أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - من يزرع الشر في أنفسنا ( 2 - 2 )















المزيد.....

من يزرع الشر في أنفسنا ( 2 - 2 )


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4057 - 2013 / 4 / 9 - 09:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن أسباب نوازع الشر لدى الإنسان ربما تكون بسبب التربية الأُسرية أو النماذج القدوة في العائلة وبين الأقران ونوع الثقافة الذاتية ودور وسائل الإعلام والتي قد تنمي عامل الشر وتجمله وتوجد المبررات له كما تلعب الهوايات والإتجاهات دوراً واضحاً في تحديد نسبة تراكم الشر في النفس الإنسانية , ويلعب الأدب والفن في إثارة هذه النوازع أو خفضها الى الحد الأدنى فالإتجاهات الفنية للرسم والموسيقى قد تنمي الصخب والفوضى وقد تهذب النفس الإنسانية وترققها , فالموسيقى الهادئة والموسيقى الكلاسيكية تهديء الجهاز العصبي وتهذب المشاعر الإنسانية وتجعلها أكثر ميلاً الى السلام والهدوء , وهذا ينطبق تماماً على الفنون التشكيلية , أما الموسيقى التي تعتمد على الصخب تمركز الإحساس بالعنف والرغبة فيه وتستنفذ الطاقة الإنسانية المنتجة وترفع مستوى التشنج العصبي وتدفعه دفعاً الى العنف لذا يخرج الكثير من الشباب من أجواء الملاهي والموسيقى الصاخبة الى الشارع لممارسة العدوانية والفوضوية . ينطبق هذا وبحدة على دور فن السينما حيث تعتبر السينما حالياً كما وصفها أحد المخرجين الفرنسيين وهو ( كلود ليولوش ) بأنها ( أدب القرن الحادي والعشرين ) فهي قد تسمو بالنفس الإنسانية وقد تجعلها عنيفة ومدمرة , وما تفعله السينما في الغالب هو تنمية النوازع العُنفية والإنتقامية , وتصبح فكرة الإنتقام هي العقدة الأساسية في كل الحبكة السينمائية وتدور الكثير من القصص السينمائية والتي ينفذها الممثلون ويلعب الصوت والصورة واللون والحركة الجزء الفاعل في تحريك الرغبة الى العنف والإنتقام , وتؤثر خاصة في الأطفال والمراهقين حيث تُطبع أفعال وحركات الممثلين في ذاكرة الطفل والمراهق وفي مخيلته , ويساعد السيناريو المحبوك مع التجسيم الصوري واللوني على قوة الإقناع , كما يساهم أشكال الممثلين ووسامتهم والفوز الذي يحصل عليه المنتقم في النهاية على إقتناع المراهق بصحة ومبررات هذا العمل العنفي , ويقاس نجاح الفلم تكنيكياً وفنياً بمدى قدرته على إقناع المشاهد . وهذا ما تعتمد عليه معظم الدراما السينمائية والمسرح المعاصر والتقليدي وتبقى فيهما فكرة الإنتقام والثأر ولأسباب مختلفة إبتداءاً من مسرح ( شكسبير ) في مسرحية ( ماكبث ) أو ( الملك لير ) , وأفضل ما أنتجته السينما العالمية الكلاسيكية والمعاصرة تحمل فكرة الإنتقام وتروجها بغض النظر عن مدى رقي القصة المطروحة إبتداءاً من ( الأخوة الأعداء ) الى نماذج من السينما المعاصرة مثل :
Freaks
والذي يتحدث عن تشويهات خلقية للأقزام وفكرة الإنتقام المتأججة فيهم حتى أُصيبت بعض المشاهِدات بالإحهاض بسبب التشنج العصبي , وهناك الكثير من أسماء الأفلام التي تدور حول فكرة العنف والإنتقام مثل :
Dark man, Die hard , Marked for death , Bullet in the head , blood Fist
وهناك الكثير من الأسماء والتي لا حصر لها ولا جنسية لها , فهي تشمل كافة الجنسيات من الدراما الهندية والصينية الى الدراما الأمريكية والتركية .
لقد أثبتت التجارب العلمية على أن دماغ المراهق يختزن التجارب العنفية المُشاهَدة وقد يحولها الى فعل وتجارب حقيقية مطبقة إذا توفرت له الظروف والأسباب المشابهة لظروف البطل متصوراً بأنه سيفلت من العقاب أو سيُكافأ من قِبل المجتمع كما حدث للبطل .
إن الدراما السينمائية السيئة قد تؤثر على مستويات مختلفة كما حدث لبعض المثقفين والممارسين للعنف من السياسيين وحتى على بعض رجال الدين , فقد حدث أن قام بعض الرهبان بقتل عوائلهم بالكامل بحجة إنقاذ أرواحهم وتنقيتها , وكما يحدث ايضاً لكثير من الطلاب من مدمني أفلام ( الآكشن ) حيث يمارسون القتل الجماعي لزملائهم من الطلاب والمدرسين وقد يقوم بعضهم بالإنتحار بعد ذلك ولهذا قطعاً أسباب مساعدة وظروف إجتماعية وإقتصادية دافعة .
