أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الدين والروح القومية قبل يوليو1952















المزيد.....

الدين والروح القومية قبل يوليو1952


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4304 - 2013 / 12 / 13 - 22:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدين والروح القومية قبل يوليو1952
طلعت رضوان
لا يستطيع المؤرخ المُنصف إنكار أنّ إرهاصات الأصولية الإسلامية فى مصر، تمتْ قبل يوليو1952. ونفس الأمر بالنسبة لإنشاء فرق وتنظيمات راديكالية تـُطـبّـق منهج العنف المُسلح واغتيال الخصوم السياسيين على أسس دينية. لكن هذا المؤرخ المُنصف لا يستطيع كذلك تجاهل أنّ تاريخ مصر انشطر شطريْن رئيسييْن بعد يوليو52 وأنّ كل شطر منهما يختلف اختلافــًا جذريًا عن الآخر. وأنّ مرحة ما قبل مغايرة تمامًا لمرحلة ما بعد. وليس من سبب لهذا الاختلاف وهذه المغايرة إلاّ السبب القومى . وليس من معيار للحكم على هذه المرحلة أو تلك إلاّ المعيار القومى : مرحلة يمكن أنْ نـُطلق عليها مرحلة الاعتزاز بالقومية المصرية. ومرحلة نـُطلق عليها : التفريط فى القومية المصرية. وعلى ذات المعيار يمكن قياس موقف الكــُتاب فى كل مرحلة.
الإرهاصات الأولى :
فالمؤرخ المنصف لا يستطيع إنكار الإرهاصات التالية :
• تحريض جمال الدين الإيرانى الشهير بالأفغانى على الاغتيال السياسى وتصفية الخصوم جسديًا ، وبذر بذرة العنف المسلح. وذلك عندما حرّض على اغتيال شاه إيران عام 1896وأنّ الأفغانى كان على صلة بقاتل الشاه. وأنّ الشاب القاتل عندما أطلق الرصاص على الشاه صرخ فيه قائلا ((خذها من يد جمال الدين))
• إنشاء أول جماعة منظمة تقوم على أسس دينية (الإخوان المسلمين) التى نشأتْ فى مدينة الإسماعيلية عام 1927ثم طوّرتْ نفسها وتخلــّـتْ عن إدعائها بأنها (جماعة دعوية) بدءًا من عام 28ومع بداية الثلاثينيات أصبح لها جناح عسكرى مهمته تصفية الخصوم السياسيين مثلما حدث مع اغتيال النقراشى باشا والخازندار إلخ.
• إرهاصات التعصب الدينى : إذْ بعد الأفغانى جاء الدور على شخص آخر لا يقل خطورة عنه، شخص غير مصرى أيضًا هو محمد رشيد رضا ( وُلد فى طرابلس الشام عام 1865وجاء إلى مصر عام 1897) ساهم فى بذر بذور التعصب الدينى ، وهو تلميذ الأفغانى ، وكان مثله يُنادى فى كتاباته بتطبيق الشريعة الإسلامية ، وخضوع غير المسلمين لأحكامها، مما يعنى تغيير نظام الدولة من النظام العصرى الذى يتساوى فيه الجميع أمام القانون إلى نظام الدولة الدينية ، أى تقسيم الوطن بعد تكريس التعصب. ونادى بضرورة عودة الخلافة الإسلامية ، بكل الإرث الدامى لتاريخ الخلافة. وكان من أشد مُنتقدى طه حسين وعلى عبد الرازق وهاجم محمد على وتجربته فى تحديث مصر. وكان ضد الفن إذْ عندما خصّصتْ الحكومة مبلغ ألف جنيه لإعادة طبع كتب التراث العربى اعتبر أنّ هذا المبلغ قليل وهاجم الحكومة لأنها ((تــُنفق أكثر منه على التمثيل الذى يرى جمهور الأمة أنّ إثمه أكبر من نفعه)) (مجلة المنار- أول ديسمبر1910)
