|
كوريا الشمالية: وسياسة التصعيد النووي
محمد ولد الفاضل
الحوار المتمدن-العدد: 4133 - 2013 / 6 / 24 - 04:51
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
تحاول كل من كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية في هذه الأيام ممارسة ما يعرف في حقل نظريات السياسة الدولية بنظرية المباريات أو إستراتيجية اللعب في العلاقات. لم تكن اللحظة التي فتحت فيها كوريا الشمالية كوة دافعة العالم إلى " حالة الهاوية" على قدر من التخيل أو مفاجأة لم يتصورها الأمريكيون وحلفاءهم... لكن اللحظة الحرجة التي هزت فيها آخر الدول الستالينية أشجار المصالح الغربية، كانت كافية لتجعل ملوك لعبة الحرب يهرولون إلى ثكناتهم، ويجمعون أساطيلهم باتجاه عقرب الساعة الذي أشر أزمة جيوبوليتيكية، قد تشعل في أدنى مراميها مواجهة غير محسوبة العواقب ( 1) . تعود بداية الأزمة في شبه الجزيرة الكورية إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد تعود إلى بداية الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها آنذاك، حيث قامت الولايات المتحدة في العام 1945 بتقسيم دولة كوريا المرغمة على الدخول في تحالف مع دول المحور كونها كانت مستعمرة يابانية إلى منطقتين، شمالية تدخل في مناطق نفوذ الاتحاد السوفيتي، ومنطقة جنوبية تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، يفصلهما خط العرض الثامن والثلاثين (2) . -;- دوافع الموقف الأمريكي: الأزمة التي فجرتها بيونج يانج لم تكن في غفلة من الزمن الأمريكي المنطلق إلى إستراتيجية العالم الجديد، لكنها جعلت السياسيين ينظرون مرة أخرى للاعبي الجيوبوليتيك الذين سماهم بريجنسكي في كتابه رقعة الشطرنج "اللاعبون الرئيسيون في عالمنا الجديد". وبالطبع لم تكن كوريا الشمالية ولا الجنوبية من بين هؤلاء اللاعبين، فما الذي حدث وجعل العقارب تتوقف برهة عند الشرق الأقصى وعلى أصغر وأفقر بوابة وسط البراكين التي تتأجج في آسيا وإفريقيا، وشباك المصالح الغربية التي تهتز بالتتابع؟ ويظهر أن الولايات المتحدة تسعى لأن تجعل من منطقة شرق آسيا منطقة مضطربة، حيث إن القوى الاقتصادية العالمية أصبح ثقلها في آسيا، مما قد يشجع توجه رؤوس الأموال إلى العالم الغربي، خاصة الولايات المتحدة، ولكن رغم التحذير الأمريكي فإن بيونج يانج لا تأخذ كل هذه التهديدات محمل الجد؛ لأن جيرانها لن يسمحوا للولايات المتحدة بشن هجوم عليها، وخاصة لأنها ذات أهمية إستراتيجية في كل من روسيا والصين(3)، وما هو إلا تحجيم لأصدقاء واشنطن في شرق آسيا لكوريا الجنوبية واليابان، وقد أشار يفغيني كيم الخبير في معهد الدراسات الكورية التابع لأكاديمية العلوم الروسية "لن تتجاوز التهديدات المتبادلة على الأرجح عتبة التصعيد الكلامي؛ لأنه بموجب اتفاقية عام 1953 تخضع القوات المسلحة الكورية الجنوبية لسيطرة القيادة الأمريكية، ولن تتطور الأوضاع". لأن واشنطن لا ترغب في التصعيد وتبقى ضمن التهديد والوعيد . ودعا الرئيس أوباما "الدول المجاورة ومن بينها الصين التي قد يكون لديها نفوذ على كوريا الشمالية، إلى أن تمارس نفوذها من أجل حل هذا الوضع بطريقة سلمية . وأضاف أوباما "أن تصرفات كوريا الشمالية تهدد شعوب شرق آسيا وتشكل انتهاكا فاضحا للقوانين الدولية وتخالف التعهدات السابقة التي قطعتها كوريا الشمالية نفسها