|
مصر بين مؤيدي الدولة المدنية الديمقراطية والعسكرية الدكتاتورية.
الحايل عبد الفتاح
الحوار المتمدن-العدد: 4175 - 2013 / 8 / 5 - 22:40
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
مصر بين مؤيدي الدولة المدنية الديمقراطية والعسكرية الدكتاتورية. عجب وعجاب أن نجد في أوائل القرن الواحد والعشرين أناس لا يؤمنون بالديمقراطية. فعلا يوجد بمصر والعديد من الدول العربية رجال ونساء يفضلون التحكم العسكري الدكتاتوري على الدولة المدنية الديمقراطية. غريب أيضا فكر هؤلاء المؤيدين للإنقلاب العسكري بمصر. غريب منطقهم الساذج. اختلت موازينهم ومقاييسهم. سياستهم معتلة خربة وفلولهم هائمة منخدعة. يستبدلون الخيار الديمقراطي بالخيار العسكري الدكتاتوري. يفضلون أن يبقوا خاضعين للعسكر لكي لا يصل الشعب المصري والعربي لمرحلة الديمقراطية المتعارف عليها فلسفيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا. عبيد يحنون للعبودية. ومستبد بهم يعشقون البقاء في العبودية. ألم تكفيهم ستون سنة من حكم العسكر واستبداده؟ أنسوا ما ضاع منهم منذ هذه العقود الطويلة؟ إني أستغرب استغرابا للموقفهم الرجعي الرافض للديمقراطية والدولة المدنية. ويشتد استغرابي أكثر حين أفهم أنهم يفضلون الدولة العسكرية الديكتاتورية. فهم يريدون أن نلغي عقولنا ونبعثر ترتيب منطقنا. هم في فهمهم هذا لمجريات الأحداث عاجزون عن تمييز الحق من الباطل، كالعاجز عن تمييز اللون الأبيض من الأسود. تجمد حسهم السياسي وتصلضت أفهامهم. لكن السؤال المحير، أمام هذا الموقف المخزي، لكل مفكر ومثقف حر ديمقراطي ورجل سياسة هو: ما هي حججهم في عزمهم على نصرة حكم العسكر عوض حكم مدني ديمقراطي؟ كثيرة هي الحجج التي دفعوا بها لتقزيم الديمقراطية والدولة المدنية وشيطنة الشرعيين؛ قليلة وواهية هي درائعهم المغلوطة. انغمسوا في حسابات ضيقة بإعلام مدمر ومخيف ومبتاع ومبتدل. لكن الحقيقة هي أن فكرهم انحصر بفعل الخوف والرعب الذي يحسونه اتجاه الديمقراطيين والشرعيين... يعتقدون تحت وطأة الانهزام السياسي أن الرئيس الشرعي محمد مرسي ومجلس الشورى والدستور والكل بمعية الأحزاب المناوئة لهم، سيستحوذون على الحكم مرة واحدة وستقوم دولة إسلامية تيقراطية تنفذ بالقوة الشريعة الإسلامية والقرآن والسنة بالإرهاب، وستغلق الحانات والمراقص والملاهي الليلية وستقلص الحريات الشخصية والجماعية، وستبدأ محاكمات جائرة لشخصيات وطنية، وغيرها من الأقاويل والتسببات الغير المعللة... وللجواب على هذه التخوفات الخيالية والدفوعات الواهية نجيب ذوي المنطق والحكمة والعقل السليم بالتالي : أولا : هذه مجرد تخيلات وتوقعات لا أساس لها من الصحة واقعيا أو سياسيا. فقد كان حكم محمد مرسي بأغلبيته الديمقراطية لمدة سنة محترما لكل أشكال الحرية الفردية والجماعية. كما أننا لم نرى أي قانون أو مرسوم أصدره رئيس الجمهورية (خلال سنة الديمقراطية) وجماعته يذهب إلى تطبيق الشريعة تطبيقا فعليا يرتب ضرب الحريات الفردية أوالجماعية. نحن نتحدى أي شخص كان مستواه الثقافي والعلمي والسياسي أن يثبت لنا عمليا قيام محمد مرسي أو مرشد الإخوان المسلمين أو مجلس الشورى أو غيرهم ممن ننسبهم للإخوان المسلمين، بتصرف يمس أو ينتقص أو ينال من مبادئ الديمقراطية...فلو شاهدنا ولاحظنا أن هؤلاء أصدروا قانونا أو مرسوما في هذا الإتجاه لكنا نحن سباقين للوقوف ضده ومحاربته بما استطعنا...ولأعطينا للعسكر دريعة منطقية لفرض الإنقلاب وتأييد الإنقلاب...