|
الراحل الخاتم عدلان: الحزب الشيوعي السوداني ظلّ يمارس إهدار الكوادر مـنذ وجوده وحتى الآن!
عبد الله إبراهيم الطاهر
الحوار المتمدن-العدد: 1227 - 2005 / 6 / 13 - 10:18
المحور:
مقابلات و حوارات
الخاتم عدلان: الإحساس بالإعتباط والظلـم!! الحزب الشيوعي ظلّ يمارس إهدار الكوادر مـنذ وجوده وحتى الآن! لا أعتقد انني يمكن أن أتحوّل إلى متصوف موت الأقارب ترك بصمات عميقة في نفسي! نقد همش الحزب والترابي أكبر ديماجوج في تاريخ السودان الصادق المهدي أسهم في تشويه الديمقراطية
نحت في ذاكرته/ عبد الله إبراهيم الطاهر
في صوته هدوء.. عميق الفكرة.. أحد إثنين قادا الإنشقاق العظيم داخل أكبر الأحزاب الشيوعيّة في الشرق الأوسط، له آراؤه الخاصّة والمتميزة، الخاتم عدلان زعيم حركة «حق»، أخذنا أدواتنا وجلسنا في دروب ذاكرته ننحت ونفتش عن نقوش توضح المسير وتجلي الطريق فكانت: نحتاً في الذاكرة. ولدت ككثير من السُّودانيين في 1/1/1948م وهو تقدير قريب من الحقيقة، راجعته مع أبي وربطناه بأحداث كانت دائرة في ذلك الوقت.. كان الميلاد في قرية تقع على الجنوب من مدينة المناقل وتسمى العمارة نشأت بها وترعرعت حتى تم إلحاقي بمدرسة (كضيبات) الأولية وهي من المدراس العريقة القائمة حتى الآن. أما قصة الاسم المعروف الخاتم عدلان فهي ترجع الى تلك الفترة حين أخذني جدي عدلان للمدرسة وسئل عن إسمي فقال: هو الخاتم عدلان ومنذ ذلك اليوم إختفى إسم أبي عبد الهادي وسار على هذا الإسم رغم ان ناظر المدرسة في المرحلة المتوسطة كان قد نصحني بتعديله الى الإسم الحقيقي.. لم أكن أعي ذلك الأمر جيداً، كما أن أبي كان قد رفض تغيير الإسم خاصةً بعد وفاة جدي، فكان إسمي كبش الوفاء بذكرى جدي وعند عودتي مؤخراً الى الخرطوم أفردت وقتاً للحديث مع أبي حول هذا الامر.. فوجدته ما يزال مسروراً به. كانت نشأتي في الريف بخصائصه المعروفة قد صقلت شخصيتي كما أنضجتني مشقة الريف لمجابهة مصاعب الحياة.. من خلال اللهو العنيف والعراك مع البيئة في الرعي والزراعة والتنقل الشاق بين القرى في تلك الأيام.. موت الأقارب عنصر حاسم في حياتي تلك أحداث ذات أهمية حاسمة في حياتي، موت أمي كنت في السادسة من عمري وشقيقتي قبلها، حيث كان إرتباطنا بوالدتنا قوياً للغياب الكثير لأبي خاصة في مواسم الزراعة وقضائه لموسم الخريف في قرية أم دكة الجعليين. وكانت والدتنا رحيمة بنا الى أبعد الحدود وبتفرغ كامل شأنها شأن كل نساء القرية يمثلن الملاذ الآمن والحضن الدافئ. موتها كان عملاً صاعقاً مزلزلاً.. كأنما قد إنتهت به الدنيا.. كانت مريضة (بحمي النفاس) بعد أن ولدت طفلاً ميتاً حتى جاء اليوم الأخير في حياتها كانت مسجاة وغائبة عن الوعي.. أذكر ذلك جيداً.. والحقيقة أن موت الأقارب ترك بصمات عميقة في نفسي وإحساس طفولي بالإعتباط والظلم، فقد توفيت خالتي فيما بعد ثم جدي عدلان وشعرت بأن هنالك أشياءً تحدث في الدنيا لا مبرر لها في مخيلتي كطفل فواجهني عبث الوجود منذ تلك اللحظات الأولى في حياتي لكنه فيما أعتقد أكسبني قوة نفسية