى ذو طبيعة إنسانية شخصانية ينسحق أمامه كبديل للطبيعة الجامدة .
- مع إدراك وعينا للزمن ووجود لحظة قادمة تحمل معها المجهول والتوجس تبادر لذهننا سؤال "ماذا بعد" ولكننا نحاول ان نهمل التفكير فى "ماذا بعد" لأنه قد يصيبنا بالقلق والحيرة والعدمية واللامعنى .. "فماذا بعد" هذا المشوار من الحياة الحافلة بالألم واللذة .. ماذا بعد هذا السيناريو الممل من الجوع و الإشباع فى مسلسل متكرر ينتهى بالموت. أبدعنا فكرة الخلود والجنه والجحيم خصيصاً لنعطى جواب ومعنى لماذا بعد ولكن تبقى "ماذا بعد" تتحدانا فماذا بعد مليارات السنين من التمتع بالطعام والخمور والتمرغ فى نهود الحوريات وتجرع مليارات الكؤوس من الزقوم ..فماذا بعد؟! يتلاشى سؤال "ماذا بعد" عندما ندرك أننا وحدة وجودية كأى وحدة فى الوجود تحيا وتموت لنختلف عنها فقط فى أننا أدركنا الزمن ليطوف على وعينا سؤال " ماذا بعد".
- فكرة الجدوى جديرة أن نتأملها ونكشف أغوارها لنجد أن كل الوجود بلا جدوى فلا يوجد جدوى لأى وجود حتى الإنسان أو فكرة الإله ولكننا نخلق الجدوى حتى يكون لوجودنا معنى فلقد وجدنا رغماً عنا ولم نجد غير هذا الوجود فأحببنا الوجود ولكننا إستصعبنا مشاهده فمارسنا عمليات ذهنية لتفسر الوجود وفق ما يسقطه علينا من لذة وألم .
- تماهى الإنسان فى خلق المعنى والغاية ثم إنسلخ عنها ليؤسس فكرة ان وجوده ذات غاية ونظام صارم لتصل الأمور إلى أن المشاهد العشوائية أصبح وراءها صاحب غاية فهناك من يلقى بحجر من أعلى جبل على رؤوسنا أو يرمى بقشرة موز لننزلق عليها ,, مشكلة الإنسان منذ البدء انه رفض وجود العالم بلا غاية وإستصعب وجود غير معتنى ولا منظم فخلق من يرتب ويلقى بقشرة الموز .
- فكرة الإله هى رغبة إنسانية لإنتشال الحياة من عبثيتها بمنح معنى لوجود بلا معنى وبقدر انها أوحت انها أوجدت الحل إلا انها وضعت فكرة الإله فى قفص العبثية بديلا عن الإنسان . كل الفلسفات والأفكار والأديان جاءت لتطفى معنى وحماس للحياة بخلق قضية تحرر الوجود من عدميته ليكون الخلاف بين من يؤمنون بوجود إله ومن لا يؤمنون هى رؤية كل فريق لكيفية التعاطى مع الحياة فهناك من لا يستطيع التخلص من غموضها وقسوتها بدون أن يعتمد على وجود صندوق أسود , وهناك من يرى أننا قادرين على خلق معانى متحررة نعيش بها الحياة .
- فكرة الإله هى التعاطى مع الوجود كما نريد وليس كواقع وجود.
- إذا كانت فكرة الله لا تفى معنى وقيمة فهنا يصبح وجوده أو عدم وجوده ليس بذات أهمية ولكن إذا إعتبرت وجوده ذو معنى فيلزم أن تفكر هل الحاجة والمعنى هى لهذه الفكرة أم يمكن تحقيقها من فكرة أخرى أى إدراك حقيقى بأن فكرة الإله هى بالفعل من تقدم لك المعنى والحاجة .
- هل من الممكن أن يكون من أسباب خلقنا لفكرة الإله الإستمتاع فى التعامل مع الغموض لنتعارك مع طواحين الهواء فنحس بأهمية وجودنا من غبار معارك وهمية .!!
