|
5 فوارق بين المسلم و - الإسلامي -
مهدي الحبشي
الحوار المتمدن-العدد: 4069 - 2013 / 4 / 21 - 20:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بخلاف ما هو متعارف عليه كونيا، في أن الحقل السياسي تتجاذبه تيارات فكرية معروفة و محددة في : التيار اليساري الاشتراكي و التيار اليميني الليبرالي، قد تختلف فصائل هذه التيارات بين من هو محافظ و آخر تقدمي/حداثي ... برز لدينا تيار، معتنقوه لا يؤمنون أن الحقل السياسي حقل دنيوي أبعد ما يكون عن سجال الجنة و النار، اصطلح عليه اسم " التيار الإسلامي ". و لأننا مجتمع مسلم بغالبية أفراده، و لأن الوعي السياسي لدى هؤلاء الأفراد يغط في نومه، و الجهل يسرح و يمرح بيننا... فقد نجح أصحاب هذا التيار في إقناع شريحة واسعة بفكرة ملغومة و مسمومة مفادها أنهم يمثلون دين الإسلام في معترك اللعبة السياسية، و بأنهم أولياء الله الصالحين في هذا الزمن و خلفاء النبي، و أنهم التيار السياسي الوحيد الذي خلع عنه ثوب الآدمية و اكتسى بالقداسة الدينية و الملائكية ... و بالتالي فانه التيار الذي لا ينافق و لا يكذب و لا يسرق المال العام بخلاف التيارات و الأحزاب الأخرى. فلم يعد عقل المواطن البسيط قادراً على التفريق بين مصطلحين: " المسلم " و " الإسلامي "، و صار يعتقد أن الاثنين مرادفين لبعضهما، و هكذا إذن عشش في عقل هذا المواطن اعتقاد أن التصويت لغير هذا التيار يضر دينه و يغضب خالقه، و ربما هنالك من يعتقد أن في ذلك كفراً بالله قد يجر عليه عذاب الدنيا و عذاب القبر و الآخرة ... كل هذا نتيجة للحملة و البروبغندا الإعلامية الواسعة التي شنها من يسمون أنفسهم بالإسلاميين عن طريق وسائل الإعلام الخاصة بهم و التي أصبحت معروفة لدى الجميع و لا داعي لذكر أسمائها.
لكننا سنحاول من منبرنا البسيط تنوير الرأي العام عن طريق توضيح الفوارق الكبرى بين المسلم و " الإسلامي "، فليس كل مسلم بالضرورة إسلاميا، و لولا خوفي من الوقوع في خطئ التكفير كما يفعل الإسلاميون ذاتهم، لقلت أنه ليس كل إسلامي مسلماً. و قد حددنا الفوارق في 5 هي :
المسلم هو فرد يتخذ الإسلام ديانة له و يحدد إيمانه في شهادة أن لا اله إلا الله و أن محمد عبد الله و رسول الله. و يوقن أن الله وحده يعلم ما في الصدور، و انه سوف يحاسب كل فرد على حدا بناءاً على إيمانه و أعماله، و أن لا إكراه في الدين، و أن النبي كان يعامل الكفار و الكتابيين من يهود و نصارى بالتي هي أحسن. أما الإسلامي فهو فرد يتخذ الإسلام وسيلة للحصول على أكبر عدد من الأصوات مستغلاً العاطفة الكبيرة التي يكنها أفراد المجتمع لدينهم، كما أنه يحدد درجة إيمان الناس بطول لحيتهم. و يعتقد أن الله سوف يحاسبه بناءاً على درجة تدين أفراد مجتمعه، و لذلك تجده يهتم بتدين و مدى إيمان الآخرين و تكفيرهم و نعثهم بالفسق و الفجور أكثر من اهتمامه بتقوية إيمانه الشخصي و توطيد علاقته بخالقه، و يعتبر أن الدين إجباري و لذلك تجده سعيداً بفتاوى قتل المرتد و قطع رأس الكافر، أما الكتابيون و الملحدون فهم بالنسبة إليه بقر و عبيد لا أقل و لا أكثر، و كأنه هو من خلق الله و هم من خلق الشيطان، يحل له سبهم و قتلهم و سبي نسائهم و استعباد بنيهم. فالمسلم إذن يتخذ الدين سبباً ليتبوأ مقعداً من الجنة، أما الإسلامي فيتخذه سبباً ليتبوأ مقعداً من البرلمان.
