|
شهادة تأريخية : نقد الدين - نقد الديكتاتوربة الحزبية - نقد تزوير الترجمة
العفيف الأخضر
الحوار المتمدن-العدد: 4123 - 2013 / 6 / 14 - 10:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شهادة تأريخية نقد الدين نقد الديكتاتوربة الحزبية نقد تزوير الترجمة
العفيف الأخضر
للمرة الثالثة عدت إلى بيروت،لا إلى النشاط في المقاومة الفلسطينية،فهذه الصفحة طُويت،لم يبقى أمامي إلا أفق التوضيح الفكري والسياسي.
رسمت لنفسي ثلاث مهام:نقد الدين،نقد الديكتاتورية الحزبية ونقد تزوير الترجمة .نشرت في دار الطليعة،كتدشين لهذه المهمة،كتاباً جماعياً:"من كومونة باريس إلى مجازر عمان"،وفي نفس الوقت شرعت في نشر سلسلة مقالات في الشهرية "دراسات عربية"وكتباً في دار الطليعة،ثم في غيرها،بعد القطيعة معها،بلغت 6 كتباً في ثلاث سنوات.جلبت لي،وهذا ما لم أتوقعه،عداء البعض،ممن رأوا،عن صواب،أن فكري"دخيل"على فكر المنطقة فحاربوني.كما حارب فقهاء الانحطاط "العلوم اليونانية الدخيلة"على الثقافة العربية الإسلامية المتجسدة في القرآن والسنة.
لابد من التنويه بجميل الصديق العزيز د.صادق جلال العظم عليّ،الذي أعطاني منذ 1971 مفتاح بيته،وكانت مكتبته هي مكتبتي،ولولاه ما نشرت 10 % مما نشرت في بيروت في هذا الوقت القصير.
يبدو أن جورج طرابيشي قد قرر ترك عملة في وزارة الإعلام السورية،قسم الرقابة،لينتقل إلى دراسات عربية،في بيروت،لمنعي من الكتابة فيها.فقد كان نقدي للمعسكر الشيوعي والتروتسكية وللقومية العربية في رأيه اتجاهاً عدمياً.
قدمت لمدير دار الطليعة ودراسات عربية،د.بشير الداعوق،9 شهور قبل حرب أكتوبر 1973، مقالاً بعنوان"حرب الخيانة الوطنية"،نشرته لاحقاً في العدد اليتيم من "سلطة المجالس العمانية".حذرت فيه من عواقب هذه الحرب قبل وقوعها.طالما أنها حرب من أجل التفاوض مع إسرائيل،فلماذا لا تدخل الأنظمة العربية المعنية في مفاوضات معها،من دون تضحية بعشرات آلاف الجنود العرب والإسرائيليين؟مصر وحدها خسرت في حرب أكتوبر 73 أكثر من 15 ألف جندي قتيل،معظمهم من خريجي الجامعات.
لأول مرة رفضت دراسات عربية نشر مقالي بلا مبرر.ثم قدمت لدار الطليعة لاحقاً"التنظيم الشيوعي"مجموعة نصوص لماركس وانجلز،نقدية قبل الأوان لديكتاتورية التنظيم اللينيني، المركزي الحديدي فرفضته لأول مرة.فنشرته في "دار القدس".لكني أدركت عندئذ أني لم أعدمرغوباً فيه لا في المجلة ولا في الدار.وأن قراراً ُاتخذ لحصار مشروعي الفكري في شرق قديم قدمت عنه قصيدة نزار:"خبز وحشيش وقمر"،لوحة ناطقة.
كنت أعتقد أني سأقيم طويلا في بيروت، وأزرع بذور فكر نقدي يساري انساني منفتح يساعد على فهم العالم الذي نعيش فيه،وعلى المشاركة في تعميره لا في تدميره كما يفعل سفهاؤنا اليوم،وما أكثرهم،و على الاعتراف بالآخر وبحقوق الأقليات وبالمساواة بين الرجل والمرأة ،وفي نفس الوقت، مكافحة الاستبداد الديني والاستبداد الستاليني ـ وكانا في نظري حليفين موضوعيين ـ ضد كل انفتاح على العصر وقيمه.
كنت ولازلت مقتنعاً بأن الطريقة التي يُدار بها التنظيم الحزبي هي نفسها الطريقة التي سيدار بها النظام السياسي الذي سيعطيه هذا التنظيم.لذلك اعتبرت التنظيم اللينيني الستاليني المطعّم بروح الإستبداد الشرقي خطراً يجب التحذير منه.
ركزت نقدي على نقد الاسنبداد الديني.وكان شعاري شعار ماركس:"نقد الدين هو الشرط الأولي لكل نقد"،وعلى نقد التنظيم اللينيني ـ الستاليني،الذي نصّب ديكتاتورية الحزب على الشعب،وديكتاتورية اللجنة المركزية على الحزب،وديكتاتورية المكتب السياسي على اللجنة المركزية،وديكتاورية رئيس المكتب السياسي على المكتب السياسي.وهكذا نصل إلى حكم ديكتاتورية الفرد،التي عرفها الشرق ـ وخاصة العربي الإسلامي ـ على مر العصور. لم أبقى في لبنان بعد عودتي الثالثة إلا 30 شهراً. وكشر لي"الشرق القديم"على أنيابه.
قبل انتقال جورج طرابيشي إلى رئاسة تحرير "دراسات عربية"كان "رئيس تحريرها البريد"كما كان يقول بشير الداعوق.وهذا ما أغراني بالكتابة فيها.فأنا مع حرية الإعلام في حدود القانون الوضعي العقلاني .
عن دار الطليعة وجدت بدائل:دار القدس،دار ابن خلدون ودار النهار التي رحبت بي لكني لم أنشر فيها .لكن لم أجد بديلاً عن "دراسات عربية"،التي كانت تروج أفكاري من البحرين إلى المغرب.الأسبوعية"الحرية"،التي كان يديرها الصديقان محسن ابراهيم ومحمد كشلي،والتي كانت حبي الأول بعد مجلة "الآداب"،التي كان يديرها د.سهيل إدريس.أخبرني محمد كشلي أن "لبنان الإشتراكي"بعد انضمامة إلى الحرية،اشترط منعي من النشر فيها،ثم جاءت طامة الحرب اللبنانية القذرة.فوجدت نفسي مضطراً للعودة مهزوماً إلى أوربا.توقفت عن الكتابة من 1975 إلى 1997 ،كما أوضحت ذلك في حديثي:"من محمد الإيمان إلى محمد التاريخ".
