العثمانيون وإبادة الأرمن -1
طريف سردست
2013 / 2 / 10 - 15:31
بينما كانت جدتي وجدي في طريقهما الى عانة، عام 1915، عثرا في الطريق الصحراوي، على فتاتين جالستين أمام جثة امهما، الاولى كان عمرها سبعة سنوات والثانية كان عمرها خمسة. هؤلاء كانوا من مخلفات مسيرة الأرمن القادمة من مركز التجميع في حلب الى بغداد، تحت حراسة الجندرمة، على أمل ان يموت أكبر عدد منهم في الطريق الصحراوي المحرق. الفتاتان رافقتا جدتي، وبعد عامين حضر مندوبون عن الكنيسة الارمنية في القاهرة من أجل استعادة الفتاتين. الكبرى وافقت على الذهاب معهم في حين أن الصغرى رفضت الذهاب، لتصبح هذه الارمنية الطيبة عمتي مريم. فالى عمتي مريم اهدي هذا المقال.
في عام 1915، وحسب بعض المؤرخين حتى عام 1923 [1][2][3]، جرت عملية ابادة واسعة للأرمن على اراضي سيطرة الخلافة العثمانية. عملية الابادة الجماعية جرت بطريق القتل المباشر والتهجير، بما فيه وضع المهجرين في ظروف تؤدي للموت لامحالة.
إبادة الارمن جرت على مراحل. المرحلة الاولى بدأت بنزع سلاح الجنود الأرمن ثم تحديد المناطق الحدودية التي سيجري التهجير منها ليتبعها مرحلة أصدار قانون بالتهجير لتنتهي بالتهجير الجماعي ومارافقها من عمليات القتل الجماعي والنهب والاغتصاب والخطف.
بعض المؤرخين يضيفون اليها عمليات إبادة الارمن التي جرت في اعوام 1894-1896. [4] وتسمى بمجازر الحمدانية، نسبة الى السلطان عبد الحميد الثاني. كما يضيفون اليها العمليات العسكرية في القفقاس في عام 1919، وهي مسائل سنأتي على ذكرها.
كانت حركة تركيا الفتاة تعتبر من المسؤولين الرئيسيين عن أعمال الابادة، وبالتحديد قادتها الثلاثة: محمد طلعت باشا، أحمد جمال باشا وأسماعيل انور باشا. إضافة الى ذلك شارك بهاء الدين باشا، قائد التشكيلات الخاصة، وهي دائرة مكافحة التجسس. في نفس الوقت الذي جرت فيه إبادة الأرمن جرت فيه عمليات إبادة الاشوريين وإبادة الاقلية الاغريقية الساكنة في منطقة البنطس، على البحر الاسود. تقديرات عدد قتلى الاشوريين في فترة الحرب العالمية الاولى تتراوح مابين 450 الف الى 750 الف شخص [5]. تقديرات عدد قتلى الاقلية الاغريقية في بنطس تتراوح من 300 الف الى المليون، والبقية جرى ارسالهم الى اليونان تنفيذا لاتفاقية تبادل السكان عام 1923. سبب مذابح الاغريق ان حكومة استانبول كانت تخشى زيادة في عددهم ليشكلوا مشكلة اثنية، ففضلت تطبيق خبرتها من المشكلة الارمنية.
مصطلح الابادة الجماعية، ( الغينوتسيد) جرى اشتقاقه لوصف عمليات الابادة الجماعية للارمن ، والتي تعتبر، في التاريخ الحديث، ثاني اكبر عملية ابادة جماعية بعد ابادة اليهود ( الهلوكوست). غالبية ارمن الشتات، والذي يقدر عددهم بعشرة ملايين، انتشروا في العالم هربا من مذابح العثمانيون. في عام 1915 صدر أعلان عالمي أعتبر للمرة الاولى ان الابادة الجماعية للارمن هي جريمة ضد البشرية [6]. في ظروف العراق الراهن يحسن بنا قراءة التاريخ مرة اخرى قبل فوات الاوان.
يتبع..
--------------------------------------------------------------------------------
[1]Israel W. Charny. Encyclopedia of genocide. — Santa Barbara, California. — Vol. 1. — P. 161.
[2]Samuel Totten, Paul Robert Bartrop, Steven L. Jacobs. Dictionary of Genocide: A—L, p. 21
[3]Alan L. Berger. Bearing witness to the Holocaust, p. 55
[4]Bloxham. The great game of genocide: imperialism, nationalism, and the destruction of the Ottoman Armenians. — P. 51—57.
[5]Ye or, Bat Islam and Dhimmitude: Where Civilizations Collide. — Fairleigh Dickinson University Press, 2002. — P. 148–149. —ISBN 0838639437
[6] Уголовное право России. Практический курс: учебник / под общ. и науч. ред. А. В. Наумова; Р. А. Адельханян и др.. — 4-е изд., перераб. и доп. — М.: Волтерс Клувер, 2010. — С. 753. — 800 с. — ISBN 5466004634, ISBN 978-5-466-00463-2
يتبع ..