|
« فدرلة سوريا....الخيار الأمثل »
دارا كوردو
الحوار المتمدن-العدد: 4058 - 2013 / 4 / 10 - 01:17
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
« فدرلة سوريا....الخيار الأمثل »
منذ أن تم طرح فكرة "فدرلة سوريا"من قبل الكرد ولجميع مكوناتها، كمفهوم جديد في الخطاب السياسي السوري، تقابل هذا المطلب بسلوك سياسي و ردة فعل بشكل إنتقامي من قبل بعض الشخصيات البارزة في الواجهة السورية المعارضة والمؤيدة معاً "بدءاً من بشار الأسد، الى هيثم المالح وعبد الحليم خدام، عدنان العرعور..وآخرون" على أنه"مطلبٌ كرديّ"يدعوا للإنفصال وليس مصطلحٌ عالميّ معاصرٌ إتحاديّ في ماهيته!، بقولهم بين: "نعم/لا نسمح بفيدرالية كردية في سوريا" كأنّ هناك دولاً كردية داخل سوريا وهي بصدد تشكيل كيانٍ إتحاديّ،أو أنّ هناك دولة كردية كبيرة قائمة مثل الإتحاد السوفياتي أو الهند سابقاً!، وهي بصدد تفكيك نفسها الى عدة دويلات إدارياً و أقاليم اتحادية!، بهذا اللغط و التشويه المتعمد في أراء ثلة من السياسيين"القوميين" بربط الفيدرالية بال"كُرد"، هي إهانة لشعبٍ مسالم و تشويهٌ لمصطلحٍ مطبّق ومتداول بشكلٍ كبير في الفكر السياسي المعاصر، محاولة منهم بإستغراب و إنكار حق الشعب الكردي وتمريره بلغط متعمد داعمين بآرائهم لبناء رأي سوريٍّ عام مبنيّ ومسند على رأي سياسي أكثر مما هو مبني على شيئ واقعي عن هذا المصطلح في عدة نقاطه. - أولاً: المطلب الفيدرالي هو مطلب اتحادي وليس "انفصالي، تقسيمي،بل يدعوا لتحسين و تجويد أداء الكيان الموحد وليس خراباً وهدراً للثروة الوطنية، فيجب أن يتشارك كل المكونات السورية"العرقية، المذهبية"في بناء دستورٍ يضمن حقوقهم ويحدد واجباتهم تجاه الدولة الإتحادية وتجاه بعضهم البعض،كي تبقى سوريا موحدة"الجمهورية السورية الإتحادية أو الفيدرالية" كما يحلم بها الجميع على مبدأ تعايش سلمي مشترك لكافة الأقليات السورية وتحقيق عدالة جماعية متجاوزين بها إشكالية التسمية "العروبية" لسوريا، فالتسمية في الدولة الفيدرالية تعتمد على نظام أو أنظمة الحكم السابقة، "الجمهورية المتحدة" (العراق، فرنسا)، الجمهورية الفيدرالية(برازيل)، الولايات المتحدة (أمريكا)، "المملكة-الإمارة المتحدة"(ليبيا- بريطانيا- الإمارات العربية). -ثانياً:"الفيدرالية" كمصطلح، مفهومٌ ديناميكيّ على الصعيدين(الداخلي والخارجي) متعدّدٌ، عائمٌ، مفتوح، كنظام سياسي إداري يعتمد على مبدأ فصل السلطات الثلاث "التنفيذية، التشريعية، القضائية" يلائم أية دولة ليعطي نوعاً مميزاً من الديمقراطية الممثلة حسب جغرافيتها الإقليمية و توزعها الديمغرافي المصطفّ "قومياً، عرقياً، مذهبياً" ويُعبر عن حالة إتحاد بين طرفين أو أكثر، والإنتقال بها من دولة بسيطة الى دولة مركبة "إتحادية" أو حالة تفككٍ لدولة كبيرة الى دويلات إتحادية، بتوسيع إدارات كل إقليم ليدير نفسه بنفسه تحت المظلة السيادية للدولة الإتحادية و التي تتنازل عن جزء من مهامها دون صلاحياتها الى الأقاليم، وإحتفاظها بكل صلاحياتها السياسية تجاه الخارج والسياسة الإقتصادية تجاه الداخل وبعض الأمور الرئيسية، الجمارك والتجنيس وما الى ذلك ، فكلّ إقليم يتمتع بحكمٍ فيدراليّ أرقى من الحكم الذاتيّ المفرد بموجب كِتاب دستوري يُخضِع الحكومات المحلية للسلطة المركزية، و العكس يعني نقصاً لسيادة الدولة الاتحادية على الصعيد الداخلي مقارنة بباقي الأقاليم