التقيت السيد جورج طرابيشي لأول مرة في ربيع 1966 حاملاً توصية من صديق تروتسكي استرالي له ليساعدني على نشر ترجمة كتاب" العسف"أو "التعذيب الجديد في الجزائر" ومذكرات الرئيس أحمد بن بله.وفعلاً فعل المطلوب،فأعطاني توصية لبشير الداعوق وأراد اعطائي ثانية لسهيل إدريس، فقلت له لا تفعل،فقد نشرت عنده نقداً لترجمة عائدة مطرجي إدريس لسارتر وترجمة لمقدمة سارتر "لأزهار الشر"لبودلير...اطلعت فيما بعد على كتابات جورج الجيدة عن ضرورة تحرر المرأة .قلت بيني وبين نفسي هذا الكاتب الواعد سيكون نصيراً ثميناً لمشروعي، لـ"تحديث الشرق"،وضعت ما كتب عن المرأة في ورقة التوصيات للكتب الجديرة بالقراءة لمجموعة من الشباب،انضم إليهم الشاب الصديق صقر أبو فخر،الذي سيصبح باحثاً جدياً.
قليلة الكتابات العربية التي كنت أنصح بقراءتها.كنت أركز على الترجمة.لكن قبل النصح بقراءة الكتاب،كنت أقارن منه صفحات على الأقل خوفاً من الأخطاء الفادحة وخاصة من التزوير. قي 1969 وجدت رئيس جمهورية اليمن الجنوبي،سالم ربيع،يقرأ"بؤس الفلسفة"ترجمة عبود لم أعد ـ أذكر اسمه كاملاً ـ كل جملة فيه تقريباً كانت مترجمة بعكس معناها.فنصحته بعدم قراءته.
طبعاً كانت ترجمات جورج طرابيشي الماركسية هي أول ما وقع عليه اختياري.ُصدمت:لأني وجدت الترجمة إما تقريبية وإما خاطئة وإما مزورة.أعني بالتزوير إعدام الفكرة بعدم ترجمتها، كما أنها لم تكن،واما ترجمتها بعكس معناها،أي تقويل الكاتب ما لم يقل وما كان يمكن له أن يقوله،لأنه على النقيض من المبادئ التي أسس عليها مشروعه.تزوير ماركس كان على مذبح الايديولوجيا البعثية.لكن أجد أحياناً في ترجمته أخطاء فادحة كان من السهل تلافيها بفتح أي معجم،سألت جورج مرة:ما معنى"ديكتاتورية الشيء العام" في ترجمتك لكتاب ماركوزا؟ارتبك .قلت له الشيء العام هو الدولة،كان بإمكانك أن تفتح منهل سهيل إدريس لتجد الترجمة الصحيحة.أجاب:أنا أترجم أمام مسجلة.لذلك لا أستطيع فتح المعجم.عذر أقبح من ذنب! لكنه دلني على مكان الداء:الترجمة الكمية لا النوعية،والتي تتميز ببذل الحد الأدنى من الجهد . والترجمة،والكتابة عموماً،إما أن تكون نوعية أو لا تكون. في فن الترجمة: الترجمة هي إعادة انتاج للنص ، والمترجم هو شريك في التأليف.ترجمة بودلير لشعر بو كانت أجمل من الأصل،وترجمة الفرنسي هبوليت لهيجل ،كانت أوضح من الأصل؛حتى أن مدرسي هيجل الألمان،كانوا يستعينون بها لفهم الأصل الألماني.
مرة أخرى التقيته في دار الطليعة سألته:لماذا ترجمت نصاً،لم أعد أذكره،بعكس معناه وأريته إياه؟ فكان جوابه ثلاث مرات:هيك،هيك،هيك. عندئذ أدركت مدى الإصرار بلا مبرر على خياره. وهذا شأنه.
دخلت مرة إلى دار الطليعة فوجدته في نقاش مع صادق العظم،فقلت له:ماذا تفعل مع الطرابيشي؟أجاب:أسأله عن بعض المصطلحات في "الأيديولوجيا الألمانية"،قلت له:لقد زوره.فتدخل الطرابيشي قائلاً:"حذفت جملة واحدة فاعتبر أني زورت الكتاب".حذف جملة أو فقرة في نظره أمر مشروع في الترجمة الكمية والتزوير القهري طبعاً !
القاعدة الذهبية هي أن يترجم المترجم النص كما هو ثم يعلق عليه نقدياً. فهذا يندرج في منطق النقاش المتعارض،الذي هو ديناميك التقدم الفكري.أما إعدام الفكرة بعدم ترجمتها، أو ترجمتها بعكس معناها،فهذا عدوان على الفكر وعائق لتقدمه وتزييف لوعي قارئه.
ترجم طرابيشي كتاب فرويد "موسى والتوحيد"المؤسس على نظرية فرويد الشهيرة"عودة المكبوت":التثليث المسيحي كبت الوحدانية اليهودية،فكان الإسلام عودة للمكبوت التوحيدي اليهودي"قال لي لم اترجم صفحة المكبوت بطلب من الداعوق.
أولاً المثقف ليس عبداً لرب عمله،يلبي كل طلباته،بما فيها التي ترقى إلى مصاف الجريمة الفكرية كما في واقعة الحال؛إذ أن الأساس الذي قامت عليه عمارة الكتاب الفكرية قد ُهدم؛ ثانياً الداعوق منطقي واقناعه يسير. لو قال له طرابيشي أن حذف عودة المكبوت في الإسلام يجعل الكتاب غير مفهوم . لأن المكبوت التوحيدي اليهودي لم يعد، لإقتنع وتخلى عن طلبه. وإلا كان على طرابيشي كمثقف رفض تزوير بهذا الحجم لكتاب من حجم كتاب فرويد، موسى والتوحيد،الذي دشن تطبيق العلوم الحديثة على مؤسسي الأساطير الدينية المؤسسة .
ومما يجعلني أشك في رواية الطرابيشي أنه أقدم أيضاً على تزوير استفزازي:استعرض فرويد "الثورة الجنسية السوفيتية"بسلبية. لكن ذلك لم يرق لطرابيشي فحولها إلى نقيضها: مديح طولاً وعرضاً.فهل أيضاً أرغم الداعوق الطرابيشي على تزويرها.هذا التزوير لكتاب فرويد جريمة مستمرة حتى الآن،فلا يبدو أن أحداً آخر حاول إعادة ترجمته لإعادة الأمور إلى نصابها، لكتاب يحتاج إليه قارئ العربية في هذه الأيام التي تشهد صعود أقصى اليمن الإسلامي إلى الحكم.وتجعل الحاجة إلى مقاربة الإسلام بالفكر النقدي حيوية.
أصدرت دار الطليعة ترجمة جديدة للبيان الشيوعي بقلم زاهي شرفان"اسم مستعار" وقدم له جورج طرابيشي،الذي كان الشريك الرئيسي في ترجمته.علمت أن هذه الترجمة طلبها صدام حسين لتطهير البيان من كل ما يتعارض مع الشعارات البعثية ليكون النسخة الوحيدة المسموح بها في العراق.