إن الدراما الأمريكية والأُوربية والتركية تعتمد على كشف صور وحالات مشوهة وإستثنائية وخطرة ثم تعممها فتصبح ظواهر إجتماعية فيصدق بها من يصدق من العقول الشابة والتي تفتقد الى الخبرة والمعلومات والتجارب الحياتية , ولو إطلعنا على مسيرة الدراما التركية لوجدنا أنها تصور المجتمع التركي على أنه مجتمع عنفي متخلخل لكنه في الحقيقة مجتمع تقليدي ومحافظ رغم التطور الحاصل في المجال الإقتصادي , ولرفع إيرادات هذه الدراما يظهر فيها الكثير من المنتقمين والكثير من اللقطاء والكثير ايضا من الضياع والفساد الإجتماعي وتجلب هذه الظواهر الإجتماعية للنفس الإنسانية وتجعلها تلهث وراءها لإكتشاف المجهول والإستمتاع بالتوفز العصبي والغريزي بسبب أحداث الفلم . إن عامل الإثارة هو عامل مهم من عوامل النجاح المادي في تجارة السينما . وتتبع الدراما العربية هذا الأسلوب ايضاً ولكن بشكل مخفف , فتكشف جوانب السوء والمظاهر الإجتماعية السلبية , ولا أدري لماذا لا يتم تسليط الضوء على الجوانب الخيرة والنبيلة في السلوك العربي لكي يجري تقمصها والإقتداء بها من قِبل الأطفال والشباب , ولست ضد كشف الظواهر الإجتماعية السيئة والمتخلفة في العالم العربي , لكن تسليط الضوء على الجانب الإيجابي والبديل لهذه الظواهر هو مدرسة بذاتها للشباب العربي , وخاصة إذا كان السيناريو محبوكاً ومقنعاً .
إن الظروف الموضوعية والأوضاع الإقتصادية والإجتماعية المحيطة بالفرد والجو السياسي العام كثيراً ما يدفع الى السلوك الإجرامي والسلبي , وإزدياد نسبة الفقر في العالم العربي والجهل وإنتشار البطالة قد يدفع بالكثير من الشباب الى ممارسة الإجرام واللصوصية , وتصبح الحالات الإستثنائية ظواهر عامة وهذا ما حدث في العراق ومصر وسوريا في العقود الأخيرة , فأين ما وجد الفقر تواجد الغضب , وأينما وجدت البطالة تواجدت اللصوصية وحالات السلب والنهب , وأينما وجد القهر الجسدي والنفسي تواجدت حالات الإغتصاب والتحرش الجنسي , كما أن إنعدام الديمقراطيات يؤدي الى تنفيس لممارسات وتجمعات إرهابية وعنفية , حينها يبتلع الشر الخير ويجذبه كقطب المغناطيس فتتهشم الكثير من القيم الخيرة وتنفصل عن النفس الإنسانية وتأتي حينها البدائل المشوهة , وتفقد في هذه الحالة مظاهر الخير قوتها لأن الإنسان ضعيف بطبعه أمام قوة السلاح والكسب السهل ويترافق هاذان الإثنان ولا يعود الإنسان السوي مقاوماً لقوة السلوك السلبي إذا أصبح ظاهرة عامة مدعوماً بالقوة إلا إذا إمتلك هذا الفرد القوة الذاتية للتمسك بالمباديء الطيبة والنبيلة .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يزرع الشر في أنفسنا ( 1 - 2 )
- المنظمات الإجتماعية العراقية ناشطة في الخارج مُغيّبة في الدا ...
- التحرش الجنسي في العالم والعالم العربي ( 3 - 3 )
- التحرش الجنسي في العالم والعالم العربي ( 2 - 3 )
- التحرش الجنسي في العالم والعالم العربي ( 1 - 3 )
- الطائفية ولعبة الشطرنج .
- شخصيات نسائية متفردة - 4
- شخصيات نسائية متفردة - 3
- شخصيات نسائية متفردة - 2
- وإنما الأُممُ الأخلاقُ ما بقيت ..... فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذه ...
- واقع الطفولة في البلدان العربية ( الجزء الثالث ) .
- واقع الطفولة في البلدان العربية ( الجزء الثاني ) .
- واقع الطفولة في البلدان العربية ( الجزء الأول ) .
- شخصيات نسائية متفردة
- الغضب الفردي والغضب المجتمعي .
- المرأة العربية المهاجرة الى أين ...
- سمفونية الشارع العربي .
- تأثير البيئة العراقية على نفسية الإنسان العراقي .
- العُنف ضد المرأة .
- أن تسمع للآخر أم حوار الديناصورات .


المزيد.....




- العثور على قط منقرض محفوظ بصقيع روسيا منذ 35 ألف عام.. كيف ب ...
- ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف -الناتو- في فلوريدا ...
- الإمارات.. وزارة الداخلية تحدد موعد رفع الحظر على عمليات طائ ...
- صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. -ألماس- الإيرانية المستنسخة م ...
- كيف احتلّت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ولماذا انسحبت بعد نح ...
- باكستان ـ عشرات القتلى في أحداث عنف قبلي طائفي بين الشيعة وا ...
- شرطة لندن تفجّر جسما مشبوها عند محطة للقطارات
- أوستين يؤكد لنظيره الإسرائيلي التزام واشنطن بالتوصل لحل دبلو ...
- زاخاروفا: -بريطانيا بؤرة للعفن المعادي لروسيا-
- مصر.. الكشف عن معبد بطلمي جديد جنوبي البلاد


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - من يزرع الشر في أنفسنا ( 2 - 2 )