بعد تلك القوة الجسدية في معارك الحياة كما أسلفت.. إنني أُدين لنشأتي الأولى بشكل كامل تضاف إليها قدرة كبيرة على الفهم والإستيعاب فيما يتعلق بالأحداث والدراسة بانطباع الأشياء في الذهن بصورة قوية. وكانت الدراسة في الواقع هي عزاء كل ذلك.. كانت طريقاً مختلفاً جداً عن المسار العادي الذي يسير عليه أترابي من أطفال القرية وربما تنبّهت بصورة غير كاملة الا أن هذا المسار هو الذي يوصلني الى الضياء. لذلك تفوقت في المدرسة وأحببتها من اللحظة الأولى حتى تخرجت في الجامعة التي كانت تبعد بي عن المحيط المباشر الذي عشت فيه لكنها ترجعني إليه من ناحية أخرى باستيعاب الظواهر التي علقت بفهمي في البداية وإستيعاب كيفية السيطرة على هذه الظواهر وإخضاعها للإرادة الإنسانية الواعية لرسم مسيرة عقلانيّة من الحياة الإعتباطية في ظل غياب الطب المتقدم والتعليم الواسع المنتشر وأشكال الحياة الحضرية الميسورة التي توفر الكثير من الأشياء.. أيضاً طول اليوم وقصره، فالكهرباء تطيل اليوم لكن في القرى مغيب الشمس كان إعلاناً لنهاية اليوم، اعتقد ان كل هذه الأشياء مكونات أساسية من النشأة الأولى تعمّقت بالقراءة والاطلاع . زملاء في درب الدراسة جمعتني صداقات حميمة بكثيرٍ من الزملاء منهم صديق عثمان وهو رجل مفكر كان قد إنقطع عن الدراسة في المرحلة الثانوية وكنا نتبادل الكتب والنقاش في القضايا الفلسفية وكان هناك تقارب في الأفكار بيننا، قرأنا سوياً كل ما وقع بين أيدينا من فلسفة وكانت قوة جذب كبيرة.. وهناك عدد آخر من الأصدقاء مثل المهندس أحمد السماني وهو صديقٌ منذ تلك الفترة رغم إختلافاتنا الفكرية، وهناك الكثير من الأصدقاء الإجتماعيين منهم شرف الدين بانقا ومن الصداقات التي عاشت معي حتى الآن صداقة محمد الحسن محيسي في أبي ظبي ودكتور مبيوع بالخرطوم والأستاذ حسن كباشي بالأمم المتحدة وهؤلاء يمثلون جيلاً مليئاً بالإيجابيات التي نراها تَندثر الآن..! محطة أخرى في المرحلة الوسطى في الستينات أي فترة الفريق عبود إشتركنا في نشاط مقاومة الديكتاتورية في تنظيم الإضرابات برفقة مجموعة من قادة الحركة الطلابية في ذلك الوقت حسن كباشي وعبدالباسط سبدرات وكان في الجانب الآخر دكتور الزبير بشير طه ودكتور مالك حسين، ومن الأشياء التي أذكرها في الثانوية إننا قد كنا في داخلية بحي الدرجة بمدينة مدني وفي الأيام الأولى جاء دكتور مالك حسين وأيقظ كل الطلاب في الداخلية إلا أنا ليأخذهم إلى قاعة كبيرة ويخطب فيهما للإنضمام للحركة الإسلامية وبالفعل نجح في ضم الـ 59 طالباً لجماعة الأخوان المسلمين، فوجئت عند الصباح بهذه الدراما وقد كانت لي مواقفي من الأخوان المسلمين منذ ذلك الوقت. حقيقة لا أدري لماذا لم يدعوني مالك حسين مثل الباقين؟ لكنني أعتقد بأنّه ربما كان يعرف بأن هذا الطالب سيعرقل برنامج دعوته وكان يريد أن يسوقهم كالقطيع دون نقاش أو مجادلات فكرية لكن إستطعت بعد ذلك أن أقنع أصدقائي بأن قرارهم كان متسرعاً ويجب أن يعطوا أنفسهم الفرصة لدراسة كل التنظيمات، وعندما وصلنا السنة الرابعة تبقى ستة طلاب فقط بتنظيم الأخوان المسلمين. اسلوب التكويش الذي قام به مالك حسين هو أسلوب للتجنيد موجود في الحركة الإسلاميّة حتى هذه اللحظة ربما أُضيفت له إغراءات كثيرة، السلطة والجاه، المهم هو اسلوب يغيب عقل الآخر ويباغته ولا يعطيه فرصة للفكاك، هذا هو المنهج التجنيدي لهذه الحركة. بداية تحديد المسار الفكري أغلب الناس يبررون دخولهم للحزب الشيوعي بإعجابهم ببرنامجه السياسي ثم توسّعوا من بعد ذلك في فضاء فلسفته وبرنامجه الإجتماعي وهكذا، أما أنا بالنسبة لي فإن الموضوع مختلف جداً فقد دخلت الحزب الشيوعي لاعتبارات فكرية ولم أكن على إطلاع كامل على برنامجه السياسي التفصيلي وكان الموقف الفكري حاسماً بالنسبة لي، إذ أعتقدت انه يعلي قيمة الإنسان حتى يستطيع أن يعيد صياغة الكون بعقله ويمسك الأشياء بيده هذا هو المدخل ثم جاءت بعد ذلك تفاصيل البرنامج السياسي والمراحل النضالية وهذا مكون أساسي في شخصيتي، لذلك كان إقتناعي به ميسوراً وكانت هناك أولويات وأهمها مقاومة الديكتاتورية متمثلةً في حكم عبود، وأذكر في المرحلة الوسطى كان هناك أستاذ الإنجليزي دخل علينا يحمل في يده صحيفة ثم قرأ خبر إعدام الضباط الستة على رأسهم (كبيدة والصادق أحمد الحسن) وطلب مِنّا أن نقف دقيقة حداداً على أرواحهم وكانت بحق لحظة مؤثرة لا تُنسى. المهم إنخرطنا في مقاومة حكم عبود وكُنّا في مظاهرات طوال اليوم تقريباً ثم شاركنا في أكتوبر بفعالية شديدة عن طريق جبهة الهيئات التي تكونت بقيادة البروفيسر فاروق محمد إبراهيم والمحامي عبد المنعم الإتحادي لا إذكر إسمه الآن وهو شخصية نارية كنا نتبعه أينما ذهب لنستمع إلى خطبه ذات اللغة الجميلة المقنعة.. واستطاع مع د. فاروق أن يهيئوا المدينة لتنفيذ العصيان المدني بصورة جماعية، واذكر خروجنا من المدرسة الثانوية بمدني لمجابهة البوليس الذي كان لديه أمر باستخدام الرصاص الحي، وفي إحدى المنعرجات سقط الشهيد حسن أحمد الذي كان من مواطني مدني، أعتقد أن كان له دور كبير في نضالات ثورة أكتوبر وإسقاط ديكتاتورية عبود. وكنت أفكر كان يمكن أن تصيبني تلك الرصاصة. أنا درست بعض الكتيبات الماركسية جزءاً منها أخذته من عبد الوهاب محمد عبد الوهاب بعد أن حدثنا عنها أخذت منه (البيان الشيوعي) وأهم ما في هذه الكتب رواية للكاتب جوركي (أرني الله) في هذه الرواية جموعاً من الناس تذهب الى كنيسة العذراء وترفع فتاة مشلولة عسى ان تعيد اليها العذراء الحياه في رحيلها وبالفعل شفيت الفتاة وقد أرجع جوركي هذا الفعل للجماهير وكانت دلالتها عندي ان الانسان يمكن ان يسيطر على مصيره واتيانه المعجزات في مقاومة الطبيعة وقد تركت هذه الرواية أثراً في نفسي لا ينمحي، ثم قرأت رواية (الام) ايضاً للكاتب جوركي وهو يتحدّث عن الحلقات الشيوعية في روسيا وهذه الأسر البسيطة التي قاومت القيصر تلك كانت المؤثرات الأولى. كان من الذين إنضموا معي للحزب الشيوعي أحمد العبيد من ود ربيعة وتدخل الحزب حينما تكون مرشحاً، وانا دخلت في اغسطس 1964م ولم تكتمل عضويتي