عندئذ قررت إعادة ترجمة البيان الشيوعي مع قاموس نظري لتوضيح المفاهيم الفلسفية والسياسية والتاريخية فيه.بإمكان القارئ أن يعود إلى التزوير الذي أعطيت عنه أمثلة في مقدمة الترجمة الصادرة عن دار ابن خلدون 1974 .أذكر منها مثلين من الذاكرة:"يتعالى صياح البرجوازية:إنكم تريدون إشاعة النساء(...)بل المسألة بالعكس تماماً"،لكن ماركس وانجلز لم يتبرئا من التهمة بل قال فقط:"لا يحتاج الشيوعيون الى ادخال إشاعة النساء،إذا أنها كانت دائماً تقريباً موجودة.المطلوب هو تحديداً إنقاذ المرأة من دورها الحالي كمجرد أداة انتاج". وكتب ماركس وانجلز المفترى عليهما :"تقدم الطبقة العاملة مصالح البلوريتاريا العامة على مصالح هذا القطر أو ذاك"أما ماركس وانجلز الحقيقيان فقد كتبا "تقدم البلوريتاريا المصالح العامة للبلوريتاريا ككل على المصالح القومية".وكانا يريدان من ذلك مكافحة انخراط العمال بحماس وراء حكوماتهم في الحروب الأوربية التي كانت في كل مرة تطحن عشرات آلاف العمال.
عندئذ فضحت تزوير البيان الشيوعي .
منذ أكثر من نصف قرن وآلاف القراء ضحية قراءة هذه الترجمات المزورة وهم لا يشعرون.لا أطالبه بالإعتذار والتكفير عن تزوير ماركس؛فهذا الأب قد قتله منذ زمان بعيد وأصبح ماركس في نظره مجرد "كلب ميت"،لكن لماذا لا يعتذر للقراء ويكفر عن غشهم طوال 44 عاماً بتصحيح ترجمة كتاب فرويد"موسى والتوحيد"؟ على الأرجح هيهات: الإعتذار والتكفير فضيلتان أخلاقيتان لا تنزلان ساحة الشخصية النرجسية الصبيانية،التي شعارها:أنا دائماً على حق . ومن أسأت إليهم يستحقون أكثر مما أصابهم. فليشكروا الله !
اتفقت مع الداعوق على أن يرسل لي كل مقال قبل نشره للتأكد من عدم مرور مقص الرقابة عليه.وكلما وجدت انني ُروقبت أعدت الأمور إلى نصابها في صمت باتفاق مع المصححة نجوى .ذات مرة أرسل لي الطرابيشي،الذي أصبح المسؤول عن المجلة، مقالاً ترجمه محمد شعيرات،جامعي حالياً في باريس.كان المقال نقداً لكتاب "ما العمل؟"نعته الكاتب الألماني بـ"الكراس المشؤوم".فهمي للدوافع النفسية لردود فعل جورج طرابيشي، جعلني قادراً على التنبؤ بتصرفاته.مترجم النص كان غائباً، فطلبت من الصديق محمد كبه أن يذهب من الغد باكراً للمطبعة لإعادة "مشؤوم"إلى مكانها.لأنني كنت شبه متيقن بأن طرابيشي سيحذفها، لينين كان مازال أحد آبائه السياسيين.و"مشؤوم" كانت لا شعورياً تساوي قتل الأب.
المفروض أن يصحح التزوير ثم يعود إلى بيته كما كنت أفعل،لكنه اتجه إلى دار الطليعة كان جورج لم يدخل بعد فدخل عند الداعوق،طمأنه الداعوق واعداً إياه بأن الطرابيشي لن يراقب نصوصنا في المستقبل، عندما كان خارجاً التقى بالطرابيشي داخلاً فقال له:"لو تعود لرقابتنا سأرد عليك ردا بلوريتاري"تلفن لي الطرابيشي عند العظم قائلاً لي:توعدني كبه برد بلوريتاري،فهل البلوريتاريا ترد بالعنف؟أجبته ساخراً:على حد علمي البلوريتاريا لا ترد إلا بالعنف.
بدل الإعتذار الحار عن مجاولته التحايل علينا بطريقة تأباها أخلاق مهنة النشر،الخديعة،حتى إذا إطمئننا إلى أن المقال لم يراقب وجدنا أنفسنا أمام الأمر الواقع،فإنه اشتكى من نهديد كبه له إذا عاد لمثلها! حقاً كلما كانت الشخصية نرجسية تصرفت على نجو صبياني :رفض الاعتراف بصدعها النفسي،أي نقطة ضعفها ولسان حالها يقول:أنا دائماً على حق.
بالنسبة لي طويت الصفحة بعد إعادة ترجمة البيان الشيوعي . الإجترار الذهني للمرارات القديمة لا مكان له عندي.التقيت الطرابيشي لأول مرة في 1997 في المركز الثقافي المصري. بادرته بالمصافحة وخرجت معه وركبت معه السيارة إلى محطة المترو وتبادلنا التيلفونات.أعلمني في 2002 أن رجل أعمال ليبي يريد التعرف عليّ. المقصود هو د. محمد عبد المطلب الهوني،في المطعم الذي كنا نتعشى فيه، بينما كان طرابيشي في التواليت أعطاني الهوني تليفونه لاحظ ذلك،فسألني قلقاً:هل أعطاك تليفونه؟ قلت:نعم.كان يخشى على الأرجح أن أجتر معه في التيلفون وقائع علاقتي البيروتية معه.لم أفعل طبعاً. وذات مرة سأني الهوني عنه فقلت له:هو الإنسان المناسب في المكان المناسب،بإمكانك الاعتماد عليه.
أصبحت لقاءاتنا مستمرة مع الهوني ونقاشاتنا كذلك. لاحظت منذ البداية أنه يريد مني أن أكتب عن كتبه. وهو مطلب مشروع :أوضحت في مقال "فتنة السؤال" أن سبب حزن المثقف الدائم،هو كما يقول علم نفس الأعماق"الشهرة"،التي يطلبها فلا يدركها،وكلما أدركها طلب منها المزيد،مثل الرغبة عند شوبنهاور.يجري المثقف وراء الشهرة لرفع ثقته المهزوزة بنفسه. الحديث عنه باستمرار هو خشبة الإنقاذ من هذا الشعور المرير بالدونية. قال لي الداعوق، وهو فهامه لكفاءات كتابه:جورج لا يفهم في السياسة. ولكنه ناقد أدبي جيد.
كنت أريد فعلاً أن أكتب عنه.لكن كلما قدم لي كتاباً وجدت أنني سأكون مضطراً إلى الكتابة نقدياً عنه. والنقد في اللاشعور الجريح مماثل للهجاء ، فأتراجع.كنت في كل مرة أقدم له الثغرات التي في كتابه وضرورة الإشارة إليها.غالباً ما يسلم بذلك. لكنه لم يقل مرة واحدة أنه لا يرى مانعاً من النقد:النقد الودي رأساً لرأس قد يقبله. لكن النقد العلني إعلان حرب.
