الاتصال بالارواح وتحضيرها.
طريف سردست
2013 / 4 / 17 - 18:33
تحضير الارواح
مسألة وجود الارواح من عدمه يمكن نقاشها الى مالانهاية. عصبة صغيرة من الناس تدعي انها رأتهم. على العكس، وبكل ثقة، نعلم بوجود بشر يدعون القدرة على تحضير الارواح أو الاتصال بها. أحدى الادعاءات الكلاسيكية عند محضري الارواح هو القدرة على الاتصال بالاموات والقيام بعملية الوساطة بين الميت واقربائه الاحياء، الذين سيدفعون الاجرة.
في النصف الثاني من السبعينات التقيت بثابت الآلوسي في صوفيا، شخص عراقي، مصاب بالتحدب والقصر. كان يملك جواز سفر مسجل فيه ان المهنة محضر ارواح، على الرغم من الغاء هذه المهنة في العراق. أستغل الالوسي " مهنته" على الاخص للايقاع بالفتيات. كان يزور الدوائر الصحية البلغارية للعلاج مجانا ويتلذذ بدفع الممرضات والطبيبات للبكاء شفقة عليه. في احدى المرات استطاع اقناع فتاة التنظيف في الفندق ان بأستطاعته احضار روح صديقها الذي يعمل بحار. بعد ساعة خرج الينا من غرفته وهو يشتم واثار صفعة على وجهه، ليخبرنا ان " الكحبة" صفعته وهي خارجة لانه ودعها بضربة على مؤخرتها. استغرب تصرفها وسألها مستنكرا لماذا صفعته، وقد مارس الجنس معها منذ لحظات؟ اجابته، لم أنم معك وانما مع روح حبيبي الذي تجسد فيك. اما بعد انتهاء الجلسة فلم تعد روح حبيبي متجسدة فيك، ولذلك لايحق لك ان تلمسني. ثابت الآلوسي اصبح محضر ارواح وقارئ طالع ومنجم مشهور في لندن، وله علاقات مع الامراء والسلاطين، حتى مات قبل فترة قصيرة.
عند محاولة أجراء بعض التجارب العلمية للتحقق من صحة قدرات الوسطاء الروحانيين، تظهر صعوبات خاصة. الاتصال الروحاني الزائف يُبنى على العديد من التراكيب التكنيكية للتحكم بالامر واجراء الخداع السمعي والبصري. لهذا السبب لايجوز للوسيط ان يحصل على معلومات مسبقة من زبونه قبل او اثناء قيام الجلسة. الاختبار يجب ان يكون أعمى تماما. كل مايصدر عن الزبون " ليس روحي" وهي معلومات ستؤثر على النتائج. العمر والملابس و الحلى ووصف الجسم وطريقة ردات الفعل او الجواب المباشر على الاسئلة هي الوسائل التي يستخدمها الوسيط المخادع لايهام زبونه بقوته الروحية وقدرته على التعرف على الخصائص الشخصية لشخص مجهول له، بل وميت.
صعوبة ثانية ان مايطلقه الوسيط من أقوال عادة تكون صحيحة على العموم وشائعة من السهل القيام بها ومن السهل الايمان بها ولكن من الصعب التحقق منها.
مثلا هناك فرق كبير بين القول:" انا اشعر بوجود جدة" وبين القول:" انا ارى قزماً أسمه القادر". في الحالة الاولى، على الاغلب، الكثيرون سيشعرون ان الوسيط قد قال شئ له معنى، بالمقارنة بالتعبير الثاني. غير ان هذه المعايشة، في ذاتها، لاتقول شيئا عن حقيقة قدرات الوسيط.
الصعوبة الثالثة ان هناك ميل لدى الزبون/ الزبونة، لمعايشة الامر من خلال الاطار الذي حشاه اهل التحضير في رأسهم، ان ماينقل عن الارواح هي اقوال تقال لاول مرة، ومخصوصة لهم وحدهم، لايفهمها أحد غيرهم. بناء على ذلك يصبح التقدير شخصي وذاتي للغاية وغالبا ايجابي وليس حيادي. في هذه الاحوال يسعى المرء غالبا للتتطابق الاقوال مع تمنياته، بما فيه بدون وعي، لكونه كان متشوقا ان ذلك ممكن وسيحدث، اي لكونه مؤمن به مسبقا. هذه الظاهرة معروفة ومختبرة. مثلا ان يقال ان " والدك كان شخصا طويلا"، تستقبل بالقبول غالبا، على الرغم من ان الوالد كان متوسط الطول. القضية ان الوالد يمكن ان يكون طويلا بالمقارنة بالوالدة، مثلا.
تجارب التحقق من الاتصال الروحي
البسكولوجيين الانكليز Ciarán O’Keeffe and Richard Wiseman قاموا، عام 2005، بعمل اختبار تفادوا فيه الصعوبات الثلاثة. لقد قاما بأختبار ثلاثة وسطاء ارواح مفوضين وجعلوهم يقومون بأجراء جلسات معصوبي الاعين مع ثلاثة زبائن. وحتى الزبائن كانوا من العميان، بما يعني انهم لم يروا الوسطاء. فيما بعد سمع الزبائن اقوال الوسطاء بدون ان يجري اعلامهم بأي منها مقصود بها كل واحد منهم على التخصيص. بعد ذلك قاموا بوضع درجات لمقدار صحة اقوال الوسطاء مع حياتهم وحياة اقربائهم. بمعنى اخر فيما إذا كان الكلام، الصادر عن اي من الوسطاء، قد اصاب هدفه وانهم هم المعنيين به. بالمجموع جرى تحضير 25 جزء من الاقوال، كل واحد منها جرى تقديره من قبل الزبائن. بالاختصار في جميع الحالات عدا واحدة، حصل الوسطاء على درجات عالية من المصداقية من جلساء لم تكن الاقوال موجهة اليهم. في النتيجة واحد من مجموع 125 تقدير أصاب هدفه. غير ان الفروقات كانت موزعة بأنتظام بما يشير الى ان الصدفة هي التي تحكمت بالتوزيع، كما هو متوقع.
وقد لوحظ بوضوح ان الوسطاء الروحانيين الذين قدموا معلومات اكثر حصلوا على نقاط اعلى بالمقارنة بالذين وفروا كلماتهم، وكلما تمسكوا بالعموميات والاقوال الضبابية في تصويراتهم كلما ازدادت مصداقيتهم عند الزبون.
يتبع.. الحقل المغناطيسي