إلاّ بعد أكتوبر، وكان من الذين أعانوني نظرياً وفكرياً هو أحمد العبيد وهو من الصوفيين حالياً وكان يمتاز بهدوء غير عادي حديثه بطئ ، حينما يصل الى نصف التعبير عن الفكرة أكون عرفتها، كان ثابتاً وواثقاً من نفسه وهو يتحدث عن هذه الأشياء، أنا مثلاً الآن حينما أتحدث عن الشيوعية يكون هناك مجالٌ للشكوك أو رأي آخر أو إيحاء بأنّ هذا غير كامل، ولكن احمد كان يلقي هذه المحاضرات بصورة ايمانية مطلقة، ومن الطبيعي ان ينتقل الى مجال ايماني آخر وهي الصوفية. أنا لا أسمي التحول من الماركسية الى الصوفية هو تحول من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، عندما يتعلّق الأمر بالتصوف، فمثلاً حينما نتحدث عن شخص مثل أحمد سليمان تحرّك من أقصى اليسار الى اقصى اليمين لإنّه إنضم الى الإسلام السياسي ببرنامجه اليميني المتطرف الواضح، فهو في الحزب الشيوعي نفسه كان يمثل التطرف والمنهج الإنقلابي على المجتمع.. بالنسبة إلى إنتقال الشيوعي إلى التصوف أنا أفتكر انه يتحرك في نفس المجال، يتحرك في متواصل فكري واحد هو الإيمان، هم تعاملوا مع الماركسية من مواقع الإيمان وهؤلاء يمكن أن ينتقلوا إلى مواقع إيمانية أخرى دون شعور بالتناقض خاصّةً الصوفية لأنّها قائمة على الزهد والماركسية أيضاً تقوم على الزهد ونقاء السريرة ونقاء الضمير.. الشيوعيون دائماً من الغيِّريين الذين يفكرون في مشاكل الناس وحلها عكس الأنانيين الذين يفكرون في أنفسهم فقط، وهذا ليس بشكل مطلق، أنا أتحدث بصورة عامة.. أنا لا أندهش حينما يتحوّل شخص شيوعي إلى التصوف، المزاج الشيوعي الإيماني يمكن أن يتوافق ويجد نفسه في مجال صوفي ونظيف، ولا أعتقد إنّها إنقلاب في حياة الشخص ولا أعتقد أني يمكن أن أتحوّل إلى متصوف وذلك مربوطٌ بتحليلي لشخصيتي، أنا أريد أن أسيطر على مصيري.. حل الحزب معركة حل الحزب الشيوعي خضناها في مدني، وكنت ما أزال في الثانوية، وكان من اصدقائي عبدالله السماني وكان في الكلية المهنية بمدني وهي بعيدة عن المدرسة الثانوية ولكن كلنا كنا في مكتبة الطلاب الشيوعيين في مدني، وكان هناك في المدرسة العربية تاج الأصفياء ودخلنا الحزب في نفس التاريخ، شاركنا في موكب في مدني وكان عبدالله السماني منفعلاً جداً حيث أحرق نفسه في الموكب بعد أن صب جالون جاز على نفسه وكان يندد بالمحجوب والصادق المهدي ويهتف حتى توفى.. وكانت خطب عز الدين علي عامر، محمد إبراهيم نقد وعمر مصطفى المكي مُؤثرة جداً على كل المستنيرين في السودان، ومعركة حل الحزب الشيوعي كانت معركة لظهور القوى الديمقراطية في عنفوانها وإتساعها الكبير وكان إنضمام الحزب الجمهوري بقيادة الشهيد محمود محمد طه الى هذه المعركة إضافة غير عادية و إيماناً برسالة الجمهوريين حول أن الحرية لنا ولسوانا وتصرفوا على هذا الأساس رغم عدائهم الفكري للحزب الشيوعي وكان ذلك من المواقف الكبيرة فعلاً والحقيقة الترجيح الذي قام به الحزب الجمهوري هو انضمامه، إنّ هذه قضية للديمقراطية فعلاً وليس قصة أجندة سياسية لحزب ما لانه لا يمكن أن يكون