كما تشكل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي". ويتضح جليا من خلال هذه الجولة الدبلوماسية لوزير الخارجية الأمريكي كيري الثقل الرمزي الذي تمثله منطقة آسيا - الباسيفيك بالنسبة للإدارة الأمريكية، وقال كيري ينبغي على القادة في كوريا الشمالية "أن يستعدوا للعيش وفق الالتزامات والمعايير الدولية التي قبلوا بها" مضيفا أن لدى الصين إمكانيات كبيرة لإحداث التغيير المطلوب بهذا الشأن . و أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في مقالة لها بعنوان "أمريكا والقرن الباسيفيكي"، أن دور الولايات المتحدة في تلك المنطقة تحديدا يضمن لها دوام الزعامة ويحفظ لها مصالحها إجمالا.. -;- التداعيات الإقليمية والدولية تختلف مشاكل الأمن في إقليم المحيط الهادي الآسيوي خلال المرحلة الحالية، عما كانت عليه خلال مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد كانت الحرب الباردة هي العامل الأساسي الذي تحكم في التفاعلات الأمنية داخل الإقليم عبر العقود الماضية، سواء من حيث إفراز أنماط معينة من المشكلات والتهديدات المتصلة بالصراع الدولي، أو تشكيل مضمون السياسات والتحالفات التي تهدف إلى التعامل مع تلك القضايا ، ويعتبر الصراع في شبه الجزيرة الكورية إلى جانب أنه ثنائي، فإنه في الوقت ذاته ذو طابع إقليمي ودولي، في ظل الدور القوي والتأثير المهم لهذه الأطراف على طرفي الصراع المباشرين، ومن ثم على سير الصراع، وقبل ذلك على تقسيم شبه الجزيرة الكورية، لدرجة أن هناك من يذهب إلى تغليب العوامل الخارجية على العوامل الداخلية في حدوث التقسيم . تمثل الصين إحدى القوى الرئيسية إن لم تكن القوة الأولى في مجال تحديد حركة الولايات المتحدة (4) في إطار مواجهة عسكرية ضد كوريا الشمالية قد يعود الأمر بجذوره إلى سنوات مضت وخوض حروب مشتركة كما يستند من ناحية أخرى إلى تعاظم العلاقات السياسية والاقتصادية مع الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين بكين وسيول في عام 1992 ومن خلال العلاقة بين الشطر الشمالي ونظيره الجنوبي والتي تنقسم بين التحالف السياسي والعسكري من ناحية والتعاون الاقتصادي الوثيق والتفاهم السياسي من ناحية أخرى مع التوحد في الاتفاق بين كل من بكين وسيول حول احتواء بيونج يانج ودعم الإصلاح السياسي والاقتصادي بها على طريق إعادة جمع الشمل الكوري على النسق الألماني وتمثل هذه الخطوة وما قد يسبقها من تحركات الإطار العام للرؤية الصينية لشبه الجزيرة الكورية حيث تمثل بالنسبة لها نفس الموقع الذي تحتله أمريكا اللاتينية بالنسبة لواشنطن فشبه الجزيرة الكورية بمثابة الفناء الخلفي للصين والامتداد الطبيعي لنفوذها ومن ثم كلما تزايد مفهوم الاعتماد المتبادل بين الصين والكوريتين كلما رسخ دور الجغرافية السياسية في تعميق الدور الاستراتيجي للصين، وعندما يكون الأمر كذلك، لا يكون هناك مجال واسع لطرح الاختيار أو السماح باستخدام القوة العسكرية الأمريكية في مواجهة كوريا الشمالية . وأفضل نتيجة للصين في نزاع الكوريتين هو بقاء كوريا الشمالية دولة قوية لكن معتدلة، وقادرة على ردع الهجوم من الجنوب والولايات المتحدة، ولكن ليست قوية بالشكل الذي يحد من قوة وقدرة الصين على التفاوض معها، وهذا الهدف يسمح للصين بالاستمرار في تطوير اقتصادها، ويمنحها وقتا كافيا لأن تصبح قوة