أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس حنا - عندما تموت الجذور (قصة قصيرة)














المزيد.....

عندما تموت الجذور (قصة قصيرة)


رمسيس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 4306 - 2013 / 12 / 15 - 04:14
المحور: الادب والفن
    


عندما تموت الجذور (قصة قصيرة)

ظل برسوم حنا وفرغل خليفة على شراكتهما فى قطعة الأرض التى تبلغ مساحتها حوالى فدانين والتى توارثاها عن أبويهما طيلة المائة عام.

لم يحدث أبداً أن ارتفع صوت أحدهما على الاَخر حتى فى حالات الخلاف على بعض الحسابات نتيجة النسيان أو التى كانت تنجم بسبب ضغوط المواسم.

كانت قريتاهما تبعدان أحداهما عن الأخرى حوالى إثنا عشر كيلو متراً وكانت وسيلتهما فى الإنتقال هى الدواب.

لا يستطغ أحد أن يكتشف أن برسوم وفرغل ليسا أخوين إلا من اسميهما فقط ... حتى ملامحهما كانتا متقاربتين جداً لدرجة أنك تعتقد لأول وهلة أنهما أخوان صنوان أو أنهما توأمان من أول نظرة ... وسرعان ما تكتشف الفرق الوحيد بينهما عندما تتعرف على إسميهما.

فى بداية عام 1995 سقط برسوم فريسة المرض اللعين واكتشف الأطباء بعد عام أى فى بداية 1996 من معاناته أنه يرزح تحت وطأة المرض الخبيث "سرطان فى الكبد".

كان عم فرغل يتعود برسوم أسبوعياً أو كل عشرة أيام عندما لازم الثانى فراش المرض ولم يبرحه حتى وافته المنية فى السابع والعشرين من سبتمبر "أيلول" 1996.

وكان عم فرغل يحضر العزاء فى والدى ... وكان يجلس بجوراى صامتاً طيلة الوقت زائغ البصر شارد الذهن قليل الحيلة ... عندما كان يقف عند دخول أحد المعزين كان يترنح فى وقفته كأنه ثمل لدرجة أننى أشفقت عليه وأجلسته وطلبت منه الا يقف عند دخول المعزين.

ولكن الرجل كان يميل على ويهمس:
برسوم مات يا رمسيس.

فقلت له:
كلنا سوف نموت يا عم فرغل، البقية فى حياتك.

فقال مستنكراً:
هل بعد موت برسوم يوجد بقية فى الحياة.

ثم أردف قائلاً:
كنت أعلم أن هذا سوف يحدث.

فسألته:
ما الذى كنت تعلم أنه سوف يحدث يا عم فرغل؟

قال:
موتى وموت ابيك ... ولكن أبيك ضحك على وسبقنى.

واعتقدت أن كربة الحزن كانت شديدة الوطأة على الرجل

فقلت له:
لقد قدر الله وما شاء فعل وربنا يعطيك طول العمر يا عم فرغل.

فنظر الى نظرة عتاب و كأنه يسألنى إذا ما كنت اصدق ما يقول.

ثم قال لى:
كنت أتوقع أن تسألنى كيف علمت بموتى و موت أبيك مسبقاً.

ورأيت أنه من الأفضل أن اترك الرجل يفرج عن حزنه

فقلت له:
أنا لا أريد أن اقلب المواجع يا عم فرغل ولكن إذا اردت أن تخبرنى فأنا كلى أذان صاغية.

فقال لى:
هل تتذكر شجرتى الكافور اللتين كانتا مزروعتين على رأس الحقل من الناحية الشرقية؟

قلت له:
نعم وكنا نحتمى بظلهما لنتناول الغذاء ونستريح وقت القيلولة. ماذا حدث لهما؟

قال:
هل تعلم كم عمر هاتين الشجرتين؟

ثم قال:
طبعاً لا تعلموا أى شئ لا أنتم ولا أولادى لأنكم لم تسألوا ابداً عن أى شئ بيننا.

وأحسست بنبرة التوبيخ والحزن والندم فى صوته.
ثم قال:
واحدة اشتراها ابى وشتلها أبوك والأخرى إشتراها جدك وشتلتها أنا. وكان يطلق على الشجرتين اسم واحد "برسوم وفرغل" أو "فرغل وبرسوم".

ثم واصل حديثه قائلاً:
فى شتاء 1995/1994 جفت وتساقطت أوراقهما وثيبست الشجرتان وحاولنا أنا وأبوك أن نعرف السبب وحفرنا حولهما لكى نعلم إذا كان شئ ما اصاب جذورهما ... ولكن توقف البحث بسبب مرض أبيك ولكنى أحضرت أحد المهندسين الزراعيين الذى أخبرنى أن جذور الشجرتين قد جفت وتيبست لإصتدامهم بطبقة صخرية ذات ملوحة عالية. وماتت الشجرتان فتحققت من موتى وموت أبيك.

ثم صمت الرجل...

بعد أن فض مأتم والدى وفى الإسبوع التالى استيقظت فى تمام الساعة الخامسة والنصف صباحاً على صوت هاتفى فى أسيوط،

وكان على الطرف الاَخر من خط التليفون يأتى صوت محمود فرغل:
البقاء لله عمك فرغل توفى الى رحمة الله.
"رمسيس حنا"





#رمسيس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام يقظة (شعر)
- خرجت لتزرع (شِعر)
- بداية وتوجس (شِعر)
- بعض من صور حبيبتى (شعر)
- الظهور - شعر -
- أنا و هى - (قصه قصيره) -
- قصيدة مجنونة -شعر- الى مايكل نبيل سند
- إيزيس وبلقيس وممفيس
- عربدة كاذبة - شعر -
- راحيل - شعر -
- عربدة السكون والصمت - شعر -
- خرجت ولم تعد - شعر -
- إختناق
- قبس من نور (إلي شهيد الكلمة د . فرج فوده )
- التابو -شعر-
- ثورة حلم -- شعر-
- رسالة طفل أفريقي مفتوحة -شعر-
- الرفيق والطريق -شعر-
- نزوة كاذبة -شعر-


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس حنا - عندما تموت الجذور (قصة قصيرة)