|
خواطر حول التّقدّميّة و-الرّجعيّة-..
شاهين السّافي
الحوار المتمدن-العدد: 3986 - 2013 / 1 / 28 - 14:05
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
-1- تقتضي القراءة الجدليّة الإقرار بالمبدإ التّالي: إنّ الشّيء شرط وجود نقيضه ، وإن نزّلنا هذا المبدأ في سياق الموضوع الذي نحن بصدد الخوض فيه، فإنّا سنقرّ، ضرورة، أن التقدّميّة شرط وجود الرّجعيّة، وأنّ الرّجعيّة شرط وجود التقدّميّة. -2- تعرّف التقدّميّة عادة أنّها تيّار التّقدّم في المجتمع، وأنّها تمثّل القوى الإجتماعيّة السّاعية إلى تغيير الواقع الموجود نشدانا لواقع آخر أفضل للإنسان. ولا يمكن أن تكتمل الصورة عن التقدّميّة دون تبيان تناقضها مع الرّجعيّة باعتبارها تيّار الجذب إلى الوراء وممثلا لقوى المجتمع المحافظة والسّاعية إلى تأبيد الواقع أو إعادة إنتاجه بنفس الصّورة أو بصورة أكثر رداءة. -3- تتحدّد التقدّميّة وفق تناقضها مع الرّجعيّة والعكس صحيح. ويتحدّد الفكر التقدّميّ وفق تناقضه مع الفكر الرّجعيّ والعكس صحيح. وتتحدّد القوى التقدّميّة وفق تناقضها مع القوى الرّجعيّة والعكس صحيح. والتقدّميّة والرّجعيّة هما فاعلان وإفرازان، في آن معا، للتناقضات التي تشقّ المجتمع في كلّ مرحلة تاريخيّة وتتغيّر الرّجعيّة و التقدّميّة تبعا للتغيّرات التي تطرأ على المجتمع. -4- التقدّميّة و الرّجعيّة" فاعلان لأنهما يمثّلان قوّتيْ الصّراع(التناقض) حيث يسعى كلّ منهما إلى التّأثير في المجتمع وتوجيهه نحو الأهداف التي يرسمها والغايات التي يتطلّع إليها في كلّ مرحلة تاريخية. و التقدّميّة و الرّجعيّة هما إفرازان لأنهما، في نفس الآن، نتاج للصّراع الذي يفرز، ضرورة، واقعا جديدا وتناقضات جديدة تشقه.
-5- مرحلة تاريخية(أ) ↘↙ رجعيّة (أ) تقدّميّة (أ) ↙ ↘ تناقض(أ) ⇓ مرحلة تاريخية(ب) ↘ ↙ رجعيّة (ب) تقدّميّة (ب) ↙ ↘ تناقض(ب) ⇓ مرحلة تاريخية(ج) إلخ...
-6- التقدّميّة و الرّجعيّة ليستا ثابتتين أو إطلاقيّتين، إنهما متغيّرتان تبعا للتغيرات التي تطرأ على الواقع باعتبارهما فاعلين وإفرازين له في آن واحد. فما هو رجعيّ في هذه المرحلة يمكن أن يكون تقدّميّا في مرحلة أخرى وماهو تقدّميّ في هذه المرحلة يمكن أن يكون رجعيّا في مرحلة أخرى. فالتقدّميّة و الرّجعيّة نقيضان يشترط وجود أحدهما وجود الآخر ضمن ما يعرف بوحدة الأضداد، وهما كذلك في حركة دائمة تؤثر في الواقع وتتأثر به باعتبارهما عنصري التناقض أو الصراع. -7- إن تحديد تقدّميّتنا من رجعيّتنا لا يمكن أن يكون ناجزا إن لم يقترن بتحديد انحيازتنا أوّلا، أي لمن ننحاز في خضم التناقضات (أو الصراعات) التي نشقّ المجتمع. ثانيا، تبيان على أي أساس تنبني هذه التناقضات أو الصراعات. -8- ينقسم المجتمع إلى طبقات وفئات، بعضها متسّيد مهيمن، له النفوذ والسلطان. أما المتسيد والمهيمن طبقيّا فهو راض بواقع هيمنته لأن هذا الواقع يعني، ضرورة، ضمان امتيازته وتحقيق مصالحه، وهو ساع بكل السّبل إلى تأبيده، وهو يمثل الأقلية، عدديا، في المجتمع. وأما المهيمَن عليه طبقيا فهو إما راض بواقعه كمستغَلّ (بفتح الغين) ومضطهَد (بفتح الهاء) وإما رافض لهذا الواقع ومتمرد عليه. وهو يمثل الأغلبية، عدديا، في المجتمع.