والشعب المصري ليس جاهلا إلى المستوى الذي قد يعتقده الغير...فهو قادر على تمييز القوانين الديمقراطية من القوانين الإستبدادية والمقيدة للحريات الفردية والجماعية... كل هذه التخوفات -إن كانت فعلا تخوفات- لا أساس لها في الواقع ولا تستند إلى سبب واقعي أو منطقي. أما إن كان هذا التخوف هو مجرد عبارة أو شماعة فهو تخوف مخزي ومنتقص لمقدرات الشعب المصري، بل هو مؤامرة يقاومها الصدق وحسن النية والحق الذي يعلو ولا يعلا عليه...فعلا لقد فهم غالبة المصريين ومثقفو العالم العربي والغربي كله هذه الأكذوبات...والأكاديب التي تروج لها صناديق الإعلام المصري، كلها شيطنة مفضوحة لمن يتشبث بالديمقراطية كحل أول وأخير... وبخصوص هؤلا ء المتخوفين والمعوبين من محاكمات المساءلة عما مضى، فقد سبق لنا واقترحنا في مواقع أخرى حلين للأزمة بمصر: الرجوع للشرعية والمصالحة الوطنية. المصالحة الوطنية تتطلب غض الطرف عما فات وما ضاع. وفعلا الشعب المصري بسخائه سيعرف كيف يقايض حريته وشرعيته وديمقراطيته. ثقافته سلمية. لا مناص من التسامح مع الماضي وبدئ صفحة جديدة. ومن سرق أو نهب أو استبد في الماضي فلنتركه يذهب لحال سبيله وليترك هو الديمقراطية تمر لسبيلها المحتوم بدون إراقة دماء ولا تشفي...فبناء الديمقراطية يتطلب نوعا من التساهل في التعامل مع الماضي... أما الشهداء، فالثورة المصرية لن تنساهم؛ ستسجل أسماؤهم بمداد الفخر والشرف. ولأهالي الشهداء عزاؤنا، وعزائهم عزائنا...فبعد الرجوع للشرعية والعودة للديمقراطية ستتكفل دولة الحق والقانون بإنصافهم ومواساتهم... أما موقف باقي الحكام العرب ومعهم الغربيون وإسرائيل فسيتغير مع مرور الوقت وسيرضخ كلهم للأمر الواقع. هذا في وقت نرى فيه شخصيا أن هذه الثورات هي خير لمصالح الغرب ومصالح إسرائيل وما تبقى من حكام العرب... الغرب سيسأل نفسه : هل من الأفضل له أن يتحاور مع الأغلبية الديمقراطية أو العسكرية الديكتاتورية ؟ هل الديمقراطية بالدول العربية مناسبة لرفع مستوى علاقاته الإقتصادية أوالعكس؟ أنا متيقن من أن الغربيين لا يرون مصلحتهم القادمة بل فقط الحالية...وهذا حساب خاطئ...فهم الآن مخطئون في عدم اتخاذ موقف واضح من الوضع بمصر. وهذا لا يخدم مصالحهم الآنية والمستقبلية...فالأجدر بهم أن يختاروا محاورين ديمقراطيين دائمين لا انقلابيين عسكريين مرتزقين وعابري سبيل... أما ما تبقى من الحكام العرب الرافضون للديمقراطية بمصر فهم لا يفقهون السياسة ولا حتى مواقع مصالحهم...فتأييدهم للشرعية والديمقراطية بمصر هو السبيل الوحيد الذي سيحميهم مما هو آت في السنوات القادمة. فالديمقراطية العارمة ستجرف في طريقها كل هذه الدول العربية الرافضة للشرعية والديمقراطية. حينها لن يكون لأي دولة استبدادية رجعية الخيار سوى الخيار الديمقراطي...وكل دولة الآن تخدم الديمقراطية بالعالم العربي فستكون في مأمن من الديمقراطية وستشق طريقها إلى الديمقراطية بطريقة سلمية...أما الدول التي تقف في وجه الديمقراطية والشرعية بمصر فهي ستؤدي ثمنا باهضا عن تصرفها هذا...فحتمية الديمقراطية بالعالم العربي لن يترك لهذه الدول خيار البقاء في نظم استبدادية ومتخافة...ومن يتعاقد مع هذه الدول فهو مهدد بطريقة او أخرى... إذن، الأجدر بالدول العربية أن تبادر إلى الإعتراف بشرعية محمد مرسي وديمقراطية مصر...لأن كل ما قد يصيب مصر من سلم أو حرب فهو بالضرورة سيصيب بالدرجة الأولى مصالح وأمن الدول العربية الرافضة للشرعية والديمقراطية... أما إسرائيل فهي الآن لم تحدد موقفها الرسمي من الانقلاب العسكري بمصر رغم أنها ضده في الكواليس والخفاء...