جاءني ذات مرة ليلاً حاملاًالجزء 3 ، 4 من كتابه عن الجابري ـ الذي لم أقرأ منه إلا الجزء الأولـ وكان متحمساً جداً للجزء الرابع الذي تضمن تحقيقه عن كتاب "الفلاحة النبطية"واصفاً له بأنه يشبه الرواية البوليسية. وهو فعلاً كما قال. قدمت ملاحظات نقدية ثانوية في التليفون لكن لم أفكر في الكتابة عنه،لأنني لست معنياً بالفلاحة النبطية،بل فقط بنقد المفاهيم الفلسفية والإبستيمولوجية التي شوهها الجابري تشويهاً يرقى إلى مصاف الخطيئة الفكرية . مثل مفهوم العقل، الذي حوله من كوني إلى إثني:"عقل عربي"و"وعقل أوربي"...إلخ. قلت له مراراً لا أستطيع الكتابة عن نقده للجابري من دون الخطايا الفكرية المميتة التي اقترفها هذا الأخير وصادق ناقده عليها بعدم نقدها.
في مداخلتي،كضيف، في رابطة"العقلانيين العرب" ركزت على نقد فضيحة العقل العربي الإثني.سألت الطرابيشي رأيه فكان رده:لماذا ُيقال عقل إسلامي ولا يقال عقل عربي؟ رد ساذج،الخطأ لا يبرر نفسه بخطأ آخر.قائل العقل الإسلامي هو أركون.وهو ليس فيلسوف وأقل من ذلك ايبيستمولج. لا أذكر مثلاً أن مستشرقاً تحدث عن العقل الإسلامي أو العقل العربي. في هذا المؤتمر أيضاً لاحظ لي البروفيسير الشرفي :"أركون أيضاً ارتكب نفس خطأ الجابري عندما كتب عن العقل الإسلامي".
بالنسبة لي، ولكل عقلاء العالم،كونية العقل مسألة مركزية لا تقبل المساومة. إنكار كونية العقل سيكون انكاراً غبياً واجرامياً لكونية العلوم وكونية حقوق الإنسان اللواتي انتجهن هذا العقل الكوني. وهكذا تسقط البشرية مجدداً قي النرجسيات والخصوصيات الإثنية والدينية القرووسطية.
سأقدم هنا برهاناً علمياً حاسماً على كونية العقل البشري. ثوان،فلكي فيزيائي،اخصائي في الإكسترا جالاستيك،علم يبحث في ما هو خارج المجرات،وهو كاهن بوذي وثني . الله عنده، كما عند اسبنيوزاوأينشتين هو قوانين الطبيعة،كالجاذبية مثلاً. هذه القوانين،كما يقول هن في منتهى الترتيب والتنظيم. وهذه القوانين تمتلك خصائص يوصف بها الله عادة. فهذه القوانين كونية (...)وخالدات،لا زمان لهن،وعلى كل شيء قديرات.لكن هذه القوانين، يقول الفلكي الفيزيائي ثوان،هي على قد و مقاس الدماغ البشري:"كان بإمكاننا أن نعيش في كون حيث قوانين الطبيعة خفية جداً بحيث تكون فك شفرة الكود الكوني مستحيلة على الدماغ البشري.أو بالعكس،كان بإمكاننا أن نسكن كوناً حيث تكون قوانين الطبيعة على درجة من البداهة بحيث لا تتطلب أي جهد ذهني في إدراك معناها.والحال أننا نعيش في كون حيث صعوبات الكود الكوني مطابقة لقدرة الدماغ البشري على فهمها".(لو بوان 29 ديسمبر 2011 ض 188)(عددخاص بسؤال وجواب عن وجود الله).انظر أيضاً فصل العقلانية الدينية في "من محمد الإيمان إلى محمد التاريخ".
تأملوا جيداً أن صعوبة اكتشاف وفهم قوانين الطبيعة الكونية متطابقة بالضبط مع قدرة العقل البشري الكوني على اكتشافها وفهمها.
وهكذا فالعقل البشري بما هو كوني،قادر بعلوم الفلك الفيزيائي، على اكتشاف وفهم قوانين الطبيعة الكونية،كقانون الجاذبية الذي من دونه سيستحيل وجود الكون؛وبما هو كوني قادر،بعلم المنطق وفلسفة العلوم،على اكتشاف قوانين العقل كقانون عدم التناقض الكوني، الذي من دونه يستحيل التفكير المنطقي والعلمي،وبما هو كوني قادر،بعلوم البيولوجيا، والباليلونتولوجيا، على اكتشاف وفهم القوانين الكونية لتكوّن وتطور الحياة على الأرض منذ 3,7 مليار سنة ؛وبما هو عقل كوني قادر،بالعلوم الإنسانية على اكتشاف وفهم القوانين التي تتحكم في المجتمعات البشرية وفي النفس البشرية؛وبما هو عقل كوني قادر، بالفلسفة الإنسانية،على اكتشاف وفهم وفرض القواعد والقيم الكونية الضرورية للعيش معاً في عالم،وفي كل بلد فيه،تطيب فيه الحياة،مثل العلمانية والديمقراطية وقيم حقوق الإنسان. وهن جميعاً قواعد وقيم وحقوق كونيات، من دونهن تستحيل الحياة الكريمة في ظل قانون الغاب،أي بطش الأقوى بالأضعف منه،وانتهاك حقوقه وكرامته كما هو سائداليوم في غالبية بلدان "العقل العربي"،الذي مازال في 2013 يرجم أو يطالب بتطبيق الرجم والحدود الأخرى ...
اهمال الطرابيشي لنقد مذبحة المفاهيم التي ارتكبها الجابري لم يكن صدفة.فيبدو أنه قرر نقد الكتاب قبل ادراك اختلالاته المنهجية. فقد قال لي أنه عندما صدر كتاب الجابري،"نقد العقل العربي"، قدمه للقراء بحماس شديد بما هو كتاب فريد يقطع مع الفكر العربي السائد ويفتح آفاقاً بكراً للتفكير العربي.ثم طارت السكرة وجاءت الفكرة،فقدمه على أنه من أسوأ ما أنتج الفكر العربي المعاصر. الدافع للنقد لم يكن معرفياً:التوضيح النظري للإشكاليات والمفاهيم والمصطلحات لتنوير وعي القارئ كما أفعل الآن .وإنما لتصفية حسابات شخصية، ثأراً لجروح نرجسية سببها المنقود للناقد.
جاء شاب للأصمعي،جامع ومؤلف المعلقات،فقرأ عليه قصيدة نسبها لشاعر قديم،فأثنى عليها الأصمعي.عندئذ قال له الشاب:هي يا مولاي قصيدتي أنا.فقال له الأصمعي:قبحني الله ما أعجلني،أعد قراءتها علي. عندئذ عثر فيها الأصمعي على جميع عيوب الشعر.هذا هو النقد ذو الدوافع الذاتية.ليس هدفه تصويب أخطاء فكرية أساسية تجعل القارئ بعدها غيره قبلها ، بل تصفية حسابات شخصية.وهذا ما جعل ناقد الجابري يتلقط السفاسف مثل أن الجابري لا يذكر مصادره،أي يسرق أفكار الآخرين.وهو نقد عتيق فقد مشروعيته في الحداثة. فكل نص،كما يقول اللنجويستيك(الألسنية)هو تناص على وزن طلاص،أي مجموعة من الاقتباسات الشعورية واللاشعورية.بل أن كل فكرة ليست من انتاجك،لكنك بمجرد البرهنة شخصيا على سدادها تعيد بذلك امتلاكها،وتهمة السرقة لم ينجو منها كاتب أو فيلسوف او عالم . مثلاً،فرويد اتهمه صديقه الطبيب "فليس" بأنه سرق منه نظرية فرويد في ثنائية الجنس، أي أن كل انسان يحمل في جينياته أو لا شعوره الذكر والانثى معاً.
