|
جولات كيري المتكررة -نسمع طحناً ولا نرى طحيناً -
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 4269 - 2013 / 11 / 8 - 14:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" يواصل جولاته المكوكية المتكررة بين السلطة الفلسطينية ودولة الإحتلال الإسرائيلي،وكيري يبحث على ان يسجل إنجازاً للسياسة الأمريكية في المنطقة،بعد ان منيت بفشل ذريع في اكثر من منطقة وساحة سوريا ومصر بشكل خاص،وهو يريد كذلك ان يبني له مجداً شخصياً،على أساس انه حقق نجاحاً غير مسبوق في إطار "لحلحة" وفكفكة حلقات الصراع العربي- الصهيوني وفي القلب منه القضية الفلسطينية،فكيري نجح في إعادة السلطة الفلسطينية الى العملية التفاوضية،رغم أن المؤسسات الرسمية الفلسطينية من لجنة تنفيذية ومجلس مركزي واحزاب وفصائل وجماهير شعبية رفضت تلك العودة،مستندة ومعللة ب/ ولرفضها الى ان تلك المفاوضات المتواصلة منذ عشرين عاماً،تدور في حلقة مفرغة،ولم تحقق أية إنجازات جدية لصالح الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،بل كانت تلك المفاوضات تستغل من قبل الجانب الإسرائيلي من اجل فرض وقائع وحقائق جديدة على الأرض،وبما يحدث تآكلاً في هيبة وسمعة ومصداقية القيادة الفلسطينية،وإظهارها بمظهر الموافق على ما تقوم به اسرائيل من إجراءات وممارسات قمعية وإحتلالية بحق شعبنا الفلسطيني،ولكن رغم ذلك عادت السلطة الفلسطينية للعملية التفاوضية،نتيجة ضغوط امريكية وعربية خليجية كبيرة مورست عليها،وتهديدات بقطع المساعدات المالية عنها وبما يهدد دورها وبقاءها. المهم السلطة الفلسطينية عادت الى تلك المفاوضات المسقوفة زمنياً بتسعة شهور،على ان يجري خلالها تحقيق اتفاق يؤدي الى إقامة دولة فلسطينية على كامل الأراضي المحتلة عام 1967،وخلال تلك الفترة من المفاوضات تمتنع اسرائيل عن القيام بأية خطوات آحادية الجانب،وبالذات مواصلة الإستيطان من شأنها ان تقوض تلك المفاوضات او تفرغها من مضمونها،ولكن حكومة الإحتلال الحالية القائمة والقادمة على برنامج جوهره ومرتكزه الإستيطان،تدرك جيداً بأن التزامها بمثل هذا الشرط يعني انها ستنتحر سياسياً،فالمجتمع الإسرائيلي يتجه نحو اليمينية والتطرف والمستوى السياسي غير ناضج لحل او مفاوضات توقف الإستيطان،ولذلك وجدنا ان تلك الحكومة اليمينية لكي تضمن استمرار إئتلافها الحكومي ومواصلة المفاوضات،لجأت الى خلق معادلة جديدة،هي أسرى مقابل الإستيطان،حيث قسمت أسرى ما قبل اوسلو ال(104 ) والذين كان يفترض اطلاق سراحهم قبل عشرين عاماً الى اربع دفعات،كل دفعة يفرج عنها،يعلن عن طرح مناقصات ومشاريع لإقامة وبناء مئات الوحدات الإستيطانية في القدس،وهذه المعادلة وهذه الطريبقة،وما سربته وسائل الإعلام العبرية،من ان الطرف الفلسطيني عندما عاد الى المفاوضات،كان على علم بأن عدم وقف الإستيطان،ليس شرطاً لمواصلة المفاوضات،وبان هذا الإستيطان المتواصل هو شرط لإطلاق سراح اسرى ما قبل اوسلو،هذه الأخبار والتسريبات وضعت السلطة الفلسطينية في موقف محرج امام الشعب الفلسطيني،وزادت النقمة والسخط عليها،ولذلك كادت الجولة التفاوضية التي عقدت في القدس المحتلة يوم الثلاثاء الماضي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ،ان تنفجر حيث نفى الطرف الفلسطيني موافقته على ان يستمر الإستيطان مقابل إطلاق سراح اسرى ما قبل اوسلو،وهذا دفع بكيري الى التدخل من اجل ان لا تنفجر المفاوضات وينسحب الطرف الفلسطيني منها،ولذلك لجأ لكي يطمئن الطرف الفلسطيني ويبدد مخاوفه الى ترديد الأسطوانة الأمريكية المشروخة بأن الإستيطان غير شرعي،وبأن إطلاق سراح الأسرى غير مرتبط بمواصلة الإستيطان،وإن كان في باريس خلال لقاءه في اواخر الشهر الماضي مع وزراء الخارجية العرب،قد قال بأن الطرف الفلسطيني يتفهم عدم