أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - كلكامش نبيل - خطوات إلى الوراء – دراسة مقارنة بين قانون الأحوال الشخصيّة لعام 1959 ومشروع القانون الجديد















المزيد.....


خطوات إلى الوراء – دراسة مقارنة بين قانون الأحوال الشخصيّة لعام 1959 ومشروع القانون الجديد


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 4260 - 2013 / 10 / 30 - 01:47
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


خطوات إلى الوراء – دراسة مقارنة بين قانون الأحوال الشخصيّة لعام 1959 ومشروع القانون الجديد

في الوقت الذي توقّعت فيه شعوب المنطقة تحوّلا ديمقراطيّا حقيقيّا، مع إنّ حصول ثورة ثقافيّة يعدّ الركن الأساسي قبل خلق أي تحوّل من هذا النوع، ولا يكفي إسقاط الأنظمة بأي شكل من الأشكال لخلق ذلك النظام المنشود، إلاّ أنّ من صدّق ذلك من شعوب المنطقة في السابق نراه اليوم يصطدم بجدران الواقعة صدمات أحالت كل أحلامه فتاتا تذروها الرياح، فالواقع الذي أفرزته تلك التغيّرات والفوضى التي تغرق فيها دول ما يسمّى بالربيع العربي اليوم وفوز الأحزاب الإسلاميّة في الإنتخابات يبدو وكأنّه أعادنا إلى المربّع الأوّل لنناقش مسائل كنّا قد إعتقدنا يوما ما بأنّنا قد إجتزناها وبأنّ نضالنا سيستمر من أجل تحقيق المزيد من المكتسبات على طريق تحقيق الدولة المدنيّة الحقّة التي تحترم المواطنين وتقرّ بالمساواة بين أبناء البلد الواحد دون أي تميّيز على أساس الدين أو الجنس أو العرق أو اللون. لكنّنا اليوم نجد أنفسنا أمام واقع يهدّد بضياع كل تلك المكتسبات التي أحرزتها المرأة العراقيّة التي دوّنت إسمها بماء الذهب في كتب التاريخ القديم والحديث، فمن هذه الأرض عرفنا أول شاعرة بإسمها هي الأميرة الأكديّة أنخيدوانا، وعلى هذه الأرض حكمت الملكة السومريّة كوبابا لمدّة أربعين عام وحكمت سميراميس الآشوريّة إمبراطوريّة مترامية الأطراف، بل وأثبتت حفيدات تلك الملكات العظيمات في التاريخ الحديث بأنّهنّ من ذلك النسل المجيد، فكتبت نساء العراق إسم بلدهنّ كأوّل دولة في المنطقة تعيّن سيّدة في منصب وزير عام 1959 عندما كانت الدكتورة نزيهة الدليمي وزيرة للأشغال العامة وساهمت في صياغة قانون ينظّم الأحوال الشخصيّة بطريقة متطوّرة تثبت المساواة بين الرجل والمرأة، كما كانت المرأة العراقية على قدر المسؤوليّة وأكّدت بأنّها تشكّل أكثر من نصف المجتمع فنهضت بدورها على أتمّ ما يكون فكانت القاضية والمعلّمة والأستاذة الجامعيّة والموظّفة وما شابه ذلك من وظائف وقفت فيها إلى جانب الرجل بكل نديّة مثبتة كفاءتها وأحقيّتها في ما نالته من حقوق.

لكنّنا اليوم نجد أنفسنا أمام قانون جديد يحمل في طيّاته الكثير من المخاطر التي تهدّد مكتسبات المرأة العراقيّة في الدرجة الأولى وتشكّل تهديدا للوحدة المجتمعيّة في وطننا ومخطّطا إضافيّا يسعى إلى تكريس الإنقسام فيه على كافّة الصعد، هذا بالإضافة إلى مخاطر أسلمة الدولة بشكل متزايد والقضاء على كل أشكال المدنيّة ليبصر الحالمون أنّنا نسير إلى الوراء في وتيرة متسارعة تجعل الكلام عن الديمقراطيّة والدولة المدنيّة حلما بعيد المنال في حال إقرار هذا القانون وقيام طوائف أخرى وأديان أخرى بتأليف محاكم خاصّة بها لتضرب الوحدة الوطنيّة الضربة القاضية وتكرّس واقع لبننة العراق بشكل أعمق والذي يبدو وكأنّه تعبير عن الفهم العربي للديمقراطيّة.