-9- يكتسب المهيمن طبقيا هيمنته، على مرّ التاريخ، من واقع امتلاكه لوسائل الإنتاج الذي يعني ضرورة امتلاك السلطة، وبصورة أدق وأوضح، قدرته على الإستحواذ على الأجهزة والمؤسسات التي تسيّر من خلالها دواليب السلطة قصد تأبيد هيمنتها الطبقية. وقد ينضاف إلى واقع امتلاك وسائل الإنتاج واقع آخر وهو الإرتهان لقوى خارجية انتقلت من مرحلة الهيمنة الطبقية المحلية إلى الهيمنة الإستعمارية، وهو ما يعني أنّ هذه القوى الطبقية الأقلية المهيمنة، في هذه الحالة، تمثل إضطهادا مزدوجا للقوى الطبقية الأغلبية المهيمن عليها: اضطهاد طبقي واضطهاد قومي. -10- كل من ينحاز إلى القوى الطبقية الأقلية المهيمنة أو إلى قوى الهيمنة الإستعمارية طائعا لها وطيّعا بين يديها، وارتضى لنفسه أن يكون من سدنتها وأزلامها وأداة من أدوات قهرها الطبقي والقومي تأبيدا لهيمنتها فهو "رجعيّ". وكل من ينحاز إلى الأغلبية المضطهَدة (بفتح الهاء) والمستغَلّة (بفتح الغين) ساعيا إلى دحر واقع الإستغلال والإستعمار، منطلقا إلى واقع آخر لا مكان فيه للاضطهاد الطبقي والقومي، فهو"تقدّميّ".
-11- مجتمع ↘ ↙ قوى هيمنة طبقية قوى طبقية مهيمن عليها مع قوى هيمنة إستعمارية ↙↘ تناقض(أو صراع) الرّجعيّة ↘ ↙ التقدّميّة ↓ ↓ تأبيد الواقع تغيير واقع الإضطهاد و الطبقي والقومي إعادة إنتاجه -12- تتحدّد التقدّميّة و الرّجعيّة وفق انحيازاتنا للقوى المتناقضة والمتصارعة سواء في المجتمع، محليا، أو في العالم أجمع. ويظلّ الإنتماء إلى "الرّجعيّة" أكثر يسرا لأنه لا يعدو أن يكون تملقا أو تزلفا للسائد المتحكم في دواليب السلطة، باسطا نفوذه وسطوته وهيمنته، وناشرا ثقافته و"إيديولوجياته" الزائفة والمضلّلة. أما التقدّميّة فمهامّها عسيرة لأنها مطالبة بخوض نضالها التاريخيّ ضد الهيمنة الرّجعيّة، ناشرة ثقافتها وإيديولوجياتها التحررية، وكاشفة بهتان الرّجعيّة وفاضحة أضاليل إيديولوجياتها، مضطلعة بمهمّة القيادة نحو تحقيق المجتمع الذي لا مكان فيه للإضطهاد.
#شاهين_السّافي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا وطني.. وصدى منفاي
-
ثلاث قصائد.. لها
-
قصيد: نشيد الثّائر
-
-الفنّ للفنّ- و-الفنّ للتّحرّر-..
-
وإنّي الآن.. أريدْ
-
في ذكرى ميلاد المولدي زليلة (عمّ خميّس):
المزيد.....
-
في روما.. يختبر السيّاح تجربة جديدة أمام نافورة -تريفي-
-
لغز مرض تسمم الحمل الذي حير العلماء
-
-بايدن قد يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية قبل انتهاء ولايته- -
...
-
قلق على مصير الكاتب صنصال إثر -اختفائه- بالجزائر بظروف غامضة
...
-
هل نحن وحدنا في الكون؟ ماذا يقول الكونغرس؟
-
مشاهد لآثار سقوط صواريخ لبنانية في مستوطنة كريات أتا (صور +
...
-
-حزب الله-: إيقاع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح
-
مشاهد لـRT من موقع الضربة الإسرائيلية لمنطقة البسطة الفوقا ف
...
-
مجموعة السبع ستناقش مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدول
...
-
لماذا يضاف الفلورايد لمياه الصنبور وما الكمية الآمنة؟
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|