- هناك رؤية تحايلية طريفة فعندما نرى وظيفة عضو فى الجسد ونجدها رائعة نسارع بالقول أن هناك قصد وحكمة وتصميم رائع لتقفز فكرة الله ولا تعرف لماذا قفزت هذه الفكرة وما علاقتها بإعجابنا بهذه الوظيفة فلم يكن هناك من حضر عملية الإعداد والتجهيز سواء أكانت من إله أو مخاض تطور طويل معقد ولكننا غفلنا شئ مهم فى خضم هذا المشهد الذى قفزنا عليه فقولنا أن هذا الشئ رائع هو تقييمنا نحن . أى ما نراه رائع وحكيم كتقييم إنسانى إنفعالى بعد تواجده أى بعد بحثنا له عن معنى .. الغاية والمعنى تقييمات بشرية لما هو موجود ,فالأشياء تتواجد بدون معنى لها ولكننا لا نستطيع عيش الحياة بدون إيجاد معنى لها .
- لا يكون رفض المؤمنين لنظرية التطور لداروين كونها تنسف فكرة الخلق المستقل فحسب بل هذا الرفض هو ما يظهر على السطح ليبقى فى العمق رفض إسقاط محورية ومركزية الإنسان .. هى معاندة رافضة لقبول أن الإنسان وحدة وجودية شأنه شأن أى وحدة وجودية أخرى غير متميزة ولا متفردة .. هو رفض الإمتنان لوجود مادى غير واعى , كذلك رفض الإحساس بالإهمال والتهمييش فلا تعظيم لترتيب حضور الإنسان الميمون.
- الأديان جاءت لتعزف بمهارة على فكرة محورية ومركزية الإنسان فى كل مشاهدها لتحظى بالقبول والتقدير فهى تكرس الغرور والذاتية الإنسانية بالشعور بالتمايز والفوقية فهناك إعتناء خاص ومميز بالإنسان كوريث وحيد للحياة لتخلق قيمة ومعنى للوجود الإنسانى , ليأتى العلم ليسقط هذه الرؤية ويفضح اللاتفرد واللامحورية واللامعنى ويدق المسمار الأخير فى نعش الغرور الإنسانى.
- تتعقد الغايات فى الإنسان فلا تكتفى بإشباع الجسد ليظهر اهمية الإشباع النفسى والروحى أو قل أن الإشباع الجسدى يتمحور ويمتزج فى حاجة نفسية روحية . فلتبحث عن غايات الإنسان الداخلية فيمكنك حينئذ ان تفهمه بكل دقة ولكن إعلم أن غاياته الداخلية لا تنفصم عن حاجات وأمان الجسد .
- لا وجود لحياة خارج المعنى والقيمة التي نضيفهما علي الاشياء ، والمعنى والقيمة إما أن نُنتجهما بوعى أو لا وعى بأننا مٌنتجيه أو نعيش ضحية لمعاني وتصنيفات وتقييمات تأتي من البيئة الخارجية الحاضنه تُفرض علينا فنعيش أسرى أفكار ومعانى الآخرين لنقولها تهذبا ثقافة .
- إشكالية فهمنا للوجود هو أننا نبحث عن غاية له لننتج أفكار ومعتقدات وخرافات فى ظل هذه المنهجية الباحثة عن غاية لنجعل غايتنا فى الحياة والبقاء صنم نعبده ينفصل عن ذواتنا حتى لا يذكرنا بأن الوجود بلا غاية .
- مع ظهور العلم فقد الإنسان مركزيته، فلم يعد كما تصوره الأديان مركز العالم وغاية وجوده، فلم تعد الأرض مركزاً للكون، ولم يعد الإنسان سيد المخلوقات فجنسه هو فرع صغير من شجرة الحياة الهائلة كما أثبت دارون أن الإنسان كائن متطور من كائنات أقل تعقيدا فأقل حتى نصل إلي الخلية الحية البدئية و التي يحاول العلماء تفسير نشأتها. المادة لا تتحرك لغاية أو لحاجة أو لخطة مسبقة أو لتصميم معد كى تمارس وجودها فما نراه هو سيرورات عمياء تخضع لقانونها الخاص , ليفيق بعض البشر من وهم المحورية والمركزية ويظل بشر يجترون من أوهامهم .
