أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - مشاهدات بغدادية / 7 قانون المرور















المزيد.....

مشاهدات بغدادية / 7 قانون المرور


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 4062 - 2013 / 4 / 14 - 22:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشاهدات بغدادية /7

قانون المرور


لم تعد { افعل التفضيل } تتحكم بالمدونة القانونية ولا بنظرة الناس الى العدالة التي كانت سائدة في الحضارات الزراعية السابقة . أدخلت الحضارة الصناعية قوانين جديدة لتنظيم الشأن العام لا امتياز فيها لدم أزرق أو لسلالة تدعي هبوط اصلها من السماء . من بين هذه القوانين قانون المرور الذي تشير لغته الخالية من أفعل التفضيل { الأفضل ، الأعدل ، الأطهر ..الخ } الى نزوع الى المساواتية في التطبيق .. يفرض منطق { أفعل التفضيل } افساح المجال أمام مرور مواكب الامراء والسلاطين او مواكب من يليهم في السلطة ، في حين استطاعت التكنولوجيا بابتكار واحد ان تفرض المساواة { في الوقوف أمام الضوء الاحمر} بين سيارة العامل وسيارة رئيس وزراء بريطانيا . مات عالم { أفعل التفضيل } في البلدان الديمقراطية . وموت العوالم يرتبط باختفاء طريقة في تنظيم الحياة وحلول اخرى محلها . كان العالم القديم يستوحي طرائقه في تنظيم شأن الناس العام من ثنائية : الاحرار / العبيد ، ثم فرضت حركة المجتمعات الصاعدة اقتصادياً وتكنولوجياً طرقاً في تنظيم الحياة مستوحاة من نظرة جديدة الى الانسان ، سقطت فيها ورقة التوت عن الحجج الواهية التي كان يغلف بها السادة امتيازاتهم على حساب عوام الناس الذين هم في رأيهم أدنى منزلة . للتكنولوجيا منطقها الخاص الذي لا يتحرك بأوامر من سلطان الامتيازات ، بل على اساس من الموضوعية التي تعبر عن نفسها بأشارات مرور لا تفرق بين حاكم ومحكوم ولا بين رئيس العمل وبين العامل في مصنعه .الكل سواسية أمامها وقوانين المرور في ذلك تشبه الكهرباء التي توزع النور بالقسط بين ساكن القصر وساكن الكوخ ، أو كما في تكنولوجيا النقل الذي يتم فيها استقبال المقاعد للناس اعتماداً على تذاكر السفر وليس على اساس اصولهم الاجتماعية ، وقفزت تكنولوجيا الاتصالات { في تلقي المعلومات وارسالها ، وفي اختراع اماكن تفوق في سعتها الاماكن الواقعية في الخزن والاتصال } بمضمون العدالة الى آفاق عالمية متجاوزة توصيفات وحجج الفلاسفة والفقهاء التي ما زالت تدور في افق جماعة ذات انتماء ثقافي او مذهبي واحد .. وكل هذه الظواهر جاءت الى الوجود أو اخترعتها حاجات مجتمع جديد هو المجتمع الصناعي الذي ترتبط ولادته بولادة حضارة جديدة تدور حول محور حضاري جديد هو الآخر : هو محور التصنيع . عدم وجود قانون للمرور في دولة ما ، يوحي بأن الدولة المعنية تعيش على تنظيمات سابقة لحضارة التصنيع : أي بلا تخطيط ، وحين يغيب التخطيط يصبح التدافع على كل شئ هو القانون : من المناصب الحكومية ، الى احتلال الارصفة وافتراشها بالبضاعة ، الى بناء العشوائيات والحواسم ، الى فتح حدود البلاد امام كل سلعة مستوردة بلا معايير، ويكون الفساد واللاشفافية هما السمتان الابرز من بين سماتها . لا توجد قوانين للمرور مطبقة في العراق ، وهذا ما يطرح السؤال عن السبب . هل لأنها عادلة ؟ لقد رأيت المسؤول بأم عيني يهين هذا القانون العادل . فكيف اصدق بان العدالة ستكون نبراسه الذي يهتدي به في الدائرة الحكومية المسؤول هو عنها ؟ خلو مدن العراق من قانون ينظم المرور مرده أولاً : الى كونه قانون عالمي يطبق في شمال الكرة الارضية مثلما يطبق في جنوبها ، ونحن لنا { اصالتنا وهويتنا } التي لا نريد لها ــ لو طبقنا هذا القانون ــ ان تذوب في هوية عالمية لا ملامح لها { أي لا امتياز فيها لطبقة او لفئة او لحاكم أمام قوانين المرور } اذن ، للحفاظ على هويتنا ، من الضروري ان لا نطبق هذا القانون { الامبريالي الصهيوني } ، وان ندع الجميع : البشر والحيوانات والعربات يمرحون على هواهم في الشوارع والساحات . الثاني : انه لو طبقنا قانون المرور فمن المؤكد ان تقل هيبة الحاكم والحكم ، ونحن في بلد يقوم النظام فيه على الهيبة . حيث يتصور الجميع بمن فيهم رؤساء الاحزاب التي تدعي المعارضة ، وزعماء النقابات والاتحادات ، ومنظمات المجتمع المدني ، وكل الوزراء ، وكل من يشغل وظيفة مديرعام ، وكل من شمله قانون البلاد بمخصصات حماية .. الخ بأن لا هيبة للحكم وللحاكم ، من غير امتيازات تبيح له الاخلال بالقوانين والتجاوز عليها ، والتطويح بها وتمريغها في التراب ...

