|
حكايات من الف نيلة ونيلة الليلة الاولى حكاية اليوتيوب
علي الجادري
الحوار المتمدن-العدد: 4008 - 2013 / 2 / 19 - 20:10
المحور:
كتابات ساخرة
حكايات من الف نيلة ونيلة
الليلة الاولى حكاية اليوتيوب
كان ياما كان في قديم عقول اهل هذا الزمان
قال الكاتب كنت اعمل يوما كاتبا في صحيفة مستقلة فارسل المدير في طلبي وبعض الكتاب وطلب منا ان نقوم بعمل بحث يبين سبب تحول أي موضوع عربي في اليوتيوب الى سب وشتم وتقاذف وتكفير حتى وان كان الموضوع يتكلم عن ولادة قرد في حديقة حيوانات في القطب الشمالي فانه في نهاية المطاف يتحول الى سب وشتم طائفي مادام رواده من العرب وكوني رجلا يمتاز بالمنطقية الشديدة وحب البحث فاني كنت المرشح الاول في هذه المهمة المستحيلة وعندما جن الليل دخلت عالم النت واليوتيوب واخذت اتصفحه فجذبتني روعة هذا العالم الخيالي وكيف انه ينقلك من موضوع الى اخر بشكل جذاب وذكي ومدروس جيدا بحيث لا تمل منه وتشعر برغبة بتصفح المواضيع كلها ويمكنك من تعلم أي شيء في العالم بابسط الامور ويعرض لك اخر الاخبار والطرائف وكل ما تتخيله وما لاتتخيله ويعرض فيه عباقرة العالم اختراعاتهم ويظهرون ابداعاتهم للعالم وكانك في حديقة سحرية فيها ما لذ وطاب وبينما انا كذلك اذ رايت صورة رجل يقال له جيفارا وكان هذا الرجل مناضلا امن بقضية ودافع عنها وقتل لاجلها وكان الفيديو يتحدث عن نضاله ويمدحه وبما ان العنوان بالعربي اذا سيكون المتابعين والمعلقين عربا فعزمت ان ادخل فيه لعلي اجد مرادي واحصل على مبتغاي ولكوني رجلا فضوليا واحب ان اعرف كيف يفكر الاخرون وماذا يحبون وماذا يكرهون وماهي مرتبتهم في سلسلة التطور البشري فكنت اقرا كافة التعليقات من اول صفحة الى اخرها وفي البداية وجدت ان التعليقات كانت ايجابية وحضارية والمتابعين يمدحونه ويعجبون بالموضوع وان اختلفوا معه لانه رجل يمتلك قضية وهدف ولكن بعدها حصل التالي .
1- دخل شخص ومدح جيفارا وقال انه رجل عظيم ويستحق التمجيد لانه لم يسعى لاجل كرسي او مصلحة بل لاجل الاخرين
2- بعدها دخل شخص اخر ومن لهجته اعتقد انه من دولة خليجية تشتهر بمنع المراة من قيادة السيارة فقال (من هو جيفارا الكافر وما قيمته ولماذا تتغنون به , بدل ذلك اذكروا عظماء الاسلام من الصحابة والمجاهدين فهؤلاء هم قدوتنا وليس هذا الملحد) .
3- عندها دخل رجل اخر وايده وقال (نعم لدينا رجال عظماء من امثال المجاهد اسامة بن لادن هو اعظم من جيفارا ويجب ان يكون هو رمز للامة ).
4- وماهي الا هنيهة حتى دخل رجل اخر يختلف معهم في الفكر وقرا اسم اسامة وقرا انه مجاهد ويستحق المدح فاراد ان يعبر عن رايه بان اسامة هو ارهابي قتل الكثير من الابرياء وشوه الدين ولايستحق أي تمجيد فكتب (اسامة ارهابي قتل الابرياء ولايستحق أي تمجيد ).
هنا بقيت الامور سلمية ولكن وكما هو معروف عن اليوتيوب فان التعليقات القديمة تذهب وتظهر التعليقات الجديدة في صفحة جديدة وفعلا اختفت التعليقات السابقة وبقي تعليق الشخص الذي ذم اسامة بن لادن وظهر كاول تعليق في مقدمة الصفحة الجديدة وكانت هذه هي الشرارة التي ستشعل حرب البسوس ومعركة النطح بين الرؤوس
5- وماهي الا هنيهات قليلة حتى دخل شخص من نفس الدولة التي تؤيد اسامة وتمنع قيادة المراة فقرا التعليقات ووجد ان اول تعليق ظهر امامه يذم اسامة ويتهمه بالارهاب فابرق وارعد ولم يكلف نفسه عناء تقليب التعليقات السابقة ويتفهم اصل الموضوع وشمر عن ساعديه وكتب (ايها الشيعي النجس الصفوي لاتتكلم عن اسامة فانه اعظم منكم وكلكم عملاء ومجوس وكلاب وووووووو)
6- عندها دخل رجل اخر وتابع الفيديو من نفس جماعة الي يكرهون دولة اسامة وشعب اسامة ثم قرا تعليقات طائفية فغضب وشمر عن ساعديه وتناول درعه وترسه وكتب (ايها الوهابي القذر انتم ارهابيون وقتلة ومجرمون وانتم جهلة وتبا لكم ولاسامة بن لادين يا يا يا يا ).
عندها بدات القبائل تتوافد والجيوش تتجمع واصطف الفريقان في ميدان القتال ومناجزة الاقران كما في فلم الرسالة او في مظاهرات التحرير وتحولت التعليقات الى تراشق بالعصي والحجارة الكلامية والسب والشتم والتكفير والتفسيق ولعلي رايت جمالا تركب وخيولا تدب وفرسانا تصول واقرانا تجول وطالت الصفحات وتطاولت الاسطر وتسطرت البطولات مسجلة اسخف ملاحم الجهل والغباء وكثر السب والشتم وتناول الاعراض والممتلكات حيث انه وبمجرد ان تدخل امراة واحدة فان ذلك يبرر النيل من أي امراة ومن كلا الطرفين ولو كانت ساحة قتال لتم تعريتها وجعلها فرجة للي ميشتري فكفاني ما رايت وبما قرات اكتفيت وعرفت السبب وبطل العجب واغلقت اليوتيوب وادركت مقدار التخلف والجهل والهمجية التي نعيش فيها وكيف ان شعوبنا تعاني من فقر ادراكي ونقص حاد في التوعية وشهوة شديدة نحو تكفير وتحقير الاخر ولايوجد أي سعي لتفهم الاخر وافهامه والحوار معه وهذا ما نراه بالنسبة للحوارات التي تحصل في المقابلات التلفزيونية التي يفترض انها بين اناس مثقفين في قمة الوعي ويمثلون شرائحهم وينوبون عنها فكريا لكنها تتحول معظمها الى سب وشتم وتكفير وعدم تفهم او تقبل الاخر لتعطي صورة عن الماسات الكبيرة التي يعيشها مجتمعنا بمثقفيه فضلا عن جهاله اخيرا اعتقد ان أي قاري عربي واعي تابع اليوتيوب عاني من سفاهة وغباء التعليقات وكثرة السب والشتم خصوصا بين السنة والشيعة وتسال القاري عن تحول أي موضوع مهما كان بعيدا عن الطائفية الى شتم وسب وتقاتل وتسال عن سبب ذلك وكيف يتحول موضوع عن المريخ الى سب وشتم طائفي وموضوع عن البطاطا الى حرب اهلية يوتيوبية طائفية
والسبب كما بيناه ووجدناه ولا اقول اكثر مما قلت
وادرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المستباح
#علي_الجادري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|