لا أدّعي بأنّ هذه القراءة دراسة تفصيليّة دقيقة، فما هي إلاّ قراءة سريعة وملاحظات عن النقاط التي أثارت إنتباهي وشعرتُ بأنّه من واجبي كمواطن وواجب المختصّين في المجال القانوني توضيحها للشعب وتحليلها في محاولة لتوضيح أثرها على المجتمع وتبيان سبب رفض القوى المدنيّة لمشروع القانون من دون أي يكون ذلك مجرّد رفض لأجل الرفض الغير المبنى على أسباب موجبة وتوضيح آثارها المستقبليّة على الوطن والأمّة.

بداية لنقارن بين القانون الذي يحدّد على من سيسري هذا القانون، ففي قانون عام 1959 نجد أنّ الفقرة أوّلا من المادّة الثانية فيه تقرأ ما يلي، "تسري أحكام هذا القانون على العراقيين إلا من استثني منهم بقانون خاص ." أي أنّه تعامل مع العراقيّين بصفتهم مواطنين في دولة العراق مع إحترام الخصوصيّة الدينيّة لمن يعتنق ديانات أخرى وحقّهم في التحاكم وفق الشرائع التي تقرّها أديانهم لوجود ضرورات تبرّر ذلك. بينما نقرأ في مشروع القانون الجديد في المادة 246 "تسري أحكام هذا القانون على العراقيين بناءا على طلب المدّعي أو وكيله" ولكنّ الفقرات التالية تعطي الإنطباع بأنّ هذا القانون يخصّ طائفة معيّنة من أبناء الشعب بشكل يثير المخاوف من أن تقوم طوائف أخرى بإنشاء محاكم مشابهة وبالتالي سنجد انفسنا أمام تجزئة للقضاء على أساس طائفي ربما يجعل من المستحيل في المستقبل الزواج بين الطوائف المختلفة وسيجد كل مواطنا مجبرا على التقاضي أمام محاكمة خاصّة بطائفة ما فقط لأنّه ولد ليجد نفسه ينتمي لأسرة تتبع تلك الطائفة أو غيرها، ويختتم القانون نصوصه ليبرّر سبب تشريعه في كونه تعبيرا عن إحترام حريّة الفكر والمعتقد وإيمانا منهم بأنّ لكل شخص الحق في التقاضي وفق ما يؤمن به، ولكنّ القانون يغفل بأنّ كل الدول المدنيّة المتقدّمة، بما في ذلك فرنسا، قلب الديمقراطيّة وقلعة الحريّات الحصينة، لا تميّز بين المواطنين على أساس العرق أو الدين، بل أنّ القانون هناك يمنع إجراء إحصاءات رسميّة تتضمّن الإشارة إلى مثل هذه الأمور لدرجة أنّهم غير قادرين على تحديد نسبة المسلمين والأجانب المقيمين على أراضيهم اليوم على وجه الدقّة لأنّ القانون يمنع قيام مثل هذه الإحصاءات. ولا ننسى بأنّها تعامل كل المواطنين على أنّهم بشر ولا تميّز بينهم في حالة الزواج فالجميع مواطنون أمام قانون مدني واحد، ولا يمكن أن يدّعي أحد بأنّ وجود قانون مدني يسري على الجميع يعتبر إجحافا بحق الفئات التي تصرّ على الزواج الديني. فلكل شخص أن يجري مراسم الزواج وفق ديانته ولكنّ الزواج الرسمي المعتمد هو ذلك الذي يعقد في البلديّة ويسجّل في المحاكم.