-إذا كان العلم هو وسيلتنا الوحيدة لفهم الوجود , فالعلم يصف الطبيعة ولا يعطى معنى ولا غاية .. العلم غير معنى بسؤال لماذا المبنى على الغاية فهو لن يقدم هنا إجابة لأن المادة غير واعية وليست لديها خطة تريد تقديمها . العلم يتناول الوجود كما هو ولا يعتنى بسؤال " لماذا" الباحثة عن الغاية فهو يستطيع أن يفسر "لماذا" من خلال العلاقات المادية لنقرأ نحن الوجود بطريقة خاطئة بإسقاط غاية ومعنى. تقدم الإنسان مرهون بقراءة المادة ووصفها وتحليلها والتعامل معها وفقا لحالتها بدون اضافة أشياء ليست منها .. نحن نقول بأن الحجر يسقط على الأرض بسبب الجاذبية فهو رصدنا للمشهد ولكن لا يصح القول لماذا الجاذبية تشد الأشياء للأرض فهنا نحن امام كينونة مادة ليس لديها غايات .
- الغاية والمعنى نتاج أحاسيسنا ومشاعرنا وإنطباعاتنا العاطفية ونوازعنا الداخلية التى نسقطها على الوجود المادى لنتصوره كما نريد لنخلق فى داخلنا إرتياحية خاصة ومعنى وقيمة لوجود مادى صارم غير مُعتنى وبلا مَعنى .
- لا يكون وجودنا إلا إرادة الإندفاع نحو الحياة .. إرادة ليست بالضرورة واعية بإندفاعها فهى لا تحتاج لتخطيط أو إلهام ولكن عند اندفاعنا نحو الحياة لن نتوانى أن نجعل لكل شئ معنى والذى بلا معنى سنهبه المعنى .. عقولنا ليست أدوات ترتب وتنظم وتبدع أفكار محلقة فى الفراغ بل تتحرك بإرادة الحياة سواء أدركناها شعوريا أو لا شعوريا.
- لا نعرف قيمة الأشياء إلا عندما نفقدها فنحس بأن وجودها ذي معنى وقيمة وبما أننا لا نعرف العيش بدون معنى لذا من الممكن أن نمارس لعبة طريفة تشبه الإستغماية بأن نفقد الأشياء بشكل واعى أو غير واعى فى الأغلب ليكون النضال من أجل الحصول عليها ذو معنى وإثارة .. يمكن إعتبار مشاعر الهجر بين الأحبة فى هذا الإطار .
- الإنسان هو الذى يسقط المعنى فكلمات اللغة ذاتها لا تحتوى على معنى فى حروفها لنسقط نحن عليها معنى وإنطباع لنُعرفها أى نتفق على معنى وإنطباع نربطه بكل كلمة , فالشجرة والقلم والأسد كلمات سندركها أول ما يتبادر فى ذهننا او عند الإشارة لها لنعى ما المقصود بها نظرا لوجود إسقاطات ذات معنى وإنطباع مُخزن فى أرشيف أدمغتنا. مهد أى كلمة كان إطلاق إنسان قديم لذبذبات صوتية عشوائية على الأشياء مرفقاً معها إحساس وإنفعال .. هكذا كل وجودنا إتفاق على أشياء لنضع معانى وإنطباعات لها بينما الشئ ذاته متحرر من المعنى .
