|
وهل يجوز اقتناء الكلاب في البيوت ؟
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4227 - 2013 / 9 / 26 - 00:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جاءنا هذا في صيغة سؤال على النحو المتقدم ، وكان لابد من الإجابة بالقول : إن الأصل في هذه المسألة هو الجواز مطلقاً ، ودليلنا كتاب الله وما قاله جمهور العلماء في ذلك ، ولم ينه الشرع المقدس ولم يحرم ذلك ، و ما قيل عن التحريم فهي دعوى بلا دليل ، والمتيقن إنها دعوى ظنيه قياسية عمل بها الشافعي وسار على نحوه بعض الاتباع والمريدين ، وأصل هذه الدعوى بعد التحقيق خبر ضعيف رواه أبو هريره الصحابي المعروف ، وهذا الخبر تعارضه اخبار أخرى منها ما رواه البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب ، ومعلوم إن التعارض بالأخبار يسقطه من الاعتبار هذا من الناحية الاصولية . وللتذكير فقط أقول : إن الأصل الوحيد عندي في إستنباط الاحكام هو الكتاب المجيد ، ولم نرى في الكتاب المجيد ولم نسمع بل ولم نشاهد ما يدل على الحرمة أو النهي فيه لا صفةً ولا طبيعةً ، وإذا كان ذلك كذلك : فنحن نرى إن هذه المسألة كما هي كل المسائل الفقهية التي وقع فيه الاختلاف ، وفي العادة يكون الاختلاف بين الفقهاء مرده اخبار ومرويات في معظمها ضعيفة ومرسلة ومناقضة للكتاب المجيد ، وفي مسألتنا هذه لم تقم لنا الأخبار الدليل والحجة المقنعة الوافية أو البينة ، كما إن أصول الفقه القديمة خلط ومساوات بين الكتاب المجيد وبين غيره مما يزعم إنها أصول فقهية كالسنة والأجماع والقياس أو العقل ، وهذا الخلط هو وهم ولد لنا هذا الاختلاف وهذا النوع الغريب من الفتاوى والاحكام . واما نحن فإننا نعتبر المصادر الأخرى هي للإستئناس فقط ، فهي إن وافقت الكتاب أخذنا بها وإن خالفته رددناها أو ضربنا بها عرض الجدار كما ورد في الخبر ، وفي هذه المسألة كما في كل المسائل الأخرى الإعتماد عندنا على الكتاب المجيد بإعتباره المصدر الأول والوحيد كما قلنا في عملية الاستنباط الفقهي . وفي الكتاب نقرأ حكاية أصحاب الكهف والرقيم الذين وصفهم بقوله - كانوا من آياتنا عجبا - ، والذين هم : - فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى - الكهف 13 هكذا جاء وصفهم ، ولا يعقل ان يكون هؤلاء الفتية المؤمنون بربهم لا يعقل ان يكون رفيقهم الكلب إذا كان الكلب نجساً كما يزعمون ، وسورة الكهف قد قربت المعنى أكثر ، حيث جعلته حاضراً ليس فقط في الصورة بل وجعلته رفيقاً وقريناً لهؤلاء الفتية المؤمنون ، ولا يعقل أن يجعله الله قريناً لهم في رحلة الوصف والذكر والتعبير عن الآيات وعن الأعجاز - إن كان نجساً - !!! ، الكلب كما هو الإنسان عاش التجربة ولذلك كان حاضراً في الصفة والعدد الذي أراده الله ، وحضوره في مقام بيان وتأكيد مفهوم ومعنى إنهم - كانوا من آياتنا عجبا - ، ووصف الكينونة في هذا النص شملت الجميع ، لأنه وصف مفهومي علته واضحة في الدلالة على نفي النجاسة التي يزعم البعض فيها ويناكف ، يقول تعالى عنهم : - وتحسبهم أيقاظا