• وهذه المرحلة شهدتْ شخصًا ثالثا- غير مصرى أيضًا- هو التونسى عبد العزيز جاويش الذى كان واحدًا من المُتعصبين دينيًا. فكتب مقالا فى منفاه قال فيه ((لو دخلتك يا مصر لجعلتُ شعور المسيحيين حبالا ومن جلودهم نعالا)) ورغم أنّ اللغة الدينية هى المسيطرة فى كتابات أ. العقاد كتب فى ترجمته لحياة سعد زغلول أنه ((بينما سعد يعمل لاستقلال مصر بأيدى المصريين، كان الشيخ جاويش تونسيًا مشمولا بالحماية الفرنسية وتمسّك بها إلى يوم محاكمته فى قضية الكاملين. وهو من دعاة الخلافة العثمانية. لا يريد لمصر إلاّ منزلة الولاية التابعة من السيد المتبوع. وشقى بدعوته هذه محمد فريد ، فإنه كان معه فى الأستانة ويدعو لاستقلال مصر وشعاره (مصر للمصريين) (( فلقى من جاويش المكيدة والتآمر عليه مع ضباط تركيا الفتاة )) ووصف محمد فريد فى مذكراته جاويش بالجبن.
كانت ثورة شعبنا فى برمهات/ مارس19 أخطر ثورة شعبية فى مستعمرات الامبراطورية البريطانية. لذا وضع الإنجليز هدفـًا أساسيًا لهم هو عدم تكرار ما حدث والعمل على وأد أية ثورة شعبية. ولعلّ موقف المحتل البريطانى من جماعة الإخوان المسلمين يوضح ذلك ، إذْ أيّد الإنجليز الإخوان المسلمين وساعدوهم بالمال. وحسن البنا اعترف فى (مذكرات الدعوة والداعية) بأنّ شركة القنال الإنجليزية تبرّعتْ بمبلغ 500جنيه عند بناء أحد المساجد بالإسماعيلية. وذكر أنه أثناء عمله بالتدريس ، كان يُملى على التلاميذ موضوعات (فى حصة الإملاء) يتوخى فيها الثناء على الملك فؤاد ، كما شجّع العمال على الخروج لتحية الملك يوم زيارته للإسماعيلية ((حتى يفهم الأجانب (يقصد الإنجليز) أننا نحترم ملكنا ونحبه)) لذا كتب أحد رجال البوليس تقريرًا أشاد فيه ((بأثر الجماعة فى تقويم من لم تنفع معهم وسائل التأديب البوليسية)) واقترح أنْ ((تــُعمم الحكومة فروع هذه الجماعة فى البلاد))
وفى العدد الأول من مجلة النذير كتب حسن البنا أنّ الإسلام ((مصحف وسيف)) وفى رسالة (نحو النور) تكلــّم عن (الموبقات العشر) وتضمّـنتْ خمسين مطلبًا لم يرد بها مطلب واحد بجلاء الإنجليز عن مصر. بينما همه الأساسى هو عودة الخلافة الإسلامية. وذكر أ. طارق البشرى الذى تحوّل من مؤرخ إلى داعية إسلامى أنّ جماعة الإخوان المسلمين ((كانت أقل التنظيمات المصرية تعرضًا للمسألة الوطنية)) وذكر أيضًا أنّ قيادة الإخوان كانت تجمع السلاح خفية فى تنظيم سرى دون أنْ تــُعلن منهجًا يتعلق بالكفاح المسلح ضد الإنجليز، بينما كانت فصائل اليسار تتبنى ذلك فى مطبوعاتها ، وتطوّر الأمر لدرجة قيادة اليسار للكفاح المسلح فى مدن القناة.
وذكر أ. أحمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة أنه أثناء اعتقاله فى معتقل الزيتون ، تم اعتقال حسن البنا وقادة الإخوان كغيرهم . وفى يوم ((حضر إلى المعتقل حامد جوده الوزير السعدى فى وزارة حسين سرى (عام 1941) واجتمع بحسن البنا عدة ساعات ثم أفرج عنه بعد أيام)) فكتب أ. البشرى ((يُفسر أحمد حسين هذا الإفراج الغريب بأنه كان رغبة فى أنْ يستغل حزب السعديين حركة الإخوان فى دعم نفوذ الحزب. وأنّ الشيخ البنا خرج من المعتقل وازداد جاهًا ونفوذا ومضى فى دعوته حرًا طليقــًا يجوب البلاد ، يؤلف الشـُعب داخل الجماعة. واشتهر فى البلاد أنّ الإخوان المسلمين فى حماية الحكومة القائمة وفى حماية السعديين بصفة خاصة)) كما أنّ أحمد حسين ضرب الأمثلة لمساعدة الحكومات الرجعية للإخوان. واستشهد أ. البشرى بما كتبه أ. أحمد حسين كثيرًا عن الإخوان وعن حسن البنا وكيف غدروا به. ولماذا كانت حكومات الأقلية تساعد الإخوان المسلمين لضرب الوفد والشيوعيين وكافة القوى الوطنية.
