أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هدى الشاهد - اللامركزية.. قراءة نظرية فى الأبعاد والصيغ التنظيمية















المزيد.....

اللامركزية.. قراءة نظرية فى الأبعاد والصيغ التنظيمية


هدى الشاهد

الحوار المتمدن-العدد: 4174 - 2013 / 8 / 4 - 09:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتعاظم الاهتمام باللامركزية مع الميل نحو تعزيز مشاركة المواطنين محليا ومنح القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني دوراً أكبر في عملية التنمية مقابل تقليص دور الحكومة المركزية. فقد يُنظر لللامركزية كبديل للديمقراطية ووسيلة آمنة لاكتساب المزيد من الشرعية المطلوبة من ناحية، وأداة لجعل الحكومة أكثر استجابة للاحتياجات والأولويات المحلية من ناحية أخرى.
ويُقصد باللامركزية -فى مفهومها العام- اسلوب لتوزيع السلطة بين الحكومة المركزية للدولة وشخصيات إعتبارية فرعية أو محلية؛ والذى قد يمتد إلى الاختصاصات الثلاث (التشريعية، والتنفيذية، والقضائية) للدولة، وقد يقتصر على الاختصاصين التشريعى والتنفيذى فقط، وربما يتحدد فى الاختصاص التنفيذى دون غيره. ففى بعد الحالات تنصرف اللامركزية إلى نقل أجهزة الحكومة المركزية لبعض الموارد والسلطات التقديرية المخولة لها لمباشرة مهام رسمية إلى أجهزتها الفرعية (المحلية) خارج العاصمة، وفى حالات أخرى تنصرف إلى ممارسة الأجهزة الفرعية –بقدر من الاستقلالية- لطائفة من وظائف السلطة المركزية تُخصص لها موارد مستقلة.
وللامركزية بهذا المعنى ثلاثة أبعاد رئيسية: أولها "سياسى"، وثانيها "إدارى"، وثالثها "مالى". حيث يرتبط موضوع اللامركزية بمختلف مكونات التنظيم الإدارى ومراحله وأساليبه، بداية من الهيكل التنظيمى للدولة ومروراً بمراحل عمله (تخطيط وتشغيل ورقابة ..) وصولا إلى الاساليب المتبعة فى تنفيذها.

