أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - في عين العدو














المزيد.....

في عين العدو


فؤاد قنديل

الحوار المتمدن-العدد: 3984 - 2013 / 1 / 26 - 19:54
المحور: الادب والفن
    


عندما انهمر الليل سهر أهالي الحي جميعا داخل بيوتهم وقد أغلقوا الأبواب بإحكام شديد
تفننوا في سد المنافذ والأسطح.مضى الوقت ثقيلا والقلوب تدق الصدور مثل الطبول
الكل يحدق والقليلون يهمسون
الرءوس تكاد تحترق من التفكير وبركان الظنون
طلبت الأمهات من أولادهن النوم فلم يستجيبوا
كانوا يرسمون صورة عملاق أقرع ذي وجه جهم يفوح شرا
تخطف القلوب عيونه الواسعة جدا
أنف كبير أفطس وأذنان كبيرتان وشارب كث
ساقاه طويلتان تختفيان داخل حذاء بني غامق طويل يكاد يبلغ الركبة
الخناجر في فمه وفي يديه و مدسوسة في عشرة جيوب ومعلق بعضها في كتفيه
سقط أغلب الناس بعد الفجر بقليل صرعى شراب النوم المسكر
ظل بعض الرجال مفتوحي العيون .. يد على السلاح ويد تقبض على مطرقة
يد على فأس ويد على عصا غليظة
يد تمسك بسكين كبيرة ويد تقبض على خنجر مسنون
اعتاد أن يهاجم القرية أسبوعيا كل خميس
اعتادوا أن يُخمسوا قبل مجيئه بكل الخمسات والأخمسة
لم يعد يوم الخميس عيدا للأزواج والزوجات ولا يوم احتفال للعرسان
ولا يوما للولائم التي قد يقيمها المستورون وفاء للنذور
لأول مرة يخلف موعده ويترك بدلا منه حاضرة بقوة ..شياطين القلق والتوجس والتوقعات المرعبة
أشرقت شمس الجمعة ولم يظهر عدوهم
رجل ضخم جبار يأكل لحوم البشر نيئة إذا لم يضع أهل القرية بين يديه الذهب والفضة والأموال
وكافة ما يملكون مما خف وزنه وغلا ثمنه
لا يستخدم غير الخناجر التي يصوبها بإتقان غريب
أشرقت الشمس ولم يظهر
ظلت الأبواب مغلقة بإحكام والأطفال ممنوعون من الخروج لأي سبب
توقع الأهالي أن يظهر خلال النهار فلم يظهر
في المساء عادت القلوب تطرق الصدور كيد ثقيلة تدق طبولا ضخمة
نفذت في أرواح الجميع أنياب الغضب.. كان يجب أن يظهر بدلا من الانتظار القاتل
تمتمت العجائز: وقوع القضا ولا انتظاره
إغلاق الأبواب سجن وعدم حضوره قلقٌ وهم
لم يأت لأيام ثلاثة ..تداعت الأجسام وتعطلت الأعمال وغاب الصغار عن المدارس
ولم تخرج النسوة إلى النهر لجلب الماء
ما عاد هناك بالبيوت طعام غير الخبز الذي أوشك على النفاد
بينما يراقب الرجال أول الطريق من ناحية الجبل والنهر عبر المزاغل والثقوب الصغيرة
بدت عالية كبالون كرة كبيرة من الغبار الذي حجب الرؤية
ظهرت من وراء الأشجار عربة جيب تتقدم بسرعة نحو قلب القرية حيث المسجد والدكاكين المغلقة
العربة يقودها جندي بينما هناك ضابط يقبض على عصا طويلة مشرعة كساري عَلم تنتهي بكتلة مستديرة
كانت رأس عدوهم الجبار .. يقطر الدم من ملامحها الشوهاء
ظلت الأبواب مغلقة لا تصدق أن الرأس المقطوعة رأس من يدفنهم كل يوم أحياء
أخيرا .. انفتحت الأبواب وارتطمت مصاريعها بالجدران
هلل الجميع دون استثناء وركضوا كالبلهاء
مضوا يرقصون حول الرأس المقطوعة التي كانت لا تزال تبث الرعب
حدّقوا فيها وبصقوا عليها
حاول فتى أن يدس عصاه في عين العدو . منعه الضابط
حملوا الضابط على أعناقهم وطافوا به حول المسجد واخترقوا كثيرا من الشوارع والحارات
سألته النساء عن اسمه ليُسمين به كل مواليدهن طوال العام
أصر الرجال على إقامة وليمة كبيرة على شرف الضابط
بعد ساعات وصلت قوة من رجال الشرطة .. قبضوا على الضابط
صدر الحكم الفوري عليه بالسجن عشر سنوات .أصيب أهل القرية جميعا بالذهول
تجمدت الكلاب والقطط والخراف والخيول
مشهد ثابت لبشر موتي أحياء
بعد لحظات من الغياب مرّت كعام، تراجع الذهول
حل محله تنهدات وحيرة وعجز، كانوا يعرفون أن عدوهم من أخلص خُدّام الحاكم الأكبر
لم تستطع القلوب مقاومة الحنق والاستياء، بينما الجنود يضعون بعناية كتلة الرأس
ذات الملامح الأسطورية المتوعدة داخل كيس من الخيش الأبيض
اندفعت السيارة المتجهمة تحفر الأرض وتهيل التراب على كل شيء
العيون معلقة بها، بينما الغبار المثار يتحول إلى ركام عال من الأسئلة المبهمة
ثقلت الرءوس بما يطحنها وانحنت على الأعناق ثم ارتفعت لحظات إلى السماء
انطلقت فجأة من حناجر الصغار صيحات الفرح
مضوا يمرحون ويركضون ويتراقصون مع الريح ..
بعضهم رسم على الحيطان وجها كبيرا لرجل واسع العينين كث الشارب
بدءوا يتسابقون في تصويب الحصى إلى عينيه
الرجال في صمت مريب جلسوا على الأرض يلفهم سهوم، يحدقون في الفضاء
كأن عزيزا عليهم فقدوه



#فؤاد_قنديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد قنديل - في عين العدو