أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سهر العامري - التغلغل الإيراني في بلاد الشام (3)















المزيد.....

التغلغل الإيراني في بلاد الشام (3)


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 4223 - 2013 / 9 / 22 - 11:11
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



يرى المفكر الإيراني الدكتور علي شريعتي أن الصفوية الجديدة قامت على انقاض الحركة الشعوبية الإيرانية التي تقول بأفضلية الفرس على العرب ، ولكنها تجاوزت الخطأ الذي وقعت به الحركة الشعوبية المتمثل بتبنيها لفكرة القومية فقط ، بينما اعتمدت الحركة الصفوية قديما وحديثا ركنين أساسين في نشاطها السياسي هما : القومية الفارسية والمذهب الشيعي ، وقد تم هذا التزاوج الغريب بين الأفكار القومية الفارسية ، وبين الفكر الشيعي العربي – الإسلامي عن طريق تزويج الصفويين لشاه زنان بنت كسرى "يزدجرد" المنكسر في معركة القادسية من الإمام الحسين بن الإمام علي ، وذلك بعد استشهاد الإمام الحسين في واقعة كربلاء بسنين طويلة .
يكتب الدكتور علي شريعتي عن هذا الزواج الخرافي فيقول : ( النبي محمد بهذه الصورة السامية والخلق العظيم ترسم له الصفوية صورة متفاوتة تماما يُتباهى فيها بأنه حين ولد بمكة كان هناك مَلك عادل في مكان بعيد ، وأنه يؤمن بأن بعض الأقوام لها مزايا ذاتية وصفات وراثية واختارها الله دون سواها من أجل تلك المزايا والصفات ، كل تلك الأقاويل هي مقدمات تمهيدية لعقد قران بين الإسلام والقومية الفارسية ومجيء العروس من " المدائن " الى " المدينة ، وزواج بنت الملك يزدجرد آخر حلقة من سلسلة السلطنة من ابن علي (ع) اول حلقة في سلسة الإمامة )
ويضيف : ( إن توظيف الشعائر الخاصة بالشيعة ، واستثمار الحالة الوطنية والأعراف القومية الإيرانية أسهما معا في عزل إيران عزلا تاما عن جسد الأمة الإسلامية الكبير ، واخراجها بشكل كامل عن اطار هيمنة الدولة العثمانية التي كانت تتوشح بوشاح الإسلام ، والتي أصبحت الدولة الصفوية فيما بعد عدوها اللدود.)
حالة العزلة تلك هي ذاتها العزلة التي تعيشها إيران اليوم ، فالدولة الإيرانية بعد انتصار الثورة فيها ظلت أمينة على تلك المبادئ التي تطفح بحب السيطرة والهيمنة على مقدرات الشعوب الأخرى ، ولكنها حين عجزت عن احتواء منظمة التحرير الفلسطينية مثلا عمدت الى شق الفلسطينيين ، ودعمت قيام تنظيمين فلسطينيين هما : حماس ، ومنظمة الجهاد اللتان ساءت علاقتها بهما في الآونة الأخيرة بسبب من عدم تأييد المنظمتين للنظام السوري في الحرب الدائرة في سورية اليوم .
دعا أتباع إيران الى قيام جمهورية اسلامية في لبنان كذلك لكن هذه الدعوة رفضت ليس من الأطراف المسيحية والسنية وحسب ، وإنما من أوساط شيعية كثيرة ، وهذا ما أدى بإيران الى شق شيعة لبنان ، وتشكيل حزبا جديدا بدلا من حركة أمل هو حزب الله ، وبإشراف من سفيرها في دمشق علي أكبر محتشمي بور ، وظل هذا الحزب بقيادة جماعية الى انتخاب أمينه العام صبحي الطفيلي 1989م وبعد سنتين تقريبا تم عزله من قبل إيران ليتولى أمانة الحزب من بعده عباس الموسوي الذي اغتالته اسرائيل بعد أشهر قليلة لتؤول أمانة الحزب لحسن نصر الله أمينه الحالي الذي هو في نفس الوقت الوكيل الشرعي لعلي خامنئي ، مرشد الجمهورية الإيرانية.