عندما قرأت الجزء الأول من نقد الجابري،فوجئت بأن الناقد ليس بأعلم من المنقود،ففي الصفحات الأولى التي ثرثرت عن العقل المكِّون وعن العقل المكون(بفتح الواو)،الذي استعاره الجابري من لالاند،كعادته من دون التأكد من صلاحية المصطلح لما استعمل إليه،اتضح لي أنهما معاً لم يفهماه . ثرثر طرابيشي برهة وأخيراً اعترف بأن مفهوم العقل المكِوِن والمكَون غامض عند لالاند نفسه.والحال أن الموضوع واضح عند لالاند في كتابه الذي زعم أنه قرأه. ربما، ولكن بطريقته الخاصة:كنا نتعشى في مطعم ،سأل جورج طرابشي النفساني فتحي بن سلامة عن رأيه في كتاب نصر حامد أبو زيد"فلسفة التأويل"أجابه:سطحي.أضفت أنا بل سخيف.سألني الطرابيشي لماذا؟أجبت:لأنه قال عن ابن عربي أنه كان يريد بناء جنته الإشتراكية على الأرض،فلما لم يستطع بناها في الخيال ـ استشهد من الذاكرة ـ قلت له:ألم تقرأ هذه الفكرة؟أجاب:لا،أنا أقرأ الكتاب بطريقة خاصة،أي لا أقرأه كله.عندئذ أدركت أن بذل الحد الأدنى من الجهد عنده هو، ليس في الترجمة والكتابة وحسب، بل وأيضاً في القراءة.
وربما هذا هو موطن الداء:تلفن لي مرة متحمساً:عثرت الآن على علة الحضارة العربية الإسلامية،لم أعد أذكر العلة،فهي ثانوية، في كتاب شبلنجر"أفول الغرب"قلت له: ماركس أيضاً تحدث عنها.رد فوراً:شبلنجر عاش قبل ماركس . كتمت قهقهة.شبلنجر مات في القرن الـ 20 وفي كتابه المذكور فصل إيجابي عن الحضارة العربية الإسلامية. يبدو أنه قرأ استشهاداً معزولاً من سياقه،فأكمل بالتخييل ما يريد أن يجده فيه،لا ما هو موجود فيه حقا ! فما هو العقل المكون والمكون(بفتح الكاف وكسرها)؟العقل المكون(بكسر الكاف)هو الحقائق العلمية والنظرية،أي البحوث الأساسية،"روشيرش فوندامانتال"،والعقل المكون(بفتح الكاف) هو التكنولوجيا،أي التطبيقات العملية للحقائق العلمية النظرية.الحقيقة العلمية هي البحث الخالي من الغرض التجاري أو العسكري. والحقيقة التكنولوجية هي البحث المغرض تجاريا أو عسكرياً. لذلك أرسل بعض العلماء صيحة الفزع في السبعينات بموت العلم لحساب التكنولوجيا. لأن نسبة الميزانية المرصودة للبحوث الأساسية ضئيلة،قياساً إلى تلك المرصودة للتطبيقات التكنولوجية.شخصياً تبنيت هذه الفكرة،التي تؤكد نظريتي عن انحطاط الرأسمالية. لكن صناع القرار في الغرب ،الذين يستمعون غالباً لعلمائهم ومفكريهم ، سرعان ما صححوا الخطأ.
الخلاصة،أن العقل المكون والمكون(بكسر الكاف وفتحها)ليسا الا العلم النظري والتكنولوجيا التطبيقية. عند الجابري العقل المكون ـ أي العقل العربي ـ إذن عقل تكنولوجي،توقف عن تصدير الجلود معوضاً له بتصدير ملايين البراءات والإختراعات التكنولوجية. وعند ناقده،الذي ُيعرف عادة نفسه سلباً بالقياس إلى منقوده:العقل العربي إياه عقل علمي،أي معادلات رياضية ومفاهيم ونظريات وفرضيات علمية.في الواقع لا أذكر ماذا كتب فعلاً، لأني بمجرد قراءة هذه الفقرة رميت الكتاب.وإنما قدمت افتراضاً لا دليل عليه.قلت مرة لطرابيشي أني اشتريت الجزء الأول من كتابك فلم يشجعني على شراء الباقي. رد: فعلاً الجزء الأول ضعيف. لكن لم يسألني عما لم يشجعني فيه. ما كان لي أن أكتب عن نقده للجابري دون توضيح هذه الاختلالات المنهجية الخطيرة. ولو فعلت لاعتبر أني اعلنت عليه الحرب العالمية النووية الثالثة لا أقل! ميزة الغرب الأساسية على الشرق انه يستقبل النقد بصدر رحب ويمارس نقده الذاتي بشجاعة.هنا يجب أن نرى سبب أسباب تأخرنا التاريخي وتقدم غيرنا. لا أقول هذا للخيول الهرمة،التي لم تعد تُجيد إلا الصهيل،بل للأجيال الطالعة،لأخذ الدرس من مهازل أسلافهم !
مفهوم آخر استخدمه الجابري:العقل المستقيل،قاصداً به العقل الذي يمارس التنجيم ولا يؤمن بوجود الله.إذن نيوتن وايشتين،اللذين مارسا التنجيم كهواية شخصية،وأينشتين على الأقل لم يكن يؤمن بوجود الله الواحد الأحد،فهما إذن من ذوي العقول المستقيلة ! لست أدري بماذا علق طرابيشي على هذا الهراء. ربما لم يقل شيئاً لأنه عادة لا يساوره شك في دقة مفاهيم الجابري الإبستمولوجية !
خصصت مقالاً في "إيلاف"للمذبحة الإبستمولوجية،التي ارتكبها الجابري دون التعرض لناقده. رد الجابري عليّ ضمناً كعادته قائلاً: نعم أستعير المفاهيم الإبستمولوجية من الغرب لأستخدمها في مشروعي الخاص،الذي لا علاقة له بالمعنى الأصيل لهذه المفاهيم في بيئتها العلمية والفلسفية الغربية بالطريقة إياها التي استعار بها العقل المكون والمكون (بكسر الكاف وفتحها) هكذا كما لو كان الاقتباس من علم إلى آخر أو من فكر إلى آخر سداح مداح، بلا ضوابط ابستمولوجية صارمة ، اولها عدم استخدامه في غير معناه او ضد معناه. وهذا ما مارسه الجابري بإفراط وتواطأ معه ناقده بحسن نية طبعاً.