وهم رقود .... وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد - الكهف 18 ، فلو كان الكلب نجساً لما صح منه تعالى ان يجعله الله قريناً لهم في مقام بيان قدرته وإعجازه ، هذا أولاً : وثانياً : إن الشارع المقدس لم يحرم على المسلم اقتناء الكلاب على أي نحو ، ودعوى التحريم المزعوم هذا أساسه رواية لأبي هريرة وهي رواية ضعيفة متناً وسنداً كما حُقق في محله ، قال : أبن حيان فيها ضعف وإرسال ، وقد ردها الحسن البصري كما هو المحكي عنه ، قال ابن داوود : هذه الرواية تتعارض مع رواية صحيحة لعمر بن الخطاب قال عروة بن الزبير ، ولقد أفتى الإمام مالك بطهارة الكلب مطلقاً وهو رأي الجمهور ، وقال الزهري وداوود بذلك ، وكذا قال الإمام الخوئي وهو المشهور عند اصحابنا ، وأما القول : بالنجاسة مطلقاً فهو مذهب ظني قياسي غريب لا يستند على دليل قطعي مقنع ، و نسبة النجاسة للكلب كنسبتها للإنسان بحسب الوضع والطبع ، ودليلنا على طهارة الكلب هو سنة النبي بشقيها التي لم ينهى فيها ولم يبلغنا عنه إنه نهى أو منع ولم يقل أحد إنه فعل ذلك أو سمع منه ، و نفي النجاسة عن الكلب يعني نفيها بالمطلق ، قال عمر بن الخطاب : كانت الكلاب في عهد رسول الله تقبل – وفي لفظ تقيل - وتدبر في المسجد ولا يرشون شيئا من ذلك - أي إن الكلاب كانت تدخل وتخرج من المسجد النبوي ولم يصلنا إن النبي منع أو دعا لتطهير المكان الذي تُقيل أو تقبل وتدبر فيه . وثالثاً : إن دعوى النجاسة المُدعاة يعارضها الكتاب المجيد ، ففي قوله تعالى نقرأ : - يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين .. ثم يقول : - فكلوا مما أمسكن عليكم - المائدة 4 ، فالنص يتحدث عن حلال كل الطيبات بما في ذلك الذي تمسكه الجوارح المكلبة ، النص يقول : إن الذي تمسكه لكم هذه الجوارح ومن بينها الكلاب فهو حلال جائز أكله شرعا ً ، ولم يتحدث النص عن نجاسة عرضية أو ذاتية في المقام ، ولم يطلب منا تطهير محل الإمساك ، بل جعل اللفظ مطلقاً عاماً ولم يرد في المقام مايقيده أو يخصصه فيصرفه عن إطلاقه وعمومه ، وعليه يكون الإحتكام إلى معنى اقتناء الكلاب في المطلق جائز ومباح و لا دخل له بالتحريم الذي ذكره الكتاب المجيد - التحريم هو ما حرمه الكتاب فقط - ولا دخل للأخبار في باب التحريم أو التحليل ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرئيس الإيراني والواقعية السياسية
-
لاتضربوا سوريا
-
الإسلام السياسي وهاجس الحكم
-
تلوث العقل السياسي العربي
-
تجربة مصر تُثبت مدى الحاجة لليبرالية الديمقراطية
-
تهنئة
-
القرضاوي وكذبة رجل الدين
-
ماذا تعني السيادة الوطنية ؟
-
موقفنا مما يجري في المناطق الغربية
-
بمناسبة الإنتخابات البلدية في العراق
-
عقلية الطوائف
-
حينما يتكلم الملك
-
المعركة في سوريا
-
العلمانية كما أرآها
-
قول في الوطنية
-
مبادئنا
-
كيف ننقذ الوطن ؟
-
الإصلاح الديني ... لماذا وكيف ؟
-
فوضى التظاهرات
-
رأينا في الأزمة الجديدة
المزيد.....
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|