فيما يخصّ الزواج يمكن ملاحظة تعريف ذلك في قانون عام 1959 في الفقرة أوّلا من الباب الأوّل كالآتي، " الزواج عقد بين رجل وإمرأة تحل له شرعا غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل." أي أنّه وضّح بأنّ ذلك الزواج الهدف منه الإستمرار والشراكة وليس مجرّد علاقة عابرة كما هو حال تعريفه في مشروع القانون الجديد في المادة 42 والتي تقرأ ما يلي، "النكاح (الزواج) هو رابطة تنشأ بين رجل وإمرأة تحل له شرعا." فترك المسألة مفتوحة قد يفرغ فكرة الزواج من محتواها. في القانون القديم نرى الفقرات التالية من نفس المادّة توضّح المزيد من التفاصيل فيما يخص هذه المسألة، فنقرأ في الفقرة الثانية، " إذا تحقق إنعقاد الزوجية لزم الطرفين أحكامها المترتبة عليه حين إنعقاد." والفقرة الثالثة " الوعد بالزواج وقراءة الفاتحة والخطبة لا تعتبر عقدا ."
فيما يخص إتمام عقود الزواج نرى أنّ القانون الجديد يتكلّم بطريقة يخال معها الشخص وكأنّه في دولة إسلاميّة وتتكرّر فيها كلمات الشهود الذين يشترط كونهم مسلمين بالإضافة إلى التميّيز على أساس الجنس من خلال إعتبار المرأة نصف إنسان وأنّ شهادة إمرأتين تعادل شهادة رجل واحد، بينما نجد في قانون عام 1959 في الفقرة أولا دال من المادّة رقم 6 ما يلي "شهادة شاهدين متمتعين بالأهلية القانونية على عقد الزواج . كما نجد في بعض فقرات المادّة العاشرة ما يمنحنا الشعور بأنّنا أمام محكمة مدنيّة تطلب من الشخص أوراق رسميّة وتعامل المرأة على قدر من المساواة مع الرجل، ولا تعترف بالعقود التي تتم خارج إطار المحكمة ممّا يعطي القانون هيبة في بلد تدرّس كل كليّات القانون حول العالم ما أنجزه ملوكه الأوائل من أمثال أورنمّو ولبت عشتار وأوروكاجينا وحمورابي من إنجازات على الصعيد القانوني، فكان بلد التشريع الأوّل ونهلت الكثير من العقائد من تشريعاته ما لا يمكن لأحد أن يتصوّره. فنقرأ ما يلي في المادّة رقم 10:
يسجل عقد الزواج في المحكمة المختصة بدون رسم في سجل خاص وفقا للشروط الآتية:
1- تقديم بيان بلا طابع يتضمن هوية العاقدين وعمرهما ومقدار المهر وعدم وجود مانع شرعي من الزواج على أن يوقع هذا البيان من العاقدين ويوثق من مختار المحلة أو القرية أو شخصين معتبرين من سكانها .
2- يرفق البيان بتقرير طبي يؤيد سلامة الزوجين من الأمراض السارية والموانع الصحية وبالوثائق الأخرى التي يشترطها القانون .
3- يدون ما تضمنه البيان في السجل ويوقع بإمضاء العاقدين أو بصمة إبهامهما بحضور القاضي ويوثق من قبله وتعطى للزوجين حجة بالزواج .
4- يعمل بمضمون الحجج المسجلة وفق أصولها بلا بينة، وتكون قابلة للتنفيذ فيما يتعلق بالمهر، ما لم يعترض عليها لدى المحكمة المختصة .
5 - يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة او بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة دينار ولا تزيد على الف دينار كل رجل عقد زواج خارج المحكمة وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس سنوات إذا عقد خارج المحكمة زواجا أخر مع قيام الزوجية .
والمادّة رقم 9:
1- لا يحق لاي من الاقارب او الاغيار اكراه أي شخص ذكرا كان ام انثى على الزواج دون رضاه ويعتبر عقد الزواج بالاكراه باطلا إذا لم يتم الدخول كما لا لا يحق أي من الاقارب او الاغيار منع من كان اهلا للزواج بموجب أحكام هذا القانون من الزواج .
ولمّا كنّا ننشد دولة مدنيّة وكان الأجدر بنا أن نحصل على قوانين أكثر تطورا من قانون عام 1959 كأن نواكب القوانين التركيّة أو التونسيّة التي تقضي بمنع ظاهرة تعدّد الزوجات نرى مشروع القانون الجديد يفرد فقرات تناقش كيفيّة توزيع الليالي التي يكرّسها الزوج لكلّ واحدة من زوجاته تبعا لعددهنّ كما هو مبيّن في المادّة 104، بينما ناقش قانون عام 1959 المسألة في الباب الأوّل ومعطيا الزوجة القليل من الحق في تحديد قيامها زوجها بالتعدّد كما نقرأ في الفقرة الثالثة من المادّة الأولى "لا يجوز الزواج بأكثر من واحدة إلا بإذن القاضي ويشترط لإعطاء الإذن تحقق الشرطين التاليين: أ‌- أن تكون للزوج كفاية مالية لإعالة أكثر من زوجة واحدة .ب‌- أن تكون هناك مصلحة مشروعة .والفقرة الخامسة من المادّة المذكورة آنفا تقيّد المسألة أكثر بموافقة القاضي"إذا خيف عدم العدل بين الزوجات فلا يجوز التعدد ويترك تقدير ذلك للقاضي." وتوقع الفقرة السادسة العقوبة على المخالف، فنقرأ ما يلي: "كل من أجرى عقدا بالزواج بأكثر من واحدة خلافا لما ذكر في الفقرتين 4و5 يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة بما لا يزيد على مائة دينار أو بهما." هنا نحن نقف أمام خطوة تراجع إلى الوراء بدل أن نتقدّم وتقرّ الدولة الديمقراطيّة بالمساواة الحقيقيّة بين الرجل والمرأة وتصدر قانونا يجرّم ظاهرة تعدّد الزوجات بصيغة واضحة وملزمة.