هرطقات
عندما يئس من كتابتي عن نقده للجابري،أرسل لي "هرطقات"،الذي حدثني عنه في التليفون كثيراً.قرأت ما كتبه فيه عن العلمانية القائل:أن الحكم العربي كان دائماً علمانياً.لأن رجال الدين لم يكونوا في الحكم، وهو حكم من وجهة النظر التارخية والسسيولوجية مغلوط، صحيح أن الفقهاء لم يحكموا ولم يكونوا شركاء حقيقيين في الحكم.لكن هذا ليس العلمانية بألف ولام التعريف،بل هو" العلمانية الإسلامية"كما شرحتها في مقالين في" رسائل تونسية". في الإسلام السني محظور على رجال الدين ،حتى مجرد التقدم للولاية العامة عملاً بالقاعدة الفقهية القائلة :"طالب الولاية لا يُولّى"،العلمانية الإسلامية،باستثناء إشراك رجال الدين في الولاية،تحتفظ بكل خصائص الدولة الدينية،وخاصة خاصيتها المركزية:تطبيق الشريعة،الذي هو لب الدولة الدينية كما عرفها المؤرخ اليهودي الروماني الكبير فلافيوس جوزيف،مخترع مصطلح الثيوقراطية.الدولة الدينية كما عرفها،هي التي"تطبق شريعة موسى"وهي في نظره النموذج الأرقى للحكم. في العلمانية الإسلامية المساواة بين الرجل والمرأة وبين المسلم وغير المسلم غائبة، والحال أن تطبيق الشريعة حاضر،إذن ليست علمانية بأتم معنى الكلمة.
فما هي خصوصية العلمانبة الإسلامية؟
هي سيطرة السياسي على الديني ليس إلا.ولي الأمر[= الخليفة،السلطان،الحاكم]يتحكم في رجال الدين. والفقهاء أقروا له بذلك وعن حكمة:خوفاً من الفوضى الناجمة عن الفتنة التي عرفوا ويلاتها في الخلاقة الراشدة،والتي أودت بها في نظرهم. فعامة الناس لابد لهم من حاكم "براً أو فاجراَ"كما قال الإمام علي.
ابن تيمية،رائد السلفية الجهادية،والذي يقول عنه راشد الغنوشي:" أنه تسلم راية الجهاد من النبي نفسه"قال:"حاكم غشوم ولا فتنة تدوم"،وقال أيضاً:"40 عاماً تحت إمام جائر خير من ليلة واحدة دون إمام".
تاريخ الإسلام السني ظل تجاذباً بين حكم ولي الأمر وانفلاتات قصيرة يسيطر فيها رجال الدين. وهي الجدلية التاريخية الكئيبة التي نعيشها الآن. في إيران وفي دول "الربيع العربي" وعشناها مع ابن تومرت ....وخلال مرحلة ضعف الخلاقة العثمانية عندما تحالف المفتي مع الإنكشارية وأفتى بقتل السلطان لأنه لم يقم بواجب الجهاد. علمانية أتاتورك هي أيضاً علمانية إسلامية نصفاً،سيطرة ولي الأمر على رجال الدين،وحديثة نصفاً:إقرار مبادئ العلمانية الحديثة مثل المساواة بين المواطنين نساء ورجالاً ومسلمين وغير ومسلمين.
عودة حزب"العدالة والتنمية"الإسلامي تبدو في الظاهر وكأنها عودة المكبوت:الدولة الدينية التي يسيطر فيها الديني على السياسي... لكن بما كان هذا في الظاهر فقط فالمسار التركي مازال مفتوحاً على احتمالات عدة أرجحها في نظري على علمانية من نوع علمانية الأحزاب المسيحية الأوربية،التي لا تختلف عن العلمانية المعاصرة إلا في المرجعية الرمزية للمسيحية.
لم أستطع أيضاً أن اعلق على الكتاب،لأنه كان لابد لي من تقديم هذا النقد وصاحبنا يتطير من كل نقد.عندما كان "يصحح" معي الأخطاء المطبعية لـ"رسائل تونسية"قرأ طبعاً مقاليّ عن العلمانية الإسلامية ولم يعلق بشيء.لعله أدرك لماذا لم أكتب عن كتابه.
الحرب السنية الشيعية
لم أعد أذكر عنوان الكتاب بالضبط .لكن موضوعه هو الحرب السنية الشيعية خلال 3 قرون، كتبه رداً على "تهمة"الجابري وغليون للمثقفين المسيحيين بإدخال العلمانية إلى الثقافة العربية الإسلامية،والحال أنها لا حاجة لها فيها.
قبل وصول الكتاب وعدته بالكتابة عنه،لأن مقاربة موضوع الحرب السنية الشيعية هم فكري مركزي . وكنت أشير إليه كلما وجدت الفرصة سانحة .غيرت رأيي بعد قراءته.لماذا؟ أولاً لأن التهمة من هذين الأحمقين، كان بإمكانه أن يقول فيها، ما قاله سعد زغلول في مثل هذا الموقف:"تهمة لا أبرأ منها،وشرف لا أدعيه". وثانياً لأن عمر الحرب السنية الشيعية ليس 300 عام،بل 14 قرناً عندما كان يكتب الكتاب كانت الحرب السنية الشيعية ملتهبة في العراق وكامنة في السعودية والبحرين والكويت ولبنان وسورية.مما يجعل العلمانية كونية انتجها العقل البشري الكوني للعقل البشري الكوني حيث كان . وثالثاً لأن الكتاب رأى التفاصيل وعمي عن رؤية الكل:سبب أسباب هذه الحرب،التي تبدو للقارئ كما قدمها كصواعق من سماء صافية الأديم،والحال أن وراءها عدم وصية محمد بخليفة له،سواء أكان علي أو ابو بكر،كما كان يفعل أباطرة عصره لقطع الطريق على حروب الخلافة.
لكن لماذا لم يفعل؟
لأنه كان مصاباً بهذيان نهاية العالم في حياته،لذلك كان يتوعد قريش بنهاية العالم الوشيكة وهم وهو أحياء ويقول لهم حتى إذا طلبتم تأجيلها لتتوبوا إلى الله،فإن الله لن يؤجلها لكم:"بل تأتيهم الساعة بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم يُنظرون"(40 الأنبياء).أيضاً بولس الرسول كان يعتقد أن المسيح سيعود في حياته.أنبياء إسرائيل كانوا يبررون ظهورهم بضرورة تحضير شعبهم للقاء الله؟تلفنت له وبررت له لماذا لن أكتب عن الكتاب،لأن سبب هذه الحرب كان غائباً فيه،فاعترف بأن عدم ذكر الشورى كان خطأ .