أولا: أبعاد اللامركزية
يميز الباحثون في معرض حديثهم عن اللامركزية، بين اللامركزية الإقليمية (أو الجغرافية)، واللامركزية الوظيفية. حيث تنصرف الأولى إلى منح جزء من إقليم دولة ما الشخصية المعنوية وسلطة الإشراف على مرافقها المحلية؛ فيتم توزيع السلطة بين أقاليم ومحافظات ومناطق القطر الواحد التى تتمتع بشخصية معنوية تناط بهيئة محلية -ينتخب جميع أو بعض أعضائها من قبل مواطني الإقليم- يكون لها صلاحية وضع ميزانية مستقلة وإتخاذ القرارات الإدارية المتعلقة بإدارة المشروعات والمرافق العامة فى حدود ذلك الإقليم أو المحافظة. فيما تنصرف الأخيرة (أى اللامركزية الوظيفية) إلى عملية توزيع السلطات والصلاحيات على المستويين الرأى (الهرمى) والأفقى بين الأقسام المتخصصة داخل المنظمة أو الوزارة الواحدة. ومن حيث نطاق وطبيعة السلطة المخولة للوحدات الفرعية يمكن التمييز بين:
- اللامركزية السياسية، وهى إما كلية أو جزئية. ففى اللامركزية السياسية الكلية تتسم طبيعة السلطة الموزعة بأنها سلطة حكم (تشريع، وتنفيذ، وتقاضى)، ويكون نطاقها متسعا بأكبر قدر –دون تهديد لوحدة الدولة-، وتنظم بموجب وضع دستورى يقوم على أساس توزيع الوظائف الحكومية المختلفة. وفى اللامركزية السياسية الجزئية تتوزع سلطة الحكم على نطاق جزئى؛ بمعنى أن تكون سلطات الحكم الموزعة على الوحدات والهيئات المحلية قليلة نسبيا، فلا يعد وجود وحدات محلية ذات شخصية اعتبارية دليل حتمى على وجود لامركزية سياسية، وإنما تكون العبرة بطبيعة وحجم السلطة الموزعة على تلك الوحدات.
- اللامركزية الادارية، وهى إما كلية أو جزئية. ففى اللامركزية الادارية الكلية يتم توزيع الكثير من الصلاحيات الجوهرية للوظيفة الإدارية (كالتخطيط، والتنظيم، والتشغيل، والرقابة، والاشراف..) على هيئات أخرى خارج نطاق السلطة المركزية (كالوحدات المحلية) عن طريق النقل والتفويض... الخ وذلك فى إطار ما يعرف بنظام الإدارة المحلية أو اللامركزية الإدارية الإقليمية. فيما يتم فى اللامركزية الإدارية الجزئية توزيع بعض الصلاحيات الضرورية لتسيير المرافق العامة على مستويات إدارية أدنى من العاصمة المركزية (كإدارات فروع الوزارات مثلاً)، وهو ما يتم فى الغالب عن طريق التفويض فى إطار ما يسمى باللامركزية الإدارية المرفقية أو المصلحية. ومن ثم تكون درجة اللامركزية الإدارية والإستقلالية النسبية أعلى فى وحدات الإدارة المحلية منها فى إدارات الفروع الوزارية، حيث تتمتع الأولى بشخصية اعتبارية عامة تتيح لها الإضطلاع بصلاحيات وزارات عديدة (مفوضة أو منقولة)، كما أنها عادة ما تمارس نوعاً من الإشراف والتنسيق بين الفروع الإدارية العاملة فى نطاق الوحدة المحلية.
وهكذا إذا كانت وظائف الحكومة الثلاثة موزعة بين الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم، وكان هناك تعدد فى مراكز السلطة بحيث لا يقتصر على الحكومة المركزية فقط، نصبح إزاء دولة مركبة من عدة دويلات لكل منها دستورها وسلطانها، فيما يعرف بالنظام الفيدرالى. أما إن تناول التوزيع الوظيفة التنفيذية فقط، فإننا نصبح إزاء نمط آخر من اللامركزية، حيث تحتفظ الدولة بوحدتها السياسية بوصفها دولة موحدة لا يوجد بها غير سلطة تشريعية واحدة وأيضا سلطة قضائية واحدة. وهنا يكمن الفارق بين نمطى اللامركزية السياسية والادارية، فبينما تتعدد مراكز السلطة فى الأولى، لا تدع الدولة فى الاخيرة مجالا لتعددها وإنما على النقيض تؤكد على توحيد هذا المركز مع منح الوحدات الفرعية (المحلية) قدر من الاستقلال –قد يأتى على وجه التحديد- تحت وصاية الحكومة المركزية.
ثانيا: صيغ تنظيم اللامركزية
تتباين صيغ تنظيم اللامركزية بحسب درجة تركيز أو عدم تركيز (بمعنى انتشار أو تشتت) السلطة بتوزيعها بين الحكومة المركزية والوحدات الفرعية التابعة لها. ويقوم عدم تركيز السلطة على تخويل مسئولية التنفيذ من الحكومة المركزية إلى وحداتها الفرعية في مناطق وأقاليم الدولة، مما يساعد فى تعزيز تغلغل الحكومة الوطنية لأجزاء من الأقليم الوطنى ظل وجودها فى الخطط القومية هامشيا لفترات طويلة. وعلى الرغم أن عدم تركيز السلطة قد لا ينطوى إلا على تغييرات محدودة، إلا أنه قد يسهم فى تلبية أفضل للاحتياجات الواقعية والمرغوب فيها بأكثر من طريقة وذلك فى إطار من التوفيق التفضيلى للأولويات المجتمعية وفى مقابل الموارد المحلية المتاحة لتلبيتها.