ذاك عن لبنان وفلسطين ، أما عن سورية فقد كان الأمر مختلفا ، فسورية ليست منظمة ، أو حزب ، سورية هي دولة عربية لم تستطع إيران على عهد الرئيس حافظ الأسد أن تتدخل في شؤونها بشكل علني حالها في ذلك حال بقية الدول العربية التي رفضت أي تدخل إيراني رغم أن يران حاولت بهذه الطريقة ، أو تلك القفز على المواثيق التي تنظم العلاقات بينها وبين الدول العربية ، مثل تحريض مواطنيها على القيام بمظاهرات في مواسم الحج ، أو نشر صورة قادتها ، أو توزيع ما يصدر فيها من كتب ونشرات تحريضية ، أو القيام بتنظيم بؤر لحركات وأحزاب تدور في فلكها ، وإذا كانت إيران قد فشلت في مسعاها هذا في دول الخليج العربي ، وفي مصر والجزائر والمغرب ، فإنها فشلت كذلك في سورية أيام الرئيس حافظ الأسد الذي لم يسمح للتبشير الإيرانية القادم من عصور التخلف بالتسلل إلى سوريا ، كما أنه استطاع أن يدير العلاقات مع إيران لصالحه في كل الأحوال ، ولكن إيران مع ذلك سخرت نشاط بعض الحركات والأحزاب الشيعية العربية المتواجدة على الأرض السورية في بث الدعاية الإيرانية ، أو العمل على تجنيد بعض العناصر من تلك الحركات والأحزاب في جهاز استخباراتها " اطلاعات " الذي هو في حقيقة الأمر جهاز " السافاك " على زمن شاه إيران ، وإنني ما زلت أتذكر باشمئزاز صورة ذلك الرجل العراقي الذي كان يعيش في دمشق ممثلا لأحد الأحزاب الدينية الحاكمة في العراق اليوم ، وهو يصطحب بعض الجنود العراقيين الفارين من جبهة الحرب بين العراق وإيران الى فرع " اطلاعات " في السفارة الإيرانية بدمشق من أجل أن يدلوا بمعلومات عن أماكن تواجد وحداتهم العسكرية على الجبهة ، وعن طبيعة عدتها وأعدادها.
يبدو أن إيران كانت على علم بموقف حافظ الأسد ذاك بغض النظر عن شجبه العلني والصريح للحرب التي اشعلها صدام عدوه اللدود ، فالرئيس السوري كان لا يرد لسورية أن تكون دولة تهيمن إيران على قرارها ، كما أنه لا يريد أن يبتعد عن العرب خاصة مع دول الخليج العربي الذي أعلن أكثر من مرة أنه سيقف الى جانب أية دولة عربية خليجية إذا ما حاولت إيران الاعتداء عليها . ولهذا ولغيره راحت إيران تتغلل بشكل متدرج ، وهادئ في الشؤون السورية انتظارا للظرف المناسب الذي يتيح لها القول أنها تتمتع بنفوذ كبير في كل من سورية والعراق ولبنان ، مثلما صرح بذلك قبل أيام قاسم سليماني ، قائد فيلق القدس الإيراني الذي صار يعد الجيوش ويرسلها للقتال في الحرب الدائرة في سورية اليوم تحت هذه الذريعة الواهية أو تلك .
لقد خسرت إيران رغم تغلغلها ذاك خسارة فادحة حين عزلت نفسها بسلوكها العدواني عن العالم العربي والإسلامي ، ذلك العالم الذي حاولت هي في بداية الثورة أن تظهر له على أنها جاءت بثورتها تلك لنصرة المسلمين فيه على مختلف مذاهبهم ، وتعدد قومياته ، ولكنها سرعان ما تحولت الى دولة تحلم ببناء امبراطورية فارسية سيرا على هدى الصفويين الأوائل .
لا يفوتني أن أذكر في هذا الصدد ما كتبه لي بعض من العراقيين من أتباع الأحزاب الدينية الحاكمة في العراق اليوم ، والذين نزحوا من العراق ، واستوطنوا مدينة قم الإيرانية ، وأولئك البعض الذين ما زلت احتفظ برسائلهم للآن ، كتبوا لي يقولون : " لم نجد اسلاما في إيران !!"
ذاك القول يعود بي الى قيام الدولة الصفوية في أيامها الأولى ، حين أعلنت تلك الدولة الحرب على الدولة العثمانية المتشحة بوشاح الإسلام على حد تعبير الدكتور علي شريعتي ، وصارت تستولي على بعض من أراضيها ، وهذا ما دفع بالسلطان سليم الأول الى شن حرب ضروس على الشاه اسماعيل الصفوي تمثلت تلك الحرب في معركة جالديران التي دارت رحاها في اليوم الثالث من شهر آب سنة 1514 م ، وقد أخذت تلك المعركة اسمها من المكان الذي وقعت به .