2 ــ

يتحدث الناس عن جثث في منتصف النهار وليس في منتصف الليل ، أصحابها ضحايا لجرائم اغتصاب ، وجرائم غسل عار ، وقتل علني لمخطوفين في رابعة النهار . هذا ما اسمعه من حكواتيين في المقاهي الشعبية ، وفي وسائط النقل العامة . لا أدري ما أذا كان هؤلاء الرواة مدفوعين بنرجسية عالية تدفعهم الى جذب الانتباه اليهم ، ام انهم يروون حقائق . فهؤلاء الحكواتيين يتميزون بقدرة عالية على شد الانتباه اليهم من خلال رواية تفاصيل دقيقة لكيفية وقوع تلك الجرائم في أمكنة يعرفها البغداديون من المستمعين في " الكيات " ، فتند عنهم آهة ، أو صرخة ، أو تساؤل . وغالباً ما ترافق ردود أفعالهم حركات عصبية ، وتعابير متجهمة لتقاسيم الوجوه . هذه الحكايات تروي جرائم يُنفذها أبطالها والشمس عالية . أذن ثمة احداث تجري لا ترويها الرواية الرسمية ، وجرائم تحدث في وضح النهار تغطي عليها الرواية الرسمية.. هنالك بون شاسع بين الرواية الرسمية الخالية من الاثارة والتشويق ، وبين الرواية الشعبية المليئة بالأسى والشجن . تتحدث الرواية الرسمية عن ارقام لجثث تم العثور عليها في حاوية للزبالة ، أو تحت جسر ، أو طافية في نهر هذه المدينة او تلك . وتتحدث الرواية الشعبية عن عدم يقظة وعن لا أبالية من قبل الجهات المسؤولة ، يقولونها بطريقة توحي بالأسف وربما بالندم . تختزل الرواية الرسمية هذه الجرائم الى خبر عادي ، يتضمن رقماً لعدد من الجثث مجهولة الهوية ، تنشره في اسفل صفحات ألوفيات ، او تذيعه في آخر نشرات الاخبار . هذه الطريقة لا تساعد الاهالي على معرفة مصائر المفقودين من بناتهم وابنائهم . ماذا يعني بالنسبة للمشاعر الملتهبة ذكر الجرائم على شكل ارقام لجثث طافية في ماء نهر ، أو تم العثور عليها في حاويات وقد تناهشت القطط والكلاب السائبة بعض اطرافها . جثث لا يتعرف اليها أهاليها : لأنها فقدت من طول مكوثها في الشمس أو في الظلام الكثير من معالمها وتقاسيم وجوهها . فقدت رائحتها البشرية المعتادة ، وصارت تفوح برائحة لا تعريف لها . هنالك اذن جريمة تروي وقائعها الناس في لقاءاتهم السريعة في باصات النقل العام ، في تجمعاتهم في المقاهي الشعبية ، في وقوفهم في المساطر وهم يعرضون قوة عملهم ، وقد يهمس بها صاحب الدكان الى جاره ، والمرأة الى جارتها ، وكل ذلك يشير الى رائحة منتشرة في الجو تحكي عن جرائم تحدث في وضح النهار ، مختلفة الاسباب والدوافع ، من غير ان تتمكن من نقل اسماء مجرميها ، أو تحديد ملامح هوياتهم . انهم يشبهون ضحاياهم في غياب الملامح المحددة والقسمات ، ولذا لا يُستدل عليهم ... لا أتحدث هنا عن كاتم الصوت من المسدسات التي