وتتخذ اللامركزية من حيث عدم تركيز السلطة، إحدى صيغتين: الأولى تفويض السلطة، ويترتب عليها تخويل مسئولية الحكومة المركزية عن مهام معروفة -على وجه التحديد- إلى وحداتها وهيئاتها الفرعية (او المحلية)، حيث يمكن أن يستخدم تفويض السلطة كأداة لبناء قدرات تلك الوحدات تمهيدا للنقل التام للسلطة لها، وبالإضافة إلى الوحدات المحلية والإدارية متعددة الوظيفة يمكن أن تقوم الحكومة المركزية بتفويض سلطتها إلى هيئة أو جهة محدودة النشاط (كالشركات الخاصة والمؤسسات المدنية)، وفى هذه الحالة لا يتجاوز التفويض كونه مجرد توصيل الخدمة للمستهدفين مباشرة ولكن دون الاتكاء بالضرورة على أجهزة حكومية (مركزية أو لا مركزية).
أما الصيغة الثانية فهى نقل السلطة، وهى صيغة أكثر استقلالا حيث تستوجب ترك مساحة محددة من النشاط للوحدات الفرعية تعمل فيها باستقلالية (كإجراء انتخابات محلية مستقلة مثلا)، ولا يظهر نقل السلطة إلا مع اللامركزية السياسية على عكس التفويض الذى قد يظهر أيضا مع اللامركزية الإدارية. من هنا يأتى الارتباط الوثيق بين "نقل السلطة" و"اللامركزية السياسية"، فبعد انتقال السلطة قد يتمتع صناع القرار فى الوحدات المحلية باستقلال كبير عن الحكومة المركزية دون أن يؤثر ذلك على التزامهم بنصوص القانون وأولويات السياسة الوطنية العامة.
وتختلف الصيغتبن السابقتين من حيث جهة الإصدار والأثار المترتبة عليها، فجهة الإصدار فى حالة نقل السلطة هى الهيئة التشريعية (القومية، أو المحلية...) بحسب الهيكل السياسى للدولة، ذلك أن نقل السلطة يعنى إحداث تغيير فى توازنات وشكل خريطة القوة والسلطة ومن ثم يلزم إقرار المشرع لهذا التغيير فى النظام القانونى للدولة من أعلى مراتبه (الدستور) لأدناها (القوانين العادية، أو الأوامر والمراسيم التى تتمتع بقوة القانون).
أما تفويض السلطة فيصدر -باعتباره يأتى تالياً على نقلها- عن من نُقلت إليه السلطة، بشرط ألا تكون جهة الإصدار الأصلية قد حظرت هذا التفويض، فالذى يفوض بعض سلطاته لابد كشرط مسبق أن يكون حائزا عليها قانوناً، ولا يجوز لمن فوض إليه أن يفوض آخر عنه إلا إذا ُصرّح له بذلك فى قرار التفويض الصادر إليه. وفى حين أن نقل السلطة يصدر عن المشرّع فقط فإن تفويضها قد يصدر عن السلطة التنفيذية (من الوزير إلى معاونيه مثلاً، أو من رئيس الوحدة المحلية الى القيادات الأدنى منه فى الهيراركية التنظيمية للوحدة المحلية..)، وفى اطارها بمعنى انه لا يخرج عن حدود السلطة التنفيذية باعتبارها الوحيدة المخولة بتنفيذ القواعد القانونية، والسياسات العامة وهو تخويل لا يمكن التنازل عنه.
وبالنسبة للأثار المترتبة على كل من نقل السلطة وتفويضها لا سيما من حيث عامل المسئولية، فالنقل -باعتباره وضع أصيل يحدده القانون- يعنى توزيع السلطة والمسئولية معاً، وذلك بهدف المعادلة أو الموازنة بين السلطة والمسئولية المقررة لأعضاء ومستويات الجهاز الإدارى التنفيذى. أما تفويض السلطة حيث تفرضه اعتبارات عملية وفنية فيحتفظ فيه المفوض بسلطة الإشراف على المفوض إليه ويتحمل أيضا عنه مسئولية تصرفاته. فيما يتحدد الأثر الثانى لاختلاف الطبيعة القانونية لنقل وتفويض السلطة فى مدى ديمومتها أو تأصيلـها التنظيمى للسلطة، فطالما أن النقل يكون بقاعدة قانونية، والتفويض يكون بقرار تنفيذى، فإن الأول أكثر ديمومة من الثانى، لأن الرجوع عن قرار التفويض أيسر كثيراً من تعديل القاعدة القانونية، كذلك فإن نقل السلطة يجعلها أكثر أصالة فى يد المنقول إليه بالمقارنة بتفويضها.
ويبقى القول أنه أيا كان الشكل المطبق من اللامركزية، فيبقى تفويض السلطة ونقلها أداتين أساسيتين لوضعها موضع التطبيق.





#هدى_الشاهد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بناء القدرات المؤسسية للبرلمان: مقترح ثلاثى الأبعاد
- إشكاليات بناء قدرات مؤسسات البرلمانات العربية: مجلس الشعب ال ...
- بناء القدرات المؤسسية كمدخل للإصلاح البرلمانى


المزيد.....




- في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
- لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
- -بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- - ...
- قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة ...
- هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
- مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور + ...
- -حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
- مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف ...
- مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول ...
- لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هدى الشاهد - اللامركزية.. قراءة نظرية فى الأبعاد والصيغ التنظيمية