|
ال 3653 يوما بين نيساني 2003 و2013
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4056 - 2013 / 4 / 8 - 09:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من 9 نيسان 2003 إلى 9 نيسان 2013 انقضت عشر سنوات بالتمام والكمال. 10 مرات يدور كوكبنا الأرضي وعلى متنه العراق، يدوران في رحلة الزمن حول الشمس. تمر عشر سنوات تقويمية، سبع منها بـ365 يوما، وثلاث كبيسات (2004، 2008، 2012)، كل منها بـ266 يوما. نعم 3653 يوما مرت على سقوط الصنم، وانبعاث حلم الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، حلم أن ينعم الشعب العراقي بعد طول حرمان بالحرية، والرفاه، والتقدم، والعدالة، والمساواة. فهل حولت هذه العشر سنوات هذا الحلم إلى وهم؟ إلى كابوس؟ 1. بعد عشر سنوات، ما زالت الأحزاب المتنفذة، أي الأحزاب المتنافسة تارة، أو المتخاصمة تارة ثانية، أو المتحاصصة تارة ثالثة، المتوافقة تارة، والمتقاطعة أخرى، بقيت هذه الأحزاب المتسيدة على المشهد السياسي، أحزابا شيعية، وأخرى سنية، وثالثة كردية. وإذا تفهمنا لوجود أحزاب كردية، فلحد الآن لم نستطع فك الطلسم، وحل اللغز، وكشف حجب الغيب، وراء وجود أحزاب شيعية، وأخرى سنية. والأكثر غرابة من شيعيتها وسنيها، أنها تدعي رغم ذلك براءتها من كونها طائفية، كبراءة الذئب من دم يوسف. 2. بعد عشر سنوات ما زال الفساد، وسرقة المال العام، وثراء السياسيين الفاحش اللامشروع، ينخر في اقتصاد العراق، ولم نر فاسدا، أو سارقا، يحاكم أمام قضاء عادل. بل بالعكس، السراق يُهّرَّبون خارج العراق، بما سرقوه من قوت فقرائه من ثروة خيالية، حققوها بغطاء شرعي، طبعا بغطاء شرعي، كونهم متدينين، يخافون الله جدا جدا. وملفات لفاسدين تفتح، ثم سرعان ما تغلق وتُنَسّى، وأكثر مثل هذه الملفات لا يجرؤ أحد على فتحها، أو التلميح بوجودها. ثم نجد أن من السراق من يتصدى لـ(محاربة الفساد)، ويكون في طليعة الداعين للنزاهة، فياللنزاهة، ويالنظافة اليد. 3. بعد عشر سنوات ما زالت الخدمات من أسوأ ما يكون، سواء ما يتعلق الأمر بالكهرباء، أو الماء، أو تصريف المياه. ولا مدن حديثة، ولا مدارس حديثة، ولا مستشفيات حديثة، ولا شبكة تلفونات أرضية، ولا خدمات بريد، ولا وسائل نقل حديثة داخلية، ولا شبكة سكك بقطارات حديثة بين مدن العراق. كما وما زالت نسبة كبيرة من الشعب تحت خط الفقر. 4. بعد عشر سنوات ما زال السياسيون الذين يقودون العملية السياسية أميين ديمقراطيا، ولا يفهمون مبدأ المواطنة، ولا معنى الدولة المدنية الحديثة، والذي يفهم منهم أيا مما ذكر، فهو من الذين (يقولون ما لا يفعلون، كبر مقتا عند الشعب أن يقولوا ما لايفعلون)، وكأنه قد (عرضت أمانة الديمقراطية والدولة المدنية على الشعب العراقي، فحملها سياسيوه، إن السياسي العراقي كان ظلوما جهولا)، فهو إما جاهل بمعنى الديمقراطية، والدولة المدنية، ومبدأ المواطنة، والنزاهة، وإما ظالم بتعمده عدم الالتزام بلوازمها عن علم وعمد وإصرار. 5. بعد عشر سنوات وما زال التنافس بين القوى السياسية ليس على وفق برامجها السياسية، أو ما تعتمده من فكر واتجاه سياسي، بل على أساس الصراع على السلطة، والعراك على حصص المكونات الطائفية والأثنية. 6. بعد عشر سنوات ما زالت الطائفية السياسية هي الحاكمة، وهي المهددة للأمن، وللمشروع الديمقراطي، والسلم الأهلي، فما زالت السلطة طائفية، وما زالت المعارضة على الأعم الأغلب طائفية، وما زالت الكتل البرلمانية طائفية، وفي أحسن الأحوال عرقية. 7. بعد عشر سنوات وما زال الإرهاب يصول ويجول، يفجر ويفخخ، وما زال تنظيم القاعدة، وما زال البعثيون الصداميون، أو البعثيون الجدد، يحصدون أرواح العراقيين، بالعشرات، والمئات. 