قدرة نتنياهو على وقف الإتسيطان،حتى لا تسقط حكومته. كيري يدرك جيداً بأن مساعيه وجهوده وجولاته المكوكية محكوم عليها بالفشل،وأقصى ما يمكن ان ينتزعه من الإسرائيليين،هو اتفاق مرحلي طويل الأمد،يضعنا نحن الفلسطينيين امام اوسلو (2) على نحو اسوء من اوسلو (1)،فلا اسرائيل حكومة وشعباً قانعة او راغبة او مقتنعة بتقديم تنازلات جدية تلامس الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني،دولة فلسطينية على 22 % من مساحة فلسطين التاريخية،ولا الإدارة الأمريكية قادرة على او مستعدة لممارسة ضغوط جدية على اسرائيل من اجل الإنسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ،وذلك نجد بان كيري في جولاته المكوكية،وبعد شعوره المتزايد بالفشل،بدأ بالهروب الى الأمام،وبما يبقى تلك المفاوضات مستمرة،من خلال التركيز على الخيار والجانب الاقتصادي،كخيار من شأنه المساهمة في خلق حالة من الثقة بين الطرفين على حد زعمه،خيار ومشروع طرحه نتنياهو،تحسين شروط وظروف حياة الفلسطينيين الاقتصادية من خلال صندوق دولي تحت الاحتلال،مع شرعنة وتأبيد لهذا الإحتلال. لذلك يعتمد السيد كيري في "وساطته" دبلوماسية كما يقول الزميل عريب الرنتاوي على شراء الوقت وإطلاق الوعود التي لا يضمن إنفاذها ... يخاطب كل فريق بما يتصدر قائمة أولوياته ومخاوفه ... يغدق على الإسرائيليين وعود حفظ الأمن والتفوق ... ويداعب الفلسطينيين القلقين على ما تبقى لهم من قدسهم وضفتهم بأحاديث مقتضبة عن "الاستيطان غير الشرعي" وعرض "حفنة من الدولارات" ... يعطي كل فريق ما "يطرب" له من تعهدات، حتى وان تعارض أحدها مع الاخر، فالمهم ان تبقى "العملية". وان يستمر الفلسطينيون حول مائدة المفاوضات حتى الربيع القادم. لكي تستطيع الإدارة الأمريكية التفرغ للملفات الهامة الأخرى في المنطقة،فهي قلقة على مصالحها في مصر،وخصوصاً ان القيادة المصرية الجديدة تتجه الى بناء تحالفات وعلاقات استراتيجية مع روسيا،تنوع مصادر تسليح الجيش المصري،ومنح الروس قاعدة بحرية في السويس،وأيضاً المحادثات المتواصلة مع ايران،بعد التقارب مع القيادة الايرانية الجديدة حول ملفها النووي،وما تطلبه طهران من مصالح وامتيازات نفوذ إقليمي وعربي مقابل ذلك،وكذلك الأزمة السورية،وفشل امريكا في اقناع من يدور في فلكها من قوى المعارضة بحضور جنيف (2) في ظل رفض سعودي لذلك،وتوتر في العلاقة معها على خلفية ذلك. كيري وجولاته المكوكية ستبقى قائمة ومستمرة،وسيعتمد فيها على شراء الوقت والمزيد من الرشاوي الاقتصادية،التي من شانها أن تجعل الطرف الفلسطيني يواصل السير فيها حتى الربيع القادم.
القدس- فلسطين 8/11/2013 0524533879 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سقط الإبراهيمي....وسقط اللا عربي..
-
-قدرة النفط- على بناء وتعظيم ادوار إقليمية لمنتجيه ومصدريه
-
ما قاله كيري خطير وما كشفه دحلان اخطر
-
خطة كيري الاقتصادية مشروع نتنياهو الاقتصادي بطبعة بلير
-
لقاء الأسد ومقاربات الواقع
-
لماذا الحرد السعودي الآن..؟؟؟
-
سوريا تمسك بالمقود من جديد
-
حماس إستداره من جديد
-
صوملة ليبيا
-
ايران تفرض معادلات جديدة في المنطقة
-
ثمة تساؤلات مقدسية كثيرة
-
المنطقة تغلي والوضع قابل للإنفجار
-
آه ...آه ....آه .... يا قدس
-
هل سيضعنا الكيماوي السوري أمام يالطا (2)..؟؟؟
-
المعركة على المنهاج في القدس جزء من المعركة على السيادة الوط
...
-
المبادرة الروسية دلالات ومعاني....
-
جامعة الدول العربية تبول على نفسها مرة أخرى...
-
لماذا تراجعت امريكا عن شن حربها على سوريا...؟؟؟
-
هدف الحرب على سوريا تدمير روافع المشروع القومي العربي
-
تفجيرات طرابلس والضاحية الجنوبية وكيماوي الغوطه/ تحمل نفس ال
...
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|