كانت نتائج تلك الحرب مدمرة بالنسبة للدولة الصفوية ، فقد احتل الجيش العثماني عاصمتها تبريز ، ونقل ذاك الجيش كل ما في خزائنها من ذهب ومال الى العاصمة " القسطنطينية " اسطنبول اليوم ، هذا بالإضافة الى أن الصفويين فقدوا الكثيرة من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها ، كما إن الشاه اسماعيل نفسه جرح في تلك المعركة ، ولاذ بالفرار نحو المستعمرين البرتغاليين في مضيق هرمز مخلفا وراءه زوجته التي وقعت أسيرة بيد السلطان العثماني سليم الأول الذي أنف من الزواج بها ، وبدلا عن ذلك زوجها لواحد من كتبة ديوانه انتقاما من الشاه اسماعيل ، وإذلالا له.
لقد عزل الشاه اسماعيل الصفوي الدولة الإيرانية بعدائه للمسلمين في الدولة العثمانية ، وراح ينشد العون والمساعدة من البرتغاليين الذين مثلت أساطيلهم طلائع الاستعمار الغربي الأولى في مضيق هرمز ، والخليج العربي ، وقد أظهر الشاه اسماعيل الصفوي بلجوئه الى المستعمرين البرتغاليين زيف ادعائه بتبجيل النبي محمد وأهل بيته ، كما أنه فيما بعد تناسى الاسلام ، وراح يهدم الجوامع، ويشيد الكنائس بدلا عنها، وها هو سفير البرتغال في الصين ، بيريس تومي ، الذي زار إيران في الفترة ما بين سنة 1511م إلى 1512م يكتب : ( إنه ، أي إسماعيل، يقوم بإصلاح كنائسنا ويدمر مساجد السنة.) ، ويبدو لي بعد ذلك أن هوس الإيرانيين بالتدخل في شؤون الدول الأخرى خاصة العربية منها قد جر عليها كره ونفور تلك الدولة منها ، كما صار الشيعة العرب نتيجة لتعاون أطراف منهم معها موطن شك وريبة ، ولا غرابة أن رجل دين مثل صبحي الطفيلي أول أمين عام لحزب الله في لبنان يصرح بملء شدقيه : " إن يران ستنحر الشيعة !" وأنا أضيف : خاصة العرب منهم .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التغلغل الإيراني في بلاد الشام (2)
- التغلغل الإيراني في بلاد الشام (1)
- انهيار ركن من أركان - الشرق الأوسط الجديد -
- المتدينون والاستبداد الديني
- انحسار وباء انفلونزا الاخوان !
- الجزائر : عين ميناس ومختار الأعور ! (2)
- الجزائر : عين ميناس ومختار الأعور ! (1)
- نقمة الامطار في العراق
- سقوط الاخوان في مصر
- القذافي حيّا !
- وما أدراك ما لندن ! (4 )
- وما أدراك ما لندن ! (3 )
- وما أدراك ما لندن ! (2 )
- وما أدراك ما لندن ( 1 ) !
- الطبقات والصراع الطبقي
- حال المرأة بعد الثورات العربية !
- برافو
- حديث ليبيا ( 5 )
- حديث ليبيا (4)
- حديث ليبيا (3)


المزيد.....




- ما هي أبرز مخرجات الاجتماع بين الفصائل الفلسطينية في دمشق؟
- الفصائل الفلسطينية:نؤكد ضرورة التلاحم بين الشعبين السوري الف ...
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- حزب العمال: مع الشعب السوري في تقرير مصيره في إطار سوريا حرة ...
- بيان صادر عن الفصائل الفلسطينيه في دمشق
- مجتمع في أوغندا يعود لممارساته القديمة في الصيد والزراعة لحم ...
- بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- س?بار?ت ب? ?ووخاني ?ژ?مي ئ?س?د و پ?شهات? سياسيـي?کاني سوريا ...
- النسخة الإلكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 582
- الثورة السورية تسقط الدكتاتورية بعد 13 عاما من النضال


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سهر العامري - التغلغل الإيراني في بلاد الشام (3)