وأيضاً على الصعيد الخارجي. - ثالثاً: و بالنتيجة عن لفّ المصطلح بغُبن من الأعلاه ذِكرهم، ثمة خلط شديد في الأوساط السورية العامة بين النظام الحكم "الفيدرالي" كغطاء شامل لآلية عمل الحكومات المركزية والمحلية و بين "اللامركزية" كعلاقة التي تربط المكونات، مقاطعات، الأقاليم، الكانتونات، الولايات، الإمارات، بالحكومة المركزية، والتقسيم و الإنفصال، حيث يمكن للنظام الحكم أن يكون لامركزياً دون أن تكون الدولة فيدرالية كما كانت سوريا أثناء الانتداب الفرنسي عام 1920 "اتحاد دويلات السورية، بشكل طائفي وغير مطبق على جميع المكونات السورية، إنما فقط إقتصر على الدُروز والعلوية" فهي ليست تقسيما أو انفصال أو نقص من سيادة الدولة، ولا تستدعي اتهامها بالخيانة و ما شابه، و كلما كانت درجة المرونة بين الحكومات المحلية والحكومة المركزية قوية كان النظام الفيدرالي أكثر لامركزية والعكس صحيح. بالإضافة، فهو مفهوم قديم و حديث إنتشر بكثرة وتم تداوله أول مرة في التاريخ المعاصر في أمريكا عام 1973 بمؤتمر فلاديلفيا، وثلث بلدان العالم "الأوّل" المتقدم يُطبق هذا النوع من نظام الحكم، و أرقى صوره تتبعه سويسرا بعد أن عانت حرباً أهلية بين البروتستانت والكاثوليك. -رابعاً: عندما يتحدثون عن الفيدرالية في سوريا بصكٍ كرديّ و يشيدون بالنموذج العراقي و يسقّطون تلك التجرية على الواقع السوري "يقعون في خطأ كبير فيناهضون ويسعون الى إجهاض نظام حكمٍ لم يولد بعد، النموذج العراقي الفريد الغير المكتمل، لا يمكن أن يكون مثالاً يحتذى به في ظل الأنظمة والأمثلة العريقة والمشيدة بالنظم الفيدرالية "الهند، سويسرا، أمريكا، الإمارات العربية...إلخ" فإن ضعف و هشاشة الحكومة المركزية العراقية وارتباطها بإيران أعطى حقاً شرعياً لكل إقليم(سني، تركماني، كردي)أن ينظر الى قضاياه من منظوره الخاص مثلما ترى الحكومة المركزية المسيطر عليها من قبل الشيعة، و النجاحات المتميزة لحكومة إقليم كردستان العراق جعلتها تبدو كدولة داخل دولة، و هذا ما يعطي إنطباع سيئ عن الحكومة المركزية كفرد دولي ضعيف، منقسم، منقوص السيادة مقارنة بباقي التجارب العالمية، ليس لإقليم كردستان العراق ذنب بهذا الشيئ، و ليس بالضرورة أن يكون وضع الكرد في سوريا كما هو الحال في النموذج العراقي، و تنبني اللامركزية لا يعني حق تقرير المصير لمكون "الكردي وحده" بقدر ما هو حق تقرير لمصير سوريا، على شاكلة أخوانهم في العراق و لا يجب أن يكون هناك هواجس آنية جاهزة لدى السياسين، بأنّ الكرد في سوريا لديهم قابلية الإندماج مع إخوانهم في دول الجوار لعدة أسباب، تتعلق بمصالح كل إقليم كردي مع حكومات دول الجوار "تركيا، إيران، العراق، سوريا" و هي حقيقة ذكرها رئيس حكومة إقليم كردستان العراق أكثر من مرة، بأنّ مصالح دول الجوار مع حكومة إقليم كردستان العراق تُبقي الحالة الكردية و توازناتها في المنطقة مستقرةً بشكلٍ أكثر فيما لو كانت حكومة إقليم في حالة شراكة مع باقي الأقاليم الكردية المجاورة. - خامساً: هناك واقع يجعل من الفيدرالية كنظام ضرورة، عندما يقوم نظام حكمٍ ما بتهميش بعض أقاليمه على حساب الآخرين منها، و بوجود تنافس حساس بين مكوناته فيما يخص جغرافيا، تاريخ أو قومية في إدارة سيئة لأزمتهم أوللبلد بشكل غير متوزان "يقود بالشعب الى ثورة أوحرب أهلية" مثلما إهتم النظام السوري سابقاً بالساحل،الخاص بمكونٍ واحد وتهميش