مثل المسلم الأعلى، هو الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم و مرجعيته الأخلاقية : القرآن الكريم و السنة النبوية العطرة، أما الإسلاميون فقد حصل بينهم اختلاف، فإذا كانوا سلفيين متشددين كان مثلهم الأعلى أسامة بن لادن و محمد عبد الوهاب، و إذا كانوا "معتدلين" كان قدوتهم جمال الدين الأفغاني و عبد الرحمان الكواكبي، أما إذا كانوا صوفيين كان نبيهم هو الشيخ ياسين. أما مرجعيتهم الأخلاقية فهي تصريحات و فتاوى شيوخ الفضائيات و القصور و الأنظمة من جزر و قتل و تكفير.
يؤمن المسلم بمبدأ الإسلام الأسمى في الوسطية و الاعتدال و يهتم بتحسين سمعته بين الآخرين قصد إدهاشهم بقيم الإسلام السمحة و أخلاقه و اعتداله و غياب العنصرية عنه، و بالتالي يصبح قادراً على التأثير فيهم و جذبهم لاعتناق هذا الدين الحنيف، و يعتمد في الدعوة إلى الله على الآية الكريمة " ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" صدق الله العلي العظيم. أما الإسلامي فهو لا يدري حتى أن دين الإسلام دين وسطي و معتدل، فهو شخص متطرف حاقد كاره لكل من يخالفه الدين و الأفكار، لا هم له إلا تكفير الآخرين و التطبيل لفتاوى التطرف و الإرهاب و الكراهية، كأن هدفه تنفير الغير و تشويه سمعة و سماحة الإسلام. في دعوته يعتمد على نفس الآية، إلا انه ربما أساء حفظها أو أساء دماغه فهمها أو استعصى عليه استيعابها فأصبحت " أدع إلى سبيل ربك بالسب و الشتم و جادلهم بالتطرف و التعصب، انك أنت تعلم من ضل عن سبيل ربك و أنت أعلم بالمهتدين" تعالى الله عن ذلك كثيرا.
ينظر المسلم إلى المرأة على أنها أخت، و أم حملته وهنا على وهن مدة 9 شهور، و زوجة صالحة تسهر على راحته و تربي أبناءه و تحرص على بيته في غيابه، و تشاطره نفس الهموم و تشاركه تدبير شؤون البيت و الأسرة... و أنها بنت إذا أصلح تربيتها كانت مصدر أجر له حتى بعد موته، و يعامل المسلم النساء بناءاً على وصية النبي في حجة الوداع: " رفقاً بالقوارير " و " استوصوا بالنساء خيراً ". أما الإسلامي فينظر إليها على أنها فتنة و عورة و ذات عقل ناقص، و إذا كانت زوجته اعتبر خروجها من البيت عاراً عليه و على دينه، و استباح لنفسه ضربها بل أن هناك فتاوى تنظم عملية الضرب هذه، و رأى فيها مجرد متاع و ملكية خاصة به لا أقل و لا أكثر، و إذا كانت ابنته رفض تعليمها و تنويرها و إذا كبرت زوجها لمن أحب هو.
باختصار، المسلم حينما يفكر يعتبر نفسه إنسانا قبل كل شيء، لدى فهو يفكر لمصلحة البشرية جمعاء ثم لمصلحة إخوته في دين الإسلام ثم في طائفته ثم في عائلته ثم في نفسه أخيراً، فهو يملك عقلاً سليماً، فكر فوجد أن الله خلق الناس شعوباً و قبائل لتعارفوا، و جعل الناس بأديان مختلفة ليعيشوا في تكامل و تناغم، في حين أن الإسلامي يعكس الترتيب فيفكر في نفسه أولاً ثم في حزبه ثم في طائفته و اذا بقي له مجال يفكر في مجتمعه و المسلمين إخوانه... و يعتقد أن الله خلق الناس شعوباً و قبائل لتناحروا و اقتتلوا و انعزلوا عن بعضكم البعض.
ختاماً، حتى مصطلح " الإسلامي " الذي يطلقه هؤلاء على أنفسهم ينبغي التحفظ عليه، ففي حروف الإسلام يوجد كذلك السلام، و هم أبعد ما يكون عن السلام، كما أن الفرق واضح بينهم و بين المسلمين، فاستناداً للآية الكريمة " مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ " فقد سمانا أبونا إبراهيم مسلمين و لم يسمنا إسلاميين، و بناءاً على ذلك ينبغي على هؤلاء ان ينزعوا عن أنفسهم ثوب القداسة السماوية، و ينزلوا إلى الأرض ليمارسوا السياسة بقواعدها الإنسانية.
#مهدي_الحبشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصيبة اسمها : الجهل.
-
هل صحيح ان الديموقراطية هي الحل ؟
-
نقد اليسار المغربي من الداخل
المزيد.....
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|