نجد في قوانين قديمة تمّ إلغاءها من قانون عام 1959 في السبعينيّات بأنّها كانت تمنح المرأة حقوقا أكثر في حالة التعدّد فنقرأ ما يلي في المادة 26:. ثانيا ليس للزوج أن يسكن مع زوجته ضرتها في دار واحدة بغير رضاها، وليس له إسكان أحد من أقاربه معها إلا برضاها سوى ولده الصغير غير المميز . نص قديم

من المسائل الأخرى والجديرة بالأخذ مسألة البلوغ وتحديد السن القانوني الذي يكون بموجبه للشخص الحق في الزواج، في هذا الصدد نجد بأنّ قانون عام 1959 قد أثبت فقرة واضحة لا لبس فيها تمنع بموجبها زواج القاصرين وفق منظور متحضّر كما هو معمول به في الدول المتقدّمة، فنقرأ في الفصل الثالث المتعلّق بالأهليّة ما يلي، "أولا يشترط في تمام اهلية الزواج العقل واكمال الثامنة عشر. وثانيا، "- للقاضي أن يأذن بزواج أحد الزوجين المريض عقليا إذا ثبت بتقرير طبي إن زواجه لا يضر بالمجتمع وإنه في مصلحته الشخصية إذا قبل الزوج الآخر بالزواج قبولا صريحا ." بينما نقرأ في الفقرة أوّلا من المادّة 16 من مشروع القانون الجديد ما يلي " أولا – البلوغ بمعنى إكمال 9 سنوات هلالية وفقا للتقويم الهجري عند الإناث، وإكمال 15 خمس عشر سنة هلالية للذكور أو تحقق إحدى العلامات البدنية المعتمدة لدى فقهاء المسلمين في إثبات البلوغ عند الذكر." أي أنّنا نقف أمام قانون يجيز زواج القاصرين بشكل مرعب وواضح ويصر على أسلمة كل الفقرات القانونيّة من خلال إشتراط حساب العمر بالتقويم الهجري ووفقا للأشهر القمريّة، كما أنّ العديد من المواد القانونيّة الأخرى تعطينا الإنطباع بأنّ الزواج سيكون متاحا لما هم دون هذا العمر من خلال قراءة المواد التالية من مشروع القانون الجديد:
المادة 43 سادسا – أن يكون العاقد بالغا عاقلا، فلا يصح عقد المجنون ولا عقد الصبي المميز لنفسه بدون إذن الولي "الآب والجد الآب".
المادة 48 يصح التوكيل في عقد النكاح من طرف واحد أو من الطرفين وبنفسيهما إن كانا كاملين، أو بالتوكل من خلال وليهما إذا كانا قاصرين.
المادة 50 الأب والجد من طرف الأب العاقلان المسلمان لهما حصرا ولاية التزويج على الطفل الصغير والصغيرة وعلى المجنون المتصل جنونه بالبلوغ.
في الوقت الذي أضحت فيه مباديء المواطنة والإنتماء للإنسانيّة هي الأساس الذي يحكم العلاقات بين الشعوب نجد القوانين العراقيّة وغيرها من قوانين معمول بها في الدول ذات الغالبيّة المسلمة تميّز على أساس الدين بكل وضوح وهنا نجد الأمر واضحا في قوانين عام 1959 ومشروع القانون الجديد فنقرأ في الأوّل ما يلي في المادة 17، " يصح للمسلم أن يتزوج كتابية، ولا يصح زواج المسلمة من غير المسلم ." فهنا يمكن ملاحظة تمييز على أساس الدين والجنس فيبيح للذكر ما لا يبيحه للمرأة، فيما يصرّ مشروع القانون الجديد على التمييز على أساس الدين ومنع الزواج بين المواطنين من أديان مختلفة فنقرأ في الفقرة المادة 63 لا يصح نكاح المسلمة من غير المسلم مطلقا ولا يصح نكاح المسلم نكاحا دائميا من غير المسلمة مطلقا والمرتدة عن الدين الإسلامي. وفي المادّة الأخيرة يمكن أن تثار أسئلة عن طبيعة النكاح "الدائمي" ووجود أنواع أخرى من الزواج في إطار القانون، بالإضافة إلى المخاوف من تطبيق حدود الردّة كما هو الحال في الدول التي تحكمها القوانين الإسلاميّة ولا يمكن تمرير ذلك بتساهل لما فيه من مخاطر مستقبليّة تحيق بالوطن والأمّة العراقيّة.

