|
الضربة الأمريكية المتوقعة بين القبول والرفض
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 4210 - 2013 / 9 / 9 - 19:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أولاً : قراءة لموقف البعض من التدخل الخارجي في سورية : تنطوي غالبية مواقف وآراء من وقفت على وجهات نظرهم حول الضربة الأمريكية المنتظرة على المواقع العسكرية للنظام السوري ( نظام عائلة الأسد ) على موافقة مبدئية ، ضمنية أو صريحة ، على هذه الضربة . بيد أن قراءة ماوراء الكلمات والسطور ، تسمح للمرء أن يشير إلى وجود تباين ما بين هذه المواقف والآراء ، أبرزها ، أن الاختلاف الأساسي الذي وقفنا عليه بين هذه الآراء والمواقف ، يدور، من جهة ، حول حجم وأهداف ونتائج وتاريخ هذه الضربة الأمريكية المتوقعة ، ومن جهة أخرى حول دور كل من الداخل والخارج ، سواء في تفجيرها 2011 أو في دعمها ، أو في محاولة الالتفاف عليها وخنقها ، وبالتالي خنق كافة ثورات الربيع العربي من خلال خنقها .
أما بالنسبة للحالة الأولى ، فإن البعض يريدها ضربة قوية تؤدي إلى تغيير فوري لنظام عائلة الأسد ، والذي هو بنظرها نظام أقلية عسكرية طائفية استولت على السلطة بقوة السلاح ، وهي تستمر بالحكم منذ مايزيد عن الأربعة عقود بفضل هذا السلاح ، وبالتالي فإنه لا يمكن إزاحتها عن السلطة إلا بقوة السلاح . وبما أن سلاح النظام أقوى من سلاح المعارضة ، فلا ضير من أن تستعين المعارضة ، بـ " الآخر " من أجل إنهاء هذه المذابح البشعة التي يمارسها نظام عائلة الأسد ضد الشعب السوري منذ ثلاثين شهراً ، والتي كانت مذابح أطفال ونساء ومدنيين عزل بصورة أساسية . ولكن البعض الآخر يريدها ضربة " تأديبية " محدودة ، لتقليم أظافر النظام ، والحد من قدراته العسكرية الفتاكة ، ولا سيما الطيران بنوعيه والصواريخ بأنواعها ، والبراميل المتفجرة ، وكافة الأسلحة المحرمة دولياً وعلى رأسها السلاح الكيماوي ، وترك مسألة إسقاط النظام ، وتصحيح المسار، للثورة السورية وللجيش السوري الحر، وللشعب السوري نفسه . إن المسكوت عنه في هذه الرؤية ـ حسب تقديرنا ـ هو أن أصحابها ، لايريدون أن يقال مستقبلاً أن الثورة قد عجزت عن إسقاط النظام ، وأن " الآخر"هو من أسقطه ، وهو ماقد يترتب عليه مستقبلاً نتائج سلبية تتعارض مع الأهداف الوطنية والسياسية التي قامت من أجلها ثورة آذار 2011 ، ولاسيما أن " النخوة " لم تدب في أوصال هذا السيد " الآخر " إلاً في الربع الساعة الأخيرة ، التي بات فيها انتصار ثورة الشعب السوري على نظام بشار الأسد ، قاب قوسين من الانتصارأو أدنى ، رغم فداحة الثمن الذي دفعه هذا الشعب ، في كافة المدن والقرى السورية ، والذي مازال يدفعه صباح مساء ، للوصول إلى شاطئ الحرية والكرامة .
وأما بالنسبة للحالة الثانية ، فإن أصحابها يرون أن ثورة آذار 2011 قد خرجت من أيدي من فجروها ، وباتت في أيدي الدول الفاعلة الكبرى سواء على المستوى العالمي ( أمريكا ، أوروبا ، روسيا ، ...) ، أوعلى المستوى الإقليمي (إيران ، تركيا ، ...) أوعلى المستوى العربي ( السعودية ، مصر، ... ) . إننا مع موافقتنا ، على وجود علاقة جدلية ( تبادل الأخذ والعطاء عمودياً وأفقياً ) أكيدة بين الداخل والخارج في أي صراع سياسي ، ذي بعد استراتيجي ( في الحالة السورية : إسرائيل والنفط ) ، لابد أن نشير إلى أن مثل هذه العلاقة الجدلية ، عادة مايكون الداخل فيها ( وليس الخارج ) هو العامل الحاسم . إن العامل الداخلي هنا ، والذي سيحسم الصراع في سورية ، إن عاجلاً أو آجلاً ، لصالح الثورة ، هوالدماء الزكية الطاهرة لـ 150000 شهيد ، وملايين المهجرين والنازحين والمفقودين والمعتقلين ، وليس صوارخ سكود ( الروسية ) أو كروز ( الأمريكية ) ، مع تقديرنا الكامل لكل الجهود المادية والمعنوية ، العربية والأجنبية التي وقفت وتقف إلى جانب ثورتنا ، وتحاول حماية أطفالنا من وحشية وهمجية نظام عائلة الأسد وشبيحته في الداخل والخارج وما بينهما .
