أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - عجز الانسان عن الثبات وحده














المزيد.....

عجز الانسان عن الثبات وحده


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3993 - 2013 / 2 / 4 - 21:16
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


لقد تقدم الانسان خلال القرن الماضى تقدما خياليا. وقد كان نجاحه الملحوظ فى مختلف ميادين المعرفة , وتقدمه الحضارى بمستوى معيشة مرتفع , مما انعكس على حياته اليومية فصارت سهلة ميسرة باختراع كل وسائل الراحة والرفاهية , كل هذا جعله يتمرد على خالقه , منكرا وجوده , متحديا ومتوعدا ومكوما التعيير على من جبله وانشأه.
ونمط الحياة هذا الذى نعيشه جعل الكثيرين يظنون ان الانسان يمكنه ان يثبت وحده فى الكون , وانه لا يحتاج الى الله. انهم يتصورون انفسهم حكماء , وانهم وصلوا الى درجة من الصلف والكبرياء ظنوا معها ان الله لا يلزمهم وانهم ليسوا بحاجة اليه. كالطفل الصغير الذى نظر الى احد المرايا المقعرة ليرى فيها نفسه اكبر بكثير من حقيقته.
وهذا الامر ليس بسلوك رجل حكيم. تقول حكمة قديمة فى مزامير 14 عدد 1 : " قال الجاهل فى قلبه لايوجد اله ". وهذا الشخص يغمض عينيه عن حقائق الحياة , مقنعا نفسه بان الله غير موجود, وبان الانسان العاجز يقدر ان يتكل على نفسه بمعزل عن الله. وبسبب حالة الانكار التى يعيش فيها يجد انه من الصعب ان يفسر وجود نفسه ووجود كل ما يراه ويدرسه حوله فى الكون المادى.
قال العالم ماكس بلانك بعد التمعن والتفكير : " اننا نرى انفسنا خاضعين كل حياتنا لقوة اعلى , قوة لن نتمكن من تحديد طبيعتها من الوجهة العلمية البحتة. ومع هذا , لا يقدر اى انسان مفكر ان يتجاهلها ".
وكلما حصل الانسان على معرفة اكثر , تجلى له عجزه عن الثبات وحده. انه بحاجة الى اليد المرشدة - يد ابيه السماوى. انه بحاجة الى التمسك بتلك الصخرة العظيمة كما يتمسك الطفل بابيه عندما يصيبه الاضطراب. وبسبب التهديد المشؤوم بحروب تفنى الجنس البشرى , وخطر الارهاب المتنامى , وانهيار الانظمة الاقتصادية والمالية للدول , وتدمير الانسان للانظمة البيئية , نشعر بالاضطراب والحيرة غير عارفين ماذا سيكون بعد.
وبسبب كل هذه الامور , اشار قائد عسكرى الى الحاجة الملحة الى الله : " فى هذه الحالة الحرجة والخطيرة التى تتخبط فيها الامم , يجب على الانسان ان يجد صخرا يقدر ان يتكل عليه كى يقدم له السلوى والعون وقت الضيق , والضمانة وقت الاضطراب والبلبال ".
اننا نحتاج كمثل تلك الرسالة التى اعطاها اشعياء لشعبه المضطرب : " حتى الاحداث سيغمى عليهم وتخور قواهم والشبان سيسقطون كليا. لكن اولئك الذين ينتظرون الرب فسيجددون قوتهم , وسيمتطون اجنحة النسور. سيركضون وقواهم لن تخور , وسيمشون ولا يغمى عليهم. "
حقا لا يقدر الانسان بعد الان ان يظل وحيدا بدون المشورة الجيدة والارشاد الحكيم من ابيه السماوى. كما لا يقدر الاولاد الصغار على تدبير امورهم بدون مساعدة اهلهم ونصائحهم. ان الصغار الحكماء فى اعين انفسهم والذين يحتقرون مشورة والديهم وارشادهم , ليسوا فقط مجلبة للضيق والاضطراب للاخرين , بل مجلبة للحزن لوالديهم , بل يجلبون التعاسة والالم لنفسهم ايضا. تعطى كلمة الله النصيحة لجميع افراد الجنس البشرى عندما تقول : " يا ابنى لا تنس شريعتى , بل ليحفظ قلبك وصاياى. فانها تزيدك طول ايام وسنى حياة وسلامة. توكل على الله بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد. فى كل طرقك اعرفه , وهو يقوم سبلك. لا تكن حكيما فى عينى نفسك " - امثال 3 عدد 1و2و5 -7.
ولسبب تجاهل البشر هذه النصيحة. الحكماء فى عين انفسهم , جلبوا على انفسهم الاما لا توصف. لقد تباهى الجنس البشر بالمخترعات والمعرفة , لكن كل هذا صار يهدده , بكميات مهولة من الاسلحة الفتاكة المستعدة لاهلاك الارض والجنس البشرى عدة مرات.
ان المسلك العقلى لابناء هذا الجيل الذى يتخبط بدون حكمة ولا ارشاد ,جعل جيروم د. فرانك, الاستاذ المساعد للامراض العقلية يقول فى مقالة كتبها : " ان الاسلحة المهلكة بمختلف انواعها تقدم للمدنية خطرا مميتا متزايدا ". ومن الواضح ان مصدر الخطر الرئيسى لا يكمن فى تلك الاسلحة , بل فى الكائنات الحية الكامنة وراءها. ولهذا من الممكن زوال الخطر اذا طرأ تغيير على مسلك الانسان.
علينا ان نتواضع اما القدير بدلا ان نعتد بأنفسنا. بدلا ان نثق كل الثقة فى ان العلم يجيب عن اسئلة الانسان ويقدم له ما يحتاجه من اجوبه بديلا عن خالق الكون. فالعلم ليس ثابتا والرؤية ليست واضحة ومن يراهنون على اى شئ بديلا عن الله يراهنون على حصان ميت.
ان امل الانسان الوحيد لتقويم طرقه وانجاح سبله موجود بين يدى الله و وهو وحده القادر على صنع التغييرات الضرورية والملحة لانقاذ الانسان مما اقترفته يداه. وسوف يبيد من عالم الوجود كل الذين يرفضونه ويقسوا قلوبهم نحوه. علينا ان نتواضع امام قدرته وسلطانه ونطيع وصاياه.
الانسان يحتاج الى الله فى كل اموره , للسلم , للسعادة , وللوجود ذاته. وبغض النظر عما يقوله الحكماء فى اعين انفسهم , فالانسان لا يقدر ان يثبت وحده.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة لأرض الموعد (2 - 2)
- زيارة لأرض الموعد (1 - 2)
- معارف واضاءات
- قيمة - الاناء الاضعف
- العهد القديم - كتب لارشادنا (2 -2)
- ما قيمة - العهد القديم - ؟ (1 - 2)
- حرقة فى القلب لا تنطفئ
- لم يحسن بنا تجنب التطرف ؟
- هل الله سر ؟
- أعجوبة بيضة النعام
- هذا مستحيل !
- لماذا لزمت الصمت يارب ؟
- الخزامى - هدية الله الى الحواس
- غلطة من هى ؟ عندما نلقى باللوم على الاخرين
- ماينبغى ان تعرفوه عن السحر (2 - 2)
- ماذا تعرفون عن السحر ؟ (1 - 2)
- ينبغى احترام السلطة
- هل الكتاب المقدس متشدد جدا ؟
- قبل ان يغيبنا الموت - هل تركنا وصية
- اسياد علم الميكانيك فى القرون الوسطى


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - عجز الانسان عن الثبات وحده