فيما يخصّ النفقة يمكن ملاحظة بعض القوانين المجحفة بحقّ المرأة في القانونين ومعاملتها على أنّها مواطن من الدرجة الثانية ووجوب أخذها الإذن من زوجها في حال مغادرتها منزل الزوجيّة، وهنا يمكن ملاحظة مدى المعاملة الدونية للمرأة وإعتبارها ملكا للرجل وليست لها الحريّة الكاملة المساوية لحريّة الرجل، بالإضافة إلى كون الفقرة غير منطقيّة ولا تتماشى مع الواقع الحالي وعمل المرأة وتنافي أصلا ما هو موجود على أرض الواقع من تغيّر في واقع المرأة الشرقيّة، فنقرأ في المادّة 25 الفقرة أولا ما يلي لا نفقة للزوجة في الاحوال الآتية : - أ – اذا تركت بيت زوجها بلا اذن، وبغير وجه شرعي .ب – اذا حبست عن جريمة او دين .جـ - اذا امتنعت عن السفر مع زوجها بدون عذر شرعي .ولكنّ القانون قيّد بشكل ما هذه الفقرة بفقرات أخرى تحت بنود المادّة نفسها، تنتصف جزئيّا لحقوق المرأة، فنقرأ: الفقرة الثانية - لا تلزم الزوجة بمطاوعة زوجها، ولا تعتبر ناشزاً، اذا كان الزوج متعسفاً في طلب المطاوعة قاصداً الاضرار بها او التضييق عليها، ويعتبر من قبيل التعسف والاضرار بوجه خاص ما يأتي : -
أ – عدم تهيئة الزوج لزوجته بيتاً شرعياً يتناسب مع حالة الزوجين الاجتماعية والاقتصادية .
ب – اذا كان البيت الشرعي المهيأ بعيداً عن محل عمل الزوجة، بحيث يتعذر معه التوفيق بين التزاماتها البيتية والوظيفية .
جـ - اذا كانت الاثاث المجهزة للبيت الشرعي لا تعود للزوج .
د – اذا كانت الزوجة مريضة بمرض يمنعها من مطاوعة الزوج .
الفقرة الثاثة - على المحكمة ان تتريث في اصدار الحكم بنشوز الزوجة، حتى تقف على اسباب رفضها مطاوعة زوجها .
الفقرة الرابعة على المحكمة ان تقضي بنشوز الزوجة، بعد ان تستنفد جميع مساعيها في ازالة الاسباب التي تحول دون المطاوعة .
بينما نجد في مشروع القانون الأمر متروكا من دون تفصيلات أكثر ممّا قد يشكّل مخاطر تحول دون منع ظلم النساء، ففي المادة 101 نقرأ ما يلي: ان لا تخرج من بيت الزوجية إلا بإذنه على أنّها من حقوق الزوج على زوجته، وفي المادة 126
لا يكون الزوج ملزما بالإنفاق على زوجته في إحدى الحالات التالية
اولا – إذا كانت الزوجة ناشزا
ثانيا – إذا كانت الزوجة صغيرة غير قابلة لإستمتاع زوجها منها
ثالثا إذا كانت الزوجة كبيرة وزوجها صغيرا غير قابل لأن يستمتمع منها. وتثير الفقرتين الثانية والثالثة التساؤلات حول وظيفة الزواج من المنظور الديني وكونه وسيلة للتمتّع فحسب وليس علاقة إنسانيّة ومشاركة أساسها الحب والتفاهم والرغبة في أن يتشارك الزوجان حياتهما في السرّاء والضرّاء.
إنّ نص الفقرة الثانية من المادّة 24 من قانون عام 1959فيما يخص النفقة وتعريفها كالآتي: تشمل النفقة الطعام والكسوة والسكن ولوازمها وأجرة التطبيب بالقدر المعروف وخدمة الزوجة التي يكون لأمثالها معين. يبدو أكثر وضوحا من المواد المشابهة في مشروع القانون الجديد.

