|
ما هي إشكالية النضال القطري الفلسطيني؟
غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 4225 - 2013 / 9 / 24 - 21:03
المحور:
القضية الفلسطينية
إن الإجابة على هذا السؤال تفرض الحديث عن إشكاليتين: 1- الإشكالية الأولى: تتمثّل في تغييب الإستراتيجية الصهيونية، وتقزيمها إلى إستراتيجية تسعى للسيطرة على فلسطين فقط. وهذه قضية خطيرة لأنها تخفي الإستراتيجية الصهيونية الحقيقية، ووظيفتها المركزية من أجل السيطرة على بلدان الوطن العربي كله، وإعادة تجزئتها وتفكيكها بهدف حماية مصالح النظام الرأسمالي العالمي. 2- والإشكالية الثانية: هي في فصل النضال الفلسطيني عن النضال العربي، وفصل نشاط الجماهير الفلسطينية عن نشاط الجماهير العربية. وبالتالي تصبح قضية فلسطين هي قضية الفلسطينيين. وهي بهذه الصورة مهزومة مسبقاً، ولعل ما جرى خلال السنوات الماضية والنتائج الكارثية التي وصلنا إليها اليوم تؤكد هذه الحقيقة. إن المشكلة الحقيقية هنا، ليست في دور الجماهير الفلسطينية والمناضلين الفلسطينيين، من أجل تحرير فلسطين، واختيارهم النضال بكل أشكاله لتحقيق ذلك، بل في الإطار الذي وُضع فيه النضال الفلسطيني والرؤية الأيديولوجية الرثة – كما عبرت عنها حركة فتح ثم لحقت بها كامل حركات وأحزاب القوى الفلسطينية- التي أوجدت تجمعاً متعصباً، مغلقاً، يعتبر نفسه متمايزاً عن محيطه العربي، ليس هذا فحسب، بل ومتفوقاً عليه . لقد سقط المنطق القومي المجرد الذي طرحته القوى القومية في المرحلة الماضية، على ضوء الإشكالات التي عاشتها هذه القوى وتعثُّر مسارها، ثم تفتتها واستئثار أقسام منها بكل إمتيازات السلطة، وتحوّل هذه الأقسام إلى فئات كومبرادورية، وبالتالي عجزها عن تحقيق أهداف النضال العربي. وسقط معه المنطق القطري المتعصب على ضوء الإشكالات التي عاشتها المقاومة الفلسطينية، والهزائم المتتالية التي لحقت بها إرتباطاً بأوسلو وما تلاها من ناحية وبما يسمى بالقرار الفلسطيني المستقل من ناحية ثانية. إذن كيف نوحِّد بين الأهداف القومية العامة والأهداف العملية (التي تسمى عادة قطرية، أو وطنية...)؟ ، وكيف نسقط المنطق القومي المجرّد والمنطق الإقليمي المتعصب؟ إن حل مشكلة النضال القومي والقطري يقوم على أساس ربط هذه بتلك، بمعنى آخر، ربط النضال القومي بالنضال الطبقي عبر الالتحام السياسي والتنظيمي بالجماهير الفقيرة وكل الكادحين الذين يشكلون السواد الأعظم من شعوبنا العربية، وفي هذا الجانب نشير بوضوح إلى أهمية إبراز دور النضال التحرري والسياسي والديمقراطي في الإطار القطري وانتشاره وتوسعه في أوساط الجماهير كشرط أولي لتقدم المشروع القومي على مستوى الأمة، الأمر الذي يتطلب تعميق الوعي بالضرورة الموضوعية للخيار القومي الديمقراطي التقدمي كفكرة توحيدية ناظمة لكافة قوى اليسار العربي. وفي هذا السياق علينا ان ندرك أن النضال القومي، بحاجة لأن يقف على أرجل حقيقية. ولكي يحقق ذلك يجب أن يرتبط بقضايا الجماهير، ولهذا فإن البرنامج القومي – المرتبط بوعي الفكرة والالتزام بها- من الضروري أن يترجم في الواقع من خلال مهام محلية محددة، يسهم تحقيقها في تحقيق البرنامج القومي (وهو ما يطلق عليه عادة بالمهام القطرية، أو البرنامج القطري). وبخصوص قضية فلسطين، يكون شعار تحرير فلسطين هو القضية الأساسية، التي توحِّد الجماهير الفلسطينية، كما توحِّد كل المناضلين التقدميين العرب الذين يعملون من أجل تغيير وتجاوز واقعهم القطري كهدف لا ينفصل مطلقاً عن نضالهم من أجل تحرير فلسطين. وعليه، فلا خيار سوى خيار النضال القومي الديمقراطي، الذي يسعى لتحرير الأرض المحتلة، وأساسها فلسطين، وتحقيق الوحدة القومية، وتأسيس نظام عربي ديمقراطي بآفاقه الاشتراكية يساهم في تجاوز التخلف الاقتصادي الاجتماعي، ويلغي التبعية بما يحسِّن الظروف الاقتصادية العامة، ويسهم في تجاوز حالة الفقر لدى الجماهير الشعبية، ويوفر لها الحاجات الأساسية الضرورية.