أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - العودة للتراث














المزيد.....

العودة للتراث


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4124 - 2013 / 6 / 15 - 20:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


"الشخص الوحيد الذي أعرفه ويتصرف معي بعقل هو ( الخياط ) فهو يأخذ مقاساتي في كل مرةٍ يراني فيها ,أما الآخرون فهم يستخدمون مقاييسي القديمة ويتوقعون مني أن أناسبها !! " جورج برناردشو.
الشيء الذي يجعلني أشعر بالقرف هو أن أصادف أناسا يطالبون بالعودة إلى الماضي بكل تجلياته,وما يضحكني كثيرا هو أن أقرأ وأنا أمشي في الطريق أسماء مؤسسات وجمعيات هدفها المحافظة على التراث ,ومما يثير سخطي وغضبي هو أن تلك الجمعيات أو المؤسسات تستجدي أصحاب رؤوس الأموال من أجل دعمها دعما ماديا ومعنويا وفي النهاية تحصل تلك المؤسسات على ما تريده والذي يدفع الثمن هو الإنسان المواطن الذي يريد تغيير حياته الفكرية من خلال ابتكار عادات وتقاليد وأخلاق جديدة.
هذا معناه أنه من الواجب أن نعيد النظر يوميا في الناس وفي الأصدقاء وفي إدارة الدول والمدن الكبيرة فلا يجوز أن نأخذ فكرة واحدة ونبقى نؤمن فيها طوال الوقت,الأشياء تتغير سواء أكانت روحا أم مادة, وكل شيء نهايته إلى الزوال وإلى المقابر الجماعية الكبيرة ولا يوجد شيء خالد إلى الأبد,والتغيير يجب أن نؤمن فيه ولا يجوز مثلا أن نمشي على ثقافة معينة كالإسلام مثلا دون أن نحدث فيها أي تغيير فكل شيء يتغير ويتبدل والذي يبدو أليوم أن له بريقا لامعا نجده بعد فترة وقد فقد بريقه,فالإسلام ما زال مثلا كما هو من يوم ولدته أمه في قاع الصحراء,هؤلاء الذين نشروه كانوا متحمسين له جدا لأنهم جهلة وكما نعلم الناس الذين ينشرون الجهل نجد بأن لديهم حماس كبير لنشره أكثر من حماس الذين ينشرون المعرفة والحقيقة.
والذي عرفني في العام الماضي ولم أكن لأعجبه عليه أن يأخذ قياسي هذا العام من جديد لكي يحدد نظرة جديدة لي تختلفُ كل الاختلاف عن نظرة العام الماضي.كل الدروس التي تعلمناها في المدرسة وكل الدروس التي تعلمناها في حياتنا تقود إلى شيء واحد وهو تقديس الماضي وتقديس الأسلاف وتقديس كل شيء جميل أو غير جميل ونحن شعوب تهتم جدا بالماضي أو نحن شعب إذا خرج من الماضي فهذا معناه النهاية الحتمية والنهائية له تماما كما يموت السمك إذا خرج من الماء ,وعليه فنحن نموت إذا تخلينا عن الماضي بكل تفاصيله,هذا ما يؤمن به قومي.

وهذا بعكس ما نفهمه جميعا من الحياة العصرية, فالمنطق يقول أنه كلما تركنا الماضي وراءنا كلما نهضنا وتقدمنا أكثر,فأين هو الجديد؟لا يوجد في حياتنا شيء جديد على كل المستويات من الفلسفة والعلم إلى سلق البيض أو البطاطة,والروتين ممل جدا ويكاد أن يقضي علينا وما زلنا نرجع إلى شريعة وشرائع قديمة لتحدد لنا ما يجب أن نفعله وما لا يجب أن نفعله,وكلما تمسكنا بالماضي كلما تأخرنا للوراء أكثر,وكل شعوب العالم تتقدم يوميا إلى الأمام بفضل تطويرها لكل شيء أما نحن فإننا نرجع إلى الوراء لأننا نعيش مع الماضي ملتصقين به بعكس الحضارة الأثينية,وهذه الدروس نتعلم مثلها في كل يوم ولا نكاد نفكر بالخروج علبيها وهذا بعكس ما نفهمه عن حضارة عميقة وضليعة مثل الحضارة الإغريقية واليونانية التي كانت دوما تبحث عن الجديد ففي كل عام كان لديها شيء جديد وموديل جديد وتعلم الإنسان هنالك على تطوير نفسه من خلال عدم تقديس الماضي,وفي السياسة كانوا يطلقون على الرجل الذي يدير شئون مدينتهم بلقب:الطاغية,ولكن هذا اللقب لم يكن ليسمح له بالاستمرار طويلا بحيث كانوا يوقفونه عند حده لكي لا يستفرد بالسلطة وحده,وعلى كل حال تميز الأثينيون عن الفُرس بعدم تقديس الماضي وكانوا يجددون حياتهم في كل يوم.

