|
لا للطائفية، نعم للشعب الحر الواحد!
المنبر الديموقراطي السوري
الحوار المتمدن-العدد: 3978 - 2013 / 1 / 20 - 22:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بيان من المنبر الديموقراطي السوري
لا للطائفية، نعم للشعب الحر الواحد!
تتعالى صرخات الانتقام الطائفيّ في كلّ مكانٍ من أرض سوريا، التي لم تكن قبل النظام الأسدي وطناً للطائفية والتمييز الفئويّ، ولم يتّخذ أي مكوّن من مكوّنات جماعتها الوطنيّة مواقفه حيال أيّة مسألة انطلاقاً من معتقدات طائفية أو مذهبية. ومع أن مبدأ المواطنة لم يكن منغرساً بقوّة في النسيج السياسيّ، فإن الطائفية كانت تتلاشي تدريجياً قبل استيلاء البعث على السلطة وتحويلها بعد انقلاب حافظ الأسد عام 1970 إلى وسيلة أعادت هيكلة المجتمع انطلاقاً من مصالح الممسكين بالحكم، الذين بنوا سلطتهم على ركائز وتكوينات ما قبل وطنيّة، استعادة للميول الطائفيّة والعشائريّة والمناطقيّة إلى الحياة العامة، وطيّفوا بعض أجهزة السلطة، وخاصّة العسكرية والأمنية منها.
ومع أنّ نظام الأسد استند إلى شرائح تنتسب بدرجات متفاوتة إلى الطوائف المختلفة، ورأى في أبناء الشعب منتسبين إلى طوائف قريبة منه أو بعيدة عنه، ولم يعاملهم كمواطنين لهم حقوق متساوية، فإنّه لم يكن يوماً نظام طائفة بعينها، وإنما أقام علاقات معقّدة مع السوريين أدخلت أعداداً كبيرة من علويي الساحل وفقراء الريف الإدلبي وفلاّحي الجزيرة ودروز جبل العرب إلى وحدات الجيش والأمن، وأثرياء المسيحيين والمسلمين السنّة والعلويين في شراكات مع كبار المسؤولين، ونسّبت جمهرة كبيرة من الحوارنة إلى الحزب؛ بينما قرّب مسؤولو الدرجة الثانية في السلطة والحزب بعض زعماء العشائر الكرديّة منهم، وبقي القطاع الشعبي الأكبر خارج السياسة. هذا في حين كان قادة النظام وعسكره يأنفون من أصلهم القروي ويمنعون أولادهم من زيارة قراهم، التي ظلّت فقيرة غالباً دون طرق وخدمات، واعتبرت خزاناً سكانياً يضم الاحتياطي البشري المطلوب عند الطوارئ، مثلما حدث بالفعل بعد الثورة، حيث استغل فقر وخوف الفلاحين، علويين وسنة ومسيحيين، لجعلهم "شبيحة" مقابل مبالغ زهيدة تبيّن أنّها ثمن حياتهم، وبقي أبناء الأسر الحاكمة والغنيّة بمنأى عن أخطار حرب السلطة على شعبها، ومحاولاتها المستميتة لتحويل ثورة شعبيّة في سبيل الحرية إلى اقتتالٍ طائفي بين ما ينظر أليه كأغلبية سنيّة من جهة بالرغم من تنوّعها، والأقليات وبصورة خاصة منهم العلويين من جهة أخرى.
واليوم، وقد انطلت على كثيرين أكذوبة ينشرها النظام على أوسع نطاق، وتًفاقم منها وسائل إعلام حتّى مناهضة له، عبر أفلام تسجيليّة وخطب وتصريحات طائفيّة تطلق باللهجة العلوية، توهم أنّ النظام علويّ، وأنّ العلويين يحكمون سوريا ويقتلون شعبها، وأنّه لا بدّ من قتلهم وتطهير البلاد منهم، قبل إسقاط النظام أو بعده، يصير من الضروري إطلاق صرخة تحذير ضد هذه الآراء الإجرامية، ليس فقط لأنّه لم يسبق على الإطلاق أن كانت طائفة بعينها مسؤولة بصورة حصريّة عن أعمال سلطة تتداخل مصالحها وسياساتها مع مصالح وسياسات المكوّنات المجتمعية المتباينة، بل كذلك لأنّ بشار الأسد لم يستشر العلويين في أيّ قرارٍ اتخذه، ولم ينل ثقة قطاعات واسعة منهم، بل رفضته لأنّها رأت فيه كشخص خطراً يهدّد سوريا دولة ومجتمعاً. وليس سرّاً أنّ معظم المثقفين من ذوي الأصول العلويّة كانوا وظلّوا مناهضين لنظامه وسياساته، وأنّ العلوي العاديّ يتّهمه بقتل أولاده في سبيل الكرسي، وأنّه لو كان يحبّ العلويين حقاً لما زجّ بهم في معركة خاسرة كلّفتهم آلاف الشهداء حتّى الآن، ويدرك أكثر فأكثر أن ما تتعرّض له بقية قرى البلاد من قصف وتدمير سيكون مصير أيّة قرية علوية تتمرّد عليه، بل أقسى. فالسلطة القابعة على النفوس لا تأبه كثيراً لأصول المواطنين، بل تقيّمهم بمعيار سيطرتها عليهم، والعلويّون محكومون بنظام هيمنة وتحكّم فولاذي ومحكم، في تخلّصهم وبقية السوريين من سلطته حرية لوطننا وضمان وحدة وسلامة لشعبنا.
ليس النظام الأسدي علوياً أو مسيحياً أو سنيّاً أو درزياً. إنه نظام استبداديّ/ إفساديّ/ قمعيّ معاد لشعبه. إنّه سلطة فوق الدولة وجميع مكوّنات المجتمع. وهو لا يدافع عن علويّته، بل عن ما نهبه من الشعب وامتيازات المرتبطين به من أثرياء وشبيحة من مختلف الطوائف. ومن الخطأ الفادح سياسياً محاربته باعتباره نظاماً علويّاً، لأن ذلك سيُجبِر العلويين على الدفاع عنه دفاعاً عن أنفسهم، وسيجعل انفكاكهم عنه أمراً صعباً، وسيدفع بسوريا إلى الحرب الأهلية، ويخرّب البلاد.
يطالب "المنبر الديموقراطي السوري" جميع السوريين أن يبتعدوا بكلّ ما يملكون من وعيٍ وثبات عن النهج الطائفي المدمّر، الذي سيقضي حتماً على وطننا ويدخلنا في أزمات متعاقبة لا حلّ لها حتّى بعد سقوط النظام، فضلاً عن أنّه سيطيل عمر سلطة يقدّم شعبنا أغلى التضحيات للتخلّص منها ولإقامة نظام حرية وعدالة وكرامة ومساواة تامّة في المواطنة لجميع السوريين، دون النظر إلى اديانهم ومذاهبهم وطوائفهم وأعراقهم وأحزابهم.
المنبر الديموقراطي السوري
#المنبر_الديموقراطي_السوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
-
بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند
...
-
لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
-
قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب
...
-
3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
-
إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب
...
-
مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
-
كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل
...
-
تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
-
السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|