وحيث تلعب الجماهير العربية دوراً أساسياً في تحقيق هذا الخيار. وهنا لا يكون مطلوباً من الجماهير الفلسطينية الانتظار، بل العمل من أجل تحرير فلسطين، ولا يكون مقدَّراً لها أن تكون معزولة عن النضال القومي، بل تصبح جزءاً أساسياً منه. مما يسقط المنطق القومي المجرد والمنطلق القطري المتعصب، ويتوحد النضال العربي من خلال تنوع أهدافه. وهنا يجب أن نعرف أن النضال العربي، بكل تعقيدات الوضع العربي المهزوم الراهن، يفرض النضال على أكثر من جبهة، جبهة النضال السياسي والجماهيري والعسكري ضد الاحتلال الصهيوني، وجبهة النضال الديمقراطي الاقتصادي المطلبي والاجتماعي ضد كل أدوات ومظاهر الاستغلال وكذلك جبهة النضال السياسي من اجل التغيير الديمقراطي، كما أن كل ذلك يفرض تنوع أساليب النضال ذاتها. وبالتالي فإن آفاق نضال قطري فلسطيني معزول عن مسار النضال العربي وغير مرتبط به، لن يكون قادراً على تحقيق أهدافه الاستراتيجية. بناء على ما تقدم فإن الدعوة إلى الحوار بهدف ايجاد آلية حوار فكري، حول كل القضايا السياسية والاقتصادية والمجتمعية القومية والإنسانية، إنما تهدف إلى بلورة البرنامج العام لقوى اليسار القومي العربي بكثير من الهدوء والتدرج والعمق- الهادفة إلى توفير العوامل المؤدية إلى ولادة واعلان حركة اليسار القومي العربي الموحد، في الزمان والمكان المناسبين، سواء في المرحلة الراهنة، أو في المستقبل، رغم كل الصعوبات والتعقيدات التي تفرضها الهجمة العدوانية الصهيونية الإمبريالية على امتنا من جهة، ورغم ما يعتري هذه المرحلة من ادعاءات القوى الليبرالية الهابطة تجاه ضرورات المنهج الجدلي والنظرية الماركسية وراهنيتها من جهة ثانية.
#غازي_الصوراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
20 عام على توقيع اتفاق اوسلو
-
حديث عن إخفاقات منظمة التحرير الفلسطينية ... بعد 20 عام على
...
-
حول شعار - الاسلام هو الحل-
-
حول الديمقراطية الليبرالية والصراع الطبقي والمجتمع المدني وا
...
-
قطاع غزة 1957 – 1993 دراسة تاريخية سياسية اجتماعية - القسم ا
...
-
الموقف الثوري المطلوب من فصائل واحزاب اليسار العربي تجاه قوى
...
-
عن -ازمة الماركسية- وأزمة احزاب وفصائل اليسار العربي وسبل ال
...
-
كيف ترى تطور الهوية لفلسطيني 48؟
-
الانتفاضات الثورية ومشهد تفكك وسقوط انظمة الاستبداد والتخلف
...
-
الحالة الثورية في مصر وتداعياتها على حركة حماس والوضع الفلسط
...
-
المفاهيم والقيم الاخلاقية والمجتمعية العربية وافاق المستقبل.
...
-
في مفهوم الاغتراب وبؤس فصائل واحزاب اليسار العربي
-
رؤية أولية حول موقف القوى اليسارية والديمقراطية العربية من ح
...
-
من وحي الثورة الشعبية في مصر العربية ... القوى اليسارية الثو
...
-
الثورة الوطنية الديمقراطية من منظور يساري
-
لحظة النهوض الثوري والديمقراطي لمصر وللوطن العربي كله
-
على موعد مع انتصار الثورة الشعبية الديمقراطية في مصر........
...
-
قطاع غزة 1948 – 1957 دراسة تاريخية سياسية اجتماعية
-
مصر العربية في خطر
-
خمسة وستون عاماً من النضال واللجوء .. أما آن أوان المراجعة
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|