اقترحت عليه اتخاذ موقف من الحرب الأهلية السورية،أرسل لي بعد أسبوع مقالاً،لا علاقة له بآرائه التي عبر لي عنها مراراً في التليفون .لخص سبب الحرب في نقطتين:عدم حل النزاع العربي الإسرائيلي،ةهي مسلمة بدبهبة للوعي السياسي،وثانياً بـ"ابتلاع النظام للدولة". بقيت بلا صوت. في 1958 عندما حدّث ديجول الديمقراطية البرلمانية حيث كانت الحكومات تسقط كل ستة شهور مما يعيقها عن انجاز المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلب الديميومة(4 ـ 7 سنوات في الحد الأدنى)بتحويلها،إلى ديمقراطية رئاسية .اتهمه سسيولوجيو الحزب الإشتراكي بأن"النظام ابتلع الدولة"أي أن السلطة التنفيذية ابتلعت السلطة التشريعية. لخص ميتران اطروحتهم في كتابه عن ديجول"الإنقلاب الدائم". لكنه عندما جلس على كرسي ديجول، لم يغير فاصلة في دستور 1958 . لماذا؟ لأنه كان القرار المناسب في الوقت المناسب ،لجعل فرنسا تلتحق بالديمقرطيات الغربية الحديثة، مثل الديمقراطية الامريكية حيث السلطة التنفيذية،سلطة صناع القرار من أهل الجدارة والاختصاص،أقوى من السلطة التشريعية.وهكذا تكون المقارنة بين سوريا اليوم وفرنسا 1958 من باب مقارنة ما لا يقارن،كما يقول المثل الفرنسي:غالطة ومغلطة.
تلفن لي بعد يومين من تسلم مقاله طبعاً ضمنياً لأقول له رأيي فيه. تجاهلت الأمر ولا شك أن ذلك صدمه. ولكن ماذا يصنع الإنسان؟ إذا قلت ما أفكر فيه حقاً ساءه، وإن سكت ساءه. ففضلت الثانية على الأولى. طالما أن هامش الخيار منحصر بين إسائتين أحلاهما مر.
تصحيح مقالاتي
المؤلف عادة هو أسوأ مصحح لما يكتب، قي حالتي أخذت المصيبة أبعاداً درامتيكية:الخطأ الطباعي الفادح نُصب عيني، لكنني أقرأه صحيحاً كما هو في ذاكرتي . اقترح علي جورج طبع مقالاتي عن نقد التعليم الديني في كتاب،أخيراً وافقت،لنفوري من الكتاب الورقي خوفاً من الرقابة التي تجرعت مراراتها في دراسات عربية. كان يتلفن لي بين حين وآخر ما معنى هذه الجملة أو تلك،ومرة سألني ضاحكاً ما معنى" الإعجاز العلماني في القرآن".قلت له: طبعاً العلمي. وطلبت منه إعادة الكتاب بالإيميل.طُبع لي فوجدته حقلاً ملغماً بالأخطاء التي قد تعيق الفهم .وأحياناً نقص وأحياناً إضافات جمل لا ضرورة لها،فعدلت عن نشره،على أمل أن يكون لي يوماً سكريتير أملي عليه ويقرأ عليّ النص وأنا أستمع،عند ذلك كنت سأتفطن لجميع الأخطاء الطباعية . لكني كنت أحلم كما حلم قبلي الشاعر القائل: رأيت في النوم أني راكب فرساً / ولي غلام وفي كفي دنانير لم يتحقق هذا الحلم إلا في الأشهر الأخيرة من حياتي،وبفضل جورج طرابيشي،فقد تدخل لتوفير سكرتير لي . وهكذا خلال 4 شهور أنجزت فيها الطبعة الثانية من "إصلاح الإسلام "و"إصلاح اللغة العربية"و"من محمد الإيمان إلى محمد التاريخ".
في 2011 استنجدت بجورج ليساعدني على تصحيح الأخطاء الطباعية في مقالاتي "رسائل تونسية"التي عولت عليها كثيراً لمساعدة الفاعلين السياسيين في تونس وأيضاً مصر وباقي بلدان "الربيع العربي"الموعودة بحكم أقصى اليمين الإسلامي. لكنه كان يركز على ما يعتبره أخطاء رسمية أو نحوية والحال أني اعتبرها،طبق مشروعي لإصلاح العربية، تيسيراً لرسمها شبه الهيروغليفي ولنحوها الذي طالب الكثيرون من ابن خلدون إلى أحمد أمين وطه حسين بإصلاحه.
مشكلة العربية اليوم،أنها اللغة الوحيدة بين جميع اللغات الحديثة، التي قطعت مع الإعراب، مازالت تمارس تغيير أواخر الكلمات فتحاً وكسراً وضماً،بعد شرح مرهق لمن في مثل وضعي الصحي،كان الطرابيشي يقول لي:طيب سأتركها دون تغيير،فأصدقه. ذات مرة كان الأمر يتعلق بـ"كاثوليكي"قال لي: لماذا لم تنصبه "كاثوليكياً"؟ قلت له: هو ممنوع من الإعراب للعجمة كما قرر النحاة،وهذا عامل مساعد على الإنتهاء من الإعراب حتى في الكلمات الأخرى.جن جنونه ونصب كاثوليكي معتبراً أن المنع من الصرف إهانة للإسم الممنوع،والحال أن ما كان على وزن فعلان كحسان وعدنان ... إلخ(ملاحظة:ذكرت في بحثي إصلاح العربية أن ما كان على وزن مفاعل كمساجد ممنوع من الإعراب،وهو خطأ مني .لكن على متكلمي العربية الأحياء منع جميع الكلمات من الإعراب والوقوف على السكون) أسماء ممنوعة من الصرف،لكن ذلك لا يحمل أي إيحاء باحتقارها وأن لا يكون الإسم أو الشخص غير عربي فذلك لا يعتبر نقيصة فيه إلا في نظر العنصريين العرب، الذين يعتبرون العرب فوق الجميع.مثل أحد مؤسسي البعث زكي الأرسوزي.
بعد حادث"كاثوليكي"طلبت من أصدقائي أن يطبعوا لي عدداً من"رسائل تونسية"التي صححتها معه. فوجئت وتألمت لما وجدت: كل ما قال لي أنه سيتركه كما هو، غيره من وراء ظهري،مستغلاً نقطة ضعفي:عجزي عن فتح المقال وقراءته.
كنت حقاً كالمستجير من الرمضاء بالنار،عندئذ توقفت عن ارسال مقالاتي له . هو لم يتلفن فهو دائماً على حق . لكن بعد بضعة أسابيع تلفنت له،ذات يوم نشرت الجزء الثاني من مقالي"فتنة السؤال"،أقحمت فيه بعض رؤوس الأقلام عن أمراض محمد النفسية،عسى أن تلفت نظر باحثي الغد إلى الكتابة عنها. تلفن لي جورج طرابيشي:ما قلته عن محمد لن يكتب بعدك إلا بعد قرن،فلماذا لا تكتب عنه كتاباً(بقية الحوار منشورة في حديثي: "من محمد الإيمان إلى محمد التاريخ).