نحن على الصعيد العربي الإسلامي نواجه جريمة كبرى وهي جريمة الحفاظ على التراث, ولست أدري لماذا هنالك جماعات تمتلك رأس مال كبير وجماعات تمتلك شهادات علمية كبرى ولديها حماس شديد لمحاولة إحياء التراث بكل أشكاله وألوانه حتى الفلكلور الشعبي بكل وساخته وبكل همجياته متحمسون للمحافظة عليه ولإحياء ما تبقى منه!, بعض الناس ويا للعجب العجاب لا يستطيعون أن يعيشوا في قلب المدينة العصرية بعيدا عن ماضيهم وماضي أسلافهم ..فهنالك جمعيات مجرمة تحافظ على التراث وهنالك التراث بكل أشكاله وألوانه,فهنالك من يحافظ على اللغة لأنها مقدسة علما أنها ليست مقدسة,وهنالك مؤسسات تحافظ على الأزياء القديمة وتحاول تفعيلها وتنشيطها في المجتمع وهذه أيضا جريمة وهنالك من يحافظ على القرآن وهذا ما لا يجوز فيجب أن نحافظ على القرآن كظاهرة تاريخية ظهرت لفترة من الزمن ثم اختفت عندما ظهرت حياة جديدة بكل الأشكال وبكل الألوان, ما هي الفائدة التي نجنيها من المحافظة على التراث؟ إنه لا شيء,ما الذي يجعل الماضي جميلا أو من الذي يشدنا إليه؟لو كان الماضي مفيدا لَما فكرنا في تطوير حياتنا عنه لقد طور الإنسان كل شيء وقام بتحديث كل شيء ليعيش حياة أجمل وأفضل,وفي النهاية يطل علينا رأس بعين واحدة يغمزنا غمزا للعودة إلى الماضي, الماضي مات وانتهى ويجب أن تموت معه كل الأشكال القديمة,يجب أن نسمح للدماء الجديدة بأن تأخذ مجراها لنهاية المصب الذي تصبُ فيه,يجب أن نأخذ قياسات جديدة للأفكار التي نؤمن فيها اليوم لنعرضها أمام أعيننا لنرى مجددا إن كانت تناسبنا أم لا تناسبنا, يجب أن نأخذ أيضا أقيسه زملائنا في العمل لدراستها مجددا لنرى إن كانت ما زالت مناسبة لنا أم غير مناسبة, التطوير لا يعني الأفضل أو الانتقال إلى ما هو أفضل بقدر ما يعني احتراما للحياة الجديدة وللتغيير, يجب أن نُبدل ونغير ونطور حياتنا و يجب أن ندرس حياة المجتمعات الأخرى,يجب أن ننهي أكثر من 1500 عام من التقليد للماضي, تقليد الأسلاف أخذ منا وقتا طويلا,وأخذ دوره ودور غيره,والناس بكل معتقداتهم تغيروا تغييرا واضحا وكبيرا, ويقول آرنولد توينبي: التقليد عبارة عن صب دماء حية في أجساد ميتة, وكما قال فيلسوف آخر بما معناه:" أن هذا يشبه إعطاء الدواء لجثة ميتة" فما الذي سيفعله الدواء للجثة؟.ونحن حين نريد العودة للماضي نكون مثل الذي يعطي الدواء لجثة ميتة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن أمةٌ مجرمة
- وسخ الدنيا
- من الذي سيصلح الأرض,المسيح أم المفكرون؟
- العرب الفراعنة
- دراسة نقدية عن رواية القط الذي علمني الطيران
- لماذا كان المسيح كثير البكاء؟
- اليهود والعصفور
- أين تذهب ثرواتنا الوطنية؟
- من يتحمل المسئولية؟
- القلب الطيب
- وجودي وعدمه واحد
- الإسلام دخل الجامعات وأفسدها
- المسيحيون في الأردن
- المسيحية طريقة حياة
- المسيحية في عالم آخر
- غرائب المثقفين1
- هل أمريكيا دولة عظمى؟
- عيد ميلادي 2
- الابيقورية
- إسرائيل ليست مزحة


المزيد.....




- صور سريالية لأغرب -فنادق الحب- في اليابان
- -حزب الله-: اشتبك مقاتلونا صباحا مع قوة إسرائيلية من مسافة ق ...
- -كتائب القسام- تعلن استهداف قوة مشاة إسرائيلية وناقلة جند جن ...
- الجزائر والجماعات المتشددة.. هاجس أمني في الداخل وتهديد إقلي ...
- كييف تكشف عن تعرضها لهجمات بصواريخ باليستية روسية ثلثها أسلح ...
- جمال كريمي بنشقرون : ظاهرة غياب البرلمانيين مسيئة لصورة المؤ ...
- -تدمير ميركافا واشتباك وإيقاع قتلى وجرحى-..-حزب الله- ينفذ 1 ...
- مصدر: مقتل 3 مقاتلين في القوات الرديفة للجيش السوري بضربات أ ...
- مصر تكشف تطورات أعمال الربط الكهربائي مع السعودية
- أطعمة ومشروبات خطيرة على تلاميذ المدارس


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جهاد علاونه - العودة للتراث