يسقط ضحيتها وهو يتحدث الى زميله ، أو يميل رأسه فجأة على كتف صاحبه مغطىً بالدم ، فينتفض مرافقه من المفاجأة ومن هذا الخطف السريع لأرواح الضحايا البشرية التي كانت قبل ثوانٍ معدودة تخطط لحياتها ، ولا أتحدث عن ضحايا القتل على الهوية الذي تمارسه ميليشيات موجودة تدعي الدفاع بهذه الافعال الوحشية عن طوائفها . كما لا يشمل الحديث هنا ضحايا التفجيرات والمفخخات التي يتقاسم الجو الثقافي العام المشحون بأوهام { الفرقة الناجية } مسؤوليتها مع الحكومة ، انما اتحدث عن مجرمين هم من صناعة خاصة : يجمع الناس على وجودهم ، ولكنهم يعجزون عن تحديد ملامحهم ، يهبطون من سياراتهم ملثمين على مرأى من السيطرة القريبة وهم يسوقون الضحية أمامهم ... غالباً ما ترفض السيطرة القريبة من مسرح الجريمة التدخل لمنع ارتكابها بحجة ان ذلك المسرح يقع في ما وراء المنطقة المسؤولة عن حمايتها ..حرص السيطرات اذن على تحديد المساحة المسؤولة عن حمايتها بالسنتيمات اكبر بما لا يقاس من وقوع الجريمة ...



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى ميلاد الحزب الشيوعي العراقي
- في ذكرى ميلاد الحزب الشيوعي
- مشاهدات بغدادية / 5 الكرد والوعي الامبراطوري
- مشاهدات بغدادية / 6 أفكار حول الاقتصاد العراقي
- الانتخابات المحلية
- لقاء سياسي
- هل ذهبتم الى هناك ؟
- مشاهدات بغدادية 4 قناة حوار التونسية وبيع البقدونس
- النائب الذي كسر مألوف البرلمان العراقي
- حول مقال : الكرد مع الدولة
- مشاهدات بغدادية 3 سعدي يوسف والمنفى
- بانتظار قرار الحكومة الكبير
- مجرد رأي
- مشاهدات بغدادية 1 وأخيراً غرقت بغداد
- دم في ساحة المظاهرات
- مشاهدات بغدادية 2 لماذا تحول العراق الى مسخرة ؟
- وزراء العراقية
- قضاء الرفاعي
- أنا الطائفي الوحيد
- بين المالكي والاعرجي


المزيد.....




- تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
- ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما ...
- الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي ...
- غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال ...
- مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت ...
- بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع ...
- مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا ...
- كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا ...
- مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في ...
- مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - مشاهدات بغدادية / 7 قانون المرور