|
هل أنصف الشيخ السعدي تظاهرات 31 آب!
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 4216 - 2013 / 9 / 15 - 14:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يستأهل الشيخ عبد الملك السعدي الاحترام كمواطن عراقي لا يزال متمسكا بموقفه الرافض للمشروع الانعزالي المعنون "الإقليم السني"، والذي يروج له ويدافع عنه عدد من شيوخ الفتنة الطائفية والتكفير من مثال طه الدليمي و صالح عبد القادر زنكي و أحمد عبد الوهاب البنجويني وعبد الحميد الريكاني ومحمد عياش الكبيسي و آخرون معروفون بارتباطاتهم وماضيهم وتوجهاتهم السياسية والطائفية، ولكنني أعتقد أن الشيخ السعدي – للأسف- جانبَ الصوابَ في أكثر من نقطة في بيانه الأخير والذي خصصه لتوضيح موقفه من تظاهرات 31 آب كتفصيل فرعي، ومن موقف رئيس الحكومة نوري المالكي منها كعنوان رئيس. وحين يناقش كاتب هذه السطور بيان الشيخ السعدي فهو إنما يمارس حقا دستوريا في بيان وجهة نظره الشخصية، مع تأكيده على أنه يتعامل مع الشيخ السعدي و مع جميع رجال الدين العراقيين بغض النظر عن دينهم أو طائفتهم، أي بوصفهم مواطنين طبيعيين وليس بوصفهم رموزا أو مرجعيات دينية، والسبب هو أننا نناقش هنا شأناً سياسياً وليس دينياً بحتاً، ولأن كاتب هذه السطور ممن يرفضون منح أي رجل دين كان - بوصفه رجل دين وليس مواطنا طبيعيا وأية مرجعية او مؤسسة دينية كانت- دورا ما في الشأن السياسي العام لأن ذلك يتناقض مع طبيعة الديموقراطية الحديثة ودولة المواطنة والمساواة إضافة إلى أننا من النادر جدا أن نجد رجل ديني خال من جرثومة الطائفية وإفرازاتها، لذلك أصبح التمييز الغالب في أيامنا هذه هو بين رجل الديني الطائفي المتطرف التكفيري وبين رجل الدين الطائفي المعتدل كالشيخ السعدي، مع بعض الاستثناءات النادرة كما قلنا لرجال دين علمانيين وطنيين! بالعودة إلى بيان الشيخ السعدي نجد أنّ اتهامه للمالكي بـ ( ازدواجية في المعايير وكيل بمكيالين أكد فيه عنصريته وطائفيته ) لأنه وصف مظاهرات 31 آب ( بأنها منضبطة وشرعية و وعد بتلبية مطالبها بل ونفذ بعضا منها وهو في طريقة إلى تنفيذ الباقي)، إن هذا الاتهام، وإن كان موجها لفظا وشكلا إلى الخصم السياسي والطائفي للشيخ السعدي، أي للمالكي تحديدا، ولكنه طال برذاذه تظاهرات 31 آب السلمية والقائمين بها. - فأولا، كانت هذه التظاهرات وباعتراف وسائل الإعلام المستقلة والمراقبين والمحللين المحايدين منضبطة وشرعية وسلمية، ليس لأن المالكي قال عنها ذلك، بعد أن أمر قواته الخاصة بقمعها والتضييق عليها حتى نجح في تقليص حجمها وكثافتها إلى أقل من النصف، بل لأنها كانت كذلك فعلا، فهل ينبغي علينا أن نرد على الخصم الذي يعترف بأن الأرض كروية بالقول إنها مسطحة؟ ثم ما علاقة تظاهرات ومتظاهري 31 آب بما قاله المالكي عن التظاهرات في المنطقة الغربية إنْ كان فيه تجاوز أو إساءة بحق تلك التظاهرات، فهل نحن أولاء أمر المالكي أم أنه ولي أمر متظاهري 31 آب؟ ثم مَن يتحمل مسؤولية التجاوزات والأخطاء الفادحة و الشعارات والصور والأعلام التي رفعت في بعض تلك التظاهرات و تناقلتها وسائل الإعلام العراقية والأجنبية والتي نربأ بأهلنا في الأنبار رفعها والهتاف بها؟ - وثانيا، فإن تظاهرات 31 آب لم تجرِ وتُسيَّر في (محافظة ذي قار وبعض مناطق الجنوب) فقط كما يقول بيان الشيخ السعدي بل خرجت مثيلاتها في العاصمة بغداد و أغلب محافظات العراق ومن بينها محافظة نينوى والأنبار فهل يعتبر انحياز المالكي لها في هاتين المحافظتين طائفيا أيضا؟ - وثالثا، فقد كانت مطالب التظاهرات تخص الشعب العراقي برمته وليس أهل الجنوب فقط، و كان في تحقيقها فائدة وخير للعراقيين جميعا وليست مجرد تظاهرات قام بها كما قال الشيخ السعدي (إخواننا العراقيين في الجنوب في مطالبتهم برفع الظلم عن العراقيين جميعا في جزئية من الجزئيات تتعلق بالرواتب والتقاعد والامتيازات والخدمات). - ورابعا وأخيرا، فلم تكن تلك التظاهرات مقودة من قبل رجال الدين من طائفة معينة، أو من شيوخ عشائر يمثلون عشائرهم، ويعلنون عن تشكيلهم لجيش مليشياوي لمواجهة الجيش الحكومي، ولم يشارك فيها أي من الأحزاب السياسية والكتل النيابية المشاركة في حكومة المالكي أو في العملية السياسية ككل، ورفضت وأفشلت كل المحاولات التي قامت بها تلك القوى في المشاركة والتخطيط والقيادة للتظاهرات وقوطع كل من وافق على مشاركتها في بغداد خصوصا، بل خطط لها وقادها وشارك فيها نشطاء سلميون عراقيون من جميع الطوائف والقوميات العراقية تقريبا. إن الشيخ السعدي في بيانه الأخير والخاص بتظاهرات 31 آب، يتجاهل و يغفل – للأسف - أغلب هذه الوقائع والحقائق المتعلقة بها، ويحاول عبر انتقاده لرئيس مجلس الوزراء نوري المالكي وبشكل غير مباشر إلصاق تهم بهذه التظاهرات هي منها براء. ومع ذلك، وللإنصاف، فالقرآن أوصانا ( لا تبخسوا الناس أشياءهم / هود 85)، نسجل أن بيان الشيخ السعدي كان يحتوي على إيجابيات مهمة تجري في السياق الوطني العام، الذي تعودنا على تلمسه في بياناته ومداخلاته، ومن ذلك: سجل الشيخ إدانته لما حدث من قمع للتظاهرات "في مدينة الناصرية"، مع أن أعمال القمع طالت المتظاهرين في بغداد ومحافظات الأخرى، واعتقل أكثر من أربعين متظاهرا في بغداد فقط، وصورت آثار الضرب والاعتداء على أجساد العديدين، ولم ينحصر القمع، كما أسلفنا، في ( الناصرية وبعض مناطق الجنوب ) كما جاء في بيان الشيخ. نسجل للشيخ السعدي أيضا أنه ( ضم صوته إلى صوت بعض العلماء بتحريم أخذ وصرف هذه الأموال بأي مسمى كان كمخصصات وتقاعد الرئاسات الثلاث وأعضاء المجالس كافة .. و حَرِّم الدم العراقي من أي فئة أو دين أو مذهب أو طائفة؛ لأنه بغير حق). وبهذا يكون الشيخ عبد الملك السعدي قد اتفق مع متظاهري 31 آب في الجوهر والمضمون وكان يمكنه أن يناجز ويحاجج خصمه السياسي أو الطائفي سواء كان المالكي أو غيره على جبهة أخرى غير هذه الجبهة، جبهة تظاهرات 31 آب السلمية، المنضبطة، اللاطائفية والعراقية الوطنية بامتياز!
*كاتب عراقي ** رابط يحيل إلى بيان الشيخ السعدي : http://alomah-alwasat.com/newsMore.php?id=150
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفكيك -منطق- العدوان على سوريا
-
31 آب:عَراضة علمانية سلمية واعدة!
-
مناقشة هادئة لآخر اتهامات سعدي يوسف
-
مسلسل -ميم ميم-: متعة ومسيار.. أرنب وغزال!
-
التوظيف -السياسوي- للدراما التلفزيونية:من العتاك إلى شلش/ ج2
-
التوظيف -السياسوي- للدراما التلفزيونية: شلش مثالا! ج1
-
اعتزال الصدر و-تسييس- السيستاني
-
ترويج سياحي لإسرائيل من بغداد!
-
بين المالكي وداعية غزو العراق فريد زكريا!
-
مواد واجبة التعديل في الدستور العراقي
-
عدم استقالة الحكومة والرئاسات الثلاث فوراً جريمة كبرى!
-
الأولويات في تعديل الدستور العراقي النافذ
-
-وطنيون- يطالبون بإعادة احتلال العراق:
-
لا فرق بين البطاط و طه الدليمي
-
بين الطائفة والطائفية.. ثمة فرق هائل!
-
14 تموز.. الثورة المغدورة!
-
جاء وزير الإسكان يكحلها..!
-
العراق والكويت: قصة حب ملتبسة!
-
مسؤولية تركيا وإيران عن كارثة التلوث البيئي في العراق
-
دماء الأبرياء في رقبة شيخ الفتنة مساعد آل جعفر وأمثاله!
المزيد.....
-
العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب
...
-
ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا
...
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م
...
-
كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح
...
-
باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا
...
-
شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
-
أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو
...
-
زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
-
مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|