فيما يخص الطلاق سيكون لإلغاء بعض المواد التي تمّت مناقشتها بعمق في قانون عام 1959 الأثر السيء بالنسبة لوضع المرأة وحقوقها، إذ لم تتم مناقشة الأمر بهذا العمق في مشروع القانون الجديد، بالإضافة إلى إختلاف وجهة النظر في مواضع أخرى ممّا سيشكل – في حالة إلغاء القانون الحالي – تراجعا في حقوق المرأة في العراق، ففي المادة 37 من قانون عام 1959 نقرأ ما يلي: في الفقرة الثانية الطلاق المقترن بعدد لفظا أو إشارة لا يقع إلا واحدة. لكل من الزوجين طلب التفريق عند توافر أحد الأسباب الآتية :
1- اذا اضر احد الزوجين بالزوج الاخر او باولادهما ضررا يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية.
ويعتبر من قبيل الاضرار ، الادمان على تناول المسكرات او المخدرات ، على ان تثبت حالة الادمان بتقرير من لجنة طبية رسمية مختصة.
ويعتبر من قبيل الاضرار كذلك، ممارسة القمار في بيت الزوجية.
2- إذا ارتكب الزوج الأخر الخيانة الزوجية . ويكون من قبيل الخيانة الزوجية , ممارسة الزوج فعل اللواط, باي وجه من الوجوه.
3- إذا كان عقد الزواج قد تم قبل اكمال احد الزوجين الثامنة عشرة دون موافقة القاضي.
4- إذا كان الزواج قد تمّ خارج المحكمة عن طريق الاكراه وتم الدخول .
5- إذا تزوج الزوج بزوجة ثانية بدون اذن من المحكمة وفي هذه الحالة لا يحق للزوجة تحريك الدعوى الجزائية بموجب الفقرة 1 من البند أ من مادة 3 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 بدلالة الفقرة 6 من مادة 3 من هذا القانون .