هناك إتفاق بين الحزب الجمهوري والحزب الشيوعي على أجندة سياسية إلاّ إذا كانت هذه الأجندة وطنية فعلاً وكلية مثل قضية الديمقراطية.. كانت معركة حل الحزب الشيوعي لها آثار بَعيدة جداً في ظهور هذه القوى الديمقراطية وكان لها آثار على كل المسيرة السياسية في السودان لاحقاً، والذين حلوا الحزب الشيوعي تحمّلوا مسؤولية تشويه الديمقراطية في السودان، مسؤولية إبعاد الرأي الآخر، ولم يكن يهدد الحكومة بالإسقاط بأي حال من الأحوال هم كانوا (11) أو (13) نائباً، وحتى لو كان هناك تهديدٌ وجودي ليس من حقهم إقصائهم مادام هؤلاء الناس يطرحون آراءهم بصورة ديمقراطية ليس من حق أحدهم أن يخرجهم.. والشئ المهم هو إحتقار القضاء والقضاء على إستقلاله مما أدى إلى إستقالة رئيس القضاء في ذلك الوقت بابكر عوض الله وقرار الصادق المهدي بأن هذا حكم تقريري وهي من الأشياء المشينة في الواقع.. ورغم أن الصادق المهدي الأعلى صوتاً ينادي بالديمقراطية حالياً إلاّ أنه أكثر شخص أسهم في تشويهها..! حق وسقوط المشروع الماركسي هناك محوران جزء سياسي وآخر فكري، وقد توصّلت منذ أوائل التسعينات إلى أنّ المشروع الماركسي للتغيير الإجتماعي سقط تماماً، ويجب أن يفكر الناس بطريقة أخرى، والموضوع الثاني هو مواجهة السُّلطة التي جاءت عن طريق الإنقلاب وقضت على كل مظاهر الديمقراطية وتحدت الناس لمواجهتها وقالت على رؤوس الأشهاد من أراد السلطة فليحارب من أجلها.. هاتان القضيتان حدثت فيهما مفارقة مع قيادة الحزب فيما يتعلّق بالقضية الثانية، أنا قدمت ورقة إسمها (تكتيكات فعّالة) من أجل النضال ضد (السلطة) ورفضت هذه الورقة بعد أن قبلت حصل إيحاء من الاستاذ نقد بأن هذه الورقة غير سلبية فغيّرت السكرتارية موقفها (180) درجة وقالت إنّ هذه الطريقة خاطئة ونحن براء منها، كانت تلك لحظة مريرة في حياتي بالإضافة إلى إكتشاف الكثير من النقائص والصور الكاذبة. القضية الثانية تمّت مقاومة للورقة التي قدمتها عن التغيير وفحواها أن هذا المشروع سقط ونحن يجب أن نُفكر بطريقة جديدة وإنشاء حزب عادي للإنسان العادي، حزب يطلع بمهام النهضة الوطنية وتحقيق التنمية المتوازنة في البلاد والإستجابة لمطالب الناس، اليوم حزب غير مثقل بحمل أيديولوجي ثقيل مثل بناء الإشتراكيّة فالشيوعيّة. التي لا يمكن أن أتوجه بها إلى الناس في قريتي مثلاً للإيمان بها، أنا لم أكن أدعوا أهلي في قريتي للدخول الى الحزب الشيوعي لأنّ هذا يعني أشياءً ضخمة جداً لا أستطيع أن أناقشهم فيها دعك عن إقناعهم بها، لكن إذا كان الحزب خالياً من الأيدويولوجيا وموجهاً لخدمة الناس كما هم وفق احتياجاتهم الماثلة يمكن أن أدعوا كل الناس ويدخلوا ذرافات ووحداناً في هذا الحزب، ليتحوّل الحزب إلى قوى جماهيرية كبرى كما كان يحلم عبد الخالق محجوب، لم تطبع هذه الورقة إلاّ بعد عام كامل بعد أن اضطررتهم الى ذلك وبعد أن وزعت منها عشرين نسخة خارج قنوات الحزب ووجهت الورقة بعداء شديد من القيادة والكوادر الأخرى. وتلك المنطلقات التي كنت أنادي بها ينادي بها الحزب