8. بعد عشر سنوات تحكمنا سلطة شيعية غارقة في طائفيتها، ويبنى الجيش بناءً طائفيا شيعيا، ويواجه ذلك انتفاضة سنية هي الأخرى غارقة في طائفيتها، وكلا الطائفيتين مقيتان أيما مقت، متخلفتان أيما تخلف، مدمرتان أيما تدمير لكل المعاني الإنسانية والوطنية الجميلة، ولأحلام الوطن. 9. بعد عشر سنوات ما زال هناك سنة يدعمون الإرهاب، وينسقون مع البعثيين، ويستقوون بتركيا وقطر والسعودية، وما زال هناك شيعة يتسترون على سرقات سُرّاقهم، وعلى أعمال القتل لميليشياتهم، ويسكتون عن استهانة إيران بسيادة العراق واقتصاده وأمنه، ويصرون على التخندق الطائفي، الذي يعطي المبررات لطائفيي الطائفة الأخرى، كي يصعّدوا بدورهم أكثر فأكثر من طائفيتهم. 10. بعد عشر سنوات ما زالت القوى الديمقراطية العلمانية تخاف من توصيف نفسها، أو توصيف غيرها لها، بصفة العلمانية، وهي تعلم جيدا ألّا ديمقراطية حقيقية بدون العلمانية، وتعلم جيدا أن العلمانية ليست كفرا، ولا محاربة للدين، كما يُروَّج عنها، كما إن العلمانية ليست إيمانا، ولا حماية للدين، كما يريد البعض الدفاع عنها، بل العلمانية الديمقراطية تحترم الدين كشأن شخصي، وتريده أن ينأى عن السياسة، وتنأى السياسة عنه، كما تحترم اللادينية كشأن شخصي، وتريدها أن تنأى عن السياسة، وتنأى السياسة عنها. 11. بعد عشر سنوات ما زال شبح الحرب الأهلية، وما زال شبح تقسيم العراق، قائمين، ويهددان الأمن والسلم الأهليين، ويهددان وحدة العراق، ويهددان المشروع الديمقراطي، ويهددان السيادة الوطنية، لأن التقسيم سيعني على الأرجح دُوَيلة ديكتاتورية شيعية تحت النفوذ الإيراني، ودويلة ديكتاتورية سنية تحت النفوذ القطري/السعودي/التركي، ودويلة ديكتاتورية كردية تحت النفوذ التركي. أما العاصمة وكركوك وديالى كمحافظات مختلطة، فما أدراك ما المحافظات المختلطة، ثم ما أدراك ما المحافظات المختلطة. 12. بعد عشر سنوات وما زال التغيير مستمرا لديمغرافية الشعب العراقي بالاتجاه السلبي، بتقليص أعداد الفئات الدينية الصغيرة، بشكل ملحوظ جدا، بحيث أصبح العراق مهددا، كما عبرت في إحدى مقالاتي، بتحول العراق إلى صحراء أحادية الدين، وخالية من أزهار التنوع، من مسيحيين وصابئة مسالمين وغيرهم. لكن هل يعني هذا أنه لم يتحقق لنا شيء؟ بالتأكيد لا. بل تحققت الكثير من المكاسب، ففي المشهد المظلم بعض ومضات من نور، أوجزها كالآتي: 1. أصبح الحلم ممكن التحقيق في إقامة ديمقراطية حقة، في ظل دولة مدنية قائمة على مبدأ المواطنة والمساواة، ولو على مدى العقد القادم، أو العقدين القادمين، أو في غضون ثلاثة أو أربعة أو خمسة عقود. بينما في ظل ديكتاورية صدام/البعث، كنا في نفق مظلم لا نرى نهاية له. 2. لدينا دستور فيه الكثير من المبادئ الجيدة، لولا المادة الثانية المتعلقة بالإسلام، وبعض فقرات الديباجة، والمادة العاشرة، والمادة 41 المتعلقة بالأحوال الشخصية، والمادة 43 أ المتعلقة بالشعائر الحسينية، والمادة 92 ثانيا المتعلقة بعضوية خبراء الفقه الإسلامي في المحكمة الاحادية العليا؛ هذا الدستور الذي يمكن تعديله في العقود القريبة القادمة، وعلى الأرجح قبل انتهاء هذا القرن، وقبل حلول القرن الثاني والعشرين. 3. حصلت لدينا حتى الآن ثلاث مرات انتخابات نيابية عامة، ولو في ظل قانون انتخابات غير خال من الثغرات، وغير ضامن للديمقراطية بشكل كاف، ومع غياب قانون للأحزاب قائم على مبدأ المواطنة، بحيث يحظر قيام أحزاب على أساس ديني أو مذهبي، وفي ظل ائتلافات طائفية وعرقية. نعم أجرينا انتخابات، ولو في ظل عدم تحقق القدر الكافي من نزاهتها، ولو مع انخفاض كبير في الوعي الانتخابي، والوعي الديمقراطي، وغياب ثقافة المواطنة، عند الأغلبية الساحقة لجمهور الناخبين، علاوة على تفشي الأمية في أوساط واسعة منهم. 4. لدينا مجلس نواب، ولو إنه شبه مشلول في مزاولة دوره الرقابي والتشريعي، من خلال خضوع الكتل النيابية لقادتها وأحزابها المتنفذة، والذين (القادة والأحزاب) هم متورطون غالبا بالفساد، والبعض متورط بالعنف، والإرهاب، والتنفيذ لأجندات غير عراقية. لكن هذا المجلس يمكن دورة بعد أخرى تطويره إلى سلطة تشريعية رقابية ديمقراطية حرة حقيقية. 