الأقاليم الشرقية الجنوبية والشمالية، الغنية بالموارد الطبيعية، ونصب لكل مكوِّنٍ مكوَّناً آخر مضادِ له لصهر الثقافات الأصلية، حيث لايزال نتائج هذه الممارسات الموقوتة، المكبوتة لم تنفجر بعد، قد تؤدي الى حروب و نزاعات أهلية بين المكونات السورية،التي بالنهاية سترى بأنّها مضطرة على تطبيق نظام فيدرالي كما حدث في كل دولة التي قامت بفدرلة نفسها بعد نزاعاتٍ وحروبٍ أهلية (الولايات المتحدة الأمريكية عام 1787 والاتحاد السويسري 1874 وجمهورية ألمانيا الاتحادية 1949 المكسيك 1857والأرجنتين 1860 و البرازيل 1891 وتشيكوسلوفاكيا سنة 1969...على سبيل مثال لا حصر. - فالأوساط السياسية السورية بكل مكونات المعارِضة مطالبة ببذل مزيد من الجهد في إقامة مؤتمرات وندوات ثقافية لنخب المفكرة الداعية للفيدرالية، كي تقرّب صورة هذا الشكل من الحكم للجمهور وتشكّل لديهم قناعة واعية وكافية بمدى إمكانية تطبيقه في سوريا وإشاعة التعددية السياسية والمشاركة الحقيقية والفاعلة في كيفية تقرير مصيره كنظام حكمٍ مناسبٍ له. - خلاصة القول، لقد كان مطلب الفيدرالية عراقياً طلباً كردياً بعد غزو العراق للكويت عام1992،ها هو يتكرر في سوريا على يد الكرد ثانيةً مطالبين بضرورة أن تبقى سوريا دولة معاصرة اتحادية بعيدة عن شبح التقسيم ويرفضون نظاماً شمولياً قد يأتي على أنقاض نظام الأسد المركزي الشمولي "كأقصى تعبيرٍ معارضٍ منهم" لذا فما على الحكومة المركزية سوى أن تُشعر السوريين جميعاً بأنهم متساوون حقيقةً في الحقوق والواجبات.وأخيراً(كلمة لا بدّ منها، "الإنهيار الذي تشهده الدولة القطرية المحكومة بأنظمة شمولية في الشرق الأوسط لا يعوّض أو يعاد بنائها إلا بنظام ديمقراطي تشترك فيه كل المكونات في بناء الدولة الجديدة القائمة على أنقاض الانظمة الشمولية التي يستحيل أن تكون نظاماً مستقبلياً بعد هذا الكم من الفساد والعبث والقتل لكافة المكونات، وعلى أساس تعددي سياسي ومبدأ التعايش السلمي المشترك لجميع المكونات، فكيف يمكن لنظام شمولي أن يحكم العلمانّي والسلفيّ والعلويّ والسمعوليّ والدرذيّ والكرديّ والتركمانيّ وآثوريّ الأرمنيّ..."؟!.فلماذا تتهمون مَن يدعوا الى بناء كيان إتحادي بال"خيانة"، ترفضون الفيدرالية، "ترفضون السلطة واللاسلطة"، عجبي ماذا تريدون إذاً؟!"). *أهدي هذا المقال الى كل إنسانٍ مؤمنٍ بثقافة التعايش السلمي. دارا كوردو- كوردي سوري
#دارا_كوردو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
«عسكرة المرأة الكردية» و«حزب الإتحاد الديمقراطي»
المزيد.....
-
وزارة الصحة اللبنانية: مقتل 13 شخصًا جراء غارات إسرائيلية ال
...
-
زيلينسكي يتوقع الحصول على مقترحات ترامب بشأن السلام في يناير
...
-
مصر تتطلع لتعزيز تعاونها مع تجمع -الميركوسور-
-
زالوجني: الناتو ليس مستعدا لخوض -حرب استنزاف- مع روسيا
-
أكبر الأحزاب في سويسرا يطالب بتشديد قواعد اللجوء للأوكرانيين
...
-
استطلاع جديد يوضح بالأرقام مدى تدهور شعبية شولتس وحزبه
-
الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ
...
-
هل تشعر بالتوتر؟ قد يساعدك إعداد قائمة بالمهام في التخفيف من
...
-
النيابة العامة تحسم الجدل حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد
...
-
نتنياهو: التسريبات الأخيرة استهدفت سمعتي وعرّضت أمن إسرائيل
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|