|
مع شيخ الشيوعيين العرب، محمود أمين العالم
مفيد صيداوي
الحوار المتمدن-العدد: 4256 - 2013 / 10 / 25 - 07:07
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لم أحظَ بلقاء محمود أمين العالم في حياتي، رغم ما قرأت له من مؤلفات ومقالات في الأدب والفكر واستعملتها مصادرَ هامة في دراساتي الأكاديمية وتعليمي لطلابي في الثانوية والأكاديميا بالأساس، وبعد وفاته تابعت القراءة عنه في كل مكان أجد من مقالاته أو كتبه أو ما كتب عنه، فله الفضل في الكثير من اجتهادات اليسار العربي في العالم العربي قاطبة، في الأدب والفكر، وبعض مكوناتي الفكرية، ومؤخرا قرأت كتابا لسليمان عبد الحكيم، بعنوان "اعترافات شيخ الشيوعيين العرب، محمود أمين العالم"، والكتاب صادر عن مطبعة مدبولي في القاهرة عام 2006م. ولا بأس أن نتناول معا بعضا من أفكار العالم كما جاءت على لسان سليمان الحكيم ففي المقدمة يعترف ويقرر الكاتب صلاح قبضايا رئيس تحرير جريدة "الأحرار" المصرية، ان هذه الاعترافات التي نشرت في صحيفة الأحرار المصرية قبل نشرها في كتاب بأنها "حققت... نجاحا كبيرا انعكس في هذا الكم من الخطابات التي جاءت تحمل تعليق القراء على ما ورد فيها من أسرار. ورغم أنه اعترض على وصفه بأنه شيخ الشيوعيين العرب لكن صديقنا سليمان الحكيم أصر على هذه التسمية بتأييد من سليم عزوز. وأظن ان اعتراض محمود أمين العالم على وصفه بأنه شيخ الشيوعيين العرب يأتي من منطلق التواضع الذي يتحلى به. وهو قادر أن يأسرك بتواضعه وبابتسامته الآسرة مهما كان حجم اختلافك معه"(1). ويتابع قبضايا في مقدمته قوله: "ونستطيع أن نضيف إلى مزاياه العديدة شجاعة نادرة تتجلى في اعترافه بانه شيوعي يتمسك بشيوعيته " (2) ويضيف "ولا يختلف أحد حول أن محمود أمين العالم مفكر وكاتب وأديب"(3). وقام محمود أمين العالم بكتابة مقدمة أخرى بعنوان "احتراما للقارئ وحرصا على الحقيقة" والتي فيها يقول ردا على مقدمة قبضايا "وفضلا عن هذا فان التجربة الاشتراكية الشيوعية أيها العزيز صلاح لا تعني بالضرورة نفي حرية الصحافة والتعددية الحزبية والفكرية كما جاء في كلمتكم"(4). وقدم ملاحظاته حول بعض القضايا التي نشرت باسم اعترافاته احتراما لعقلية القارئ كما قال. ومما يكتبه العالم باعترافاته عن تأسيس الحزب الشيوعي المصري أنه في مناخ ثورة الوفد عام 1922م، ترجم لأول مرة في مصر كتاب لينين "الدولة والثورة" (5)... ويتابع "في هذا المناخ تكوّن الحزب الشيوعي المصري الذي ضم سلامة موسى وحسني العُرابي وغيرهما من المثقفين المصريين في ذلك الوقت وكان الشيخ أبو الفتوح – وهو أحد رجال الدين – في السكرتيريا العامة للحزب وأحد قياداته الشهيرة والذي كان يتحدث إلى العمال والفلاحين عن العلاقة بين الاشتراكية والإسلام. وأقنع الكثيرين منهم بالانضمام للحزب. بل أقنع الكثيرين من المشايخ وطلاب الأزهر للانخراط في الحركة الشيوعية المصرية"(6). ويتابع عن الحزب الشيوعي المصري بأنه كان في ذلك الوقت "يتكون من غالبية ذات أصول ريفية وفلاحية وعدد كبير من العمال كما ضم في صفوفه عددا لا بأس به من الأجانب والعرب خاصة من منطقة الشام حتى أن ( شبلي شميل) مؤسس الحزب الشيوعي اللبناني كان واحدا من قيادات الحزب الشيوعي المصري وقد هرب إلى لبنان بعد ضرب سعد زغلول للحزب ليؤسس هناك الحزب الشيوعي اللبناني الذي هو الآن من أكبر الأحزاب الشيوعية في الساحة العربية".