جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 22:23
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بشخص - عن شيء
كانت الدموع تتساقط على خدودي من شدة اليأس و هي تشهد على حزني و انتابني احساس شديد بالاختفاء عن الوجود و الابتعاد عن ما سمي باهلي و موطني و انزع الواقع كالقميص و هنا تذكرت والدتي و هي تقول: ولدي ليست البنات قمصان تغيرها كما تريد و عندما سألني شخص ماذا بك؟ قلت: عليّ ان التقي بشخص عن شيء. استمر في الاستفسار: تبحث عن من؟ و عن ماذا؟ اجبت: لا ادري اريد ان التقي بشخص عن شيء. ركضت و انا في فزع لما حلّ بي و لم يكتب لي اللقاء فاستمريت بالبحث و انا اعبر الجسر القوي القديم و تمنيت ان يسقط و يوقعني في الاسفل.
لم انسى بان عليّ ان التقي بشخص عن شيء و لكني لا اعلم عن من؟ و عن ماذا؟ تركت البيت في الساعات الاولى من الصباح و اتجهت الى محطة القطارات في المدينة الكبيرة و استقليت القطار القديم الاخير لجهة مجهولة. كان القطار تقريبا فارغا و نامت عيناي لدقائق عندما وصل صوت سيدة كبيرة بالعمر الى آذاني و هي تسأل: هل المكان بجانبك فارغ. قلت: نعم تفضلي و لكني تعجبت لماذا تريد الجلوس بجانبي و القطار فارغ بهذا الشكل.
فجأة بدأت السيدة بالكلام و تقول: آسفة عندي صداع شديد ثم رفعت رأسها و هي تقول: انت ضائع أليس كذلك؟ قلت: ابحث عن شخص عن شيء. لم تبالي بما قلت و استمرت: كنت عند ابني الكبير لمدة اسبوع و لكن آلامي عن ابني الصغير ثقيلة.
قلت: لماذا؟ اين هو؟
قالت: لا اعلم ضاع مني و هو رضيع. ثم سألت: اين تذهب بهذه الساعة الغريبة؟
عندما توقف القطار في المحطة التالية نهضت السيدة و قالت عليّ ان اغادر الان. لماذا لا تنزل معي و تقضي الليل في بيتي اذا كنت لا تعلم اين انت ذاهب. لم استطع ترك السيدة الكبيرة الناعمة لوحدها لذا نزلت معها و حملت حقائبها و مشينا ببطء الى منزلها. كان البيت قديما و جميلا. دخلت السيدة غرفة الجلوس و انا انظر الى لمبتين من الزجاج الحليبي الفاخر على ارضية الغرفة الفارغة تقريبا من الاثاث وقالت بصوت حنون: سأجلب لك فنجان شاي بعد قليل ثم سألت: أيعجبك مصابيحي؟
قلت نعم هي جميلة جدا و ذات تصميم خاص.
قالت: طيب هدية لك.
قلت: شكرا و لكني في طريقي في البحث عن شخص عن شيء.
قالت: اعلم لذا اتركها عند الجيران تستطيع ان تأخذها متى تريد. لقد كبرت كثيرا و اريد ان ارجع لبلدي قبل ان اموت.
اليوم و بعد اكثر من عشر سنوات و اني متأكد بانها لم تعد على قيد الحياة اجلس في غرفة الجلوس في بيتي و انظر الى اللمبتين و انسى بحثي عن شخص عن شيء..
www.jamshid-ibrahim.nt
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