5. أصبح لأول مرة لدينا رئيس كردي، ولو ليس من خلال الاختيار الحر والواعي للناخبين، بل عبر المحاصصة الطائفية والعرقية المقيتة، ولكن هذا يعطينا الأمل أننا يمكن أن ننتخب عام 2103 (لم أخطئ بترتيب الأرقام) رئيسا مسيحيا، أو تركمانيا، أو يهوديا، أو أسود، أو ملحدا، أو ننتخب رئيسة صابئية، أو إيزيدية أو لادينية، أو من أبوين غير عراقيين. 6. نتمتع بهامش كبير من الحرية في التعبير والمعارضة، ولو إن هناك خروقات لمبدأ الحرية من قبل المتزمتين من المتدينين والمتطرفين من الإسلاميين، ولكن هامش الحرية يبقى أوسع بكثير من محاولات خنق الحريات المتكررة، بالرغم من أن الذين استفادوا من هذا الهامش بحدوده القصوى قد يكونون مهدَّدين، أو اضطر بعضهم لاختيار العيش في المهجر من جديد. والدليل على هامش الحرية هي مقالتي هذه، وكل مقالاتي ومقالات الناقدين والمعارضين للسلطة، مع إن مقالتي هذه تعد من أخف مقالاتي في لغة النقد. كلي أمل رغم كل شيء، أننا سنكتب في 9 نيسان عام 2023 بلغة أكثر تفاؤلا، وأكثر فرحا، سواء عشت حتى ذلك اليوم، أو كنت ممن ودع هذه الحياة، إلى حيث الحب والسلام والتعويض الإلهي، أكيدا ليس وفقا لتصورات أصحاب دعوى احتكار الحقيقة، فعذرا لأصدقائي من عقلاء الدينيين، ولأصدقائي الملحدين، لهذه الخاتمة. 07/04/2013
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع جمانة حداد في «لماذا أنا ملحدة»
-
قضية القبانجي تؤكد خطورة ولاية الفقيه علينا
-
معارضة أحد طرفي الصراع الطائفي لا يستوجب تأييد الطرف المقابل
-
يا علمانيي العالم اتحدوا
-
لماذا تحميل (الشّيعِسلامَوِيّين) المسؤولية أولا؟
-
الديمقراطيون بين السلطة الشيعية والانتفاضة السنية
-
مجرد سؤال .. ماذا لو قيل: «الإسلام هو المشكلة»؟
-
تصويت البرلمان ضد التجديد للمالكي
-
أفتخر أني لست شيعيا ولا سنيا
-
«كفى يا أبا إسراء ...» مقالة لي تاريخها 06/10/2010
-
مع المعلقين بشأن خيار الانتخابات المبكرة
-
بيد المالكي وحده مفتاح فكّ استعصاء الأزمة
-
يحق لنا ولا يحق لنا أن نحتفل بالسنة الجديدة
-
المشهد السياسي: قراءة للواقع واستشراف للمستقبل
-
الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 3/3
-
الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 2/3
-
الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 1/3
-
المالكي والبرزاني إلى أين في غياب الطالباني؟
-
التقية والنفاق والباطنية على الصعيدين الديني والسياسي
-
رؤية في إعادة صياغة العلاقة بين الإقليم والدولة الاتحادية
المزيد.....
-
جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال
...
-
الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا
...
-
فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز
...
-
سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه
...
-
مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال
...
-
جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
-
البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة
...
-
مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
-
-الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد
...
المزيد.....
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
المزيد.....
|