عندما بدأت في كتابة محمد تلفنت له قائلاً:اتفقت مع صديق لأرسل له كل فصل أنجزه لينشره إذا ما حدث ومت قبل اتمام الفصول الأخرى.فقال لي: لماذا لا تجعله وديعة عندي أنا؟ أجبته بكل عفوية،ولو فكرت قليلاً ما اجبته بما أجبته:أخشى أن تتدخل فيه لغوياً كما فعلت في"رسائل تونسية"فقطع المكالمة.كلمني مرة الهوني قائلاً لي :أن جورج كلمك 36 مرة ولم ترد عليه.قلت له:غير صحيح.لم يكلمني ولا مرة واحدة،وكل المكالمات مسجلة في ذاكرة تليفوني،ورويت له لأول مرة فضيحة تزوير "رسائل تونسية"التي وقعت في 2011 وحكاية الوديعة و قطع المكالمة الأخيرة، لكن ذلك كان كافياً لينطلق إعصار السعار النرجسي بكل عنفه، فشن عليّ الحرب تحضيراً لمحاولة اغتيال ذكرايا بعد موتي.
في ابريل الماضي،خابرني جورج طرابيشي مراراً لتحديد المطعم القريب مني الذي سنتعشى فيه . يعرف أن الهوني عادة لا ينقل الإساءة،بل أحياناً ينقل عكسها بقصد المصالحة بين أصدقائه. لكن من حسن حظي أن عزيز العظمة كان هناك . قبل وصولنا إلى المطعم قال لي :جورج قال لنا انك ارسلت له في بيروت (1972)شخصاً لضربه . فرحت لأن ذلك اتاح لي فرصة تكذيبه أمام شاهدين ثم أمام قرائي . كان يمشي مع الهوني على بضعة أمتار منا ناديت عليه فتفاجأ وتصامم ،كمن يُضبط متلبساً بفضيحة على غير انتظار،لأنه أدرك ولا شك سبب النداء، ونادى معي عزيز فتوقف،ذكّرته بتفاصيل ما حدث مع كبه كما سبق ذكره،كان ممتقعاً من وقع المفاجئة، جف حلقه، إلتصق لسانه بحنكه قائلاً:"بل ضربني 2 بوكس، واحد هنا واحد هنا،مشيراً بقبضته إلى طرفي جبهتيه". قلت له:الآن سأكتب كل شيء.لأن الموضوع جدير بالنشر لتنوير القراء بتاريخ حقبة مظلمة من النشر والترجمة في بيروت السبعينات،عادت اليوم مع عودة الإسلام الظلامي إلى مسرح التاريخ. ثم بادرت بالحركة نجو المطعم،فلا أحب إذلال إنسان أو التشفي منه . لو بقينا واقفين دقائق اخرى ربما لأغمي عليه. حتى الإساءة الشخصية إذا لم تكن لها مداليل اجتماعية ونفسية وفكرية وعلمية تقدم للقارئ قيمة مضافة،فإني لا أبالي بها. وهيهات أن أنكر التهم الحقيقية التي تُنسب لي، مثلاً أرسل لي مدير الحوار المتمدن،الأستاذ رزكار عقراوي ،في 2011 ، حديث الأمين العام للجبهة الديمقراطية نايف حواتمة الذي اتهمني فيه،بأني عندما التحقت بالمقاومة في 1969 كنت "ضد الكفاح المسلح ضد إسرائيل"مقترحاً عليّ الرد على هذه التهمة. أجبته التهمة صحيحة :كنت ولازلت ضد العنف في الكفاح السياسي، اللاعنف أجدى منه. وعلقت على ذلك في هامش "من محمد الإيمان إلى محمد التاريخ":المدخل"عبد العزيز الدوري" كما كنت ضد الحرب اللبنانية. وقد سجل الصديق فواز طرابلسي في كتابه"الفتى الأحمر"بكل أمانة اعتراضي عليها،الذي نقلته أيضاً إلى أبو جهاد وأبو إياد.
أكتبوا في حياتي جميع اتهاماتكم.أما بعد موتي فسأقول لكم سلفاً مع المتنبي: إذا ما خلا الجبان بأرض / طلب الطعن وحده والنزالَ
من يريد اغتيال ذكراي بعد موتي،هو كمن يبصق على السماء:تعود بصقته إلى وجهه. لا شك أن القارئ النابه،أدرك الحقائق العلمية المترتبة عن مخاطر تزوير الترجمة،وتشويه المفاهيم العلمية والفلسفية، مثل مسخ العقل الكوني إلى إثني هو نسف لعمارتي العلم وقيم حقوق الإنسان الكونيتين،كان تحليلاً موضوعياً وعقلانياً للحقائق العلمية والتاريخية عسى أن أضييء شمعة أمام وعي القارئ،في ليل الثقافة العربية البهيم،كما قال صديقي العزيز، سيمون خوري،في تعليقه الأخير في الحوار المتمدن. هذا هو الفكر النقدي،الذي يساعد القارئ على النظر بوضوح أكثر للإشكاليات الفكرية والسياسية والدينية الكبرى المطروحة على وعينا الجمعي الواقف على مفترق طرق:إما الإنخراط في سكة الندامة وإما الإنخراط في سكة السلامة:سكة الموضوعية والعقلانية والنزاهة الفكرية والصدق مع النفس ومع الآخر ليلتحق بقاطرة الحداثة،التي عجز عن الإلتحاق بها حتى الآن بسبب افتقاده لهذه الخصال الضرورية.
#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمد: من شاعر ونبي في مكة إلى مشرّع ومحارب في المدينة
-
الحلقة الثالثة: هل تحديث العربية ممكن؟
-
الحلقة الثانية: لا علوم بدون مصطلحات - هل إصلاح العربية ضرور
...
-
الحلقة الأولى: هل إصلاح العربية ضروري وممكن؟
-
بورقيبة لم يقتل ابني،بن علي لم يقتل ابني وراشد الغنوشي قتله
-
8 من التربية الجنسية الدينية إلى التربية الجنسية العلمية
-
7 من أجل انتصار دين العقل
-
نداء إلى انتهاك الشعائر الغبية
-
اصلاح الإسلام ضروري وممكن
-
لماذا إدخال -التدافع-في الدستور؟
-
الدولة الدينية طوعاً أو كرهاً
-
:-على هامش -فتنة السؤال لماذا الشاعر دائماً حزين؟
-
رسائل تونسية نداء الى الجيش
-
لماذا التحريض على «ثورة ثانية إسلامية»؟
-
إقطعوا الطريق على حمام دم في تونس
-
هل الغنوشي إرهابي؟
-
رئاسة الغنوشي خطر على - النهضة- وتونس معا
-
على هامش : -فتنة السؤال- لقاسم حداد:أزمة الإبداع:الأسباب وال
...
-
بن بله:رائد قانون التبني
-
ماذا عن رواية خلق الكون و نظرية تكوّن الكون في الدين و العلم
...
المزيد.....
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|