ويصح نفس الكلام فيما يخص موضوع الحضانة في حالة الطلاق أو الوفاة، فقد ناقش قانون عام 1959 الموضوع بصورة أقرب إلى إنصاف المرأة ولا بد للنساء من التمسّك بها من أجل الحفاظ على حقوقهنّ ومكتسباتهنّ:
الأم أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة ما لم يتضرر المحضون من ذلك .
2- يشترط ان تكون الحاضنة بالغة عاقلة امينة قادرة على تربية المحضون وصيانته, ولا تسقط حضانه الام المطلقة بزواجها, وقرر المحكمة في هذه الحالة احقية لاام او الاب في الحضانة في ضوء مصلحة المحضون.
5- إذا اتم المحضون الخامسة عشرة من العمر يكون له حق الاختيار في الإقامة مع من يشاء من ابويه او احد اقاربه لحين اكماله الثامنة عشرة من العمر إذا انست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار .
8- إذا لم يوجد من هو اهل للحضانة من الابوين تودع المحكمة المحضون بيد حاضنة او حاضن امين كما يجوز لها ان تودعه إلى دور الحضانةالمعدة من قبل الدولة عند وجودها .9 - أ – إذا فقد أبو الصغير أحد شروط الحضانة فيبقى الصغير لدى أمه ما دامت محتفظة بشروط الحضانة, دون أن يكون لأقاربه من النساء أو الرجال حق منازعتها لحين بلوغه سن الرشد .
ب – إذا مات أبو الصغير فيبقى الصغير لدى أمه وان تزوجت بأجنبي عنه من العراقيين بشرط :
1 - أن تكون الأم محتفظة ببقية شروط الحضانة .
2 – أن تقتنع المحكمة بعدم تضرر الصغير من بقائه مع الأم .
3 - أن يتعهد زوج الأم حال عقد الزواج برعاية الصغير وعدم الأضرار به .

أمّا فيما يتعلّق بالوصيّة فنجد أنّ القانون القديم يعامل المواطنين على حدٍ سواء بغض النظر عن إنتماءاتهم مولية الإهتمام للوثائق وتوافرها ومدى القدرة على إثبات صحّتها فنقرأ في المواد الآتية من قانون عام 1959 ما يلي:
المادة 65
1- لا تعتبر الوصية إلا بدليل كتابي موقع من الوصي او مبصوم بختمه أو طبعة إبهامه فإذا كان الموصى به عقارا أو مالا منقولا تزيد قيمته على خمسمائة دينار وجب تصديقه من الكاتب العدل .
2- يجوز إثبات الوصية بالشهادة إذا وجد مانع مادي يحول دون الحصول على دليل كتابي .
المادة 70
لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث إلا بإجازة الورثة وتعتبر الدولة وارثا لمن لا وارث له .وهذا النص موجود في مشروع القانون الجديد ايضا.
المادة 71
تصح الوصية بالمنقول فقط مع اختلاف الدين وتصح به مع اختلاف الجنسية بشرط المقابلة بالمثل .
لكنّ بعض المواد تشير إلى التمييز على أساس الدين بطريقة توحي وكأنّ الفقرة تعود إلى العصور الوسطى فنقرأ في المادة 32 من القانون الجديد ما يلي: لا يشترط في الموصى له أن يكون مسلما، فتصح الوصية لغير المسلم مطلقا إلا إذا إنطبق على الوصية وصف إعانة الظالمين ونحوه فلا تصح الوصية. فما المقصود بإعانة الظالمين في هذه المادّة.
هنالك مواد أخرى تنكر اللجوء إلى إعتماد الكشف الطبي والوسائل العلميّة الحديثة في حل المشاكل فتشترط في حالات معيّنة إقرار الشخص المدّعى عليه بصحّة ما ينسب إليه فيما يخص حالته الصحيّة أو يلجأون إلى مبدأ "البيّنة على من إدّعى واليمين على من أنكر" ولكأنّ الوسائل العلميّة التي يمكن اللجوء إليها قد ضربت عرض الحائط ليلجأون إلى الإقرار الشخصي أو شهادة شهود. يمكن ملاحظة ذلك في المواد القانونيّة 85 و 97 من مشروع القانون الجديد.

