أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فؤاد سلامة - شيعية سياسية صاعدة في جمهورية طائفية منهارة















المزيد.....

شيعية سياسية صاعدة في جمهورية طائفية منهارة


فؤاد سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 4157 - 2013 / 7 / 18 - 11:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


انهارت المارونية السياسية خلال حرب استمرت خمس عشرة سنة.. لم تعمر السنية السياسية التي أعقبتها أكثر من عمر الحرب اللبنانية التي أتت بها.. لم يكن هناك ركيزة قوية لسنة لبنان ليدوم حكم قادتهم الجدد.. لا عصبية طائفية قوية, ولا منظمة عسكرية متماسكة يستندون إليها في زمن لم يعد فيه الجيش اللبناني قادرا على مد السنية السياسية بما تحتاجه من قوة.. جيش كان مفككا وأعيد تركيبه بسرعة, ما جعله محكوماً بهشاشته الأولى.. الدول لا تبنى على أفراد مهما كانوا نابغين وأسخياء.. ثمة طائفة اشتد عصبها بعد أربعة عقود من الحروب التي طحنت مناطقها, شنها عدو كبير وخطير مثل إسرائيل.. وقد اختبرت هذه الطائفة قوتها من خلال ميليشيات خاضت حربا أهلية طاحنة وحققت فيها "انتصارات" بدعم من حلفائها الخارجيين الأقوياء.. المقاتلون الشيعة القادمون من الأرياف وقد اشتد عودهم وقويت شكيمتهم بالتمرس بالحروب, لن يكون من السهل أن يقبل قادتهم الجدد بأن يبقوا في دور الحليف الثانوي للسنية السياسية كما كانت ممثلة بزعيمها ذي الشخصية الكاريزمية المميزة رفيق الحريري.. هناك من فهم اللعبة وأعد العدة للوقت المناسب.. دخل الإيرانيون على خطوط الحرب اللبنانية منذ عام 1982 عام الاجتياح الإسرائيلي للبنان.. شكلت الحروب الإسرائيلية الفرصة الجوهرية لإيران الخمينية لاختراق الطائفة الشيعية اختراقا تدريجيا وحثيثا.. بالمال والسلاح والتدريب وبناء العقيدة القتالية والعصبية الطائفية التي لم يكن شيعة لبنان يعرفونها سابقا, بدليل تفرق الشيعة بين الأحزاب اليسارية والقومية والزعامات التقليدية لفترة طويلة..

بالنسبة للبعض, كان اغتيال الحريري الأب خطوة لا بد منها لإزالة حكم القيادة السنية السياسية غير المؤهلة لحكم لبنان على مدى طويل.. لم يكن السنة هم من "كسر" شوكة المارونية السياسية ولا هم من "كسر" شوكة إسرائيل, فلماذا يستأثرون بالمركز الرئيسي للنظام الطائفي الذي رعاه اتفاق الطائف: مركز رئاسة الحكومة.. هذا ما يتداوله الخبراء الطائفيون.. عين "الشيعية السياسية" الصاعدة على السلطة السياسية بالكامل, مثلها مثل سابقتها المارونية السياسية, وهذا كما يقولون, من حق الأقوى الذي دفع ضريبة الحروب المتتالية ويمتلك الآن القوة الضاربة, مسندا ظهره على حليفه الإيراني الكبير وماله الوفير.. التاريخ لا يرحم الضعفاء.. هل هناك ما يلزم الشيعية السياسية "المنتصرة" عسكرياً بتقاسم السلطة في "لبنان الكبير"؟ وترك حصة ثانوية لحليفها الماروني الذي ما زال يحلم باستعادة مجد المارونية السياسية الآفل..

لا يمكن لسنة لبنان أن يخوضوا معركة استعادة "حكومة" كانت دوما مهددة بالحصار والشلل.. لا يمكن لهم ذلك من موقع "الطائفة المهزومة" التي لا تمتلك وسائل قوة داخلية كافية.. لا يمكن أن تخاض "معركة طائفية" يربح فيها السنة كطائفة.. وكذلك الأمر بالنسبة للمسيحيين الذين ما زال يُنظّر بعضهم لتحالف الأقليات, ضد سنة لبنان.. ما يتشكل الآن في لبنان هو سلطة قوة طائفية منظمة, مسلحة ومؤدلجة, مدعومة من خارج قوي إلى أجل.. لا يمكن مواجهتها طائفياً ولا بتكتل طائفي مسلح.. لن يكون ذلك منطقياً في المدى المنظور وليس ضرورياً أصلاً.. الواقعية والحكمة تقتضيان من القادة السياسيين السنة والمسيحيين خوض معركة قيام الدولة المدنية الديمقراطية في لبنان, من موقع وطني مدني وديمقراطي, عبر استكمال تطبيق اتفاق الطائف ببنوده المتبقية, للعبور إلى الجمهورية الثالثة..
الانفصال الراهن بين القيادة السياسية السنية والقيادة الروحية السنية يشكل فرصة مؤاتية لأن يخوض سنة لبنان معركة سياسية سلمية موحدة مع مسيحيي لبنان ودروزه والشيعة الرافضين للدولة الطائفية.. من أجل دولة المواطنين المتساوين في لبنان.. ولن يبقى الشيعة "المتوترون" في لبنان في قارب واحد يصارعون أمواج التغيير العاتية من حولهم.. لم يكونوا كذلك في الماضي, وليس هناك أسباب تدعوهم للبقاء "موحدين" في المشروع الأصولي الطائفي الآخذ بالتعري, في بلد يعمه الخراب ويعيش أهله مهددين بالحروب الأهلية.. والعالم حولنا يتغير, ولا شيء يضمن بقاء الدكتاتوريات التي تغذي جذوة العنف الطائفي في وطننا الصغير لبنان, وطن الحريات, الذي لا أحد يقبل زوال الحرية في ربوعه.. ولا أحد يقبل قيام دكتاتورية فوق أرضه, مهما كان لبوسها الطائفي, ومهما توهم الحلفاء القريبون والبعيدون..