- الإنسان يدرك حقيقة ضآلة قيمته من إحساسه بالتضاؤل أمام الوجود ورغماً عن ذلك فهو يريد نفى هذه الحقيقة ليخلق معركة جانبية يكون همه منصباً على الإعتراف بقيمته الافتراضية ولعجزه عن مواجهة الوجود المادى يتجه لما يقدر عليه فلا يجد إلا أخيه الإنسان ليحققها على حسابه ومن هنا نشأت الصراعات الإنسانية منذ البدء وحتى الآن ,فقيمة الإنسان لا تتحقق إلا على حساب إنسان مثله وتعادل الطرفين في القيمة هو بمثابة نفى لقيمة الاثنين معاً، لأن قيمة أى منهما تتحقق بحسم الصراع لصالحه ليحتكمان إلى القوة المادية، ومن هنا نشأ التطاحن والعداوات فى إطار من المصالح .
- يرى الإنسان أن القمر و النجوم والشمس وعسل النحل والأنهار وغيرها موجودات وجدت لأجله ومنفعته في حين أنه هو الذي نشأ وتطور ليتكيف مع محيطه ، فكل هذه الموجودات وجدت قبله وستوجد بعده.
- النمل يخزن طعامه للشتاء من منتصف الصيف وعندما يتحرك ينحرف عندما تضع اصبعك فى طريقه ليقصد مسار آخر ليرى هذا السلوك من أصحاب المعانى المُسبحة المُحولقة أنه من اجل تعليمنا الحكمة فى التخطيط المستقبلى وإيجاد طرق بديلة عند المصاعب . هكذا وصلت النرجسيه المحورية بتوهم بأن هناك دروس من السماء لكى يتعلم ولم يفكر فى سؤال لمن كان النمل يقدم دروسه قبل وجود الإنسان عندما كان يخزن طعامه وينحرف امام حجر منذ ملايين السنين .
- تتغذى الزهور والنباتات على مواد عضوية متحللة من أجسادنا وأجساد حيوانات وديدان وحشرات لنتصور أنها تمنحنا الغذاء والدواء الرائحة الطيبة... أجسادنا بعد موتها وتغفنها وتحللها ليس له أى معنى غير انها تمنح الحياة لتربة ونبات و دودة أو تساهم فى نفط سيارة .. نحن نأتى من الطبيعة وإليها نعود لنساهم فى دورة حياة وجودية أخرى , فالبعث هو بعث الحياة فى وحدات وجودية أخرى سواء نبات او حيوان أو إنسان والمجد لتلك الطبيعة التى تمنع تفرد أحد بها .
- الكيانات الحية تمارس وجودها دون أن تنتظر اللحظة التى يستفيد منها الإنسان فهى تنمو وتتكاثر وتتصارع من أجل الحياة وكون تصادف وجودنا مع وجودها لنتطفل على وجودها فهذا لا يعنى انها تواجدت من أجلنا . المطر والبركان والرياح منتجات طبيعية خضعت لظرفها الموضوعى المادى غير معنية بوجود الإنسان , فالسماء تمطر لأن هناك ظرف مادى أنتج المطر فكونك تستفيد من المطر أو تضار منه فهى غير معنية بذلك .. هناك رياح وأعاصير تهب فإما تقتلع بيتك أو زرعك أو تستخدمها لتوليد طاقة فليس هناك خطة وراء ذلك فهى رياح تهب وكونك تضار أو تستفيد منها فلكونك تواجدت أمامها فعانيت من فعلها أو عرفت كيف تروضها . الأمطار والرياح تواجدت قبل ظهور الإنسان على وجه الأرض بل قبل وجود الخلية الحية الأولى فهى تواجدت ومارست فعلها الوجودى بدون خطة مسبقة وليس لصالح أحد الماء تواجد قبل بناء الخلية الأولى ولكنه مساهم بقوة فى نشوءها ولكن الماء غير معنى بنشوء خلية فعندما توافر الماء ومواد طبيعية تكونت الخلية .
- تتغذي الكائنات الحية علي ضوء الشمس والماء ثم تفترسها كائنات أخري في دورات مستمرة لتساهم القوي الفيزيائية فى تدمير وتحليل الجميع . فأين المعنى ؟- كذلك يعيش الإنسان متغذياً علي النباتات والحيوانات والماء وضوء الشمس ثم يموت ليلاقي مصير كل شيء ويذوب مساهماً فى وحدة وجودية أخرى فأين المعنى والقيمة والغاية .
