النقابي الفلسطيني سلامة ابو زعيتر: -حكومة الاحتلال تتحمل مسؤولية تشغيل العمال الفلسطينيين-
اسماء اغبارية زحالقة
2005 / 5 / 11 - 11:24
بدعوة من جمعية معًا النقابية زار وفد نقابي من الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في غزة مقر الجمعية في الناصرة وام الفحم، وذلك في 8/4، واصدر الطرفان بيانا مشتركا (انظر مقال خاص في هذا العدد). أجرت الصبّار الحوار التالي مع رئيس الوفد سلامة ابو زعيتر، المدير التنفيذي لدائرة العلاقات العامة، وسكرتير النقابة العامة لعمال الخياطة والنسيج في الاتحاد العام للنقابات بغزة.
حاورته اسماء اغبارية
ماذا كانت اهداف زيارتكم الى جمعية معًا؟
سلامة ابو زعيتر: جاء اللقاء لتعزيز العلاقة مع جمعية معًا وتطويرها واستطلاع واقع العمال الفلسطينيين داخل الخط الاخضر. سعينا للاستفادة من خبرة جمعية معا، واستيضاح بعض الامور النقابية والقانونية التي تخص العاملين في الخط الاخضر.
هل لك ان تطلعنا على اوضاع العمال في غزة في ظل تردي الاوضاع الامنية؟
ابو زعيتر: في فترة الانتفاضة تجاوزت نسبة البطالة ال60%، وذلك بسبب الاغلاق التام وشبه الدائم، وانعدام الحركة التجارية بسبب اغلاق المعابر. فالعمال الفلسطينيون يعانون بسبب الارتباط بسوق العمل الاسرائيلي والاغلاقات، وكذلك المصانع المحلية للصناعات التحويلية، اي التي تكون مرتبطة بمشغل اسرائيلي، مثل الصناعات الغذائية، النسيج، الزراعة وغيرها، مرتبطة هي الاخرى بوصول المواد الخام عبر المعابر.
في ظل الحصار يتقاضى العامل مساعدات عينية من مؤسسات المجتمع المدني او من مؤسسات السلطة، ولكنها لا تفي بالحد الادنى. ومن يعمل في المناطق الفلسطينية يتقاضى 50 شيكلا يوميا، في حين بلغ متوسط دخله من العمل في اسرائيل 200 شيكل يوميا. الامر الذي يفسر استعداد العمال لتحمل المشقات في سبيل الوصول الى العمل في اسرائيل.
حاليا يملك 5000 عامل من الضفة الغربية وقطاع غزة تصاريح عمل، ولكن المعابر لا تتيح لمعظمهم الدخول لاسرائيل. ولا يعني وجود تصريح بيد العامل ان هناك فرصة عمل حقيقية. فبضغط الحاجة لا يحتمل العامل الوقت الذي يستغرقه اصدار تصريح بشكل رسمي من مكتب العمل، فيقوم بشراء التصريح مقابل الف شيكل من الشركة الاسرائيلية التي اعتاد العمل فيها دون ان يكون لها اقتراح حقيقي بالعمل، او من شركة اسرائيلية وهمية اخرى اقيمت للسمسرة مباشرة بالتصاريح. وتقدم هذه الشركات طلبا لمكتب العمل لاصدار تصاريح للعمال، وتدفع مبلغا معينا من الالف شيكل لمكاتب العمل بدل رسوم التأمين الصحي والوطني للعامل، وتحتفظ بالباقي. ويكون على العامل ان يتدبر نفسه ويوجد لنفسه مكان عمل، الى حين ينتهي مفعول التصريح بعد ثلاثة اشهر.
بعد مشقة الحصول على التصريح، تبدأ مشقة الوصول الى العمل، وهي رحلة باتت تستغرق 18 ساعة يوميا. اذ يخرج العامل في التاسعة مساء من بيته ليصل الى ايرز، وهناك يكتظ في الدور الخانق ليخرج من المعبر في السادسة او السابعة صباحا ويصل بعد ساعة او اثنتين الى مكان عمله، حيث يعمل ثماني ساعات، يعود من بعدها لتبدأ رحلته مجددا بعد ثلاث ساعات نوم لا اكثر، ولا يهنأ برؤية افراد عائلته.
كيف تفسر مدى الارتباط بالاقتصاد الاسرائيلي، وهل هناك افق لتحييد العمال الفلسطينيين من دائرة الصراع؟
ابو زعيتر: ان العمال الفلسطينيين هم ضحايا سياسة اسرائيلية عمدت الى جعل العامل الفلسطيني تابعا لسوق العمل الاسرائيلية. فعلى مدار سني الاحتلال هيّأت مهارات العامل الفلسطيني لتتلاءم مع حاجات الاقتصاد الاسرائيلي، بل هي ربطت الاقتصاد الفلسطيني بمجمله بالاقتصاد الاسرائيلي. وبالاضافة الى الحاجات الاقتصادية، اعتمدت اسرائيل سياسة احتواء الفلسطينيين من خلال تشغيلهم، لالهائهم عن المطالبة بالتحرر السياسي.