اعتبرأ. البشرى أنّ لشهادة أ. أحمد حسين أهمية خاصة. لماذا؟ ((وأهمية حديث أحمد حسين عن الإخوان أنه فى عمله السياسى كزعيم مصر الفتاة كان أكثر عداءً للوفد من الإخوان. وبذلك تــُعتبر شهادته أكثر ابتعادًا عن الظنون التى يمكن أنْ توجّه إلى أحد الوفديين أو الشيوعيين ممن عرفوا غالبًا بالعداء الشديد للإخوان)) (طارق البشرى- الحركة السياسية فى مصر- 1945- 1952- دار الشروق- ط 2- عام 1983- أكثر من صفحة)
السطور السابقة إطلالة سريعة على ما حدث فى أعقاب ثورة شعبنا فى شهر برمهات / مارس 19، فى تلك الثورة عبّرتْ الجماهير الشعبية عن رغبتها فى التخلص من المحتل الإنجليزى ، ولكن الأهم أنّ تلك الرغبة كانت محمولة على إحساس قومى بمعنى (الوطن) وهو ما تم التعبير عنه فى هتاف الجماهير ((بلادى بلادى لك حبى وفؤادى)) ذاك الهتاف الذى تحوّل إلى النشيد القومى بصوت خالد الذكر سيد درويش ، وتلازم معه شعار ((الدين لله والوطن لكل المصريين)) ويقف شيخ مُعمم اسمه (محمد عبد المطلب) فى وسط الآلاف من المسيحيين والمسلمين ويُلقى قصيدة قال فيها ((لكل دين هو به مؤمن.. ولكن خذلان البلاد هو الكفر)) لم يقل أنّ عدم الصلاة وعدم الإيمان بباقى أركان الإسلام هو الكفر، وإنما الكفر الحقيقى هو((خذلان البلاد)) وبعد اكتشاف مقبرة توت – عنخ – آمون عام 1922 كتب الشاعر والزجّال يونس القاضى الأغنية التى ردّدها كل من سمعها من شعبنا وقال فى مطلعها ((ما يجيش زيّى إنْ لفْ الكون.. دا أنا أبويا توت عنخ آمون)) إزاء هذا الموقف الجماهيرى المشحون بحب الوطن الذى صنع ضفيرة واحدة جدل فيها رغبة التخلص من الإنجليز، مع التخلص من حجاب المرأة (كرمز للتخلص من الثقافة الوافدة بعد الغزو العربى) مع الإعتزاز بالحضارة المصرية وتكريس مبدأ الانتماء للوطن وليس للدين ، بمراعاة أنّ الدين معتقد (شخصى) له صفة (الذاتية) بينما الوطن هو (الموضوع) الذى يضم جميع أبناء الأمة المصرية فى أعطافه، إزاء ذلك قرّر الإنجليز مساعدة حسن البنا فى تكوين جماعته الإرهابية ، ليكون الإنتماء للدين وليس للوطن.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدور الحضارى لحكماء مصر القديمة
- التعريف العلمى لهوية الوطن
- جمال عبد الناصر ومحمد مرسى
- القمع باسم العمال والفلاحين
- ضباط يوليو والإدارة الأمريكية
- الكوتة لا تحقق المواطنة
- من سيسل دى ميل إلى يوسف شاهين
- رد على الأستاذة أحلام أحمد
- الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب
- مؤامرة صهيونية لإخراج رمسيس من مصر
- التقدم العلمى فى علم الصيدلة فى مصر القديمة
- التعليم فى مصر القديمة
- صراع الحب والكراهية حول معشوقة الأحرار: المعرفة
- حُمّى السيادة على العالم
- الدولة State والدسلتير
- اليهود البشر واليهود النصوصيين
- تركيا من أتاتورك وإسماعيل أدهم إلى أردوغان
- سراب اسمه (تجديد الخطاب الدينى)
- موتسارت : طفل معجزة وحياة بائسة
- التوراة بين التاريخ والعلم والأساطير


المزيد.....




- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار ...
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الدين والروح القومية قبل يوليو1952