عبد الاله بسكمار
الحوار المتمدن-العدد: 4251 - 2013 / 10 / 20 - 18:46
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
ثمة تداخل هنا والآن ببن العولمة المتوحشة التي تقودها وتبصم عليها الثقافة الأمريكية ذات الطابع الاستهلاكي وبين الرأسمالية في أبشع صورها حين تؤله السوق وقيم العرض والطلب في كل المجالات بما في ذلك قيم الشعوب ورأسمالها الرمزي ،( لسان حالها كل شيء للبيع والشراء بما في ذلك الإنسان ) الأزمة الخانقة التي تتخبط فيها حاليا المنظومة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، لا تدع مجالا للشك يوما بعد يوم ومنذ سقوط الثنائية القطبية أن قيم السوق ليست جوابا مقنعا ولا بديلا تاريخيا لأوضاع الإنسان التي لن تكون بالضرورة اليوم أفضل مما كانت عليه بالأمس البعيد أو القريب ، كيف يمكنك أن تقتنع بأن أكبر اقتصاد عالمي بات على وشك إفلاس محقق ، وأن أوهام السوق لا تنصت إلا لمن يغذيها بقسائم الأسهم والمضاربات والشركات الاحتكارية والمتعددة الجنسيات في توسيع مستمر للهوة بين فقراء العالم والفقراء الأمريكيين أنفسهم ( 68 %من الشعب الأمريكي هم دون مستوى خط الفقر بالمعيار العالمي وما فتئت الهيآت المختصة توبخ أول اقتصاد عالمي بمراجعة مستمرة للتصنيف الإتماني ) وبين حفنة المقامرين والسماسرة وتجار البورصات وأرباب تلك الشركات ذات التوسع الأخطبوطي ، لقد بلغ التأزم في بلاد الازدهار الرأسمالي وتمثال الحرية انسدادا لم يسبق له مثيل انعكس على شكل حضيض مروع جعلت الرئيس الديمقراطي أوباما يستجدي تصويت اليمين الأمريكي على ديون إضافية تمنح صك المرور لبرنامج اجتماعي متواضع لا يهدف في مجمله غير إنقاذ ملايين الفقراء الأمريكيين من الأمراض المزمنة أو الفتاكة ومواجهة تكاليف الصحة البشرية التي لا يستطيع هؤلاء البؤساء توفيرها بسبب غلاء المعيشة وتكلفة التطبيب والأدوية ، ومن غير المجدي فعلا الانخداع بصورة ذاك الأمريكي المكرش نتيجة الاختلال في الهرمونات الناشئ عن المبالغة في الوجبات السريعة فالصورة تنفضح كل يوم بقتامتها وتناقضاتها المفجعة غير أن هذا اليمين الذي يمثله الجمهوريون وخاصة حزب الشاي لا يستطيعون منح الرئيس سوى مزيد من الابتزاز السياسي والاقتصادي الشيء الذي يفضح هشاشة الممارسة السياسية ذاتها في بلاد العم سام ويوضح بالملموس أن الديمقراطية إنما وضعت للأغنياء وحدهم ولا حاجة للفقراء بها لأنهم لا يملكون مقوماتها على الأقل في بلاد العم سام ، لسان حال اليمين التقليدي والجديد بوضوح : لا مكان للفقراء في هذا العالم ....ليس لكم من حطام الدنيا شيء ....إذن موتوا أو انتحروا ....لكن ما قد يخفى على هذا الغباء الأمريكي المستمر منذ تدمير وإبادة شعوب الهنود الحمر وحضارتهم مرورا بهزيمة وعقدة حرب فيتنام ودعم الكيان الصهيوني الغاصب ما يخفى ربما على هؤلاء أن التاريخ لا نهاية له وأنه متموج وماكر في تموجاته ....ومفاجآته ...ولسان حاله الحكمة الفرنسية " إضحك جيدا سوف نرى من يضحك في الأخير " rie bien qui rira le dernier " .
* كاتب مغربي / فاعل مدني
#عبد_الاله_بسكمار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