قضية الانبار في ظل المعادلة السياسية الطائفية – القومية
عواد احمد صالح
2014 / 1 / 2 - 22:56
دعك من المثقفين او ممن يدعون الثقافة هؤلاء ...نحن في زمن ضياع الثقافة والمبادئ زمن المصلحة والانتهازية والطائفية ، لنأخذ قضية الانبار على صعيد عملي وواقعي الوضع في العراق وليس في الانبار هو وضع متردي وبائس وطائفي- قومي بامتياز والمعادلة السياسية طائفية قومية بامتياز ... المالكي وحكومته يتخذون من الطائفية في الواقع العملي شعارا وستارا ولدي قناعة ان هذة الحكومة هي حكومة أزمات وتجاذبات ومشاكل وفساد لم يسبق له مثيل ...وهي غير قادرة بسبب العصاب الطائفي على اقامة توازن سياسي في البلد يرضي جميع الاطراف والمكونات . لنعود الى المواقف مما جرى ويجري في الانبار وغيرها كنا جميعا في البداية مع مطالب الجماهير المعتصمة العادلة والمشروعة بدون تردد .. لكن القضية بمرور الوقت انحرفت وحدثت فيها الكثير من الالتباسات بسبب قياداتها الدينية والعشائرية واخترقت من قبل الجماعات المسلحة التي نعرفها جميعا ولم تستطع قيادات الاعتصام النأي بنفسها عن ذلك بل اخذت تميل اكثر فأكثر للطائفية السياسية والدينية خذ مثلا ما اثير حول قضية ( عمر وعائشة ...) السبب في الميل الطائفي والاستقطاب الطائفي البالغ الوضوح في المدن المعتصمة أيضا مجزرة الحويجة وتعنت المالكي وحكومته الطائفية في رفضها التفاوض وايجاد اي مخرج واقعي وممكن مع المعتصمين او تلبية الحد الادنى من مطالبهم بسبب ديكتاتورية المالكي الذي يتوهم انه يريد ان يلعب دور بونابرت صغير مرة تشبها بصدام ومرة تشبها بعبد الكريم قاسم او توهمه بانه (مختار العصر) كما يسمونه، واعتقادة انه باستناده الى الطائفة الشيعية التي يتصور انها الاغلبية سيحقق ما يصبو اليه هذا طبعا بدفع وتحريض (الجمهورية الاسلامية ) في ايران .وهذه الاوهام والتصورات جعلت المالكي وحكومته وهو المسؤول الاول عما يجري في العراق من انفلات امني وعنف وفوضى اجتماعية وسياسية جعلته منتج ازمات بامتياز ما ان تنتهي ازمة في مكان ما من العراق حتى تبدا ازمة جديدة في مكان اخر وهو يستثمر الازمات السياسية والاجتماعية لصالح تعميق الاستقطاب الطائفي والطمع في ولاية جديدة عبر الانتخابات التي ستجري في نيسان 2014 .اي لصالح بقاءه على رأس السلطة .تلك الانتخابات التي لا يمكن لعاقل ان يؤمن بمصداقيتها ونزاهتها .
الظلم السياسي الواقع على العراقيين ليس محصورا بالانبار او غيرها من المدن التي اعتصمت الظلم يشمل الجميع في العراق وان بدرجات غير متساوية .سواء كان ظلما سياسيا او فكريا ، العنف المستمر والفساد ونقص الخدمات والتمييز وسيادة الأفكار والممارسات الرجعية والقروسطية وغيرها .
لقد فشلت هذة الحكومة التي يقودها تيار الاسلام السياسي الشيعي لدورتين انتخابيتين من بناء ركائز دولة تقوم على القانون والمؤسسات دولة تحقق الامن والخدمات لمواطنيها بسبب العصاب الطائفي وملايين العقد الاخرى الموروثة من العصور الخالية . وللاسف ان الاصطفاف الطائفي اليوم وبعد العمليات في الانبار بلغ اشده على صعيد المجتمع العراقي كله والمستفيد الاكبر من هذا الجماعات المسلحة التي تقتل وتدمر يوميا اسس الحياة وإنسانية الانسان .
اما المواقف السياسية او مواقف البعض ممن يدعون انهم مثقفين او سياسيين فهي لم تكن متوازنة كما يبدو ، عندما تنحاز لقضية الانبار وانت في منطقة (سنية) وتقول انني اقف الى جانب الانسانية بهذه القوة وحرقة القلب والغضب فان موقفك يكون طائفيا بشكل لا شعوري حتى لو كنت ((مثقفا )) انحيازك طائفيا حتى لو قلت غير هذا بسبب ان اولئك هم من طائفتك ، وانت كمثقف اومدعي للثقافة عليك ان تحسب القضية من كافة جوانبها الاجتماعية والسياسية قبل ان تتخذ موقفا ، وبصرف النظر عن الالتباس والفوضى الحاصلة هناك لابد ان تنظر الى الطبيعة الاجتماعية والسيكولوجية للسكان وميولهم .
ولابد ان تسأل نفسك هل موقفي هذا سيكون بنفس الدرجة من القوة والحماس فيما لو كان الحدث في الكوت او العمارة او البصرة مثلا ؟؟ لان الانسان واحد في كل مكان والعراقي واحد اينما كان وانا اجزم ان درجة حماسك وتبنيك للانسانية ستختلف باختلاف موقع الحدث مئة بالمئة . وكذلك الامر بالنسبة للمواطن المصنف شيعيا في الجنوب سينحاز بكل تاكيد الى طائفته ازاء اي حدث او حين ينظر في المرآة المقابلة . هذا باستثناء العلمانيين واليساريين ودعاة المباديء الصادقة الغير طائفية هنا او هناك .الظاهرة البارزة اليوم في مجتمعنا ان الجميع بمن فيهم الاسلاميين من الطرفين يدينون ويستنكرون الطائفية في وضح النهار في مختلف الصحف والمواقع الالكترونية والفيسبوك وفي الشارع لكنهم في الخفاء وعلى صعيد المواقف الحاسمة يمارسونها عمليا . والطامة الكبرى ان كل طرف يستنكر طائفية الطرف الاخر ويتبرأ هو من الطائفية على نفسه .
ان قضية الانبار ملتبسة كما اوضحت ، الخاسرون هم الاغلبية الصامتة من الجماهير الذين لامصلحة لهم في تاجيج العنف لانه يقوم على حساب امنهم وسلامتهم ومعيشتهم ونحن معهم دائما وابدا ، اما تجار الازمات من الشيوخ والمجموعات المسلحة ورجال الدين والحكومة الطائفية فهم موضع شجب واستنكار كل من يرف قلبه للانسانية.وللمواطنة العراقية المتساوية الحقوق .
وكما سبق ان قلت انه لاحل لازمات ومشاكل العراق الراهنة في ظل هذه العملية السياسية الحالية التي بنيت على المحاصصة والتقسيم الطائفي للبشر والجغرافيا في ظل دولة الأقطاب الطائفية المتعددة ونفوذ فرسان الساعة الاخيرة . والعاقبة لمن يعي .