- ما معنى أن أرزاق وحياة كل الكائنات لا تستقيم إلا بنزع حياة كائن آخر فالكل يفترس الكل فالحيوانات تعيش على افتراس حيوانات اخرى ونزع حياتها وبعض الحيوانات تعيش على نزع حياة النباتات والإنسان يعيش على نزع حياة الحيوان والنبات . عندما نقترب من وجود حكمة مرتبة ذات معنى فسنجنى كل العبث من هذه الدورات المستمرة العبثية من الإفتراس والتطفل .ولكن هكذا هى الحياة .
- خطورة وعينا المغلوط للوجود والحياة أننا ننتج إجابات خاطئة عن الوجود لنتصور ونتوهم ان الأشياء تتم وفق عناية وترتيب مسبق بينما هو حظنا من المشهد الوجودى .. نتصور أن الأمور ذات شكل قدرى فيصعب حينها أن نحلق خارج مفهومها أو بمعنى أدق مفهومنا المتصور .. نرى الأشياء ذات غاية ومعنى وننسى تماما أننا من منحنا الأشياء الإسم والتعبير والغاية والمعنى .
- عدمية الحياة هى فقدان قضية إهتمام لتصبح الحياة عبثية بدون قضية تثير القلق والتوتر والامل - نحن نخلق القضية ونطلب بلا وعى ما تثيره من قلق وغموض حتى نجعل لحياتنا معنى فى وجود ليس له معنى .. ليكون سعينا للإنطواء تحت قضية كالدفاع عن الحريات والديمقراطية والبروليتاريا وحق المرأة ونصرة دين هى رغبة عميقة فى خلق قضية تجعل لوجودنا معنى وغاية .
- فى رؤيتى أن الإنسان الأرقى الأقوى الذي دعا إليه نيتشه ليست رؤية عنصرية كما فهمها البعض بل هو الإنسان الذي ينتج المعنى والقيمة ليس من إرادة الخضوع والضعف والتخاذل والمسكنه وليس من موقع إرادة الهيمنة والسطوة ، بل من موقع القوى الذاتية المتحررة القوية الشجاعة أي صياغة للمعنى والغاية فى دعم الحياة لجعلها أكثر قبولا بروح الشجاعة والقوة.
- يجب ان نتعاطي مع الحياة بعمق وشجاعة بدلا من العيش بهذا الحزن والضعف والتدنى التى أدت إلى إنكار واقع الأمور مجترة قصص ما بعد الموت وكأنها تعزية للضعف الإنسانى . تلك القصة المتهافته عن الموت كلعنة لعنها الإله لآدم بسبب أكله من شجرة غبية هى قصة بائسة تخلق منهج تفكير متخاذل عن الموت بينما الموت هو الذى جعلنا ندرك الحياة وعليه فأن الأفكار القديمة عن الحياة اللذيذة الأبدية المتوهمة بعد الموت تجعلنا نتخاذل و نهمل الحياة الحقيقية لنبددها فداء عدم اى ننفق حياتنا للتجهيز لعدم
- الإنسان يؤمن بالميتافزيقا والآلهة لأنها تحقق له طفوليته وغروره بإحساسه بالتفرد بأنه محور الوجود والإهتمام ولا يكون الغرور والنرجسية هنا تعبير فج عن الغطرسة فحسب بقدر ماهو غرور الفكرة والمنهج الذى يريح إنسان مضطرب عاجز مهمش فهى تعطى له دعم نفسى أنه مازال متواجداً فاعلاً ضد التهمييش الوجودى , وإذا كان هذا يريحه فلن يسعفه فى التعاطى مع الوجود بهذا الفهم المغلوط , فالفهم الحقيقى هو أنه وحدة وجودية متطورة تتعاطى مع الوجود لتفهمه وتتناغم معه وعليه أن يتعامل معه هكذا بدون أى إضافات أو غايات صنمية تجعله يتوهم أنه محور الحياة
- ما فعله الإنسان قديما بل حديثا أيضا هو إسقاط سلوكه الموجه المدفوع بغايات و أهداف على ما يحيط به , ليتخلص الوعى الإنسانى أخيراً من طفوليته عندما أزاح إسقاطاته النفسية وتصوراته الأخلاقية الجمالية المحدودة عن الموجودات حوله ، فالمادة لا تتحرك لغاية أو لحاجة أو خطة مسبقة أو تصميم مُعد .. إنها تمارس وجودها دون ان تدرك وجودها .
