|
كيف بدأ التدين عند الإنسان
بطرس بيو
الحوار المتمدن-العدد: 3970 - 2013 / 1 / 12 - 17:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من المعروف ان أقرب المخلوقات لبني البشر هم الشمبانزي و البونوبو، و هي انواع من القردة المتطورة، التي تشترك مع الإنسان قبل حوالي اربعة إلى ستة ملايين سنة بإنحدارهم من سلف واحد. و من الثابت ان الحيوانات لا تتدين و لكنهم يمتلكون بعض الخصائص التي كانت ضرورية لتطور التدين. من هذه الخصائص تطور العقل و القدرة على التواصل، و الميل للحياة الإجتماعية، و الشعور بالذات. هناك دلائل غير مثبتة ان إنسان نياندرتال كان يدفن موتاه، و هي تعتبر من الشعائر الدينية، و لكن لا يوجد اية دلائل تثبت ان الإنسان تدين قبل بلوغه درجة التطور التي هو فيها الآن.
في مراحل التطور التي مر بها الإنسان تضاعف عقله ثلاث اضعاف عندما وصل إلى حجمه الحالي قبل 500000 سنة، و الجزء الذي زاد حجماً اكثر من غيره من اقسام العقل هو الجزء الخلفي من الدماغ ، و هو الجزء الذي يختص بالمعرفة و التدين، و الذي يتكون فيه الشعور و معرفة اللغات و الإنفعال. فهذا الجزء يشكل %50 من دماغ الشمبانزي بينما يشكل %80 من العقل البشري. فالقدرة على إستعمال الآلات المعقدة تتطلب خلق صورة عقلية للآلة في الدماغ قبل صنعها و ثم معرفة كيفية إستعمالها الامر الذي يتطلب تفهم السببية.
يحتاج التدين واسطة للتفاهم كاللغة لتنتقل الفكرة من شخص لآخر لذا كان من الضروري ان توجد اللغة قبل وجود الدين. فالايمان بما وراء الطبيعة هو ناتج عن معتقدات، قد تكون وهمية، يتبناها الشخص لتفسير بعض الضواهر الطبيعية. و مشاركة الغير بالفرضيات التي يتبناها الشخص تقود للمعتقدات الدينية للمجموع.
المعروف ان الأديان نشأت من فرضية و جود مسببات غير مرئية لبعض الضواهر الطبيعية كالصواعق و البرق و حركة الكواكب و الخليقة و مشاكل الحياة و غيرها من الضواهر التي يصعب فهمها. و اطلق على تلك المسببات اسم الآلهة. و من النظريات المختلف عليها ان العقل البشري يحتوي على جينات تجعل الإنسان يتدين.
من غير المعروف متى بدأ الإنسان يالتدين، و لكن هناك بعض الدلائل التي تشير إلى تدين الإنسان في العصر الحجري الأوسط اي قبل 300 إلى 500 الف عام، و يحتمل ان يكون حتى قبل ذلك التاريخ و من الدلائل التي تدل على التدين هي الشعائر في التعامل مع جثث الموتى. فالحيوانات لا تهتم كثيراً بموتاها. و لكن الطقوس المتبعة بدفن الموتى تدل على تغير جذري في تعامل الإنسان مع موتاه. و اقدم ضاهرة للتعامل مع الاموات و جدت في اتابوركا في اسبانيا فقد وجدت عظام لتلا ثون جثة في حفرة تعود لإنسان هايدلجنسيس. ووجود بعض الادوات في القبور من ذلك التاريخ يدل على العلاقة العاطفية التي تربط الإنسان مع الميت و الإعتقاد بالحياة بعد الموت.
يشترك اإلإنسان مع بعض الحيوانات المتطورة بالعيش الإجتماعي و ذلك بالتخلي عن بعض رغباته الشخصية و التعاون مع افراد جنسه ، و بالعيش المشترك يحصل على الامان من تجاوزات الغير. من المعتقد انه بإزدياد عدد افراد المجتمع، اصبح التمسك بالقيم الاخلاقية لغرض تحقيق النظام في المجتمع و تسوية الخلافات بين الافراد، و التماسك بينهم، جائت قبل ضاهرة التدين. في البدء كان الغرض من التدين هو ضبط تصرفات الافراد بإستحداث كيانات فوق الطبيعة كالآلهة كرادع.
هناك من يعتقد ان التدين نشأ كنتاج ثانوي لفعاليات سايكولوجية كان لها مسبب آخر. فكثير من الاحداث والمرئيات يستعصي على الإنسان تفسيرها، مما يجعله ان بفترض وجود كيانات غير مرئبة تسببها.
ينسب بدأ التدين المقنن في الشرق الادنى إلى ما قبل احدى عشر الف عام خلال ثورة العصر الحجري الاخير، عندما إكتشف الإنسان الزراعة و توطن في الارض بعد ان كان يتنقل للحصول على قوته من الصيد و الحصاد.
كانت إحدى نتائج ثورة العصر الحجري الاخير هي الإنفجىار السكاني و التقدم التكنولوجي. فالتحول من عصابات متنقلة إلى دول و إمبراطوريات اسرع في تنظبم المعتقدات الدينية لتناسب الحياة الاجتماعية و السياسية التي تحققت في المجتمع الجديد. فالتدين المنظم ساعد على استقرار الحياة الإجتماعية و الاقتصادية و السياسية. و قد ساعد كذلك في دعم السلطة الحاكمة في احلال الامن و النظام، كما ادى إلى التعاون بين الافراد الذين لا تربطهم صلة القرابة.
فالاقطار التي نتجت عن ثورة العصر الحجري الاخير كمصر القديمة و بلاد ما بين النهرين كان حكمها دينياً و مدنياً فالرؤساء و الملوك و الاباطرة كانوا قادة دينيون و سياسيون في نفس الوقت. و قد اكتشف باحثوا الآثار ان الحكام في كافة انحاء العالم في حينه كانوا يدعون ان سلطتهم مستمدة من تفويض إلهي، و كان هذا التقليد متبع في فرنسا حتى فبل الثورة الفرنسية.
اما الاديان التي تدعى سماوية فظهرت عندما تطور عقل الإنسان إلى درجة مكنته من ان يفسر الظواهر الطبيعية بطريقة علمية فافترض وجود كيان غير مرئي نسب إليه خلق هذا الكون و اسماه الله.
#بطرس_بيو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماهية العبقري
-
الحروب الدينية
-
موقف بني البشر من الحروب
-
تعرض الاديان للنقد
-
نقد الاديان
-
زوارنا من الكوكب الآخر
-
تسامح الإسلام
-
تعليق على كلمة الستاذ مصطفى محمد غريب
-
كيف نشأت الاديان
-
الأساطير الدينية
-
رد على تعليق
-
الشريعة الإسلامية و جعلها المصدر الرئيسي للقوانين الوضعية
-
فقرة دين الدولة في دساتير الدول العربية
-
هل توجد الحياة خارج الكرة الارضية؟
-
ما هي القومية؟
-
كيف نهض الغرب بإقتباسه الحضارة من العرب
-
الثورة الفرنسية و الإنتفاضة العربية الحديثة
-
الحكم العلماني و الحكم الديني
-
مظاهر التحضر
-
اوجه التشابه و التباين بين فتوحات الإسلام و الإستعمار الغربي
المزيد.....
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|