عظمى . والتحدي الذي يواجه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما هو كيفية تحويل الآلية الناجحة وقصيرة المدى التي تستهدف منع الحرب ( وهي آلية المحادثات السداسية) (5)، إلى عملية بعيدة المدى تستهدف صنع السلام في شبه الجزيرة الكورية . وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن كوريا الشمالية " تجاوزت الحدود"، ودعا ها إلى العدول عن الطريق الذي تسير فيه، ونبه إلى أن أي " أزمة في شبه الجزيرة الكورية ستكون لها نتائج وخيمة". -;- دور الصين في نزع فتيل الأزمة : الصين هي اللاعب الأكثر أهمية في حل أزمة شبه الجزيرة الكورية، من وجهة نظر العديد من المتابعين للشأن الكوري، فهي تعتبر الحليف الأول، وربما الأوحد، لكوريا الشمالية منذ فترة طويلة، بعد أن أصبحت المصدر الرئيس للغذاء والوقود اللازمين لعدم انهيار النظام الحاكم في بيونج يانج، في ضوء العقوبات الاقتصادية الصارمة المفروضة عليها من جانب مجلس الأمن الدولي وعدد من الدول المهمة في المجتمع الدولي. ومن ثم، تمتلك الصين نفوذا اقتصاديا وسياسيا هائلا على قادة كوريا الشمالية. وقال سون تشي مدير مركز العلاقات الأمريكية الصينية في جامعة تسينج هوا في بكين "نحن ندرك نوع النظام القائم في كوريا الشمالية لكننا ندرك كذلك أن كوريا تناور . وربما يكون الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أبرز التناقض في موقف بلاده حين أحجم عن ذكر كوريا الشمالية بالاسم عندما قال إنه لا يمكن السماح لأي دولة " بأن تدفع المنطقة أو العالم بأسره إلى حالة من الفوضى من أجل مكاسب أنانية". وربما كانت تصريحات شي جين بينغ في منتدى بواو الاقتصادي على جزيرة هينان الصينية تستهدف واشنطن بالإضافة إلى بيونج يانج فيما يعكس عدم ارتياح الصينيين إزاء سياسة الولايات المتحدة "لتغيير التوازنات أو تحويل الاهتمام" التي تمثلت في إنهاء حروب بجنوب غرب آسيا والتوجه صوب منطقة آسيا والمحيط الهادي. وقالت ستيفاني كلاين اهلبرانت وهي محللة مقيمة في بكين تعمل لدى مجموعة الأزمات الدولية " في الصين يسود اعتقاد واسع النطاق بأن سياسة تحويل الاهتمام يقصد بها احتواء الصين، والكل تقريبا يراها بهذا الشكل". لم يكن هناك أي غموض في حديث اشتون كارتر نائب وزير الدفاع الأمريكي عندما تناول " سياسة تغيير التوازنات" ورد البتاجون على كوريا الشمالية . وكان كارتر حاسما في عرضه لسياسة تغيير التوازنات باعتبارها استمرارا لسياسة الولايات المتحدة في فترة ما بعد الحرب الباردة والتي مكنت حليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية تلتهما منطقة جنوب جنوب شرق آسيا الصين والهند " من النمو سياسيا واقتصاديا في مناخ خال من الصراعات"(6). ولكن المحللين الذين يقبلون سياسة تغيير التوازنات باعتبارها تستند إلى مبادئ إستراتيجية جغرافية أساسية يقولون إن تصريحات البنتاجون ونشر القوات يجب ألا يكون الجانب الأبرز لسياسة أوباما الأساسية تجاه آسيا . وأضاف دوجلاس بال المسؤول الأمريكي السابق والذي يرأس الدراسات الآسيوية في مؤسسة كار نجي للسلام الدولي" بالغنا في الترويج للمضمون العسكري على حساب المضمون الدبلوماسي والاقتصادي للإستراتيجية المتكاملة لتغيير التوازنات". يرى وولت أن التنافس الذي تشتد حدته بين الصين وبعض جيرانها من جهة وبينها وبين الولايات