أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بين العري والنقاب














المزيد.....

بين العري والنقاب


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 4029 - 2013 / 3 / 12 - 16:05
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


بداية، أنا كنت أود لو شمل الحديث في هذا المقال كل من الرجل والمرأة على قدم المساواة. لكن، بعد تفكير قصير، وجدت أن عري الرجل لا يطرح على المجتمع أي مشكلة على الإطلاق. إذ بحكم نشأتي في الريف المصري، ما كنت أرى أي شجب أو امتعاض ملموس لحقيقة التعري شبه الكامل- وأحياناً الكامل- للرجال وسط الحقول والغيطان، في وحل الترع والقنوات، خاصة أثناء المراحل المختلفة لزراعة الأرز المترعة بالماء والوحل من بدايتها حتى نهايتها. هو تعري ذكوري بحكم مهنة قوامها الماء والطين. ثم أثناء إقامتي في الحضر المصري، بمدينة القاهرة، ما رأيت أبداً أي غضاضة على الإطلاق من مناظر الرجال شيوخاً وشباباً وصبياناً، سماناً ونحالاً، يقفون عرايا بنصفهم الأعلى كله- وفي أحيان كثيرة عرايا بالكامل عدا سليب يواري سوءاتهم لا يكاد يرى بالعين المجردة- يطلون من شرفات ونوافذ الشقق المتراصة في العمارات كعلب الكبريت الخرسانية هرباً من الخنقة بالداخل وبحثاً عن نسمة ريح رطب ضالة في حر الصيف القائظ. هذه مشاهد معتادة يستطيع أن يراها بنفسه كل من يجوب شوارع أي مدينة مصرية في حافلة عامة أو سيارة خاصة ولا تثير سخط أحد أو العويل دفاعاً عن الشرف أو الفضيلة أو الأخلاق والآداب العامة. وإذا كان يمكن الجزم بالحقيقة الساطعة القاطعة أن كل من الشرائح الفقيرة والدنيا في الأرياف والشعبية والوسطى في المدينة لا تتأفف أو تشتكي من عري الرجال، يمكن الجزم كذلك أن حتى الطبقة الغنية والعليا لا تجد مشكلة على الإطلاق في وقوف الرجال- وأحياناً النساء أيضاً- شبه عرايا يستحمون ويستجمون على الشواطئ. إجمالاً، المجتمع المصري بكل مستوياته وطبقاته الاجتماعية، رجاله ونسائه وأطفاله، لا يرى أي عيب اجتماعي في رؤية الرجال عرايا. المشكلة إذاً لا تخص الرجال؛ بل هي مشكلة نسائية صرف. على هذا، كل الكلام الآتي يخص النساء وحدهن ولا يشمل الرجال من قريب ولا من بعيد.

أنا أعتقد أن العري في ذاته ليس خطيئة، أو ما كنا جميعاً تعرينا في أوقات ما داخل بيوتنا؛ وأعتقد أيضاً أن النقاب في ذاته ليس فضيلة، أو ما كانت النسوة خلعته أبداً عن أجسادهن، حتى في فراشهن. من ناحية أخرى، في ميزان الاجتماع العرفي لا يصح أن تسير المرأة عارية في الشارع، كما لا يصح أيضاً أن تخلد بجواز زوجها ليلاً منقبة بالسواد. على هذا المنوال، كلنا يتبول ويتبرز داخل الحمامات الخاصة أو العامة، بينما لا يصح أبداً أن يجلس الرجل- أو المرأة- يتبول أو يتبرز في مكان مكشوف تحت عيون المارة. لكن ماذا لو جلس أحد فعلاً، لسبب أو لآخر، يتبرز أو يتبول وسط الناظرة؟ ماذا لو ارتكب فرد هذا العيب، نهاراً جهاراً؟ كل ما هناك، كما يحدث فعلاً في الواقع، أن المارة سيحولون أنظارهم استياءً ويبتعدون عنه، أو قد يحاول البعض ستره بحائل ما أو إبعاده بوسيلة أو أخرى إذا كان مثل هذا السلوك المعيب الشائن المستهجن والمرفوض اجتماعياً يشكل ضرراً مباشراً عليه أو أي من أهل بيته أو مكان عمله. لكن المؤكد أن لا أحد سوف يخطئ أو يجرم فعل التبول أو التبرز في ذاته، في جميع أحواله حتى المشروع منها داخل المراحيض. هكذا يكون العري صحيح ومطلوب في مكان وزمان معين، بينما قد يكون غير ذلك في مكان وزمان آخر. والأمر نفسه ينطبق على النقاب، إذ لا يصح ولا يعقل أن تغتسل المرأة من تحت نقابها. على هذا، يمكن القول أن كل من العري والنقاب ليسا في ذاتهما من القيم المطلقة مثل الحق في الحياة، سلامة الجسد، حرية الضمير، الكرامة، الشرف، العدل، المساواة...الخ التي تظل ثابتة ومصونة في جميع الأحوال، وفي كل الأمكنة والأزمنة.

المرأة حين تتعرى لا تخسر من إنسانيتها أي شيء، ولا تكسب أي شيء في المقابل حين تتنقب لأن النقاب، تماماً مثل العري، مجرد ملائمة اجتماعية وليس قيمة في ذاته. كل ما في الأمر، مثل التبول والتبرز، أن الملائمة الاجتماعية- المتفاوتة بين مجتمع وآخر- قد تقتضي التعري في أماكن وأزمان معينة والتغطي في أخرى. وإذا كانت القيم والمبادئ الإنسانية الأساسية ثابتة لا تتغير، مما لا شك فيه أن الملائمات والموائمات والضرورات الاجتماعية بطبيعتها دائمة ومستمرة التغير، سواء من مجتمع لآخر أو داخل نفس المجتمع الواحد عبر عصور تطوره المختلفة. المرأة في ذاتها هي القيمة الأساسية الثابتة، بينما الملبس ليس سوى عادة وملائمة اجتماعية مكتسبة- ومتغيرة بتغير هذه الملائمة والضرورة الاجتماعية.

بين العري والنقاب، لا مكان لقيمة تذكر.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لصوص لكن إسلاميين
- اتركوا الرئاسة قبل أن تضيعوا كل شيء
- عودة الجيش المصري إلى الحكم
- تحرش جنسي بميدان التحرير!
- استمرار استعباد المرأة بسلطة التطليق والتوريث
- أنا ضد الشريعة
- سوريا، لا تخافي من الإسلاميين
- صلح السنة والشيعة
- أخطاء قاتلة في التجربة الإسلامية في الحكم
- موضوع في خدمة مشروع سياسي
- يعني إيه ثورة
- حرية الارتباط والزواج قبل الديمقراطية
- جبهة الإنقاذ وضرورة العمل المتعدد المسارات
- حول المشكلة الإسلامية (4- الصنمية)
- المرشد العيرة والتقليد الفاشل
- التحول الثوري الثالث
- الثورة تقتل أبيها، لكن لا تفنيه
- ثورة خرجت من بيتها
- حول المشكلة الإسلامية (3)
- حول المشكلة الإسلامية (2)


المزيد.....




- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...
- السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب ...
- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...
- الكويت.. مراسيم جديدة بسحب الجنسية من 1145 امرأة و13 رجلا


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - بين العري والنقاب