|
دين وقح
زين اليوسف
مُدوِّنة عربية
(Zeina Al-omar)
الحوار المتمدن-العدد: 4326 - 2014 / 1 / 5 - 10:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما أنزل الله سبحانه الأديان على البشرية كانت الفكرة "الحقيقية" من وجودها هو إنشاء مفهوم أرضي لعبادته و ذلك عن طريق الإيمان بها و كانت مهمة من يحمل ذلك الدين هي دعوة البشر إليه و الإيمان بمحتواه..و حينها كان يلتحق به من يريد و يعرض من يريد..لم يكن هناك طوال فترة الدعوة إلى أي دين ما يثبت أنه كانت تُمارس عملية إجبار عليه..قد نجد عملية الإجبار في المذاهب السياسية و الفكرية و لكن في الأديان نادراً ما نجد دين بنسخته "الأصلية" بُني على الإكراه.
و لكن بعد أن حُرَّفت جميع الأديان عن تلك الفكرة أصبح الإكراه هو النهج السائد..ففي اليهودية نجد أن اضطهاد اليهود الأشكناز ليهود السفارديم أصبح أمراً يُعتبر من وقائع الحياة في المجتمع اليهودي..و أيضاً نجد أن الكاثوليكية مارست اضطهاداً دينياً مشابهاً تجاه البروتستانت و حتى الأرثوذكس..و في الإسلام نجد أن الاضطهاد الديني السني لم يتوقف يوماً منذ اغتيال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه مروراً بالتنكيل بذريته و إنتهاءاً باضطهاد شيعته من بعده..و لكنه -أي الاضطهاد السني- لم يُمارس تجاه الشيعة فقط بل أصبح يُمارس ضد جميع المذاهب الأخرى حتى لو كانت تشترك في الأساس السني و لكنها تختلف في الفروع الفكرية.
هكذا نجد أن العنصرية التي يمارسها المسلمون بوعي أو من دونه أصبحت هي الصفة الجينية الغالبة في أي إسلام سنورثه للآخرين..فنحن نربي أولادنا على أننا الأمر الوحيد الحقيقي في عالم ممتليء بالهراء..و هي ثقة نستحق أن نُخلَّد من أجلها و لا أعلم كيف وصلنا لها نحن الذين نتقاتل طوال اليوم على اللاشيء و على محاولة إثبات شيئيته!!.
بل أن العنصرية التي يمارسها المسلمون اتخذت بُعداً آخر في عصرنا الحديث..فمن المضحك أننا نجد أن المسلمين هم أول من يصرخ بأن الغرب هو المعادل الفكري و الواقعي للشيطان و لكنهم لا يمتنعون عن الذهاب إليه طلباً للعلاج و للسياحة و ربما اللجوء الإنساني أو السياسي!!..بل أننا نجد المسلمين أيضاً في حالات كثيرة يلجأون إليه ليدعون منه إلى الإسلام.
المسلمون المقيمون في الغرب يمارسون حريتهم الدينية بكل أريحية و يبنون المساجد و المراكز الإسلامية و يمارسون حتى كل ما منعوا من ممارسته في بلدانهم الأصلية الإسلامية..و يكاد الأمر الوحيد الذي تمنعهم منه السلطات الغربية هو تشغيل مكبرات الصوت الخارجية وقت الآذان و لا أعتقد أن هذا يعتبر اضطهاداً لهم على وجه الخصوص..و بالرغم من ذلك تراهم يرفضون و بشدة إنشاء كنائس في بلدانهم سواء لممارسة أتباع ذلك الدين لشعائرهم أم للمارسة الدعوة منها!!.
و لكن ألا نجد في هذا التصرف "لؤماً" يتفرد به المسلمون في العصر الحديث عن غيرهم!!..فعندما أدخل دار أحدهم و أقيم بها و أستنفع من أمواله و أتخذ من منزله مكاناً لأنشر أفكاري بين أفراد أسرته و هو صامت مُرحب بي ثم بعد هذا كله أشتم ساكني هذا المنزل بكل وقاحة و بالرغم من كل ما قدموه لي!!..حينها ألا يُعتبر هذا الأمر هو "اللؤم" الأخلاقي بعينه؟؟.
صديق من جنسية غربية أخبرني أنه يمارس شعائر صلاته في شقة مستأجرة في أحد الشقق المتداعية في العاصمة صنعاء و لكنه لم يشتكي من ذلك الأمر بل أشتكى من أنه كل أسبوع تقريباً يأتي إليهم أفراد من الشرطة و يطالبونهم بدفع المال لهم في سبيل "غض البصر" عن كنيستهم المتداعية!!..سألني وقتها غاضباً:"هل أنتم الوقحون أم أن دينكم هو الوقح؟؟..أنتم تمارسون شعائركم علانية و بلا "أتاوة" في بلداننا و نحن نمارسها في بلدانكم في الخفاء بل أننا ندفع لكم الأموال لكي نمارسها أيضاً..أشعر أحياناً بأني على أيديكم بدأت أفهم بدايات انتشار المسيحية و ما كان يعانيه الحواريون".
صديق آخر أخبرني أنه يشعر أنه "لص" كلما أراد ممارسة شعائره الدينية..نظراً لأن الاجتماع لأداء القُداس يتم في الخفاء و بطريقة تكاد تكون بوليسية..و يخبرني أنه -للمفارقة- في ولايته الأمريكية اشتكى المسلمون من عدم وجود جامع في الحي الذي يسكنون به فتبرع قس الكنيسة بموافقة أهالي الحي من المسيحيين بمنحهم غرف في الكنيسة ليمارسوا صلواتهم فيها إلى أن يجدوا مكان آخر!!..و سألني مستغرباً:"لماذا نتسامح معكم و لا تستطيعون فعل ذات الشيء معنا..ألا تقولون أن دينكم هو الأعظم!!".
كيف نمنح أنفسنا الحق بممارسة الاضطهاد الديني تجاه الآخرين في بلداننا و نطالب بكل وقاحة بحقوقنا الدينية في بلدانهم!!..سيقول قائل:"لأن ديني هو الحق"..يا للعبقرية ألا أتعلم أنهم يقولون عن دينهم ذات الأمر!!.
أن كان المسلمون يخافون من الأديان الأخرى بل و حتى من المذاهب الأخرى و من فكرة انتشارها على حساب دينهم أو مذهبهم فهذا يدل على ضعف في العقيدة أو على هشاشة العقيدة بحد ذاتها أمام أي دين أو مذهب آخر منافسان أو حتى فكرة مُزاحمة..ذلك الضعف الذي يمارس المسلمون ستر "عورته" بممارسة الاضطهاد الديني و بوضع حدود تحد من حرية المذهب و المعتقد و قوانين تهدد بل و تقتل و تسحل المخالفين..الدين الحق -كما يدعي أتباعه- هو الدين الذي يثبت قوته في ظل مناخ يسمح بوجود فكرة أو أفكار مضادة له تعادله في القوة و ليس الدين الذي ينتصر على الأفكار و الأديان الأخرى فقط لأنه مارس القتل تجاه نصف المنافسين له و هدد النصف الآخر به.
#زين_اليوسف (هاشتاغ)
Zeina_Al-omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام جزء من المشكلة
-
أنا و عُمر و -ما أنا بقاريء-
-
ديانا و أسامة
-
فيروز تُخرج من الملة
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|