مسعد خلد
الحوار المتمدن-العدد: 4167 - 2013 / 7 / 28 - 14:52
المحور:
الادب والفن
الشجاعة ميزة تغنّى بها الشعراء، في كل عصر وأوان، وضرب بها المثل، وحيكت حول الأبطال أساطيرعديدة. لكن الأجمل، هو ما حملته المأثورات الشعبية، من مواقف النخوة والتضحية. ومن بين الثورات الأصيلة، التي حدثت في القرن الماضي، الثورة السورية الكبرى، بقيادة سلطان باشا الأطرش، وتعلم منها القاصي والداني، مواقف الرجولة والشجاعة. وقد روى لي أحد الأصدقاء قصة، سمعها من أحد المجاهدين، المرحوم الشيخ فندي زهوه (بقعاثا-الجولان) عندما زاره في مهمة تتعلق باعداد وظيفة جامعية. وقال:" كان الطقس باردا جدا، فدعاني الشيخ الى الجلوس بجانب مدفأة الخشب (الوجاق). خلعت حذائي، وجلست فوق فرشة صوف ناعمة، بينما (تربَّع) الشيخ أبو مهدي، أمام (حرون الوجاق)، وبدأ يجيب على أسئلتي باسهاب، نابع عن ذاكرة حادة، تحدّت سنين عمره، الذي ناهز يومها، المائة وخمس عشرة سنة. وبينما كان يحدثني، وهو يحرك جمرات تساقطت بين ذرات الرماد، بمساعدة ملقط خاص، شعرت بخدر فجائي، أصاب رجلي اليمنى؛ ربما بسبب طريقة جلوسي. فتململت، ثم صرت أحركها بشكل لفت نظره، فقال لي: "طبعا إجرَك مْـنَمْلِه!"
فأجبته :"صحيح، وحاسِسْ إنها صارت خَدرانِه"! فردَّ الشيخ بنبرة حازمة:" هذا دليل على إنك جبان!" فشعرت بالاحراج، ويبدو أن ملامحي، أوحت له بذلك، فتدارك الموقف، وبدأ يشرح لي عبارته الصريحة قائلا:" في أيام الثورة، كان لازم على الرجل الشجاع المحارب، أن يخبر كل رفاقه، اذا شعر بتنميل في رجله، حتى اذا حصل أي طارىء، ولم يقـُم من مكانه، لا يتهم بالتقاعس والتخاذل"!
وللحث على الصبر واحتمال المكاره، يقول المثل :"الشجاعة صبر ساعه"، وأصله أن رجلا سأل عنتره بن شداد العبسي :"كيف صرت شجاعا يهابك محاربو العرب جميعهم؟!" فقال له عنتره:"السر في ذلك هو انني أصبر على المكاره أكثر منهم". قال :"وكيف يكون ذلك؟" فطلب منه عنتره أن يمد إصبعه، وقال:" أنا أعض إصبعك، وهاك إصبعي لتعضـّه، وسترى أينا أصبر على الألم!" وعضّ كل منهما أصبع الآخر، فلم يلبث الرجل أن صاح من الألم. وحينئذ قال له عنترة:"لو أنك صبرت قليلا، لصحت أنا أيضا من الألم، لكنني صبرت أكثر منك، وهذا هو سر الشجاعة"!
#مسعد_خلد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