- بالفعل من الصعوبة بمكان أن نجرد الأشياء من المعنى فلسنا كاميرا أو قرص مدمج تسجل عليه الصور وتخزن بدون أن يصاحبها إحساس ومعنى ومن هنا تأتى خطورة الوعى المتعسف فى التعاطى مع الأشياء كونه يتناسى انه من منح الأشياء القيمة والمعنى ليضعها فى أبراج معرفية كشئ مستقل يستقى منها بعد ذلك نهجه وطريقه . فلنمنح للأشياء معنى ولنطرب بالموسيقى ولنحتفى بالجمال ولكن ليكن إدراكنا دوما أنها معانى خلقناها لتعطى للوجود مذاق ونكهة وأننا قادرين دوما أن نبدع معانى جديدة .
- لفهم الوجود والحياة يلزم أن ننظر للمشهد الوجودى كما هو بدون أن نحمله أشياء ليست فيه . نتعامل مع الحياة بدون أن نسقط إنطباعات متعسفة عليه ولكن نظراً لإستحالة وجود مشهد حياتى واحد بدون أن نسقط عليه إنطباع .. حسناً فلنقترب من فلسفة الوجود المادى ولا ننسى ان إنطباعاتنا هى انطباعات ليست الحكم النهائى على المشهد الوجودى .
-المستمتعون بالحياة هم القادرون على خلق وإبداع صور جديدة متجددة للمعنى والغاية متحررة من الصنمية .. هم من الذكاء والمهارة بمنح صور وجودية المعنى للإستمتاع بالحياة .. هم يخلقون غايات متجددة ليصنعوا متعة الأمل والإشراق ليعرفوا كيف يستنزفون وجودهم فى الجمال مع إدراكهم أنهم من يخلقون المعنى فلا يعتبرونه صنم يعبدونه .
دمتم بخير . -"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تناقض فى الكتابات المقدسة-جزء 3-الأديان بشرية الفكر والهوى و
...
-
فى العشوائية والنظام-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.
-
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ-;- لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ –الدين
...
-
تناقضات فى الكتابات المقدسة-الأديان بشرية الفكر والهوى والهو
...
-
ثقافة -إنت مال أهلك- المفقودة-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
-
فى المعنى والقيمة والغاية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.
-
قضية للنقاش–الإسلام جانى أم مجنى عليه.
-
قضية للنقاش-الإسلام الوسطى أكذوبة أم خالق توازن أم منسق أدوا
...
-
سأكتب لكم خطاياكم-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
-
القبح ليس سلوك شخصى بل ثقافة –الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
-
تنبيط –خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.
-
وهم العدالة والرحمة الإلهية-الأديان بشرية الهوى والهوية.
-
شرعنة النفاق والإنتهازية والوصولية والزيف-الدين عندما ينتهك
...
-
نحو فهم للوجود والحياة والإنسان-ماهية العقل والفكر.
-
إيمان وثقافة مُدمرة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (45).
-
نحو فهم الوجود والحياة والإنسان–تصحيح مفاهيم مغلوطة.
-
هوا مفيش عقل خالص- هوان العقل الدينى(2)
-
نحو فهم الوجود والحياة والإنسان بعيداً عن الخرافة- المادة وا
...
-
إيمان يحمل فى أحشاءه عوامل تحلله وهدمه-خربشة عقل على جدران ا
...
-
هوا مفيش عقل خالص(1)- لماذا نحن متخلفون.
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|