ثانياً : قراءتنا الخاصة ، لموضوع التدخل الخارجي في سورية : 1. لانجادل في أن كافة شعوب الأرض ، ومنها شعبنا السوري ، إنما تقف إلى جانب المظلوم ضد الظالم ، 2. لانرى أنه من المنطقي ، ولا من العدل ، أن يجادل البعض ، داخل سوريا أو خارجها ، في : على من تقع مسؤولية إراقة الدماء في سورية منذ 18.03.2011 وحتى لحظتنا هذه ؟ . إن مجازر الصنمين و الحولة والبيضا وداريا وجديدة الفضل والتريمسة وحلفايا وبابا عمر والحراك و... و... وأخيراً وليس آخراً مجزرة الكيماوي الأخيرة والكبيرة في الغوطتين ( مجزرة فجر 21.08.2013 ) ، لاتدع مجالاً لا للشك ولا للالتباس ولا للتردد ، في أن النظام الطائفي الحاكم في دمشق وشبيحته ، بقيادة عائلة الأسد ، هوالمسؤول الأول والأخيروالوحيد ، عن هذه الدماء ، وعن هذه المجازر. إن كل من يشك أو يشكك بهذه الحقيقة الموضوعية ، لابد وأن يكون شريكاً للنظام في جرائمه ضد الشعب السوري ، وأن يكون وعيه المريض والزائف حول هذه المسالة الواضحة ، إنما سببه هذه المشاركة ( المباشرة أو غير المباشرة ) ، المدانة وغير الأخلاقية ، وغير الإنسانية . 3. لانجادل أيضاً في أن المجتمعات الغربية المتطورة ، هي مجتمعات متقدمة على مجتمعاتنا تكنولوجياً وديموقراطياً بيد أن مانجادل فيه عن معرفة وعن حق ، هو أن هذه المجتمعات إنماوظفت وتوظف تطورها التكنولوجي في كثير من الحالات لخدمة بعض المسؤولين الكبار،المستبدين والفاسدين في بلداننا العربية ، ومنها بلدنا سورية ، في قمعهم لشعوبهم ، وفي تغييبهم للديموقراطية وصندوق الاقتراع . إن ما تلمسه شعوبنا ، ولا سيما شعوب ثورات " الربيع العربي " فيما يتعلق ببعض تلك الدول المتطورة تكنولوجياً ، وفي العديد من الحالات ، هو أن ألسنتها فقط هي مع هذه الشعوب ، أمّا سيوفها فهي ليست في ذات الإتجاه ، وهي (أي الشعوب العربية ) تتمنى على هذه الدول المتطورة ، أن تكون ألسنتها وسيوفها في موقع وفي موقف واحد . 4. وبالنسبة لدمشق " أم الربيعين " ، فإنها تتمنى بدورها أن يكون تغييرالدول الكبرى ، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، لموقفها من نظام بشارالأسد الديكتاتوري والفاشي ( قاتل الأطفال ) تغييراً حقيقياً وملموساً ، بحيث تصبح ليست ألسنة قادة هذه الدول الكبرى فقط مع ثورة آذار 2011 ، وإنما مواقفهم الجادة والجدية أيضاً ، وذلك تمكيناً لهذه الثورة من الوصول إلى مجتمع العدالة والمساواة والديموقراطية ، مجتمع الحرية والكرامة ، ذلك المجتمع الذي غيبه نظام عائلة الأسد ( الأب والإبن ) وشبيحتها الداخليين والخارجيين ماينوف عن الأربعة عقود ، بأقل الخسائر الممكنة .
5. إن ماتريده شعوبنا من الدول المتطورة تكنولوجياً وديموقراطياً ، هو أن لاتضع العربة أمام الحصان ، فالتكنولوجيا يجب أن توضع في خدمة الديموقراطية والشعوب ، وليس الشعوب والديموقراطية في خدمة التكنولوجيا ، ورحم الله الشاعر العربي القائل : فوضع الندى في موضع السيف مضر كوضع السيف في موضع الندى .
ـــ انتهى ـــ
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسمع كلامك يعجبني
-
دمشق أم الربيعين
-
الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها
-
خواطر حول الربيع العربي ( 4 )
-
خواطر حول الثورة السورية (3) مؤتمر التناقضات في الدوحة
-
خواطر حول الثورة السورية (2) / G8
-
خواطر قابلة للنقاش حول الثورة السورية
-
ماوراء جنيف وما وراء الوراء
-
ثورة آذار 2011 ومؤتمر جنيف2
-
علم الإجتماع في الوطن العربي
-
خواطر حول الإخوان المسلمين والثورة السورية
-
عامان والثورة مستمرة
-
في سورية : انتفاضة أم ثورة ؟
-
ثورات الربيع العربي بين الرأي والرأي الآخر
-
بشار الأسد وحكاية العصابات المسلحة
-
نداء أخوي ثان
-
المعارضة السورية في ميزان النقد ، مساهمة في التحليل والحل
-
الدفاع عن الرسول : نعم ولكن!
-
النظام السوري إلى أين؟
-
حزب البعث وسرطان الطائفية
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|