(7). ويتحدث عن توحيد الشيوعيين المصريين في حزب واحد عام 1958م حيث عقد لأول مرة مؤتمر لجميع الشيوعيين المصريين ليوحدهم في حزب واحد بعد أن كانوا عدة فصائل شيوعية مثل "حدتو"، الطليعة والحزب الشيوعي المصري ثم ننتقل لتحديده لعلاقة الشيوعيين مع عبد الناصر الذي أصبح "زعيما جماهيريا بغير حدود" (8). ليقول: "والحقيقة أن علاقتنا بعبد الناصر والثورة في ذلك الوقت كانت تتردد بين المد والجزر، فتارة نكون معه وتارا أخرى ضده، بينما هو أيضا كان يعمل على استقطابنا أحيانا، وأحيانا كان يستبعدنا من حساباته وتحالفاته السياسية تبعا للظروف المحلية والدولية"(9). وفي تحليله لمواقف الفصائل الشيوعية أثناء الثورة يقول أن "حدتو" هي أكثر الفصائل الشيوعية اقترابا منه ( أي من جمال عبد الناصر م.ص)،... فقد شارك ضباط "حدتو" خالد محيي الدين، ويوسف صديق، وأحمد فؤاد وكمال رفعت في وضع الأهداف الستة لثورة يوليو وساهموا في النجاح بإعلانها وشاركوا أيضا في وضع قانون الاصلاح الزراعي الذي وضع حدا أقصى للملكية الزراعية لأول مرة في مصر"(10). ورغم ذلك فهو لا يتوانى عن تقديم النقد الذاتي لنفسه ولرفاقه من الذين اندمجوا بجهاز الدولة تاركين التنظيم الحزبي ويقول في ذلك: "أنا شخصيا لي نقد أوجهه لنفسي أولا ولزملائي من بعدي حين قبلنا الاندماج الكامل مع جهاز عبد الناصر سنة 1964م وقد ذكرت ذلك بصراحة في مقدمة كتابي ( الوعي والوعي الزائف). ومصدر الخطأ الذي اعترف به أننا تصورنا أنه بجهاز الدولة نستطيع أن نعجل بالتغييرات الثورية وأننا لو عمقنا وعممنا القوى الديمقراطية في جهاز الدولة لاستطعنا أن نسرع بهذه التغييرات"(11). أما عن القضية الفلسطينية فيقول إن للينين موقف واضح في الحركة الصهيونية في "أنها حركة رجعية في جوهرها "(12)، وله موقفا نقديا من موقفه السابق والمعارض لقرار التقسيم حين يقول تحت عنوان: "خطأ.. ووهم! وأعود لإقول إنني كنت من الذين رفضوا تقسيم فلسطين في ذلك الوقت بين العرب واليهود ولكنني أقول الآن بعد مرور كل تلك السنوات بتجاربها وأحداثها لو أن العرب قبلوا بفكرة التقسيم وأخذوا دولتهم وكافحوا انطلاقا منها لاختلف الأمر كثيرا عما هو عليه الآن ولكان العرب أفضل مما هم عليه حاليا خاصة وأن الانظمة العربية في ذلك الوقت لعبت دورا خطيرا في وقف القتال ضد إسرائيل وأن أكثر من خان من العرب كانوا الأكثر رفضا لفكرة التقسيم!!"(13). وبعد استعراض مفاهيمه للعلاقات مع إسرائيل ومع العرب ومع الشيوعيين الذين التقاهم يقول في نهاية الكتاب:" لست مع التطبيع مع إسرائيل. ولكن مع التطبيع مع الفلسطينيين في إسرائيل."(14). بدون شك أن هذا الكتاب له أهميته التاريخية والنظرية، وهناك مواقف للكاتب قد لا أتفق مع بعضها لأنني لم أعشها ولا يوجد لدي وثائق أخرى وبعضها لأنني أراها بمنظار آخر، ولكن يبقى هذا الكتاب بأساسه مؤلفا له دوره التثقيفي والتاريخي للحركة الشيوعية في العالم العربي التي تعاني من الحصار ومن التشويه في تاريخها، ولكن ربما من الأخطاء القاتلة أحيانا.
(عرعرة – المثلث)
•إشارات:
1- مقدمة بقلم الاستاذ صلاح قبضايا رئيس تحرير جريدة "الأحرار" المصرية.ص5. 2- ص5. 3- ه ص5. 4- ص7. 5- هذا كتاب أساسي من مؤلفات لينين يدرس في الحلقات الماركسية اللينينية وترجمته أيضا دار التقدم في موسكو وكان حزبنا يعقد المحاضرات التثقيفية حول هذا الكتاب. 6- ص20. 7- ص 21. 8- ص30. 9- ص30. 10- ص58. 11- ص60. 12- ص82. 13- ص83. 14- ص84
#مفيد_صيداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقال -مساهمة في طريق وحدة اليسار في فلسطين - ماذا نستفيد منه
...
-
قبلة على جبين الشعب الذي حمى حزب الشعب الفلسطيني
-
ألشيوعيون الأربعة الكبار في تاريخ لبنان الحديث للمفكر اللبنا
...
-
توثيق الحركة الثورية الكفاحية ( الشيوعية ) في البلدان العربي
...
-
عندما تفقد الرياضة جوهرها
-
أول أيار بين العطلة الأختيارية وواجب التثقيف بقيم أول أيار ف
...
-
ثورة 23 يوليو 1952 ثورة طبقية في جوهرها
-
شالوم شموئيل المعلم والاممي الاصيل.. وداعا
المزيد.....
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|