يبدو ما ورد أعلاه عن "حتمية" سقوط المشاريع الطائفية نوعاً من الأمل المشوب بالحذر.. نحن ماضون حتماً في التفكك والفوضى, واللبنانيون الرافضون والقادرون يغادرون البلد, إلى حيث الأمان والحرية والمساواة أمام القانون. والأجيال الشابة غير القادرة وغير المنضبطة في الأطر الطائفية, أو تلك التي يزداد شعورها بالعجز والقهر, إلى أين؟ ما بحاجة إليه تلك الأجيال في لبنان هو بالتحديد قيادات سنية ومارونية ترفض إعادة إنتاج النظام الطائفي الذي يدور في الفراغ.. منذ عقود.. إنها اللحظة المناسبة لطرح مشروع المداورة في الرئاستين الثانية والثالثة بين الشيعة والسنة مع انتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة وانتخاب رئيس الحكومة من مجلس النواب الذي ينتخب على أساس لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي, وتكون الترشيحات للنيابة من خلال أحزاب مدنية غير دينية.. أي منع تشكل أحزاب دينية, وتحويل الأحزاب الدينية إلى جمعيات ينحصر عملها في المجال الثقافي والخيري ويحظر عليها العمل السياسي. وفي الأساس: منع تمويل الأحزاب من الخارج وحصر التمويل على المنتسبين ودعم الدولة للأحزاب المدنية مع رقابة قضائية صارمة على تمويل الأحزاب.. ولا ننسى طبعاً مجلس الشيوخ الذي نص عليه الطائف والذي تتمثل فيه الطوائف ويكون له دور محدد. إنها سلة إصلاحية متكاملة وخارطة طريق لإلغاء تدريجي للطائفية السياسية, لم يجرؤ الزعماء السنة والمسيحيون على القبول بها في الماضي, تمسكاً "بامتيازاتهم", وأصبحت الطابة الآن في ملعبهم للعبور التدريجي والمتواصل إلى الدولة المدنية في لبنان. لن يستطيع "الشيعة" الوقوف طويلاً في وجه إصلاحات كتلك التي تسمح لهم برئاسة الحكومة بالتناوب مع السنة وبانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة وببرلمان غير طائفي.. وهذه ليست دعوة لعزل طائفة أو رشوة أخرى وإنما لإعادة تركيب الدولة على قواعد طائفية وغير طائفية جديدة أكثر تعبيراً عن الواقع المعاصر وموازين القوى الراهنة.. لم يعد مجدياً احتفاظ السنة برئاسة حكومات عاجزة ولا احتفاظ الموارنة بمنصب رئيس للجمهورية ضعيف لأنه غير منتخب من الشعب..



#فؤاد_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ضرورة نقد قبيلة المقاومة
- الثورة النسوية السورية.. ضمان انتصار الثورة السورية
- تحالف الأقليات أم حكم الأكثرية؟
- اليسار العربي -الجديد-: رفض النمطية والديكتاتورية
- -الممانعة- أمام لحظة الحقيقة
- الرهان على سوريا, لبنانياً..
- الرهان على سوريا لبنانياً
- الربيع العربي ومعركة الأفكار
- النخب العلمانية على مفترق الربيع العربي
- الإنحيازات السياسية : أوهام ومصالح
- إيران وقطر والربيع العربي : الأدوار الملتبسة
- لبنان وسوريا: وحدة المصير والمسار في مواجهة الربيع العربي
- أي جيل , أي وطن ؟
- العرب أمام تحدي الديمقراطية


المزيد.....




- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...
- الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا ...
- فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز ...
- سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه ...
- مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال ...
- جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
- البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة ...
- مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
- -الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فؤاد سلامة - شيعية سياسية صاعدة في جمهورية طائفية منهارة