فيما يتعلّق بالإرث يمكن ملاحظة ما يعتري مشروع القانون الجديد من قصور ومدى التميّيز على اساس الدين المبيّن في فقرات موّاده القانونيّة ففي المادة 177 موانع الإرث هي: أولا إنعدام صفة الإسلام عن الوارث. وهنا يمكن أن تنشأ مشاكل من قبيل التشكيك في ديانة الشخص وما شابه ذلك من أمور قد يلجأ إليها الورثة في الواقع طمعا في المال على سبيل المثال. ويتجلّى التمييز على أشدّه عندما نقرأ المادة 178 "لا يرث غير المسلم مطلقا من المسلم" والمادة 179 "المسلم يرث غير المسلم" بما يتنافى مع حقوق الإنسان والمساواة بين بني البشر. هذا بعيدا عن مناقشة القوانين التي تعطي الفتاة نصيبا أقل من الإرث والتي تعتبرها مجتمعات المنطقة تابوهات لا يمكن المساس بها فضلا عن مناقشتها.

ختاما لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المادّة 244 تعني أنّه ستقوم هنالك محكمة لكل طائفة في البلد في محاولة لتكريس الإنقسام المجتمعي بصورة أكثر عمقا ويزيد من مخاطر العزلة وتكوين مجتمعات اشبه ما تكون بالغيتوهات أو أن يكون ذلك مخطّطا تمهيديّا للتقسيم. كما أنّ المادة 247 تثير التساؤلات حول إمكانيّة تحوّل مهنة المحاماة إلى ما يشبه محكمة دينيّة بعيدة كل البعد عن أسس القانون المدني، إذ تمنح مجلس القضاء الجعفري الحق في منح حق ممارسة المهنة وهل ستتيح محاكم من هذا النوع الحق للنساء في ممارسة مهنة القضاء والمحاماة وفقا للفقرة خامسا من المادّة 251 من مشروع القانون صدد النقاش، كل هذه الأمور يجب أن تؤخذ في الإعتبار ولا تمرّر بسهولة لما في ذلك من مخاطرة محدقة بالعراق ومستقبله وحقوق نساءه، علما بأنّه لا نهضة لأمّة من دون النهوض بحقوق المرأة وواقعها.

كلكامش نبيل



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة فلسفيّة وروحانيّة عميقة – قراءة في الرواية القصيرة -الر ...
- الضياع ما بين الصراع الفكري والتشتّت الإجتماعي – قراءة في رو ...
- إمكانات وتحديّات تطبيق الليبراليّة في مصر والدول العربيّة
- قصّة حُب إنسانيّة تحطّم قيود العنصريّة - قراءة في رواية العب ...
- بين الشرق والغرب - قراءة في رواية -إسطنبول، الذكريات والمدين ...
- باحثون يسلّطون الضوء على ألواح آشوريّة قديمة - موضوع مترجم
- آدم وحوّاء في رؤية جديدة - قراءة نقديّة لرواية -الكون في راح ...
- دراسة توضّح بأنّ أحد أجناس قردة قديمة منقرضة لم يمشي كالإنسا ...
- دراسة تفترض بأنّ إنسان النياندرتال قد شارك بني البشر اللغة و ...
- إحياء جعّة سومريّة عمرها 5000 عام - موضوع مترجم
- مومياء الأنكا المراهقة تعاطت الكحول والمخدّرات - موضوع مترجم
- محاطا بكل تلك الضجّة - قصيدة مترجمة للشاعر ألفريد بريندل
- لبوة نينوى
- ضائعٌ في الغابة - قصيدة مترجمة للشاعر بابلو نيرودا
- عندما ترتدي الخيانة زيّ الوطن
- إمكانيّات محاكاة التجربة المصريّة في العراق
- بعد أن ضُربنا في الحرب - قصيدة يابانيّة مترجمة
- فتوحات أم غزوات
- تهويدة طفل - قصيدة سومريّة مترجمة
- رجل قلبي - قصيدة سومريّة مترجمة


المزيد.....




- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...
- الكويت.. مراسيم جديدة بسحب الجنسية من 1145 امرأة و13 رجلا
- نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتها ...
- انحرفت واستقرت فوق منزل.. شاهد كيف أنقذت سيارة BMW امرأة من ...
- وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه ...
- الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن ...
- ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
- مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - كلكامش نبيل - خطوات إلى الوراء – دراسة مقارنة بين قانون الأحوال الشخصيّة لعام 1959 ومشروع القانون الجديد