لأنها تعلم أن سلامتها وأمنها هو في العمق مع التواجد الديمقراطي لا العسكري الإنقلابي بمصر...وعلاقتها بالعالم العربي ستتحسن أكثر إذا ساهمت في دفع الشرعية والديمقراطية بمصر...ونحن متيقننين من ان صورتها لدى الشعوب العربية الإسلامية ستتحسن أيضا إذا أيدت الشرعية والديمقراطية لمصر...وإظافة إلى ذلك فقد أثبتت التجربة التاريخية أن الديمقراطية، في آخر المطاف، هي المحاور الوحيد والموثوق منه لاستدامة السلام والأمن الوطني والقومي والعالمي... أفيقوا أيها المصريون (وخاصة القضاء المصري)ويا أيها العرب والمسلمون والمسيحيون المؤيدون بوعي أوبدونه للإنقلابيين العسكريين. لقد دقت ساعة الحق والعدل للتخلص من الإستبداد والديكتاتورية. فرصتكم الوحيدة للدخول للتاريخ ها هي اليوم بين أيديكم. لا تقتلوها لا تنسفوا أمل شعبكم المصري والشعوب العربية والإسلامية والمسيحية. لا تنساقوا مع الكذب والبهتان والإعلام المظلل... زميلي، رفيقي وأخي، الثورات العربية الإسلامية بما فيها ثورة 25 يناير جاءت مصادفة ومفاجأة لأن الشعب العربي كان مهيئا في قرارة نفسه الجماعي وذلك في غفلة الساسة والمثقفين من هنا وهناك. لا ننسى بأن العسكر بمصر أراد أن يستعمل الشعب لكن الشعب استعمله، أراد هذا العسكر أن يجعل من الشعب عبارة أو قنطرة لقضاء حاجة باسم الثورة؛ لكن الشعب فطن ومر للديمقراطية عبر العسكر...انقلب السحر على الساحر...الثورة أصبحت معطى مستقل عن كل من يريد أن يستحوذ عليها. الثورة المصرية أصبحت مستقلة وعابرة لفكر الشعب...الثورات العربية حقيقة لا مجازا، ثورة وليست حراكا ولا انتفاضات. والتاريخ سيقر بذلك. التاريخ بوقائعه سيتكفل بإقناع من لم يقتنع بعد...الثورة العربية هي جوهرة القرن الواحد والعشرين. والشعلة المصرية هي الحتمية التاريخية التي تحدث عنها الغير بشكل مغلوط... إذن لا تسمحوا لأعداء الإنسانية أن يضيعوا عليكم عهد الديمقراطية، لا تسمعوا لكذبهم؛ فالديمقراطية هي الحل الوحيد للخروج من التخلف والديكتاتورية. لا تتركوا لغيركم فرصة العبث بها أو تضييعها. الثورة المصرية فرصة لا تعوض ومنعطف تاريخي حاسم في الإختيار الديمقراطي الشرعي أو العسكري الدكتاتوري...
الحايل عبد الفتاح، من الرباط، المغرب. 05 08 2013.
#الحايل_عبد_الفتاح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحل لمصر هو خريطة سياسية توافقية
-
الديمقراطية عقل وحقوق الإنسان عواطف وأحاسيس
-
التداعيات والنتائج الأولية للإنقلاب العسكري بمصر
-
الإنحسار السياسي بمصر ظاهرة صحية جيدة.
-
الديمقراطية هي الشرعية بصر
-
اقلابيو مصر ضد الديمقراطية والشرعية الدستورية
-
الإنقلاب العسكري ضد الديمقراطية والثورة بمصر
-
ماتت الثورة المصرية ورجع مبارك وأصدقائه للسلطة
-
مرسي ضد جبهة الإنقاذ كعلي من معاوية
-
استمرار المرفق العمومي
-
مازلت أذكرها بصمت
-
ضرورة تسجيل الطلاق أو التطليق بالنسخة الأصلية لعقد الولادة
-
تشييئ الهوية أكذوبة وكذب
-
عقلية المشغلين والعمال ومفتشي الشغل بالمغرب
-
كل فلسفة أو سياسة يمكن أن تنجح
-
حركة 20 فبراير مستمرة
-
إخفاق نظام التوقيت المستمر بالمرفق العمومي المغربي
-
الإدارة المغربية لا تعمل إلا صباحا ؟
-
مذكرات محام
-
غالبية الشعب العربي تحن للدكتاتورية ولا تفقه معنى الديمقراطي
...
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|