لقد اصبح العامل الفلسطيني رهينة للوضع السياسي الاسرائيلي، فاذا اسرائيل فتحت المعابر يحصل على مكان عمل، واذا قررت الاغلاق حُرم من لقمة العيش وتعرض للفقر المدقع. لذا فاننا نحمّل حكومة الاحتلال مسؤولية المعاناة الاقتصادية التي يعيشها العمال الفلسطينيون.
هل يقود هذا الوضع العمال الى تفضيل خيارات المقاومة على خيارات الصلح؟
ابو زعيتر: العمال لا يجدون قوتا يطعمون به اولادهم، وفي حالة كهذه قد يصبح الانسان ميالا للعنف، بدرجة قد تجعله يفضل نفسه على ابنه. الوضع بات على وشك الانفجار. ولكن العمال يدركون انهم ضحية ممارسة حكومة الاحتلال للضغط عليهم وتحصيل مكاسب سياسية من السلطة الفلسطينية، الامر الذي يزيد الكراهية لاسرائيل. وحتى لو كان هناك نقد للسلطة، فهو يبقى شأنا داخليا، ومعروف ان حالة الصراع غطت على مسألة النضال العمالي ووضعت في الاولوية بناء البيوت وتسكين المشردين، ويدرك العمال ان توفير فرص العمل مرتبط بالاساس بالسياسة الاسرائيلية.
اذا كان الارتباط شبه تام بالاقتصاد الاسرائيلي، كيف تتوقع ان تؤثر خطة الانفصال على مصير العمال؟
ابو زعيتر: اولا، اي انسحاب من اي ارض فلسطينية يعتبر انجازا فلسطينيا، ولكن على حكومة الاحتلال ان تتعاطى مع قضية العمال فهي ملتزمة انسانيا وادبيا تجاههم، بسبب ارتباط اقتصادنا بالاقتصاد الاسرائيلي. تطبيق الخطة دون طرح بدائل لسياسة اقتصادية مستقبلية، هو قتل لكافة مناحي الحياة الفلسطينية، ويمكن ان يؤدي لتفاقم في معاناة الشعب الفلسطيني ولتزايد حدة الصراع. اذا كانت اسرائيل معنية بمجاورة المجتمع الفلسطيني، فعليها تمكين دولته من الحياة، والاستحقاقات واضحة وغير معقدة.
ضمن خطة الانفصال الاحادي الجانب تم اغلاق معظم المصانع في المنطقة الصناعية ايرز، ما موقفكم من هذه الخطوة وكيف ستؤثر على العمال الغزيين الذين عملوا هناك؟
ابو زعيتر: اغلاق المنطقة الصناعية وحرمان العمال من الوصول الى اماكن العمل يشيران الى برنامج اسرائيلي يهدف الى زيادة نسبة البطالة والنيل من كرامة العمال الفلسطينيين. فقد كانت هذه المناطق من الاهم التي وفرت مكان عمل للعمال، فقد عمل في المنطقة الصناعية ايرز 4500 عامل، وهي نسبة اعتبرت جيدة في ظل تفشي البطالة.
باغلاق المنطقة تكون اسرائيل قد اغلقت آخر باب مفتوح للعمال، بحجج امنية وهمية. وليس هذا فحسب، بل لقد وعدت الحكومة الاسرائيلية المشغِّلين بالتعويض عن الاغلاق، بينما تجاهلت حقوق العمال الفلسطينيين الذين عملوا هناك، دون ان تُعرَف الجهة المسؤولة عن تعويضهم.
ماذا عن دور الهستدروت؟
ابو زعيتر: هناك فراغ نقابي كبير داخل الخط الاخضر، بالنسبة لخدمة العمال الفلسطينيين. والدليل هو استمرار الممارسات المهينة ضد العمال في المعابر وحرمانهم من الوصول الى اماكن عملهم، دون ان يكون هناك تحرك نقابي نشط وجدي داخل الخط الاخضر يسعى لحماية هؤلاء العمال، رغم انه يُخصم منهم رسوم نقابية لصالح هذه المؤسسات النقابية.
من جهة اخرى، زيارتنا لجمعية معًا النقابية يشكل بارقة امل، فقد شكلت خطوة اولى لوضع برنامج للتعاون النقابي الذي من الممكن ان يخدم مستقبلا مصالح العمال من خلال تشكيل قوة ضاغطة، لحمل حكومة الاحتلال على فتح المعابر امام العمال وخلق فرص عمل داخل الخط الاخضر، وتحصيل حقوق العمال الاجتماعية والقانونية. وتقديري ان هذه خطوة ممكنة التحقيق، فهناك طموح وهدف وتطلع لواقع عمالي جديد.
الصبار