المتحدة من جهة أخرى، لابد أن يلقي بظلاله على العلاقات الأمريكية ـ الصينية وعلى أمن واستقرار منطقة شرق آسيا، وأن يضع العديد من العقبات أمام كل من واشنطن وبكين (7) من أبرزها أن حلفاء واشنطن في المنطقة سيحاول كل منها التنصل من العبء الملقى على عاتقه ويعمل على ترحيله إلى الشركاء الآخرين، وهو ما يمكن أن تستغله بكين في إحداث الخلافات بين أولئك الحلفاء بين بعضهم البعض بتطبيقها سياسة "فرق تسد"، كما أن الصين رغم وجودها كقوة كبرى، فإنها ستواجه مشاكل في التلويح بقوتها ضد الكثير من الدول المجاورة لها لأنها ستتمكن من فعل ذلك بواسطة استعراضها لقدراتها العسكرية البحرية والجوية وليس عن طريق القوة البرية وحدها، كما أن الصين وهي تحاول تحقيق الهيمنة الإقليمية تحتاج إلى أن يكون لديها قوة كبرى حليفة مستعدة لدعمها من أجل تحقيق أهدافها في تحقيق تلك الهيمنة . بالإضافة إلى ذلك تطالب الصين بجعل شبه الجزيرة الكورية منطقة خالية من الأسلحة النووية، وذلك بمنح ضمانات أمنية يمكنها أن تحقق الأمن في تلك المنطقة ويعد دور الصين حاسما تجاه المشكلة النووية في شبه الجزيرة الكورية، فهي حسب تعبير كيسنجر، حليفة كوريا الشمالية وشريكتها الأساسية، والبلدان يتقاسمان حدودا طويلة، وتاريخا مشتركا والأهم أن بكين تعرف أن أزمة كوريا الشمالية النووية قد تؤدي إلى قيام برنامج نووي عسكري ياباني، وتسعى الصين لحل الأزمة حتى لا تعرقل إصلاحاتها المحلية وتماسكها السياسي. أما روسيا فتسعى إلى التأكيد على وزنها وتأثيرها ونفوذها في تلك المنطقة، وترى أن عدم إمكانية التوصل إلى تسوية للأزمة الكورية إهانة لها وتقليل من شأنها وأن الحفاظ على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية يتفق مع المصالح الأمنية لروسيا . وعلى صعيد القضايا السياسية الدولية، يتوافق الموقف الصيني مع المواقف الروسية، خاصة في مجلس الأمن، لمواجهة مخططات غربية وتحديدا أمريكية، لفرض أجندة جديدة في العلاقات الدولية، وقد تجلى ذلك في موقف الدولتين من أحداث ليبيا، أو في مسيرة التعامل مع الملفين النوويين الإيراني والكوري الشمالي، أو إزاء الملف السوري حاليا (8) . -;- ـ استغلال التهديد لتحقيق المكاسب يرى كثير من الخبراء العسكريين أن حالة التصعيد ولغة التهديد التي تحكم العلاقة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية لن ترقى إلى إعلان الحرب العسكرية بين الطرفين، وأنها ستبقى مجرد "حرب كلامية"؛ لاستعراض القوة من جانب كوريا الشمالية، التي تعاني من بعض المشاكل الداخلية، خاصة على المستوى الاقتصادي (9). ويرى هؤلاء أن كوريا الشمالية أرادت أن تضع لنفسها مكانة على الخريطة العالمية، وأن تضع لنفسها كيانا في المحيط الإقليمي والعالمي، وأن تعلن عن نفسها كخصم قوي أمام الولايات المتحدة، القوة العظمى في العالم، خاصة بعد امتلاكها للسلاح النووي والتلويح به أمام الولايات المتحدة. ووفقا لتقديرات المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، فإن الجيش الكوري الشمالي يتكون من نحو مليون ونصف مليون جندي نظامي، ومن خمسة ملايين ونصف مليون جندي احتياطي، مما يضعه في المرتبة الخامسة عالميا، من حيث عدد القوات النظامية، غير أن نقطة ضعفه تكمن في تقادم عتاده العسكري، وبعده عن التكنولوجيات العسكرية الحديثة، وانعدام سفن حربية