الآن بعد أن غادر صفوفه مئات الناس يأساً من التغيير، عملية الإهدار للكوادر ظلّ يمارسها الحزب منذ أن وجد وحتى الآن. وحق نشأت لكل هذه الأسباب، والحقيقة قفزت حق سواء بالداخل أو الخارج، ونمت بصورة لا أعلم أن هناك حزباً للقوى الحديثة نما بهذه الطريقة في أشهر قلائل ليصبح قوى محسوسة في كل الجامعات، ولكن حدثت ضربات وهذه واحدة من الأشياء المؤسفة ونعتبرها كبوة ونحن قادرون على تخطيها. عبدالخالق محجوب كان قائداً مُلهماً وذكياً وجريئاً، وكانت له رؤية ثاقبة ومقدرة غير عادية على إجتذاب الناس وتحت قيادته صار الحزب قوة يأبه لها من قِبل كل القوى السياسية في السودان ولم يكن أي حزب يبرم أي أمر دون أن يضع موقف الشيوعيين في الاعتبار، من الناحية الاجتماعية كان الحزب الشيوعي قوة تحسها في كل البيوت وكان للنفوذ الشخصي لعبد الخالق محجوب أثراً مباشراً في ذلك. الصادق المهدي من الصعب جداً أن تتحدّث عن الصادق المهدي في كلمات قليلة، لكن انا أعتقد في المحصلة النهائية أن تجربة الصادق المهدي كانت سلبية ودفع الشعب السوداني ثمناً غالياً لثقته به ولإيمانه بأنّه تعلّم من تجاربه ،وأنا أعتقد أن الصادق المهدي لم يتعلّم من تجاربه مطلقاً بل أن الصادق المهدي إرتكب خطأً جوهريّاً وهو إنه لم يفهم عدوه، كان يعتقد دائماً ومايزال أن الجبهة الإسلامية صديق وحليف أستراتيجي له وكانت الجبهة الإسلامية تعامله على طول الخط بإعتبار أنه عدوٌ وقد أطاحت به وهزمته وأهانته أيضاً. والقائد الذي لا يفهم عدوه ينهزم، من خلال مشاركة الصادق المهدي في حل الحزب الشيوعي من خلال تهاونه الكبير إزاء الجبهة الإسلاميّة القوميّة وهي تحضر لانقلابها وكان يعلم كل التفاصيل عن هذا الانقلاب لعب بذلك الصادق المهدي دوراً أساسياً في تدمير الديمقراطية السودانية. محمد إبراهيم نقد الأستاذ محمد ابراهيم نقد شخصية محبوبة وسط قطاعات كبيرة من الشعب السوداني للخصائص السودانية التي يتمتّع بها، اللغة البسيطة التي يعبر بها عن أفكاره ولحس الفكاهة والسخرية التي يكثر منها في خطابه ولكن على مستوى الحزب الشيوعي، أعتقد أن الأستاذ محمد إبراهيم نقد أنهى قوى ضخمة جداً وهمّش الحزب وأصبح لا يلعب دوراً يناسب تاريخه في الحياة السياسية السودانية. حسن عبدالله الترابي الترابي أكبر ديماجوج في تاريخ السُّودان. السيد محمد عثمان الميرغني ليس سياسياً، لا أتحدّث عنه في مجال السِّياسة يمكن أن أتحدّث عنه كزعيم روحي ينال إحتراماً كبيراً جداً من أقسام واسعة من الجماهير ولكن يفعل خيراً بنفسه وبهذه الجماهير إذا تنحى عن السياسة. الحاج وراق لا أريد أن أعلق على هذا.. نحن نتحدث عن زعماء كبار.
#عبد_الله_إبراهيم_الطاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
-
خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا
...
-
الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد
...
-
ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا
...
-
-فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|