قوية. في ما تتوفر الولايات المتحدة الأمريكية على أكثر من 30 ألف جندي متمركزين في كوريا الجنوبية، إلى جانب 50 ألف جندي في اليابان، وبضعة آلاف جندي في جزيرة " غام" بالمحيط الهادي، مستعدين لتشغيل غواصات عسكرية وسفن حربية وسفينة حاملة للطائرات العسكرية. هذه المعطيات التي يقدمها المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية تجعل الخبراء العسكريين يشيرون إلى أن كوريا الشمالية لن تقدم على شن ضربة عسكرية، لأن أي رد فعل أمريكي سيقضي على النظام في كوريا الشمالية، في تأكيد على أن الصين حليفة كوريا الشمالية لن تسمح بتطور الأمور إلى تدخل عسكري يضر بمصلحتها في المنطقة . ويختلف المحللون حول ما إذا كانت كوريا الشمالية تمثل خطرا حقيقيا أم لا، فمنهم من " لا يرى في هذه الخطابات تهديدا حقيقيا، ويحذر آخرون من التفاؤل المفرط، موضحين أن لكوريا الشمالية جبهات خطيرة . فمن جانبه، أوضح جون ديلوري الأستاذ بجامعة يونسي في كوريا الجنوبية، أن "عدم القدرة على قراءة نوايا بيونج يانج، وعدم التقدير الجيد لقدراتها جعلا الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية عالقين في مستنقع كوريا الشمالية"، على حد تعبيره . ورجح أن يكون سبب هذه التهديدات هو أن كوريا الشمالية تريد السلام مع الولايات المتحدة، إلا أن واشنطن تتجاهلها، فيقول ديلوري " هناك حالات تحاول فيها التهديدات جذب انتباه البيت الأبيض، الذي يحاول تجاهل كوريا الشمالية،ورسالة بيونج يانج تقول أنتم لا تريدون الحديث معنا، ولكننا لن نذهب بعيدا، فسوف نجعلكم تتفقون معنا". ويضيف خبراء آخرون إن سلسلة التهديدات الأخيرة من قادة الشمال الكوري خدعة خاصة، وأن هؤلاء القادة يعلمون أن الهجوم النووي سيكون انتحاريا وغير عملي، كما أن المنظومة الصاروخية لكوريا الشمالية مازالت بدائية . وقال علي حجازي، سفير مصر السابق " أن كوريا الشمالية لا تمثل خطرا حقيقيا لأمريكا وإنما الأمريكيين لهم هدف أساسي استراتيجي في هذه المنطقة هو تطويق الصين والسيطرة على منطقة آسيا وبترولها، ويتضح ذلك من وجود أمريكا في أفغانستان وجنوب شرق آسيا خوفا من تصاعد القوة الصينية خلال العشر سنوات القادمة، ووجود صراع بين الصين وأمريكا على السيطرة على شبه الجزيرة الكورية(10) . -;- ـ المفاوضات المباشرة هي الحل إن الحوار والطرق الدبلوماسية هما الخيار الأول، والأفضل، لما من شأنه أن يحول دون ظهور وضع تتعرض فيه جميع الأطراف المعنية إلى مضار خطيرة للغاية، نشوب اشتباكات عسكرية أو حرب كورية جديدة نتيجة ازدياد حدة الأزمة وتفاقمها . وبعيدا عن دوافع وأهداف السياسة الأمريكية تجاه الأوضاع المتفجرة في شبه الجزيرة الكورية، يرى عدد من المراقبين، ومن بينهم كارتر على أن الإدارة الأمريكية الحالية لن يكون أمامها سوى التهدئة الدبلوماسية، وتجنب وقوع صدام كارثي مع كوريا الشمالية، عن طريق إجراء مفاوضات مباشرة معها، على غرار تلك التي جرت بين البلدين في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في جنيف عام 1994، والتي أسفرت عن إيقاف بيونج يانج لدورة معالجة الوقود النووي، وإعادة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية إلى كوريا الشمالية لمدة ثماني سنوات . ويوضح كارتر أن كوريا الشمالية ستصر على موقفها الرامي إلى إجراء مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة لنزع فتيل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية، لأن قادتها يعتقدون أن واشنطن هي التي تتحكم في المواقف العسكرية والسياسية لكوريا الجنوبية (11) . في حين يرى عدد من الباحثين أن الأمن و الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية يرتكز على مراجعة الولايات المتحدة لسياستها المتشددة والهادفة للقضاء على النظام الحاكم في كوريا الشمالية، والكف عن فرض المزيد من العزلة الاقتصادية والدبلوماسية، والتي أصبحت غير ذي جدوى، وأن الكرة الآن أصبحت في الملعب الأمريكي لتحقيق التقدم في المباحثات مع كوريا الشمالية عن طريق المفاوضات الثنائية المباشرة، وأن التعاون الأمريكي / الصيني هو السبيل الوحيد لوضع نهاية الأزمة المستعصية على الحل في شبه الجزيرة الكورية (12) . الهوامش : 1 ـ لهيب عبد الخالق: شبه الجزيرة الكورية .. حرب تترنح بين الاحتمالات، جريدة الاتحاد الإمارات، الجمعة 12 إبريل 2013 . 2 ـ مي عبد الرحمن غيث: أمريكا وكوريا الشمالية أي مستقبل للعلاقة، مجلة السياسة الدولية، العدد 178 ، أكتوبر 2009. 3 ـ محمد السعيد إدريس: الأزمة الكورية وشبح الثنائية القطبية، جريدة التجديد العربي، الأحد 14 إبريل 2013 . 4 ـ أحمد قنديل: الاستقرار الإقليمي على محك الأزمة الكورية، مجلة السياسة الدولية، العدد 192 ، 11 إبريل 2013 . 5 ـ كارن أبو الخير: آسيا وملامح نظام عالمي جيد، مجلة السياسة الدولية، العدد 192، يناير 2013 . 6 ـ يسري الغرباوي، المباحثات السداسية للأزمة الكورية، مجلة السياسة الدولية، العدد157 ، يوليو 2004 . 7 ـ محمد فايز فرحات: مستقبل الانتشار النووي في شمال شرق آسيا، مجلة السياسة الدولية، العدد 167، يناير 2007 . 8 ـ وليد محمود عبد الناصر: المعادلات الجديدة: تحولات موازين القوي في النظام الدولي، مجلة السياسة الدولية، العدد 187 ، يناير 2012 . 9 ـ نزيرة الأفندي: كوريا الشمالية وإدارة الأزمة النووية، مجلة السياسة الدولية، العدد 153، إبريل 2003 . 10 ـ بشير عبد الفتاح: الأزمة الكورية والتنافس الصيني ـ الأمريكي، جريدة الحياة، الخميس 2 مايو 2013 . 11 ـ محمود حامد: القارة الآسيوية، مجلة السياسة الدولية، العدد 138 ، أكتوبر 1999 . 12 ـ محمد عبد السلام: ترتيبات الأمن الإقليمي في منطقة المحيط الهادي الآسيوي، مجلة السياسة الدولية، العدد 118 ، أكتوبر 1994 .
#محمد_ولد_الفاضل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزمة مالي وتداعياتها على منطقة الساحل والصحراء
المزيد.....
-
بتوبيخ نادر.. أغنى رجل في الصين ينتقد -تقاعس الحكومة-
-
مصر.. ضجة حادث قتل تسبب فيه نجل زوجة -شيف- شهير والداخلية تك
...
-
ترامب يعين سكوت بيسنت وزيراً للخزانة بعد عملية اختيار طويلة
...
-
ترامب بين الرئاسة والمحاكمة: هل تُحسم قضية ستورمي دانيالز قر
...
-
لبنان..13 قتيلا وعشرات الجرحى جراء غارة إسرائيلية على البسطة
...
-
العراق يلجأ لمجلس الأمن والمنظمات الدولية لردع إسرائيل عن إط
...
-
الجامعة العربية تعقد اجتماعا طارئا لبحث تهديدات إسرائيل للعر
...
-
ابتكار بلاستيك يتحلل في ماء البحر!
-
-تفاحة الكاسترد-.. فاكهة بخصائص استثنائية!
-
-كلاشينكوف- تستعرض أحدث طائراتها المسيّرة
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|